القول المكين في انقلاب بريغوجين

صبيان نجد

التحالف يجمعنا
طاقم الإدارة
مشرف
إنضم
29/9/21
المشاركات
4,152
التفاعلات
11,431
لا يزال ما جرى في الداخل الروسي في الأيام القليلة الماضية، يرسم علامات من الاستفهام والتعجب، بل الحيرة، كلما حاول المرء الاقتراب من الصورة بأبعادها الكاملة، ومحاولة فهم حقيقة المشهد، وهل بالفعل تعرض بوتين لنوع من الانقلاب، أم أن ما جرى برمته لم يكن سوى خدعة داخلية روسية، لها ما ورائياتها عما قريب جداً؟
حكماً لم تكن تحركات بريغوجين نهار السبت الماضي، هي الأولى من نوعها، فقبل بضعة أسابيع حذر من أن روسيا قد تواجه ثورة مماثلة لثورة 1917، وتخسر الحرب في أوكرانيا، ما لم تتعامل النخبة بجدية مع الواقع العسكري.
لم تكن تلك التصريحات لتغيب عن أعين صقر الكرملين، ولا بقية الأجهزة الأمنية والاستخبارية المعاونة له.
هنا تطفو على السطح تساؤلات عميقة، لا نجد لها جواباً، في مقدمها لماذا التزم بوتين الصمت ولم يتخذ أي إجراءات لإحباط مخططات بريغوجين، الذي بدا وكأنه يسعى بالفعل للاستيلاء على القيادة العسكرية الروسية، لا سيما بعد بدء تحركاته نحو موسكو؟
الذين لديهم معرفة بالعلوم العسكرية، يدركون معنى ومبنى مفهوم «ميزان الانتباه العسكري»، أي قدرات جيش في مواجهة جيش آخر، وحال تطبيق هذا المفهوم على المواجهة بين جماعة «فاغنر»، التي لا يتجاوز عددها 25 ألف نسمة، وبين الجيش الروسي الذي يبلغ قوامه نحو مليوني جندي، يدرك المرء أن هناك حلقة مفقودة في المشهد.
يحاجج البعض بأن الحدث هو أخطر تحدٍ يواجه بوتين خلال أكثر من عقدين من الزمن، هذا إذا اعتبرنا أن ما جرى هو الحقيقة، وليس جزءاً من «خطة الخداع الكبرى»، التي ستتكشف لاحقاً.
التساؤلات المحيرة والمقلقة تبدأ من عند عدم التعرض لقوات «فاغنر»، وانعدام مقاومتها عندما سار «طباخ بوتين» السابق وقواته إلى روستوف، وسيطر على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية هناك... هل كان ذلك جزءاً من سيناريو آخر خفي؟
الصحافة الغربية، ومنذ السبت الماضي، لم توفر سرد وعرض سيناريوهات تقطع بأن بوتين تقاعس عن مواجهة بريغوجين، وهذا يدل على عدم وجود تنسيق رفيع المستوى في الحكومة الروسية، بل ووجود خصومات داخلية محتملة، كما يعتقد المسؤولون الأميركيون.
بلغ الأمر حد القول بأن بريغوجين يتمتع بنوع من الدعم بين القوات العسكرية النظامية الروسية، لا سيما أجهزة الأمن وربما الاستخبارات.
تأخذنا محاولات القراءة المعمقة في ما جرى، إلى طريقين؛ الأول هو ما تروج له وسائل الإعلام الغربية من أن المشهد يحمل في طياته، نهاية عقدين من حكم بوتين، فيما الثاني يفتح الباب لسيناريو الخدعة التي حدثت وانطلت على العالم، باستثناء قلّة من الراسخين في المعرفة الروسية.
تقول «واشنطن بوست» إن الاستخبارات الأميركية كانت تعلم أن تحركاً عسكرياً من قبل قوات «فاغنر»، على وشك الوقوع، ومع ذلك فإنها التزمت الصمت درءاً لاتهامها بأنها تسعى لتعميق الانقسام في الداخل الروسي، وهو تصرف على خلاف ما حدث قبل فبراير (شباط) 2022، عندما أعلنت عن استعدادات روسيا لعملية عسكرية في أوكرانيا.
