- إنضم
- 14/5/19
- المشاركات
- 5,688
- التفاعلات
- 30,131
بسم الله الرحمن الرحيم
1442/1/16 - 2020/9/4
انطلقت شرارتها الأولى في مارس/آذار 1938 بغزو هتلر للنمسا، ودخلتها الولايات المتحدة الأميركية بعد الهجوم الياباني على أسطولها في المحيط الهادي، استمرت ست سنوات واستعمل فيها السلاح الذري لأول مرة في التاريخ، وحصدت أرواح 17 مليونا من العسكريين وأضعاف ذلك من المدنيين. فقد مهّد انعدام الاستقرار الذي أعقب الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولـى WW1 في أوروبا (1914-1918) المسرح لنزاعٍ دولي ثانٍ عُرِف بالحرب العالمية الثانية، التي اندلعت بعد الحرب العالمية الأولى بعشرين عامًا، وأثبتت أنها أكثر فتكًا ودمارًا. بعد صعوده إلى السلطة، أعاد أدولف هتلر وحزبه الاشتراكي (الحزب النازي) تسليح البلاد، وقام بتوقيع معاهدات استراتيجية مع إيطاليا واليابان خدمةً لطموحاته في بسط السيطرة على أوروبا، ثم بعد غزوِه لِبولندا في سبتمبر عام 1939، أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا، وهكذا بدأت الحرب العالمية الثانية، وعلى مدى السنوات الست التالية، سيودي هذا الصراع بأرواح أكثر من 45 مليون إنسان، وسيدمر العديدَ من الأراضي والممتلكات حول العالم.
الصورة أعلاه توضح دول الحلفاء Allied Power وقادتها، ودول المركز AXIS POWER وقادتها، بالإضافة إلى دول أخرى مشاركة.
الأسباب، وأجواء ما قبل الحرب
زعزعةِ الحربُ العُظمى استقرار أوروبا إلى حدٍّ كبير، ويمكن القول أن الحرب العالمية الثانية اندلعت بسبب قضايا الحرب العالمية الأولى التي تُرِكت دون حلٍ، فقد أدى -على سبيل المثال- انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي في ألمانيا، والشروط القاسية التي فرضتها معاهدة فرساي على الدولة الألمانية، منها تحميلُها مسؤولية الحرب العالمية الأولى، إلى صعود أدولف هتلر وحزبه النازي إلى السلطة.
قد تبدو الأسباب الظاهرة للحرب العالمية الثانية منحصرة في تصرفات ألمانيا النازية، واحتلالها لمناطق من أوروبا واعتداءاتها على بلدان عديدة، لكن معظم الدارسين يعتبرون ذلك مجرد نتيجة أفرزتها الأسباب الموضوعية للحرب. ويعتبر باحثون كثر أن الحرب العالمية الثانية ابنة شرعية للحرب العالمية الأولى، وأنها نتيجة طبيعية لتسويات ما بعد الأولى التي غيرت رسم خريطة العالم وخاصة أوروبا. ويعددون جملة من الأسباب أهمها تضمين معاهدة فرساي سنة 1919 بنودا عقابية لألمانيا، خسرت بموجبها 12.5% من مساحتها و12% من سكانها، وحوالي 15% من إنتاجها الزراعي و10% من صناعتها و74% من إنتاجها من خام الحديد. كما ألزمتها بدفع تعويضات كبيرة للحلفاء، وحدت من قدراتها وإمكاناتها العسكرية بنصها على أن لا يزيد الجيش الألماني على مائة ألف جندي. ويضيف هؤلاء سببا آخر يتمثل في ظهور النازية بألمانيا في يناير/كانون الثاني 1933، والفاشية بإيطاليا في أكتوبر/تشرين الأول 1922، وقيام حلف بينهما عرف بدول المحور، انضمت إليه اليابان بعد ذلك.
