لادئاني
مستشار المنتدى
- إنضم
- 16/12/18
- المشاركات
- 28,278
- التفاعلات
- 77,354
شكرا على كل المعلومات واستغرب لماذا ثارت سوريا والعراق وفلسطين وتلك الرعايه والاهتمام التي توليها لهم الدوله العثمانيه
اما الحجاز والجزيرة العربيه فسامحني لا تعليم ولا محطات كهرباء ولا ماء ابدا بل هجرو اهل المدينه واخذو اموالهم وهجرو الكثير الى ينبع اما المجازر فحدث ولا حرج بل سرقو كل الاثار الاسلاميه من الحجاز وهي في اسطنبول وان اردت الكتب التي تحكي تلك المجازر فموجودة ومتأكد انها لاتخفى عليك
وشكرا
أنقل لك عن مؤرخ عنيزة محمد العلي العبيد في كتابه - النجم اللامع للنوادر جامع - وهو مُعاصر لتلك الأحداث وحضر مجالس الشريف حسين وهو نجدي من أهالي عنيزة يشرح كيف بدأت الثورة وماحدث فيها واخلاق الثوار وصفاتهم :
خاصة المخطط بالاحمر
@ذياب
« ثم دخلت سنة 1334هـ : وفيها نقض الشريف الحسين عهده مع الترك فأنه من حين ما وطئت أقدامه في مكة قادماً من اسطنبول في 13 من ذي القعدة سنة 1326 هـ, وهو من ذلك الحين مضمراً الغدر لدولة الترك ولكنه يتحين الفرص ويتألف العرب بالسياسة الخرقاء التي تتقلب كما تقلب لون الحرباء, هذا وأنه لا يقيم لملوك العرب وزناً فقط [بل] أنه يتطلب المساعدة من البادية ومن أوباش الناس الذين ليسوا بقادة ولا زعماء, فتارة يُصادق قبيلة ويعادي أخرى وتارة ينقلب على الصديق ويصادق العدو, ولن يعرف له قاعدة ينبني عليها أو يستند اليها. وغاية الأمر أن حياته حياة من لا يوثق له بعقد ولا بعهد, وإن كل من دخل في طاعته فهو مُهدد وكأنه جالس تحت حائط عائب لا يعلم متى ينقصف عليه, وكان من يوم ما جلس رئيساً في مكة ومضى له ثمان سنوات وكلها يجمع العدة "للنهقةالعربية" التي يسميها النهضة, وكان في السنة التي أراد أن ينهض بها على الترك فكان يسهر أيام وليالي بالمراقبة على كل عربى يظن أن له معرفة بالترك أو يدخل معهم في خلة أو معاملة أو من له احتكاك مع الترك, فإنه يجتهد سعيه في إبعاده عنهم حتى ولو أدى ذلك إلى إتلاف ذلك العربي, وقد يأمر بالحبس على أشخاص ليس لهم ذنوب فيلقيهم في السجون, فيعجبون الناس من تصرفاته ولم يعلمون عن السياسة الغادرة الغامضة, وكل ذلك خوفاً من تسرب الأخبار إلى الترك لأنه يريد أن يكسبهم وهو بصفته أعمى لا يحمل عصاً وليس له قائد.
فلما كان في شهر رجب من السنة المذكورة أخذ يعد عدته للهجوم وأتفق مع دولة الانجليز أن ترسي مراكبها في مرسى جدة في ليلة قيامه على الترك, فهو يضربهم براً وهي [يريطانيا] تضربهم بمدافعها بحراً, فأخذ يجمع البدو من بادية الحجاز وضمهم إلى من معه من أهل نجد ممن يسمون "عقيل" ثم رتب الهجوم في مكة وجدة والمدينة المنورة والطائف في ليلة واحدة, وهي الليلة التاسعة من شهر شعبان من السنة المذكورة.
فأول ما هجم "الحصان الأشقر" على الطائف وهو عبد الله بن الحسين, وهجم الحسين بجنوده على القلعة والثكنات العسكرية, وكان الهجوم مرتب في المملكة كلها على الساعة التاسعة من تلك الليلة, وكانت كل قوة أو حركة تبدو للترك يستعملها الشريف ويحتج بها أننا نطوع بها البادية العاصين. وكانت دولة الترك حينما أحست بحركة الشريف أو جاءها جواسيس يخبرونها بما عزم عليه من الثورة على تركيا, فحينما بقي على موعد الثورة 6 أيام وإذا يرد على والي الحجاز من قبل الدولة التركية أن افتح باب الكعبة واطلب الشريف الحسين يدخل معك ويبايعك فيها على النصح بالقيام مع دولة بني عثمان, وأنه لا يغدر بها ولا يُعين عليها عدواً.
ففعل غالب باشا ما أمرته دولته به فاستدعى بالشريف الحسين ودخلا جميعاً في بطن الكعبة فكانوا يتبايعون ويتصافحون بالأيدي, والشريف الحسين يبكي بدموع غزار ويقول: أتظن دولة بني عثمان أنى أغدر بها وأكفر بنعمتها التي غذتني بثديها أنا وأولادي والأشراف جميعاً وكل من يتعلق بنا! فإننا غرسلنعمة الدولة العلية.