هل بالفعل صمتت أجهزة أميركا الاستخبارية، وبهدف تمهيد الطريق لإزاحة بوتين، ومن دون إطلاق رصاصة واحدة، أم أنه لم يكن لديها يقين تجاه ما تجري به المقادير في الداخل الروسي؟
البريطانيون من جانبهم، ذهبوا بعيداً جداً، فقد خرجت «التلغراف» البريطانية، نهار الأحد، بخلاصات مفادها بأن بوتين ربما يكون قد نجا بنفسه من ثورة مسلحة بقيادة يفغيني بريغوجين، ومرتزقة «فاغنر» الذين صنعهم، لكنه سيمسي كسيراً إلى الأبد، وأن أيامه في الكرملين معدودة.
التحليلات الصحافية الأوروبية، أظهرت حالة من «التنبؤات الذاتية»، تكشف عن مكنونات الصدور، فقد قال بعضهم: «إن القادة الروس نادراً ما صمدوا لفترة طويلة بعد أي انقلاب عسكري».
دلل القائلون بما حدث مع ميخائيل غورباتشوف عام 1991، ومن بعده بوريس يلتسين عام 2000، فقد كتبت الانقلابات العسكرية التي جرت ضدهم نهاية حكمهم، رغم انتصارهم المؤقت على تلك التحركات العسكرية.
يخطر لنا أن نتساءل: هل تحركات «فاغنر» الأخيرة، كانت انقلاباً رسمياً أو ثورة مستترة؟
بعد أن هدأت النفوس وبردت الرؤوس، يمكن للمتابع أن يحلل تصريحات بريغوجين، وساعتها سيجد أن الرجل قد بذل قصارى جهده ليفصح عن نياته، وكيف أنه لا يحمل انقلاباً على بلاده، وإنما ثورة على وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ورئيس أركان الجيش فاليري غراسيموف، الذي اتهمه بريغوجين بانعدام الكفاءة التي أفضت إلى مقتل آلاف الجنود الروس.
بعد ساعات من بدايات العمليات العسكرية، ارتفعت سخونة تصريحات بريغوجين، ونالت بوتين ورئاسته، ليظهر فجأة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، في المشهد، كبطل قادم من الميثولوجيا الإغريقية، ويقوم بوساطة معجزية، وفي زمن قياسي، بين بوتين وقائد «فاغنر».
حصل لوكاشينكو بسرعة البرق من سيد الكرملين على عفو لبريغوجين، ليعلن الأخير سحب قواته بالمرة من مدينة روستو ومن نواحي أو ضواحي موسكو، لتنتقل إلى بيلاروسيا، بعدتها وعتادها.
وسط هذه الأزمة، لاحظ الجميع غياب شويغو، لمدة أربعة أيام، قبل أن يظهر صباح الاثنين على الجبهة الأوكرانية، مباشراً أعمال القتال، ومؤكداً تصريحات بوتين حول التنسيق القائم والقادم بين كافة أطراف الحكومة الروسية، لإنجاح الخطط العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
هل كان هدف ما جرى هو نقل قوات بريغوجين إلى بيلاروسيا، لتكون قريبة من لاتفيا وبولندا، وبقية دول أوروبا الغربية، تحسباً لتطوير الهجوم الروسي، في حال ساءت الأمور على الجبهة الروسية - الأوكرانية؟
المثير أن لاتفيا بدأت بالفعل منذ صباح الاثنين في تعزيز قواتها على الحدود مع بيلاروسيا، تحسباً لهذا السيناريو الدراماتيكي، فيما كان بريغوجين يصرح ضاحكاً: «نحن لم نقترب من أوروبا بعد فلماذا تهلعون؟».
من أصعب الأمور قراءة ما يدور في عقل الروس... لكن ما يقال اليوم همساً في المخادع، غداً سينادى به من دون أدنى شك من فوق السطوح.
ايمل امين
الشرق الأوسط
 
