bbc تنشر تقرير بعنوان - القواعد العسكرية التركية في الخارج ومهامها

خالد

التحالف يجمعنا
عضو قيادي
إنضم
21/5/19
المشاركات
18,269
التفاعلات
53,753

ECOwAUkXUAAhSRI


حتى قبل سنوات قليلة لم تكن تركيا تملك قواعد عسكرية خارج أراضيها ما عدا الوجود العسكري في شمالي قبرص الذي يعود لعام 1974 عندما أرسلت تركيا آلاف الجنود إلى الجزيرة بحجة حماية الأقلية التركية هناك وهي الخطوة التي ألقت بظلالها لسنوات عديدة على علاقاتها مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية التي لم تعترف بجمهورية شمال قبرص التي أعلنتها تركيا من جانب واحد.

إحساس الرئيس أردوغان المتزايد بالتهديد من قبل السعودية والإمارات على الصعيد الإقليمي والمحاولة الانقلابية الفاشلة ضده عام 2015 عاملان أساسيان وراء السعي التركي المحموم لإقامة قواعد في قطر والصومال وفي غيرها.

قواعد تركيا في سوريا والعراق لها دور وظيفي محدد وهو مرتبط فقط بمنع أكراد سوريا من تحقيق أي نوع من الاستقلال أو الحكم الذاتي وهذا موقف الدولة التركية منذ ولادة الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك قبل نحو قرن.

كما تهدف هذه القواعد إلى التصدي لنشاط عناصر حزب العمال الكردستاني سواء في العراق أم في سوريا ونقل الحرب إلى هناك بدلاً من مواجهتهم داخل تركيا.

ويمكن لهذه القواعد أن تقوم بوظيفة ردع القوى والأحزاب الكردية في سوريا والعراق عن التفكير في الانفصال عن سوريا أو العراق وهو ما تجلي خلال الاستفتاء الذي جرى في إقليم كردستان العراق عام 2017، إذ سارعت أنقرة إلى التعاون مع بغداد وفرضت حصاراً برياً وجوياً على الإقليم.

كما تهدف هذه القواعد إلى التصدي لنشاط عناصر حزب العمال الكردستاني سواء في العراق أم في سوريا ونقل الحرب إلى هناك بدلاً من مواجهتهم داخل تركيا.

ويمكن لهذه القواعد أن تقوم بوظيفة ردع القوى والأحزاب الكردية في سوريا والعراق عن التفكير في الانفصال عن سوريا أو العراق وهو ما تجلي خلال الاستفتاء الذي جرى في إقليم كردستان العراق عام 2017، إذ سارعت أنقرة إلى التعاون مع بغداد وفرضت حصاراً برياً وجوياً على الإقليم.

من القوة الناعمة إلى الوجود العسكري

أقامت تركيا العديد من القواعد العسكرية الخارجية في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا خلال السنوات الأخيرة بحيث يمكن لتركيا نشر أسلحة جوية وبرية وبحرية كبيرة في مناطق تعتبرها مهمة لحماية مصالحها الاستراتيجية خارج حدودها وكذلك مواجهة منافسيها الإقليميين في المقام الأول المملكة العربية السعودية والإمارات العربية.

وتمتلك تركيا قواعد عسكرية في كل من الصومال وقطر وقبرص وكانت بصدد إقامة قاعدة بحرية في جزيرة سواكن السودانية إلى جانب وجود عسكري غير معلن في ليبيا.

وجود مستتر

لتركيا وجود عسكري غير معلن في ليبيا وهي تقدم المساعدة العسكرية لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا التي تخوض صراعا عسكريا ضد قوات الجنرال خليفة حفتر الذي تدعمه الإمارات ومصر والسعودية.

وقد أرسلت تركيا عدداً من حاملات الجنود التي تنتجها إلى قوات حكومة طرابلس. ورغم أن هذه الإمدادات لن تغير موازين القوة لصالح حكومة طرابلس على الأرض لكنها رسالة إلى مصر والامارات والسعودية مفادها أنها لن تترك هذه الدول تنفرد بصياغة مستقبل ليبيا والقضاء على أي دور أو نفوذ تركي في ليبيا كما جرى الأمر في مصر عندما جرت الاطاحة بحكم الاخوان عام 2013.

وأعلن مسؤول حكومي ليبي أن تركيا نشرت عدداً من الطائرات بلا طيار في ليبيا لمساعدة حكومة طرابلس التي تفتقر إلى أي قوة جوية.

وأعلنت قوات حفتر إسقاط أربعة منها خلال الأشهر القليلة الماضية.

وهذه الطائرات، وهي من إنتاج تركيا، يحمل بعضها ذخائر وأسلحة إلى جانب مهام الاستطلاع والمراقبة على جبهات القتال مثل TB2 القادرة على التحليق لمدة 24 متواصلة وعلى ارتفاع تسعة آلاف متر.

قطر

تمتلك تركيا قاعدة عسكرية في قطر منذ عدة سنوات حيث بات لها موطئ قدم في الخليج، لكن الوجود العسكري التركي تعزز ونما عدداً وعدة في أعقاب فرض السعودية والإمارات حصارأ على قطر في صيف عام 2017.