وبعد أن أصبح هتلر مستشارًا في عام 1933، عزز سلطته ومنح نفسه لقب الفوهرر: القائد الأعلى، في عام 1934. اعتقد هتلر أن السبيل الوحيد للحصول على مساحة المعيشة اللازمة للجنس الألماني النقي، الذي سمّاه الآري، هو التوسع. ومن أجل هذا، عمل الفوهرر على تسليح ألمانيا، وأجرى تحالفاتٍ مع إيطاليا واليابان ضد الاتحاد السوفياتي، ليُرسل قواته إلى النمسا في عام 1938، وفي العام التالي ضم تشيكوسلوفاكيا، وانطلق عدوان هتلر دون رادع؛ إذ كانت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي يركزان على مشاكلهم وسياستهم الداخلية في ذلك الوقت، ولم تكن فرنسا ولا بريطانيا تبغيان الدخول في حربٍ بعد الدمار الكبير الذي خلفته الحرب العالمية الأولى في البلدين.
اندلاع الحرب العالمية الثانية (1939)
كان احتلال هتلر للنمسا في مارس/آذار 1938 وتشيكوسلوفاكيا في العام الموالي وبولندا في سبتمبر/أيلول 1939 ثم تهديد إيطاليا بغزو ألبانيا، سببا مباشرا في إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على دول المحور. في أواخر أغسطس 1939، وقع هتلر والزعيم السوفييتي جوزيف ستالين على “الاتفاق الألماني السوفييتي”، الذي أثار نوبة من القلق في لندن وباريس. كان هتلر قد خطط منذ زمنٍ طويلٍ لغزو بولندا، وهي دولة ضمِنت لها بريطانيا وفرنسا الدعم العسكري في حال تعرضها لهجوم من ألمانيا، وعنى الاتفاق الألماني السوفييتي أن هتلر لن يواجه حربًا على جبهتين إذا قام بغزو بولندا، كما أنه سيحصل على دعمٍ سوفييتيٍّ في قهر الدولة وتقسيمها.
وفي 17 سبتمبر، غزت القوات السوفييتية بولندا من الشرق، وتحت الهجوم من كلا الجانبين، سقطت بولندا بسرعة، وبحلول أوائل عام 1940، تقاسمت ألمانيا والاتحاد السوفييتي السيطرة على بولندا. وتحركت بعدها قوات جوزيف ستالين لاحتلال دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) وهزمت المقاومة الفنلندية في حرب “روسو-فينيش”. ولكن خلال الأشهر الستة التي أعقبت غزو بولندا، بدأ الحديث في وسائل الإعلام عن “حربٍ زائفة” لعدم اتخاذ ألمانيا والاتحاد السوفييتي أية خطوات أخرى.
واشتعلت الحرب في أوروبا وكان الجيش الألماني متقدما على جميع الجبهات الأوروبية، حيث احتل أغلب الدول ودخل باريس، إلا أن مهاجمته للاتحاد السوفياتي في يونيو/حزيران 1941 جعلته يترك ظهره مكشوفا للبريطانيين. لكن الأمر كان مختلفًا في البحر، حيث خاضت القوات البحرية البريطانية والقوات الألمانية معركةً حامية، كما ضربت الغواصات الألمانية U-boat سفنًا تجارية تابعة لبريطانيا، وغرقت خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب العالمية الثانية أكثر من 100 سفينة.
لم تدخل الولايات المتحدة الأميركية الحرب في البداية، حيث كانت الولايات المتحدة قد اعتمدت في عشرينيات القرن التاسع عشر الميلادي ما عرف بـ"مبدأ مونرو" أو مبدأ الحياد، وهو إعلان أطلقه الرئيس الأميركي جيمس مونرو سنة 1823، نص على ضرورة عدم مد الدول الأوروبية نفوذها الاستعماري نحو أميركا، والتزام الولايات المتحدة من جانبها بعدم التدخل في المشكلات أو العلاقات الأوروبية.