لا يزال ما جرى في الداخل الروسي في الأيام القليلة الماضية، يرسم علامات من الاستفهام والتعجب، بل الحيرة، كلما حاول المرء الاقتراب من الصورة بأبعادها الكاملة، ومحاولة فهم حقيقة المشهد، وهل بالفعل تعرض بوتين لنوع من الانقلاب، أم أن ما جرى برمته لم يكن سوى خدعة داخلية روسية، لها ما ورائياتها عما قريب جداً؟
حكماً لم تكن تحركات بريغوجين نهار السبت الماضي، هي الأولى من نوعها، فقبل بضعة أسابيع حذر من أن روسيا قد تواجه ثورة مماثلة لثورة 1917، وتخسر الحرب في أوكرانيا، ما لم تتعامل النخبة بجدية مع الواقع العسكري.
لم تكن تلك التصريحات لتغيب عن أعين صقر الكرملين، ولا بقية الأجهزة الأمنية والاستخبارية المعاونة له.
هنا تطفو على السطح تساؤلات عميقة، لا نجد لها جواباً، في مقدمها لماذا التزم بوتين الصمت ولم يتخذ أي إجراءات لإحباط مخططات بريغوجين، الذي بدا وكأنه يسعى بالفعل للاستيلاء على القيادة العسكرية الروسية، لا سيما بعد بدء تحركاته نحو موسكو؟
الذين لديهم معرفة بالعلوم العسكرية، يدركون معنى ومبنى مفهوم «ميزان الانتباه العسكري»، أي قدرات جيش في مواجهة جيش آخر، وحال تطبيق هذا المفهوم على المواجهة بين جماعة «فاغنر»، التي لا يتجاوز عددها 25 ألف نسمة، وبين الجيش الروسي الذي يبلغ قوامه نحو مليوني جندي، يدرك المرء أن هناك حلقة مفقودة في المشهد.
يحاجج البعض بأن الحدث هو أخطر تحدٍ يواجه بوتين خلال أكثر من عقدين من الزمن، هذا إذا اعتبرنا أن ما جرى هو الحقيقة، وليس جزءاً من «خطة الخداع الكبرى»، التي ستتكشف لاحقاً.
التساؤلات المحيرة والمقلقة تبدأ من عند عدم التعرض لقوات «فاغنر»، وانعدام مقاومتها عندما سار «طباخ بوتين» السابق وقواته إلى روستوف، وسيطر على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية هناك... هل كان ذلك جزءاً من سيناريو آخر خفي؟
الصحافة الغربية، ومنذ السبت الماضي، لم توفر سرد وعرض سيناريوهات تقطع بأن بوتين تقاعس عن مواجهة بريغوجين، وهذا يدل على عدم وجود تنسيق رفيع المستوى في الحكومة الروسية، بل ووجود خصومات داخلية محتملة، كما يعتقد المسؤولون الأميركيون.
بلغ الأمر حد القول بأن بريغوجين يتمتع بنوع من الدعم بين القوات العسكرية النظامية الروسية، لا سيما أجهزة الأمن وربما الاستخبارات.
تأخذنا محاولات القراءة المعمقة في ما جرى، إلى طريقين؛ الأول هو ما تروج له وسائل الإعلام الغربية من أن المشهد يحمل في طياته، نهاية عقدين من حكم بوتين، فيما الثاني يفتح الباب لسيناريو الخدعة التي حدثت وانطلت على العالم، باستثناء قلّة من الراسخين في المعرفة الروسية.
تقول «واشنطن بوست» إن الاستخبارات الأميركية كانت تعلم أن تحركاً عسكرياً من قبل قوات «فاغنر»، على وشك الوقوع، ومع ذلك فإنها التزمت الصمت درءاً لاتهامها بأنها تسعى لتعميق الانقسام في الداخل الروسي، وهو تصرف على خلاف ما حدث قبل فبراير (شباط) 2022، عندما أعلنت عن استعدادات روسيا لعملية عسكرية في أوكرانيا.
هل بالفعل صمتت أجهزة أميركا الاستخبارية، وبهدف تمهيد الطريق لإزاحة بوتين، ومن دون إطلاق رصاصة واحدة، أم أنه لم يكن لديها يقين تجاه ما تجري به المقادير في الداخل الروسي؟
البريطانيون من جانبهم، ذهبوا بعيداً جداً، فقد خرجت «التلغراف» البريطانية، نهار الأحد، بخلاصات مفادها بأن بوتين ربما يكون قد نجا بنفسه من ثورة مسلحة بقيادة يفغيني بريغوجين، ومرتزقة «فاغنر» الذين صنعهم، لكنه سيمسي كسيراً إلى الأبد، وأن أيامه في الكرملين معدودة.
التحليلات الصحافية الأوروبية، أظهرت حالة من «التنبؤات الذاتية»، تكشف عن مكنونات الصدور، فقد قال بعضهم: «إن القادة الروس نادراً ما صمدوا لفترة طويلة بعد أي انقلاب عسكري».
دلل القائلون بما حدث مع ميخائيل غورباتشوف عام 1991، ومن بعده بوريس يلتسين عام 2000، فقد كتبت الانقلابات العسكرية التي جرت ضدهم نهاية حكمهم، رغم انتصارهم المؤقت على تلك التحركات العسكرية.
يخطر لنا أن نتساءل: هل تحركات «فاغنر» الأخيرة، كانت انقلاباً رسمياً أو ثورة مستترة؟
بعد أن هدأت النفوس وبردت الرؤوس، يمكن للمتابع أن يحلل تصريحات بريغوجين، وساعتها سيجد أن الرجل قد بذل قصارى جهده ليفصح عن نياته، وكيف أنه لا يحمل انقلاباً على بلاده، وإنما ثورة على وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ورئيس أركان الجيش فاليري غراسيموف، الذي اتهمه بريغوجين بانعدام الكفاءة التي أفضت إلى مقتل آلاف الجنود الروس.
بعد ساعات من بدايات العمليات العسكرية، ارتفعت سخونة تصريحات بريغوجين، ونالت بوتين ورئاسته، ليظهر فجأة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، في المشهد، كبطل قادم من الميثولوجيا الإغريقية، ويقوم بوساطة معجزية، وفي زمن قياسي، بين بوتين وقائد «فاغنر».
حصل لوكاشينكو بسرعة البرق من سيد الكرملين على عفو لبريغوجين، ليعلن الأخير سحب قواته بالمرة من مدينة روستو ومن نواحي أو ضواحي موسكو، لتنتقل إلى بيلاروسيا، بعدتها وعتادها.
وسط هذه الأزمة، لاحظ الجميع غياب شويغو، لمدة أربعة أيام، قبل أن يظهر صباح الاثنين على الجبهة الأوكرانية، مباشراً أعمال القتال، ومؤكداً تصريحات بوتين حول التنسيق القائم والقادم بين كافة أطراف الحكومة الروسية، لإنجاح الخطط العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
هل كان هدف ما جرى هو نقل قوات بريغوجين إلى بيلاروسيا، لتكون قريبة من لاتفيا وبولندا، وبقية دول أوروبا الغربية، تحسباً لتطوير الهجوم الروسي، في حال ساءت الأمور على الجبهة الروسية - الأوكرانية؟
المثير أن لاتفيا بدأت بالفعل منذ صباح الاثنين في تعزيز قواتها على الحدود مع بيلاروسيا، تحسباً لهذا السيناريو الدراماتيكي، فيما كان بريغوجين يصرح ضاحكاً: «نحن لم نقترب من أوروبا بعد فلماذا تهلعون؟».
من أصعب الأمور قراءة ما يدور في عقل الروس... لكن ما يقال اليوم همساً في المخادع، غداً سينادى به من دون أدنى شك من فوق السطوح.
ايمل امين
الشرق الأوسط

