معركة عين التمر.. أسرع هزيمة في التاريخ

  • بادئ الموضوع Nabil
  • تاريخ البدء

Nabil

التحالف يجمعنا
مستشار المنتدى
إنضم
4/5/19
المشاركات
10,899
التفاعلات
19,945
معركة عين التمر.. أسرع هزيمة في التاريخ


المكان: عين التمر - شمال غرب الحيرة - العراق.
الموضوع: جيوش الإسلام بقيادة خالد بن الوليد تقضي على الحاميات الفارسية بالعراق.

الأحداث والدروس المستنبطة :
بعد أن فتح الله تعالى معظم بلاد العراق للمسلمين، وذلك في أربعين يومًا فقط، وبعد أن فتحت "الحيرة" عاصمة الفرس العربية، وأهم مدينة بالعراق بعد "المدائن"، جاء الأمر من الخليفة "أبو بكر الصديق" "لخالد بن الوليد" أن يتوجه سريعًا لإنقاذ المسلمين المحاصرين في منطقة "دومة الجندل"، وكنا قد عرضنا من قبل في أثناء سردنا لبداية الحملة الجهادية لفتح العراق أن الخليفة "أبا بكر" قد كلف كلاً من "خالد بن الوليد" من ناحية الجنوب، و "عياض بن غنم" من ناحية الشمال، ليوجد بذلك حالة من التنافس بينهما، حيث جعل من يصل أولاً هو القائد العام، فتقدم "خالد"، وتعثر "عياض" ومن معه، وحُوصروا في منطقة "دومة الجندل"، حاصرتهم أعداد ضخمة من القبائل العربية الموالية للفرس، وكان القائد "خالد بن الوليد" تواقًا لأن يهجم على المدائن عاصمة الفرس، لينهي الوجود الفارسي تمامًا في العراق، ولكنه امتثل لأوامر قائده العام الخليفة "أبى بكر".

** النظام والانضباط والجدية، وطاعة أولي الأمر في غير معصية الله تعالى من أهم عوامل النجاح، والله تعالى علم أمة الإسلام درسًا عظيمًا في عاقبة مخالفة الأوامر، وذلك يوم أحد، وبين ذلك بقوله تعالى: { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آل عمران: 165].

خطر الحاميات الفارسية:
كان القائد الحربي "خالد بن الوليد" من الطراز النادر في إدارة العمليات الحربية، بل ربما هو نسيج وحده، فقد رأى قبل التوجه لإنقاذ المسلمين المحاصرين "بدومة الجندل" ضرورة تأمين وضع المسلمين في المدن المفتوحة، خاصة في ظل وجود حاميات فارسية قوية في المناطق المحيطة بمدينة "الحيرة" أهم مدن العراق، وعاصمة الفرس العربية، والتي كان لسقوطها في أيدي المسلمين دويّ كبير في أركان البيت الفارسي، وكانت هذه الحاميات تتركز في منطقتين هما: منطقتا "الأنبار" و"عين التمر"، وبالفعل قرر "خالد" الهجوم على تلك الحاميات، وإزالة التهديد الفارسي للوجود الإسلامي بالحيرة. (راجع موضوع موقعة الأنبار .. جسر الجمال)

** الحكمة تقتضي أن يتولى قيادة العمل من عنده الخبرة والكفاءة اللازمة لذلك العمل، فالأصلح قد يكون ليس هو الأفضل دينيًّا، ولقد علمهم ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ولى "عمرو بن العاص" قيادة جيش فيه "أبو بكر" و"عمر" و"أبو عبيدة" ولم يكن مر على إسلام "عمرو" أربعة أشهر.