وأعلنت تركيا مؤخرأ أنها بصدد افتتاح قاعدة جديدة لها في قطر وسيتم تدشينها قريبا إضافة إلى قاعدة "طارق بن زياد" الحالية. ومن المتوقع أن يزداد عدد الجنود الأتراك في قطر بشكل كبير، حسب ما قالت بعض وسائل الاعلام التركية.

وقد أنفقت تركيا 39 مليون دولار على القاعدة التي تم افتتاحها عام 2016 وهي قادرة على استقبال 3 آلاف جندي إضافة إلى قوات بحرية وجوية وقوات كوماندوس. ومع تدشين القاعدة الجديدة سيكون بمقدور تركيا نشر مزيد من الجنود والعتاد والأسلحة في قطر. وقال وزير الدفاع التركي عام 2018 إن القاعدة التركية في قطر ستلعب دورأ في الحفاظ على الاستقرار في منطقة الخليج وغيرها من المناطق.

لكن وسائل الإعلام التركية تقول أكثر من ذلك. فقد كتبت الصحفية التركية خاندا فرات في صحيفة "حريات" في 14 اغسطس/ آب الجاري في إطار تحليل خبر قرب افتتاح القاعدة التركية الجديدة في قطر: " إن الدول الخليجية وخاصة العربية السعودية غير مرتاحة للتعاون القطري-التركي، ورغم ذلك تسعى تركيا إلى إقامة بنية أمنية ومنطقة نفوذ سياسي وعسكري دائم".

الصومال

بعد عام ونصف من افتتاح قاعدتها في قطر أقامت تركيا في الصومال قاعدة عسكرية كبيرة في العاصمة مقديشو لتدريب الجنود الصوماليين. وبلغت نفقات إقامة القاعدة حوالي 50 مليون دولار حسب بعض المصادر ويمكنها أن تأوي حوالي 1500 جندي وتقديم التدريب لهم في وقت واحد لمساعدة الحكومة الصومالية في التصدي لجماعة الشباب الاسلامية المتطرفة.

وتبلغ مساحة القاعدة أربعة كيلومترات مربعة وهي قادرة على استقبال قطع بحرية وطائرات عسكرية إلى جانب قوات كوماندوس.

وتقدم تركيا السلاح والعتاد للقوات التي تقوم بتدريبها في الصومال. وترافق الوجود العسكري التركي في الصومال مع قيامها ببناء مدارس وطرق ومستشفيات. كما قامت قطر بتقديم مئات الملايين من الدولارات للحكومة الصومالية لتمويل بناء طريقين أساسيين في البلاد.

وما يلفت الأنظار أن النشاط التركي في الصومال تزامن مع ترسيخ الامارات لنفوذها في الاقليمين الصوماليين اللذين انفصلا عن الصومال وهما أرض البونت وأرض الصومال. فقد استثمرت الامارات 440 مليون دولار في ميناء بربرة في أرض الصومال و336 مليون دولار في ميناء بساسو في أرض البونت.

لكن طموحات تركيا في ترسيخ وجودها العسكري في القرن الأفريقي تبقى تحت رحمة الجانب المصري الذي يتحكم بقناة السويس ويمكنه منع السفن والبواخر التركية من المرور عبر القناة في حال تحول التنافس بين البلدين إلى مواجهة.

قبرص

تحتفظ تركيا بحوالي 30 ألف جندي في جمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها دولياً. كما تقوم القطع البحرية التركية الحربية بمرافقة سفن التنقيب التركية عن الغاز والنفط التي تنشط في المياه الاقليمية لقبرص رغم معارضة المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي باعتبار أن هذه الإجراءات ستبدد الآمال في التوصل إلى حل سياسي لأزمة قبرص وتوحيد الجزيرة المقسمة.

وقالت وسائل إعلام مقربة من الحكومة التركية إن أنقرة تنوي بناء قاعدة بحرية في الجزء الذي تسيطر عليه من الجزيرة.

كما تشعر تركيا بالقلق من التنسيق المتزايد بين قبرص واليونان ومصر والذي يشمل مجال الطاقة وقد انضمت اسرائيل مؤخرا إلى هذا التعاون عندما اتفقت مع مصر حول نقل الغاز إلى القارة الأوروبية.

وفي حال عثور تركيا على كميات تجارية من النفط أو الغاز في الحيز البحري الذي تنقب فيه فإن ذلك سيضع تركيا في موقف أقوى ويرجح أن تصبح أقل استعداداً لتقديم تنازلات للطرف القبرصي في أي مفاوضات مستقبلية.

نكسة السودان

واجهت تركيا نكسة كبيرة في مساعيها لتوسيع دائرة نفوذها الإقليمي عقب الاطاحة بحكم عمر البشير، إذ أخفقت في قراءة ما كان يجري على الأرض في السودان عقب اندلاع الاحتجاجات المناهضة لحكم البشير أوائل العام الجاري، وأساءت تقدير مدى هشاشة نظام البشير وتخلي الدائرة المحيطة به عنه.