لدي نقطة اود إضافتها
روسيا لن تحتاج لكل هذه الجلبة لنقل قوات ڤاجنر إلى حدود لاتفيا و بولاندا و تمركزها في بلاروسيا كان يمكن أن يتم بسرية بدل هذه الضوضاء الإعلامية

من وجهة نظري ما حدث حقيقة و ليس خدعة كما تروج البروبوجاندا الروسية
 
لا يزال ما جرى في الداخل الروسي في الأيام القليلة الماضية، يرسم علامات من الاستفهام والتعجب، بل الحيرة، كلما حاول المرء الاقتراب من الصورة بأبعادها الكاملة، ومحاولة فهم حقيقة المشهد، وهل بالفعل تعرض بوتين لنوع من الانقلاب، أم أن ما جرى برمته لم يكن سوى خدعة داخلية روسية، لها ما ورائياتها عما قريب جداً؟
لا أثق فى الروس و نواياهم , الامر محير إلى الأن و ستتضح الأمور على المدى القريب
 
لا يزال ما جرى في الداخل الروسي في الأيام القليلة الماضية، يرسم علامات من الاستفهام والتعجب، بل الحيرة، كلما حاول المرء الاقتراب من الصورة بأبعادها الكاملة، ومحاولة فهم حقيقة المشهد، وهل بالفعل تعرض بوتين لنوع من الانقلاب، أم أن ما جرى برمته لم يكن سوى خدعة داخلية روسية، لها ما ورائياتها عما قريب جداً؟
حكماً لم تكن تحركات بريغوجين نهار السبت الماضي، هي الأولى من نوعها، فقبل بضعة أسابيع حذر من أن روسيا قد تواجه ثورة مماثلة لثورة 1917، وتخسر الحرب في أوكرانيا، ما لم تتعامل النخبة بجدية مع الواقع العسكري.
لم تكن تلك التصريحات لتغيب عن أعين صقر الكرملين، ولا بقية الأجهزة الأمنية والاستخبارية المعاونة له.
هنا تطفو على السطح تساؤلات عميقة، لا نجد لها جواباً، في مقدمها لماذا التزم بوتين الصمت ولم يتخذ أي إجراءات لإحباط مخططات بريغوجين، الذي بدا وكأنه يسعى بالفعل للاستيلاء على القيادة العسكرية الروسية، لا سيما بعد بدء تحركاته نحو موسكو؟
الذين لديهم معرفة بالعلوم العسكرية، يدركون معنى ومبنى مفهوم «ميزان الانتباه العسكري»، أي قدرات جيش في مواجهة جيش آخر، وحال تطبيق هذا المفهوم على المواجهة بين جماعة «فاغنر»، التي لا يتجاوز عددها 25 ألف نسمة، وبين الجيش الروسي الذي يبلغ قوامه نحو مليوني جندي، يدرك المرء أن هناك حلقة مفقودة في المشهد.
يحاجج البعض بأن الحدث هو أخطر تحدٍ يواجه بوتين خلال أكثر من عقدين من الزمن، هذا إذا اعتبرنا أن ما جرى هو الحقيقة، وليس جزءاً من «خطة الخداع الكبرى»، التي ستتكشف لاحقاً.
التساؤلات المحيرة والمقلقة تبدأ من عند عدم التعرض لقوات «فاغنر»، وانعدام مقاومتها عندما سار «طباخ بوتين» السابق وقواته إلى روستوف، وسيطر على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية هناك... هل كان ذلك جزءاً من سيناريو آخر خفي؟
الصحافة الغربية، ومنذ السبت الماضي، لم توفر سرد وعرض سيناريوهات تقطع بأن بوتين تقاعس عن مواجهة بريغوجين، وهذا يدل على عدم وجود تنسيق رفيع المستوى في الحكومة الروسية، بل ووجود خصومات داخلية محتملة، كما يعتقد المسؤولون الأميركيون.
بلغ الأمر حد القول بأن بريغوجين يتمتع بنوع من الدعم بين القوات العسكرية النظامية الروسية، لا سيما أجهزة الأمن وربما الاستخبارات.
تأخذنا محاولات القراءة المعمقة في ما جرى، إلى طريقين؛ الأول هو ما تروج له وسائل الإعلام الغربية من أن المشهد يحمل في طياته، نهاية عقدين من حكم بوتين، فيما الثاني يفتح الباب لسيناريو الخدعة التي حدثت وانطلت على العالم، باستثناء قلّة من الراسخين في المعرفة الروسية.