يقول ذلك والدموع تسكب على خديه, فأخرج غالب باشا منديله من جيبه وأخذ ينشف الدموع من خد الحسين بيده, ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله, فكان الحسين ينطبق عليه هذين البيتين من الشعر وهما صفة رجز :
ذئبٌ تراه مُصلياً *** فإذا مررت به ركع!
يدعو وجُل دعائه *** ما للفريسة لا تقع؟
عجل بها يا ذا العلا *** إن الفؤاد قد انقطع!
ومثل ذلك فقد قدم المدينة أنور باشا وهو قائد حربية الترك وكان قدومه في يوم معاهدة الحسين لغالب باشا في الكعبة, وكان معه حين قدومه فيصل بن الحسين بن علي فطلب أنور باشا من فيصل بن الحسين أن يدخل معه في الحجرة النبوية العظيمة وأن يبايعه على نص بيعة والده لغالب باشا فدخلوا الحجرة جميعاً [وتبايعوا].
وفي تلك الساعة وعلي بن الحسين أخو فيصل نازل في "بير الماشي" يبعد مرحلة واحدة عن المدينة ونزوله في ذلك الموضع فهو ينظم الثورة على دولة الترك, ثم بعد ان غادر المدينة أنور باشا ثاروا جميعاً بتلك الليلة المعهودة باربع المدن كلها, فلما ثار الشريف الحسين بمكة تلك الليلة وكنت حاضراً ومُشاهداً لذلك, وكانت ليلة صائفة ونحن في برج السرطان أو في برج الجوزاء فثارت البادية والحاضرة على الأتراك وكل من أهل المراكز التركية انحصر في مركزه, فلا يقدرون مساعدة بعضهم لبعض لأنهم فصلوا عن بعضهم.
وكان الشريف الحسين قد خدع دولة الترك قبل الثورة بمدة شهرين, فقد حسن لهم أنهم ينزلون الأطواب [المدافع] الضخمة من قلعة جياد ومن قلعة الطائف ويسحبونها إلى ثغر جدة, لأنه حذرهم أن الخطر على جدة من مراكب الانجليز بالبحر, وأما بلاد العرب فأنا أحميها ولن تحتاج إلى أطوابفالثغر البحري أحق بها.
فوافقوه على ذلك ظناً منهم أنهُ ناصح لهم وهو بضد ذلك, وأرسلوها إلى جدة وكان قصده من ذلك ليأمن منها, وكان قائد المدفعية واسمه كامل بيه حينما يرى قلل الأطواب الضخمة [القذائف] وهو محصور في قلعة جياد ولم يترك لها أطواب تثور بها, فكان يحثى التراب على رأسه من القهر على فقدها, هذا وإن الشريف الحسين قد حسن لوالي العساكر غالب باشا بعد المُبايعة معه في بطن الكعبة أن يخرج إلى الطائف بعساكر كثيرة وهو يريد حصرهم هناك يعني بالطائف.
فلما استمرت واشتدت وكان قائد عساكر مكة مقره الحميدية المشهورة قرب الحرم الشريف واسمه حلمي باشا, وكان الشريف الحسين من قبل الثورة بساعتين قد أمر بقطع المواصلات بين الترك, وأمر بقطع التيول [خطوط التلغراف] الممدودة بين المراكز كلها, فقطعوها كلها إلا ما كان من التليفون المتصل من الحميدية إلى قصر الشريف فهو لم يقطع وكانت الحميدية محصورة من كل الجهات, فتكلم الوكيل من الحميدية للشريف الحسين وهو في بيته بان زهم [اتصل] على الشريف الحسين وقال له: يا شريف افندى حنا محصورين في الحميدية والرمي زاد على العسكر وأنا [أريد] أضرب برندان [برقية] لكامل بيه ليشغل الأطواب من القلعة؟
فجاوبه الشريف الحسين بأن قال له: أنا إلى الآن لم أتحقق ممن أتت الثورة وأنا محصور في قصري فلم أعلم عن الثورة ومن أي مكان أتت, هل هم البدو جيعانين وهجموا على البلد يريدون أكل؟ فأنتم اصبروا حتى تكتشفون النتيجة. فسكت عنه وفي آخر ضحوة ذلك اليوم اقترب من قلعة جياد رجل من السودان ومعه زنبيله الذي يحمل به بالأسواق فلصقه لجدار القلعة وقال لهم: ارسلوا إلي حبل وازعبوني في زنبيلي هذا وأنا أخبركم عن الثورة.
فأدلوا عليه حبل وزعبوه كما تزعب الدلو من البير, فلما استقر عندهم أخبرهم تفصيلاً بأن الثورة من الشريف الحسين والعرب على دولة الترك! فحينئذ ضربوا برندان للحميدية ومن فيها يخبرونهم بخبر السوداني ثم ضربوا برندان آخر للقشلة في جرول يخبرونهم بخبر السوداني, فأول من اختبر [فهم البرقية] الشريف الحسين في مجلسه, بأن فهم ما يقوله البرندان وكان يجيد اللغة التركية, فمن ذلك استعد لضرب القنابل وهو في مقره, فكانت تضربه القنابل غدوة وعشية حتى وهن الركن اليماني من القصر, لأنهم لم يرون من القصر غير الركن هذا.