الحرب العالمية الثانية في الغرب (1940-1941)
في 9 أبريل 1940، غزت ألمانيا النرويج والدنمارك في ذات الوقت، وفي العاشر من مايو اجتاحت القوات الألمانية بلجيكا وهولندا فيما عُرِف بالحرب الخاطفة، أو حرب البرق. وبعد ثلاثة أيام، عبرت قوات الفوهرر نهر ميوز وضربت القوات الفرنسية في سيدان، الواقعة في الطرف الشمالي من خط ماجينوت، وهي سلسلة من التحصينات التي أُنشأت بعد الحرب العالمية الأولى ومثّلت حاجزًا دفاعيّا لا يمكن اختراقه، ولكن الألمان تمكّنوا من اجتياح هذا الخط الحصين بدباباتهم الثقيلة والطائرات، بينما بقي الجنود في المؤخرة، واقعٌ بدا أمامه خط ماجينوت عديم الفائدة. تم إخلاء القوة الاستطلاعية البريطانية (BEF) عن طريق البحر من دانكيرك في أواخر مايو، بينما شنت القوات الفرنسية في الجنوب مقاومة فاشلة. ومع قُرب فرنسا من الانهيار، وقّع بينيتو موسوليني ميثاقًا من حديدٍ مع أدولف هتلر، وأعلنت إيطاليا الحرب على فرنسا وبريطانيا في 10 يونيو.
وفي 14 يونيو، دخلت القوات الألمانية باريس. طلبت الحكومة الفرنسية الجديدة التي شكلها المارشال فيليب بيتين هدنة بعد ليلتين، وتم تقسيم فرنسا بعد ذلك إلى منطقتين، إحداهما تحت الاحتلال العسكري الألماني، والأخرى تحت حكومة بيتان في مدينة فيشي. بعدها حول هتلر انتباهه إلى بريطانيا، التي كانت لها ميزة دفاعية تتمثل في انفصالها عن القارة. ولتمهيد الطريق لغزوٍ برمائي، قصفت الطائرات الألمانية بريطانيا بشكلٍ مكثف طوال صيف عام 1940، بما في ذلك غارات ليلية على لندن وغيرها من المراكز الصناعية مما خلّف خسائر بشرية ضخمة. ولكن في نهاية المطاف، هزم سلاح الجو الملكي القوات الجوية الألمانية في “معركة بريطانيا”، وعلى إثر هذا أجّل هتلر غزوه.
كانت بريطانيا قد دفعت بمواردها الدفاعية إلى أقصى حد، واستطاع رئيس الوزراء وينستون تشرشل تلقي الدعم في ما مضى من الولايات المتحدة الأمريكية بموجب قانون الإقراض الذي أقره الكونغرس الأمريكي في أوائل عام 1941.
جوزيف فيساريونوفيتش ستالين Joseph Vissarionovich Stalin كان القائد الثاني للاتحاد السوفييتي.
عملية بربروسا (1941-1942)
بحلول أوائل عام 1941، انضمت المجر ورومانيا وبلغاريا إلى دول المحور، واجتاحت القوات الألمانية يوغسلافيا واليونان في أبريل. كان غزو هتلر للبلقان مقدمة لهدفه الحقيقي: غزو الاتحاد السوفياتي، الذي ستمنحه أراضيه الشاسعة مساحة المعيشة اللازمة التي يحتاجها الجنس الآري. أما النصف الثاني من استراتيجية هتلر، كان إبادة اليهود من جميع أنحاء أوروبا، وفي ذات الوقت الذي اجتاحت فيه القوات الألمانية الاتحاد السوفييتي، تم تقديم ما عُرِف بـــ “الحل النهائي”، الذي سيهلك على إثره -خلال السنوات الثلاث المقبلة- العديد من اليهود في معسكرات الموت التي تأسست في بولندا المحتلة.
في 22 يونيو 1941، أعطى هتلر الأمر لقواته بغزو الاتحاد السوفييتي، عُرِف الهجوم بــ “عملية بربروسا”. على الرغم من أن عدد الدبابات والطائرات السوفييتية كان يفوق العدد الذي تملكه القوات الألمانية، إلا أن التقنيات الجوية للسوفييت كانت عتيقةً لحد كبير، كما ساعد عنصر المفاجأة الألمان في الوصول إلى مسافة 200 ميل قرب موسكو بحلول منتصف يوليو. ولكن أدت المناقشات الطويلة بين هتلر وبعضٌ من جنرالاته إلى تأخير التقدم الألماني التالي حتى أكتوبر، التقدم الذي أُوقِف بسبب الهجوم السوفييتي المضاد، ودخول شتاء روسيا القاسي.
