إسطنبول ـ «القدس العربي»:
بالتزامن مع تصاعد التوتر والخلافات والتهديدات مع اليونان، ومع اشتداد الاحتقان الإقليمي حول الملف الليبي، وجهت تركيا، أمس الجمعة، ما يمكن اعتباره «رسائل حربية» لدول المنطقة، وذلك من خلال إجراء مناورات عسكرية واسعة بمشاركة سلاحي الجو والبحر، في البحر المتوسط الذي اشتعل الصراع فيه حول التنقيب على الموارد، كما ركزت المناورات على القيام بمهام حربية في مناطق بعيدة.
والجمعة، أعلنت وزارة الدفاع التركية أنها «أجرت بنجاح» مناورات عسكرية واسعة أطلقت عليها اسم «البحر المفتوح» في المياه الدولية بالبحر الأبيض المتوسط الذي يشهد أصعب توتر منذ عقود وسط خلافات متصاعدة بين تركيا من جهة وما يعرف بـ «حلف شرق المتوسط» الذي يضم اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر وتدعمه الإمارات وفرنسا.
وأوضحت الوزارة أن المناورات التي أجرتها وحدات تابعة لقيادتي القوات الجوية والبحرية تمت إدارتها من مراكز عمليات في تركيا، وشارك فيها 17 طائرة تابعة للقوات الجوية و8 فرقاطات وطرادات تابعة لقيادة القوات البحرية، واستغرقت نحو 8 ساعات، وشملت مساراً بطول ألفي كيلومتر.
ولفتت إلى أنه تم خلال المناورات تنفيذ عمليات التزود بالوقود الجوي، والتدريب المشترك الجوي ـ البحري وغيرها، مشيرة إلى أنها تهدف إلى «اختبار وتطوير مهام عمليات المسافات الطويلة دون انقطاع». ونشرت وزارة الدفاع عشرات الصور التي تظهر جانباً استعراضياً من المناورات بعد يومين من محاولة أثينا اعتراض سفينة شحن تركية.
والشهر الماضي أيضاً، نفذت القوات الجوية والبحرية التركية مناورات مشابهة ركزت على اختبار قدرة سلاح الجو التركي على تنفيذ عمليات عسكرية على مسافات بعيدة، وجرى خلالها اختبار الطيران والتزود بالوقود جواً، في خطوة فسرها خبراء عسكريون أتراك على أن تهدف إلى التجهز للقيام بأي مهام عسكرية طارئة على مسافات بعيدة، وخاصة في ليبيا التي ينفذ فيها الجيش التركي عمليات عسكرية معلنة.
وتقول مصادر تركية إن أنقرة تخشى حصول تحول مفاجئ في الأوضاع في ليبيا، لا سيما عقب الحديث عن وصول طائرات حربية روسية إلى قوات حفتر والخشية من استخدامها بشكل مباشر من قبل روسيا أو من قبل مليشيات حفتر لقصف المصالح التركية في طرابلس، وهو ما هدد به حفتر سابقاً.
وتأتي هذه المناورات بعد يومين من كشف وسائل إعلام تركية عن اعتراض فرقاطة وطائرة عسكرية يونانية سفينة تركية كانت متجهة إلى ليبيا، حيث قال موقع خبر 7 التركي إن الجيش التركي وجه إنذاراً بإطلاق النار قبل أن تنسحب القوات اليونانية وتفتح الطريق أمام السفينة التركية.
هذا الاحتكاك العسكري جاء عقب يومين فقط أيضاً من تصريحات لوزير الدفاع اليوناني قال فيها إن بلاده مستعدة لاحتمال حصول نزاع عسكري مع تركيا، وهو ما فجر ردود فعل رسمية تركية غاضبة، فبينما اعتبر الرئيس رجب طيب اردوغان أن السفن الحربية والطائرات التركية تحمي سفن التنقيب وأنها ستعطي الرد المناسب على اليونان في حال تعديها، اعتبر وزير الدفاع خلوصي أقار أنه لا يعتقد أن اليونان قادرة على القيام بهكذا مناورة.
وتمر العلاقات التركية اليونانية بمرحلة صعبة من التوتر الذي ينبع من الخلافات التاريخية على الحدود البرية والبحرية والمياه الإقليمية والمجال الجوي وملف جزيرة قبرص، أضيفت إليها خلافات جديدة تتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط وملف اللاجئين واستضافة تركيا «انقلابيين أتراكاً» والخلاف حول «آيا صوفيا» والنزاع الإقليمي في المنطقة بشكل عام وليبيا بشكل خاص، وغيرها الكثير من الخلافات.