أما جدة فلم يدوم حصارها غير أربعة أيام ثم سلمت وذلك أن العساكر التركية ارتدمت كلها في قلعة ماؤها ملح أجاج, فأخذت أطواب [مدافع] المراكب الانجليزية من البحر تصليهم نيران حامية من مرسى جدة, فبعدما هدمت قلعتهم القنابل خرجوا من قلعتهم إلى الحُفر التي هم حفروها قبل الثورة والعطش يُذيب أكبادهم والشمس المحرقة فوق رؤوسهم ومن تحت أرجلهم حر الأرض شديد, والحضر والبدو مُقابلين لهم وقائدهم جميعاً الشريف محسن بن منصور, فمتى استطاعوا أن يصمدوا لهذه النكبات فاستسلموا.
وأما في الطائف فقد دام حصارهم ما يقرب من أربعة أشهر حتى أكلوا القطط والحمير والبغال ثم سلموا في شهر ذي القعدة.
وأما المدينة المنورة فقد دام حصارها قريباً من سنتين, وهذه كوارث الحسين ونزعاته السيئة عليه من الله ما يستحق ولا نزيد على ذلك.
وأما حصار مكة فقد سلمت القلاع بعد مُحاصرة تزيد عن شهر ثم بعد التسليم شرع الشريف الحسين في تسليم عساكر الترك وجعلهم أسارا بيد الإنجليز بدون اشتراط صدر عليه منهم, بل إن رجال السياسة من الإنجليز يقولون كان يقنعنا القيام بالثورة وإخراج الأتراك من الحجاز, وبعد لم نسأل اين ذهبوا, فلوا أسرهم هوعنده لكان خيراً له.
فياليت الرجل المُسلم الغيور لم يُشاهد ما شاهدناه من النكبات المؤلمة, وذلك أنه يؤتى بالعائلة [التركية] الواحدة فيفرق بينهم ويكون الزوج في معزل وحده وتكون الزوجة في معزل وحدها, ويجمعون أطفالهم في منزل منفصلين عن والديهم ولهم صراخ مُزعج وعويل يذيب أوتار القلوب لكل من يسمعه, ثم أنهم يُركبون الجمال ويجعلون الثلاثة على جمل, وكل يوم يركب منهم فوج لا يعرف بعضهم بعضاً ولا يدرون أين أولادهم ولا أين نساؤهم ولا أين إخوانهم.
وقد بلغنا أن امرأة فقدت ولدها وقد سفروه مع فوج غير الفوج الذى هي معه, فطلعت على الشريف الحسين وهو في مجلسه فقالت له: يا سيد البلد أنا سيدي فين؟ فقال ادفعوها من الدرجة, فدفعوهافأخذت تتكفأ على زلف الدرج حتى خضبت دماؤها عموم الدرجة! وأني لأظن أنها حينما تولت أسبانيا في أول القرن الثامن للهجرة على مسلمي الأندلس لم تفعل ما فعله الحسين بن علي مع عنصر الأتراك.
وكان في يوم الثورة نفسها قد جمع البدو وحرامية الريعان وكل لص من لصوص العالم فهدهم على بيوت الأتراك وأباح لهم ما يريدون, مع أنه يوجد كثيراً من بين الأتراك حمائل عنصرهم تركي ولهمتقريب 200 سنة وهم مُجاورين في مكة, فأباح لهم أموالهم وثيابهم وجميع ما يملكون, وكانوا من قبل أن يجمعونهم للترحيل هم وعائلاتهم يتسولون في الاسواق, فإذا وقفوا على صاحب دكان أو بيت فيقولون ارحمونا يا مُسلمين فحنا مثلكم مُسلمين ولسنا [مشركين], فمن يسمع منهم قولهم دمعت عينه وحزن قلبه فيقول لسان خالد [بن لؤي] مخاطباً الشريف: عجبت من جراءتك على الله وحلم الله عليك!
ولا تنس أيها القارئ إن ربك لبلمرصاد, فبعد هذه الفظائع كلها قد كال له ربه بصاعه الأوفى, فحينما تمت قوته فتح الله عليه باب الفتن والشرور والهموم المقلقة والحوادث المُترادفة والمُنغصة التي لا يملك منها دفعاً ولا رفعاً, وكانت القنبلة التي طالما زوى جنبه عنها وخشي من بأسها هي التي ثارت بجنبه فأحرقته وهو الشريف خالد بن لؤى الذي كان يكرهه الشريف الحسين ويقلاه, وكان يُحذر منه مثلما يحذر فرعون من موسى عليه السلام.».
انتهى
مخطوطة : النجم اللامع للنوادر جامع \ تأليف: محمد العلي العُبيد.