لادئاني
مستشار المنتدى
- إنضم
- 16/12/18
- المشاركات
- 28,246
- التفاعلات
- 77,319
رمال متصهينة.. تعرف على القصة الكاملة للعلاقات الإسرائيلية الإماراتية
============
1- تجارة الالماس
=====
يعرف قاطنو دبي وزوارها الأثرياء جيدًا سلسة متاجر المجوهرات والأزياء الراقية الأشهر في الإمارة "ليفانت"، ويحرص كثيرون منهم على التباهي باقتناء معروضاتها الفاخرة.
تمتلك المجموعة الشهيرة اليوم 11 متجرًا للماس والملابس الفاخرة تتوزع بين أرقى أحياء ومولات وفنادق دبي.
على صفحة التعريف الخاصة بالمجموعة على موقعها الإلكتروني تأخذنا إطلالة شاب أنيق(1)، يعكس الصورة الأكثر مثالية لرئيس مجلس إدارة شركة عالمية تبيع أحدث صيحات الحلي الثمينة والأزياء الفاخرة: عارف بن خضرا، رجل أعمال مغربي فلسطيني يدير أعماله في دبي، ويمتلك 18 عامًا في هذا المجال.
بيد أن شهرة بن خضرا لا تقف عند حدود دبي فقط، فعلى بعد 2000 ميل من إمارة المال والأضواء، يعرف الفلسطينيون في الضفة المحتلة مواطنهم أيضًا، ولكن بطريقة لا تدعو للكثير من الفخر.
هنا في فلسطين، يوقن الجميع أن الأشياء لا تظل على حقيقتها إذا خضبتها الدماء، والماس -على بريقه- ليس استثناءً من ذلك. على أقل تقدير كانت هذه صورة بن خضرا من وجهة نظر أهالي قريتي بلعين وجيوس في الضفة الغربية المحتلة، حين وجهوا مناشدة لعائلة خضرا الفلسطينية للضغط على نجلها لإيقاف شراكته مع رجل يكرهه الجميع هنا، وهو جدير بكراهيتهم بالتأكيد. رجل يعرف باسم ليف لفيف(2)، ويعرفه العالم على أنه "ملك الماس".
يعرف الفلسطينيون ليفيف بطريقة أبعد ما تكون عن بريق الماس الذي يعرف هوية الملياردير اليهودي في سائر بلاد العالم التي تستضيف علامته التجارية الشهيرة.
هنا يتم تعريف لفيف من خلال شركاته التي كانت حتى وقت قريب تعمل ليل نهار في بناء منازل المستوطنين فوق أنقاض بيوت الفلسطينيين، حيث كانت شركات لفيف تقوم بتوسيع مستوطنة تسوفيم على أرض جيوس عبر إضافة عشرات الوحدات السكنية الجديدة(3)، في نفس الوقت الذي كانت دبي تفتح أبوابها أمامه بعد أن تحولت تدريجيًا لمركز جديد لتجار الماس الإسرائيليين.
تاجر الماس الإسرائيلي ليف ليفيف خلال مؤتمر صحفي في 2001 (رويترز)
كانت البداية مع تأسيس بورصة دبي للماس عام 2004، معلنة اقتحام الإمارة الخليجية لنشاط تجاري يعلم الجميع أنه يخضع لهيمنة التجار اليهود(4)، بما يعني حتمًا القبول الإماراتي بشكل فعال من أشكال العلاقات مع إسرائيل.
وتم قبول عضوية دبي في الاتحاد العالمي لبورصات الماس في نفس العام، بعد موافقة الدول الـ 22 الأعضاء آنذاك، ودون معارضة تذكر من الكيان العبري. ومنذ ذلك الحين ارتفع حجم تجارة الماس في دبي من أقل من خمسة مليارات دولار، قبيل تأسيس بورصة دبي، إلى 40 مليار دولار عام 2012، لتصبح دبي ثاني أكبر بورصات الماس عالميًا بعد بوصة وينتروب الشهيرة، مع حجم تداول للماس الإسرائيلي لا يقل عن 300 مليون دولار سنويًا.