بينما لعبت الإمارات والسعودية دوراً أساسياً في رسم مسار الأحداث التي تلت الاطاحة بالبشير إن لم يكن قبل ذلك بوقت طويل، ونجحت في ضمان إبعاد القوى الإسلامية عن لعب أي دور خلال المرحلة الانتقالية.

ويدور كبار القادة العسكريين الذين يحكمون السودان حالياً، مثل عبد الفتاح البرهان أو الشخصية الأكثر سطوة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، في فلك كل من السعودية والامارات.

وذكرت بعض الأنباء أن السلطات السودانية قد طلبت من الجانب التركي وقف العمل في جزيرة سواكن بشكل كامل وكان يتضمن إقامة قاعدة بحرية فيها لأغراض عسكرية ومدنية وغيرها من الأعمال حسب الاتفاق الموقع بين البلدين عام 2017.

كما أفادت بعض التقارير الصحفية عن وصول قوات سودانية إلى ليبيا لدعم قوات حفتر ضد الجماعات المسلحة التي تدعم حكومة طرابلس.

سوريا والعراق

مع تصاعد النشاط العسكري لحزب العمال الكردستاني في منتصف ثمانينيات القرن الماضي حتى خروج قيادة الحزب من سوريا انشغلت تركيا بهذا الصراع الدامي داخل حدودها غالبا، رغم فترات الهدوء القليلة التي شهدها هذا الصراع من حين إلى آخر.

وكانت القوات التركية تتوغل داخل اقليم كردستان العراق في حملات مطاردة لعناصر الحزب حتى خلال عهد الرئيس صدام حسين بموجب إتفاق بين البلدين دون أن تقيم قواعد ثابتة في الإقليم. لكن الوضع اختلف منذ سقوط حكم صدام حسين وإقامة حزب العمال الكردستاني قواعد ومقرات ثابتة في جبال قنديل الواقعة في مثلث الحدود بين العراق وإيران وتركيا.

وأقر رئيس وزراء تركيا عام 2018 خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وجود 11 قاعدة عسكرية تركية داخل العراق، وأضاف أن تركيا تنوي زيادة عدد قواتها المتمركزة في هذه القواعد رغم احتجاج الحكومة العراقية من حين إلى آخر.

لكن العدد الحقيقي لهذه القواعد يصل إلى أكثر من 15 قاعدة عسكرية وبعضها يقع على عمق 30 كيلومترا داخل إقليم كردستان العراق، بحسب تقارير حديثة.
 

لا وجود لقواعد تركية في السوادن .. سواكن تحويلها الى جزيرة تراثية وترميم الاثار العثمانية فيها وهي غير قادرة اصلا على ان تتحول الى قاعدة عسكرية بحرية تركية
 
ولا يخفى على متابعٍ حجم التنافس التركي الإماراتي المحتدم على الاستئثار بالنفوذ في الصومال خاصة والقرن الإفريقي عامة، بما يكفل رجوح كفة الميزان لصالح كل منهما، فبينما تسيطر الإمارات على عدة مواني في محيط القرن الإفريقي، كعدن والمكلا اليمنيتين، وبربرة الصومالية، وجيبوتي الجيبوتية، وعصب الإريترية، تُوجد لتركيا قوات برية في الصومال، وتبني مشاريع ناعمة ضخمة هناك، لا سيما في قطاعي الصناعة والخدمات كالتعليم والصحة وغيرها، وتدير ميناء مقديشو، وتسعى لإنشاء وإدارة ميناء كسمايو التي شكلت قمة المنافسة بين تركيا والإمارات، ورست على تركيا في النهاية، عوضًا عن الاستثمارات التركية في جيبوتي.

إلى جانب ذلك، يستطيع المتابع أن يلاحظ أن تركيا كانت، وما زالت، تسعى، على ما يبدو، إلى رفع مستوى نفوذها الأمني والتجاري بدءًا من الصومال وصولًا إلى تونس، بما يشكل أشبه ما يكون "بالقوس الهلالي".

وقد برز هذا الهدف في عقد اتفاقية "الرورو" مع مصر، في مارس/آذار 2012، التي خفضت رسوم رسو السفن التركية في مواني مصر وقناة السويس، غير أن الانقلاب الذي حدث في يوليو/تموز 2015، أدى بالاتفاقية إلى الانتهاء، كما أن ضخ تركيا استثماراتها الاقتصادية في ليبيا وتونس، يُشير جزئيًا إلى مسعاها في بناء "القوس" المذكور.

وعلى الرغم من كسب الإمارات السباق في مصر، فإن تركيا ما زالت تحاول من خلال الصومال وجيبوتي وإريتريا والأردن "خليج العقبة" وليبيا وتونس والسودان ـ وجميع هذه المناطق تشهد تنافس عسكري ودبلوماسي محتدم بين الإمارات وتركيا ـ استكمال بناء مشروعها التي تسعى من خلاله، بالأساس، إلى كسب نفوذ تجاري يرفع من مستوى التبادل التجاري بينها وبين الدول الأخرى على جميع المستويات، بما يحسن مستوى نموها الاقتصادي.

https://www.noonpost.com/content/22061
 
عودة
أعلى