الغرور الصليبي:
كانت الحامية الأخرى متمركزة في مدينة عين التمر، وكانت على طريق "دومة الجندل" تراقب الأوضاع عن كثب، وكانت الحامية الموجودة "بعين التمر" مكونة من قوتين كبيرتين: قوة فارسية بقيادة "مهران بن بهرام"، وقوة عربية نصرانية مكونة من خليط من قبائل "تغلب" و"إياد" بقيادة "عقة بن أبي عقة"، وكان أحمقًا مغرورًا، دفع ثمن هذا الحمق والغرور غاليًا، حيث طلب هذا الصليبي الحاقد المغرور "عقة" من القائد الفارسي "مهران" أن يخلي الساحة؛ ليقاتل هو المسلمين وحده دون مساعدة من الفرس، وقال له: "إن العرب أعلم بقتال العرب، فدعنا وخالدًا"..
ولنا أن نفهم النفسية المريضة التي دفعت "عقة" لهذا الطلب الغريب، فالغرور والحقد والرغبة في الفخر والزهو، وتحقيق الأمجاد بالانتصار على المسلمين، وقائدهم "خالد بن الوليد" صاحب الراية الميمونة، والانتصارات الباهرة, كل ذلك دفع "عقة" لهذا الطلب، بل تمادى في غيه وغروره، وقرر الخروج لقتال المسلمين خارج المدينة, في الصحراء المفتوحة، كأنه بذلك يسعى لحتفه بقدميه كما يقولون؛ لأن الصحراء المفتوحة هي أصلاً ميدان المسلمين المفضل في القتال، وعندما سمع "مهران" هذا الكلام من "عقة" قال له: "صدقت لعمري لأنتم أعلم بقتال العرب، وإنكم مثلنا في قتال العجم، دونكموهم، وإن احتجتم إلينا أعناكم"، وكان "مهران" قد بيت في نفسه أمرًا، وهو الانسحاب من أمام المسلمين لعلمه أنهم لا يقهرون، وقد انتقد قادة الفرس ذلك الأمر من "مهران" وقالوا له: "ما حملك على أن تقول هذا القول لهذا الكلب" يعنون عقة، فقال لهم "مهران": "دعوني، فإني لم أرد إلا ما هو خير لكم وشر لهم، إنه قد جاءكم من قتل ملوككم، وفل حدكم، فاتقيته بهم، فإن كانت لهم على "خالد" فهي لكم، وإن كانت الأخرى لم تبلغوا منهم حتى يهنوا، فنقاتلهم ونحن أقوياء وهم ضعفاء ".

** إن أعداء الدين مهما حاول أحد خدمتهم -ولو بروحه- فلن يعدوا قدره عندهم إلا قدر الكلب، كما قالت الفرس عن أعوانهم من العرب، وهكذا وصل أعداء الإسلام لمآربهم الخبيثة قديمًا وحديثًا على أكتاف طابور طويل من الكلاب، وما أكثرهم!!

