سبب التحرك الكويتي بعد "إشارات دعم المثلية" من السفارة الأميركية
في خطوة مفاجئة، أعلنت وزارة الخارجية الكويتية، الجمعة، استدعاء القائم بأعمال السفارة الأميركية بالإنابة للاحتجاج على نشر السفارة في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي مواد "تدعم المثلية" الجنسية.
وكانت السفارة الأميركية في الكويت نشرت على حسابيها على منصتي إنستغرام وتويتر صورة تظهر علم قوس قزح وذلك بمناسبة بداية شهر يونيو المخصص للاحتفال بمجتمع الميم.
وتضمنت المنشورات أيضا مقتطفات من تصريحات سابقة للرئيس الأميركي جو بايدن يقول فيها "يستحق كل الناس الاحترام والكرامة والقدرة على العيش دون خوف بغض النظر عمن هم أو من يحبون".
وأعلنت وزارة الخارجية الكويتية، الجمعة، أنها استدعت القائم بالأعمال بالإنابة جيم هوليستايدر "على خلفية نشر السفارة في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي "إشارات وتغريدات تدعم المثلية".
وبحسب بيان الوزارة، فقد سلم مساعد وزير الخارجية لشؤون الأميركيتين بالإنابة نواف عبد اللطيف الأحمد المسؤول الأميركي "مذكرة تؤكد رفض دولة الكويت لما تم نشره وتشدد على ضرورة احترام السفارة للقوانين والنظم السارية في دولة الكويت والالتزام بعدم نشر مثل تلك التغريدات التزاما بما نصت عليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961".
وجاء التحرك الكويتي الرسمي بعد أن لجأ كثير من الكويتيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن استيائهم من المنشورات التي ظهرت أيضا في حسابات السفارة الأميركية في السعودية والبحرين والإمارات، معتبرين أنها تتعارض مع المعتقدات الإسلامية في البلاد.
وفي هذا الإطار يرى المحلل السياسي الكويتي ساجد العبدلي أن الإجراء الذي اتخذته الحكومة الكويتية طبيعي "لأن الشارع رأى أن التغريدة لا تتماشى مع الواقع الكويتي ولم تحترم خصوصية المجتمع".
يقول العبدلي لموقع "الحرة" إن "المثليين وحقوقهم مسألة حساسة في الكويت، على اعتبار أنها تتعارض مع الجانب الديني وعادات وتقاليد المجتمع الكويتي"، مبينا أن "هذه الفكرة مرتبطة بالمجتمع العربي بشكل عام وليس في الكويت فقط".
ويعزو العبدلي سبب التحرك الذي قامت بها الحكومة الكويتية إلى ردة فعل الشارع القوية ضد التغريدة، مضيفا بالقول: "لو لم يكن هناك حراك شعبي وردة فعل قوية من الشارع، لربما كانت الحكومة الكويتية تجاهلت الأمر".
ويتابع العبدلي أن "الحكومة الكويتية تتعامل بنوع من الذكاء مع القضايا التي تشغل الشارع، فهي تهتم بقضايا وتتجاهل قضايا أخرى" مشيرا إلى أنهم "وجدوا أن من الذكاء التعامل مع رأي الشارع حتى يوصلوا رسالة أنهم مجتمع يؤخذ برأيه والحكومة تتجاوب معهم".
على غرار معظم الدول العربية والإسلامية، تعتبر المثلية الجنسية في الكويت جريمة ومع ذلك، ألغت المحكمة الدستورية في الكويت في فبراير الماضي قانونا يجرم "التشبه بالجنس الآخر" في خطوة قالت منظمة العفو الدولية إنها مهمة لحقوق المتحولين جنسيا في المنطقة.
في تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، قالت منظمة العفو الدولية في مارس الماضي إن أفراد من مجتمع الميم في أنحاء الشرق الأوسط تعرضوا للاعتقال والمحاكمة، وفي بعض الأحيان لاختبارات ترقى إلى مستوى التعذيب استنادا إلى ميولهم الجنسية الحقيقية أو المفترضة أو إلى هويتهم المتعلقة بالنوع الاجتماعي.
وأضافت أن "محاكم جنائية ظلت تعامل العلاقات الجنسية بالتراضي بين أفراد من الجنس نفسه باعتبارها جريمة، وكثيرا ما أصدرت أحكاما ضد رجال، وأحيانا ضد نساء، بموجب قوانين، تتعلق بالآداب العامة أو بنود خاصة".
تقول الدكتورة في علم الاجتماع سناء العاجي إن "هناك للأسف رهاب مجتمعي من موضوع المثلية، مبني على تصورات دينية وثقافية وسوء فهم عميق للمثلية وللمثليين" في المنطقة العربية.
وتضيف العاجي في حديث لموقع "الحرة" أن من المؤسف أن يكون "معظم الفاعلين السياسيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يركبون على هذه الموجة لتحقيق مكاسب سياسية ولكي يعجبوا مواطنيهم".
وترى العاجي أنه "حتى من يُعتَبرون حداثويين أو يساريين أو ليبراليين منهم، لا يملكون الجرأة والشجاعة السياسية لكي يدافعوا عن الحريات الفردية وعن حق الأفراد في العيش بكرامة بغض النظر عن ميولهم الجنسية أو اختياراتهم الدينية".
في 2018 نشرت منظمة "هيومن رايتش ووتش" تقريرا عن "نضال مجتمع المیم في الشرق الأوسط وشمال أفریقیا" أشارت فيه إلى أن "الناشطين في تلك البلدان يواجهون عدائية الدولة بدرجات مختلفة".
وأضاف التقرير أن "العديد من دول المنطقة لا تعترف أصلا بمفاهيم مثل التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية".
وقالت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش رشا يونس إنه "عندما تُصور الحكومات أفراد مجتمع الميم على أنهم تهديد للآداب العامة ووحدة الأسرة التقليدية والاستقرار الاجتماعي، فهي تستخدم رهاب المثليين والترانس كاستراتيجيات حكومية".
وأضافت أن هذه الاستراتيجية "تزيد من تأجيج الوصم الاجتماعي، حيث يستمر التمييز مع الإفلات من العقاب عندما لا يستطيع أفراد مجتمع الميم المتضررين اللجوء إلى القانون ولا يتمتعون بحماية السلطات.