تقول «واشنطن بوست» إن الاستخبارات الأميركية كانت تعلم أن تحركاً عسكرياً من قبل قوات «فاغنر»، على وشك الوقوع، ومع ذلك فإنها التزمت الصمت درءاً لاتهامها بأنها تسعى لتعميق الانقسام في الداخل الروسي، وهو تصرف على خلاف ما حدث قبل فبراير (شباط) 2022، عندما أعلنت عن استعدادات روسيا لعملية عسكرية في أوكرانيا.
هل بالفعل صمتت أجهزة أميركا الاستخبارية، وبهدف تمهيد الطريق لإزاحة بوتين، ومن دون إطلاق رصاصة واحدة، أم أنه لم يكن لديها يقين تجاه ما تجري به المقادير في الداخل الروسي؟
البريطانيون من جانبهم، ذهبوا بعيداً جداً، فقد خرجت «التلغراف» البريطانية، نهار الأحد، بخلاصات مفادها بأن بوتين ربما يكون قد نجا بنفسه من ثورة مسلحة بقيادة يفغيني بريغوجين، ومرتزقة «فاغنر» الذين صنعهم، لكنه سيمسي كسيراً إلى الأبد، وأن أيامه في الكرملين معدودة.
التحليلات الصحافية الأوروبية، أظهرت حالة من «التنبؤات الذاتية»، تكشف عن مكنونات الصدور، فقد قال بعضهم: «إن القادة الروس نادراً ما صمدوا لفترة طويلة بعد أي انقلاب عسكري».
دلل القائلون بما حدث مع ميخائيل غورباتشوف عام 1991، ومن بعده بوريس يلتسين عام 2000، فقد كتبت الانقلابات العسكرية التي جرت ضدهم نهاية حكمهم، رغم انتصارهم المؤقت على تلك التحركات العسكرية.
يخطر لنا أن نتساءل: هل تحركات «فاغنر» الأخيرة، كانت انقلاباً رسمياً أو ثورة مستترة؟
بعد أن هدأت النفوس وبردت الرؤوس، يمكن للمتابع أن يحلل تصريحات بريغوجين، وساعتها سيجد أن الرجل قد بذل قصارى جهده ليفصح عن نياته، وكيف أنه لا يحمل انقلاباً على بلاده، وإنما ثورة على وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ورئيس أركان الجيش فاليري غراسيموف، الذي اتهمه بريغوجين بانعدام الكفاءة التي أفضت إلى مقتل آلاف الجنود الروس.
بعد ساعات من بدايات العمليات العسكرية، ارتفعت سخونة تصريحات بريغوجين، ونالت بوتين ورئاسته، ليظهر فجأة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، في المشهد، كبطل قادم من الميثولوجيا الإغريقية، ويقوم بوساطة معجزية، وفي زمن قياسي، بين بوتين وقائد «فاغنر».
حصل لوكاشينكو بسرعة البرق من سيد الكرملين على عفو لبريغوجين، ليعلن الأخير سحب قواته بالمرة من مدينة روستو ومن نواحي أو ضواحي موسكو، لتنتقل إلى بيلاروسيا، بعدتها وعتادها.
وسط هذه الأزمة، لاحظ الجميع غياب شويغو، لمدة أربعة أيام، قبل أن يظهر صباح الاثنين على الجبهة الأوكرانية، مباشراً أعمال القتال، ومؤكداً تصريحات بوتين حول التنسيق القائم والقادم بين كافة أطراف الحكومة الروسية، لإنجاح الخطط العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
هل كان هدف ما جرى هو نقل قوات بريغوجين إلى بيلاروسيا، لتكون قريبة من لاتفيا وبولندا، وبقية دول أوروبا الغربية، تحسباً لتطوير الهجوم الروسي، في حال ساءت الأمور على الجبهة الروسية - الأوكرانية؟
المثير أن لاتفيا بدأت بالفعل منذ صباح الاثنين في تعزيز قواتها على الحدود مع بيلاروسيا، تحسباً لهذا السيناريو الدراماتيكي، فيما كان بريغوجين يصرح ضاحكاً: «نحن لم نقترب من أوروبا بعد فلماذا تهلعون؟».
من أصعب الأمور قراءة ما يدور في عقل الروس... لكن ما يقال اليوم همساً في المخادع، غداً سينادى به من دون أدنى شك من فوق السطوح.
ايمل امين
الشرق الأوسط
موضع جاء فى وقته , رائع أخى أستمر
 