أسرع هزيمة في التاريخ:
خرج "عقة" المغرور ومن معه من العرب المتنصرة من المدينة للصدام مع المسلمين، وأوغل في الصحراء غرورًا منه لمبادرة المسلمين بالهجوم، ووصل إلى منطقة "الكرخ" وعبأ قواته النصرانية، ووصل المسلمون إلى أرض المعركة وعبأ "خالد" الجيش بسرعة، واستعد للقتال، ولم يكن "خالد" قد رأى "عقة" من قبل، ونظر إليه نظرة الفاحص الخبير بنفوس المحاربين، فعلم أن هذا الرجل شديد الغرور..
فقرر القيام بحيلة بارعة شجاعة، جريئة في نفس الوقت، وهي خطف القائد "عقة" نفسه في عملية فدائية أشبه ما تكون بعمليات الصاعقة، فانتخب مجموعة خاصة من أبطال المسلمين، وأطلعهم على الفكرة الجريئة، فوافق عليها الجميع، فالكل أبطال، والجميع "خالد"، وبالفعل انقض "خالد" ومجموعته الفدائية على صفوف العدو -وهم يقدرون بعشرات الآلاف- كما ينقض الأسد على فريسته، وكان "عقة" مشغولاً بتسوية الصفوف، واندهش العدو من هذه المجموعة الصغيرة التي تهجم على عشرات الآلاف، ولم يفيقوا من هول الصدمة وإلا و"خالد" قد أسر "عقة" وحمله بين يديه كالطفل الصغير وعاد به إلى صفوف المسلمين، وعندها تجمدت الدماء في عروق العرب المتنصرة، وركبهم الفزع الشديد، ففروا من أرض المعركة دون أن يسلوا سيفًا واحدًا في أسرع هزيمة في التاريخ.
واصل المسلمون سيرهم بعد هذه الضربة الخاطفة حتى وصلوا إلى أسوار المدينة، وكان "مهران" وحاميته الفارسية قد عرفوا بما حل للمغرور "عقة" ومن معه، ففروا هاربين تاركين أعوانهم النصارى لمصيرهم المحتوم, عندها أسقط في يد النصارى في المدينة فأرسلوا لطلب الصلح مع خالد، ولكن "خالدًا" علم أن هؤلاء الذين يطلبون الصلح هم المحاربون الذين انهزموا في أرض المعركة وهم بالتالي لا يستحقون الأمان والصلح، وإنما أجبرهم على ذلك قرب أجلهم، ودنوا هزيمتهم..
فرفض "خالد" الصلح معهم، إذ لا أمان مع هؤلاء الخونة الكفرة، الذين باعوا أنفسهم للمشركين الأصليين عباد النار، وقاتلي بني جلدتهم وأهل كتاب مثلهم، لا لشيء إلا بدافع الحقد والحسد، أصر "خالد" على عدم الصلح حتى ينزلوا على حكمه، وهذا معناه في عرف الحروب أن يكون "خالد" مخيرًا في فعل أي شيء معهم: يقتلهم، يسبيهم، يعفو عنهم، المهم أنهم تحت حكمه وأمره، فلما يئس المتنصرة من نجدة الفرس لهم نزلوا على حكم "خالد بن الوليد"، فألقى القبض على جميع من يقدر على حمل السلاح ثم حكم في الحال بإعدام المحاربين، وبدأ بزعيمهم الأحمق "عقة" وسبى الذرية والأموال.

** ليس في ذلك قسوة ولا غدر كما يظن البعض ممن يتعاطفون مع المنهزم وينسون إجرامه، فما حدث لهم جزاء وفاقًا لهؤلاء المحاربين الذين خرجوا وفي نيتهم استئصال المسلمين بدافع من الحقد الصليبي المحض، كما أن هذا الحكم هو حكم الله تعالى كما حدث يوم أن حكم الصحابي "سعد بن معاذ" بنفس الحكم على إخوانهم في الحقد والشقاء يهود بني قريظة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات ".

وقد وجد المسلمون بمدينة "عين التمر" كنيسة يتعلم فيها أربعون صبيًّا الإنجيل، فلم يتعرض لهم "خالد" بالقتل، بل اعتبرهم من جملة السبي، وذلك من عدل الإسلام، فلم يأخذ هؤلاء بجريرة بني جلدتهم المقاتلين، وكان من بينهم شاب اسمه "نصير" هو أبو الفاتح الكبير "موسى بن نصير" فاتح الأندلس، وأيضا "سيرين" أبو عالم زمانه، ومفتى الأمة في عصره "محمد بن سيرين".

** وبتلك المعركة استطاع المسلمون إخلاء المنطقة الواقعة بين الحيرة ودومة الجندل من أية قوات معادية للمسلمين، وهي مساحة تقدر بخمسمائة كيلومتر مربع.

المصادر:
- تاريخ الرسل والملوك.
- تاريخ الخلفاء.
- فتوح البلدان.
- المنتظم.
- محاضرات في الأمم الإسلامية.
- الكامل في التاريخ.
- البداية والنهاية.
- موسوعة التاريخ الإسلامي.
- التاريخ الإسلامي.
- الخلفاء الراشدين.

عن موقع مفكرة الإسلام
.
 
التعديل الأخير:
يقال ان أسرع هزيمة في مدغشقر, بعد القصف البريطاني للحاكم الذي يعود لسلالة السلطان قابوس , وانتهى تواجد المسلمين على الجزيرة بعد مذبحة تاريخية .
 
عودة
أعلى