تنبع أهمية دبي لصناعة الماس الإسرائيلية من حقيقة أنها دخلت إلى السوق الذي تبحث فيه الدولة العبرية عن أسواق جديدة، خاصة بعد تراجع السوق الأميركية بسبب الانكماش،
أما بالنسبة لدبي، فإن ذلك كان يعني حضورًا لإمارة الأضواء في صناعة تناسب تمامًا تلك الصورة التي ترغب في أن يراها العالم وفقها. ولكن ثمن الفوز بعضوية نادي الأثرياء العالمي لم يكن خفيًا على أحد، حيث كان على الإمارة الخليجية أن تقبل بتسهيل حركة رجال الأعمال الإسرائيليين داخلها، وانتقال رجال الأعمال الإماراتيين لحضور معارض وأسواق المال في إسرائيل، وعلى رأسهم أحمد بن سليم رئيس بورصة دبي الذي زار إسرائيل عدة مرات.
وقد عرف لفيف على أنه أحد هؤلاء الإسرائيليين الذين منحوا تلك التذكرة الماسية للمرور عبر دبي، وبهوياتهم المعلنة في كثير من الأحيان، وبمعاملة ترقى إلى معاملة الدبلوماسيين والسفراء.
ومع ذلك، ظلت القوانين الإماراتية التي لا تسمح للإسرائيليين بالعمل في الإمارات بشكل مباشر، وحملات المقاطعة الشرسة آنذاك، عائقًا أمام رجال الأعمال الإسرائيليين في توسيع أنشطتهم خارج بورصات التجار، وصولًا إلى جمهور الحلي الأنيقة الذي تستقطبه الإمارة من كل حدب وصوب.
اختار لفيف إخفاء أنشطته المتوسعة عبر الشراكة مع خضرا، رجل الأعمال الصاعد اسمه في السوق الإماراتي المحلي، إلا أن حضور مجوهرات لفيف ضمن معروضات ليفانت، أثناء الافتتاح الضخم لفندق أتلانتيس الأسطوري في جميرا عام 2008، كان أوضح من أن تخطئه الأنظار، ولم يكن كفيلًا بتسليط الضوء على خضرا وحده، ولكنه لفت الأنظار إلى تجارة جديدة واعدة للإسرائيليين في قلب بلد خليجي يفترض أنه لا يقيم علاقات دبلوماسية أو تجارية "رسمية" مع الدولة العبرية.
لا يقتصر الأمر على لفيف وحده. يملك إمبراطور الماس الإسرائيلي بيني شتاينميتز، المسجون منذ عام 2016 بسبب صفقات ماس غير مشروعة في غينيا، تجارته الخاصة للماس في دبي. ويعرف شتاينميتز على أنه شريك لمجموعة "دي بير" في جنوبأفريقيا، وهي مجموعة تسيطر عليها عائلة يهودية وتعرف على أنها أكبر موزع للماس في العالم.
بالنسبة إلى شتاينميتز، لا يقتصر "بيزنس" دبي على تجارة الماس فحسب، ولكنه يمتد إلى شراكة شبه معلنة مع درة تاج الإمارة، شركة "موانئ دبي".
ففي عام 2008 قامت مجموعة "شتاينميتز" بتوقيع عقد مع موانئ دبي العالمية لإنشاء عدد من الفنادق والمشروعات العقارية في جمهورية الجبل الأسود(5).
الملياردير الإسرائيلي بيني شتاينميتز (رويترز)
مثله مثل لفيف، لا تدعو سجلات شتاينميتز للزهو بالنسبة لبلد عربي لا يزال يعرف نفسه على أنه "داعم للفلسطينيين"، ففي حين عرف الأول باستثماراته في بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتملة، اشتهر شتاينميتز بدعمه للواء النخبة الإسرائيلي غيفعاتي(6) أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، حيث ظهر اللواء على قائمة الجهات التي تتلقى الدعم من مجموعة "شتاينميتز"، على الموقع الرسمي للمجموعة آنذاك تحت خانة "المسؤولية الاجتماعية"(7)، جنبًا إلى جنب مع متحف الفنون في تل أبيب، ورابطة مكافحة السرطان الإسرائيلية.
تم اتهام لواء غيفعاتي بارتكاب جرائم حرب تجاه المدنيين والأطفال في قطاع غزة، بيد أن هذه التفاصيل "الصغيرة" لا تشغل بال الحكام في الإمارات على الأغلب فيما يبدو طالما ظلت قيد السرية، تلك السرية التي كانت القاعدة الحاكمة الوحيدة لعلاقات عميقة الجذور، تطورت تدريجيًا، بين الإمارات العربية المتحدة، والكيان العبري، على مدار قرابة عقد ونصف من الزمان.