تقرير: ما الدور الذي ستلعبه «فاغنر»

أمام يفغيني بريغوجين قائد ميليشيا فاغنر، وأمير الحرب السابق الذي وصل منفياً إلى بيلاروسيا الثلاثاء عقاباً على تمرده ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أدوار محتملة في منفاه، وفق تقرير نشرته أمس (الأربعاء) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

فما الأدوار التي قد يلعبها يفغيني بريغوجين على رأس «فاغنر» في بيلاروسيا؟

مساعدة
وتدريب الجيش البيلاروسي

رغم أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أكد أن ميليشيا «فاغنر» لن تكون قادرة على فتح مراكز تجنيد على أراضيها، فإنه يمكن استخدامها في الواقع لدعم الجيش النظامي البيلاروسي، بمهارات استشارية وتدريبية. وهذا ما أشارت إليه التصريحات الأخيرة للوكاشينكو، الذي أشاد بالجودة الفائقة والقوة القتالية لـ«فاغنر».

حارس لنظام ألكسندر لوكاشينكو؟

يرى أرنو دوبيان مدير المرصد الفرنسي الروسي، أنه يمكن للرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو «أن تكون له مصلحة شخصية في وصول فاغنر إلى بلاده»، وأن يجعل «فاغنر» حارسه الرئاسي الجديد. ولا يستبعد الاختصاصي إمكانية أن يصبح لوكاشينكو الراعي الحصري أو الجزئي لشركة «فاغنر».

ولكن بعد ذلك ستنشأ مسألة الثقة. إذ يقول بافيل سلونكين، الدبلوماسي السابق والمتخصص في الشأن البيلاروسي في «مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» (ECFR): «يفضل الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو أن يكون لديه رجال يسيطر عليهم: لست متأكداً من أنه يستطيع الوثوق بمرتزقة». بالمقابل، هل سيوافق رئيس «فاغنر» يفغيني بريغوجين على أن يكون «خاضعاً» لسلطة ما؟ فرغم أن «بريغوجين يدين ببقائه إلى لوكاشينكو ما يجعل لديه شكلاً من أشكال الولاء له»، وفق الاختصاصي أرنو دوبيان، فإنه مع ذلك، «من الصعب تخيل أن يقبل بريغوجين الذي أظهر دائماً حرية الكلام والتحرك، أن يتم التحكم فيه».

منع واحتواء التمرد البيلاروسي المحتمل؟

إذا كان على ميليشيا «فاغنر» توفير الأمن الرئاسي البيلاروسي، فقد يتعين عليها أيضاً أن تلعب دوراً في مكافحة التمرد المحتمل ضد نظام الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي أدت إعادة انتخابه المتنازع عليها في عام 2020 إلى تعبئة داخلية ضخمة ضد نظام حكمه، وقد تمكن لوكاشينكو بمساعدة من موسكو من الاحتفاظ بحكم هش.

ويمكن أيضاً قمع حركات المعارضة البيلاروسية بقسوة من قبل مقاتلي «فاغنر».

كما أن وصول «فاغنر» إلى بيلاروسيا يقلق الجار البولندي الذي أعلن الثلاثاء، عبر الرئيس أندريه دودا، عن «إشارات سلبية للغاية» بسبب وصول «فاغنر» إلى بيلاروسيا. وأشار التقرير إلى أن مقاتلي «فاغنر» قد يستقرون في منطقة غرودنو البيلاروسية المتاخمة لبولندا. ويحذر بافيل سلونكين المتخصص في الشأن البيلاروسي من أن مقاتلي فاغنر «سيصبحون بالتالي قوة ردع ضد دول الناتو».

نزول نحو كييف؟

عن احتمال أن تستهدف ميليشيا فاغنر العاصمة الأوكرانية كييف انطلاقاً من الأراضي البيلاروسية، يقول بافيل سلونكين: «هذا ليس مستحيلاً، لكنه بعيد الاحتمال»، إذ يجب على «فاغنر» أن تجمع قوات كبيرة لهجومها، وليس هذا هو الحال في الوقت الحالي، خاصة أن الجيش الروسي النظامي (وعدده أضعاف عدد مقاتلي فاغنر) الذي كان متجهاً نحو كييف، هُزم في الأشهر الأولى من الحرب (العام الماضي) رغم أن الأوكرانيين لم يكونوا قد تلقوا بعد المعدات الغربية بكميات كبيرة، ولم يكونوا قد تخضرموا في الحرب.

ولفت التقرير إلى أن شمال أوكرانيا، الملغم والمحروس جيداً، سيقدم مقاومة شرسة ضد «فاغنر». ويضيف بافيل سلونكين: «يمكن لتحركات فاغنر، مع ذلك، أن تجبر الجيش الأوكراني على سحب جزء من قواته المستعدة للهجوم المضاد (في شرق أوكرانيا)، ما يخفف من الضغط الأوكراني على الجيش الروسي النظامي على الجبهة».

هل ينتقم بريغوجين من بوتين ويعود إلى روسيا؟

عد التقرير أن الانتقام يمكن أن يستمر في تحريك يفغيني بريغوجين. بحشد القوات، وإعادة التجهيز، قد يشن غارة بريغوجين جديدة ضد موسكو، للقضاء نهائياً على منافسيه داخل القيادة العسكرية الروسية. ولكن وفق الدبلوماسي والمتخصص في الشأن البيلاروسي بافيل سلونكين فإن «كلا من مينسك وموسكو لن تسمح بذلك». ويقول مدير المرصد الفرنسي الروسي أرنو دوبيان في هذا الإطار: «إنه أمر بعيد الاحتمال ومستبعد أكثر من هجوم لفاغنر على كييف». في الواقع، «سيحرص الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو على مراوغة بريغوجين، لتجنب زعزعة استقرار روسيا جارته وحليفته الرئيسية، لكن أيضاً حتى لا ينقلب عليه».

@عبدالله أسحاق
@ذياب
 
تقرير: ما الدور الذي ستلعبه «فاغنر»

أمام يفغيني بريغوجين قائد ميليشيا فاغنر، وأمير الحرب السابق الذي وصل منفياً إلى بيلاروسيا الثلاثاء عقاباً على تمرده ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أدوار محتملة في منفاه، وفق تقرير نشرته أمس (الأربعاء) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

فما الأدوار التي قد يلعبها يفغيني بريغوجين على رأس «فاغنر» في بيلاروسيا؟

مساعدة
وتدريب الجيش البيلاروسي

رغم أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أكد أن ميليشيا «فاغنر» لن تكون قادرة على فتح مراكز تجنيد على أراضيها، فإنه يمكن استخدامها في الواقع لدعم الجيش النظامي البيلاروسي، بمهارات استشارية وتدريبية. وهذا ما أشارت إليه التصريحات الأخيرة للوكاشينكو، الذي أشاد بالجودة الفائقة والقوة القتالية لـ«فاغنر».

حارس لنظام ألكسندر لوكاشينكو؟

يرى أرنو دوبيان مدير المرصد الفرنسي الروسي، أنه يمكن للرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو «أن تكون له مصلحة شخصية في وصول فاغنر إلى بلاده»، وأن يجعل «فاغنر» حارسه الرئاسي الجديد. ولا يستبعد الاختصاصي إمكانية أن يصبح لوكاشينكو الراعي الحصري أو الجزئي لشركة «فاغنر».

ولكن بعد ذلك ستنشأ مسألة الثقة. إذ يقول بافيل سلونكين، الدبلوماسي السابق والمتخصص في الشأن البيلاروسي في «مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» (ECFR): «يفضل الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو أن يكون لديه رجال يسيطر عليهم: لست متأكداً من أنه يستطيع الوثوق بمرتزقة». بالمقابل، هل سيوافق رئيس «فاغنر» يفغيني بريغوجين على أن يكون «خاضعاً» لسلطة ما؟ فرغم أن «بريغوجين يدين ببقائه إلى لوكاشينكو ما يجعل لديه شكلاً من أشكال الولاء له»، وفق الاختصاصي أرنو دوبيان، فإنه مع ذلك، «من الصعب تخيل أن يقبل بريغوجين الذي أظهر دائماً حرية الكلام والتحرك، أن يتم التحكم فيه».

منع واحتواء التمرد البيلاروسي المحتمل؟

إذا كان على ميليشيا «فاغنر» توفير الأمن الرئاسي البيلاروسي، فقد يتعين عليها أيضاً أن تلعب دوراً في مكافحة التمرد المحتمل ضد نظام الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي أدت إعادة انتخابه المتنازع عليها في عام 2020 إلى تعبئة داخلية ضخمة ضد نظام حكمه، وقد تمكن لوكاشينكو بمساعدة من موسكو من الاحتفاظ بحكم هش.

ويمكن أيضاً قمع حركات المعارضة البيلاروسية بقسوة من قبل مقاتلي «فاغنر».

كما أن وصول «فاغنر» إلى بيلاروسيا يقلق الجار البولندي الذي أعلن الثلاثاء، عبر الرئيس أندريه دودا، عن «إشارات سلبية للغاية» بسبب وصول «فاغنر» إلى بيلاروسيا. وأشار التقرير إلى أن مقاتلي «فاغنر» قد يستقرون في منطقة غرودنو البيلاروسية المتاخمة لبولندا. ويحذر بافيل سلونكين المتخصص في الشأن البيلاروسي من أن مقاتلي فاغنر «سيصبحون بالتالي قوة ردع ضد دول الناتو».

نزول نحو كييف؟

عن احتمال أن تستهدف ميليشيا فاغنر العاصمة الأوكرانية كييف انطلاقاً من الأراضي البيلاروسية، يقول بافيل سلونكين: «هذا ليس مستحيلاً، لكنه بعيد الاحتمال»، إذ يجب على «فاغنر» أن تجمع قوات كبيرة لهجومها، وليس هذا هو الحال في الوقت الحالي، خاصة أن الجيش الروسي النظامي (وعدده أضعاف عدد مقاتلي فاغنر) الذي كان متجهاً نحو كييف، هُزم في الأشهر الأولى من الحرب (العام الماضي) رغم أن الأوكرانيين لم يكونوا قد تلقوا بعد المعدات الغربية بكميات كبيرة، ولم يكونوا قد تخضرموا في الحرب.

ولفت التقرير إلى أن شمال أوكرانيا، الملغم والمحروس جيداً، سيقدم مقاومة شرسة ضد «فاغنر». ويضيف بافيل سلونكين: «يمكن لتحركات فاغنر، مع ذلك، أن تجبر الجيش الأوكراني على سحب جزء من قواته المستعدة للهجوم المضاد (في شرق أوكرانيا)، ما يخفف من الضغط الأوكراني على الجيش الروسي النظامي على الجبهة».

هل ينتقم بريغوجين من بوتين ويعود إلى روسيا؟

عد التقرير أن الانتقام يمكن أن يستمر في تحريك يفغيني بريغوجين. بحشد القوات، وإعادة التجهيز، قد يشن غارة بريغوجين جديدة ضد موسكو، للقضاء نهائياً على منافسيه داخل القيادة العسكرية الروسية. ولكن وفق الدبلوماسي والمتخصص في الشأن البيلاروسي بافيل سلونكين فإن «كلا من مينسك وموسكو لن تسمح بذلك». ويقول مدير المرصد الفرنسي الروسي أرنو دوبيان في هذا الإطار: «إنه أمر بعيد الاحتمال ومستبعد أكثر من هجوم لفاغنر على كييف». في الواقع، «سيحرص الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو على مراوغة بريغوجين، لتجنب زعزعة استقرار روسيا جارته وحليفته الرئيسية، لكن أيضاً حتى لا ينقلب عليه».

@عبدالله أسحاق
@ذياب
تقرير أكثر من رائع , بارك الله فيك أخى
 
عودة
أعلى