معركة ستالينغراد Stalingrad
تعتبر معركة ستالينغراد إحدى أهم المعارك الكبرى الفاصلة في الحرب العالمية الثانية، وقد جرت في مدينة ستالينغراد -المدينة التي عرفت فيما بعد بـ"فولغوغراد"- خلال الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفياتي، واستمرت حوالي ستة أشهر بين أغسطس/آب 1942 وفبراير/شباط 1943. هاجمت ألمانيا المدينة بسلاح الجو ثم دخلتها بعد أن حولتها إلى أنقاض، فاحتدم القتال داخلها بشكل عنيف مع الجيش الأحمر، وتمكن الألمان من إخضاع أغلب مناطق المدينة، لكنهم فشلوا في كسر آخر الخطوط الدفاعية للجيش الأحمر بالضفة الغربية لنهر الفولغا. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1942، شن الجيش الأحمر هجومين متزامنين وتمكن من محاصرة وتطويق حوالي 250 ألفا من القوات الألمانية، وفي ظل عجز الألمان عن توفير التموين لجنودهم انهارت قواتهم واستسلم القائد فريدريك باولوس في 2 فبراير/شباط 1943 ومعه أغلب قوات الجيش السادس. وبلغت الخسائر البشرية في المعركة حوالي مليون شخص، مما جعلها إحدى أكثر المعارك دموية في تاريخ الحروب.
الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادئ
الكاميكازي Kamikaze هي كلمة يابانية، تترجم عادة بالرياح المقدسة أو الرياح الإلهية، وهي كلمة تستخدم للإشارة إلى إعصار يقال أنه أنقذ اليابان من غزو اسطول مغولي بقيادة قبلاي خان في 1281. في اليابان يستخدم الاسم “كاميكازي” للإشارة فقط لهذا الإعصار . في اللغات الأخرى تستخدم الكلمة للإشارة إلى هجمات انتحارية قام بها الطيارون اليابانيون ضد سفن الحلفاء في الجزء الأخير من حملة المحيط الهادي إبان الحرب العالمية الثانية. في ظل انهماك بريطانيا في صد الاجتياح الألماني لأوروبا، كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة القادرة على التصدي للعدوان الياباني.
كانت أمريكا قد فرضت حظرا بتروليا على اليابان ومنعت تصدير الحديد إليها، فقامت اليابان في السابع من ديسمبر/كانون الأول 1941 بمهاجمة الأسطول الأميركي في المحيط الهادي بميناء بيرل هاربر بجزر هاواي، فدخلت الولايات المتحدة الحرب ضد دول المحور. في 7 ديسمبر 1941، نفذت 360 طائرة يابانية هجومًا مفاجئًا على القاعدة البحرية الأمريكية الرئيسية في بيرل هاربر في هاواي، حيث حصد الهجوم أرواح أكثر من 2300 جندي، وفي خضم هذه الصدمة التي نزلت بالأمريكيين كان الرأي العام قد توحد لصالح الدخول في الحرب العالمية الثانية، وفي 8 ديسمبر أعلن الكونغرس الحرب على اليابان، وأعلنت ألمانيا ودول المحور بدورها الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية على الفور.
معركة ميدواي Midway
جرت معركة ميدواي في شهر يونيو/حزيران 1942 بعد ستة أشهر من الهجوم الياباني على الأسطول الأميركي في "بيرل هاربور"، وقد تمكنت القوات البحرية الأميركية خلالها من صد هجوم قوات البحرية الإمبراطورية اليابانية على جزيرة "ميداوي"، وإلحاق الضرر بالأسطول الياباني. واعتبرها المؤرخ العسكري جون كيغان "الضربة الأكثر روعة وحسما في تاريخ الحروب البحرية". أثبت اليابانيون أنهم عدوٌ لا يُستهان به، ولكن بعد سلسلةٍ طويلةٍ من الانتصارات اليابانية استطاع أسطول المحيط الهادئ الأمريكي الانتصار أخيرًا في معركة ميدواي في يونيو 1942، وكان هذا الانتصار نقطة تحول في الحرب. وفي غوادالكانال، إحدى جزر سليمان الجنوبية، حقق الحلفاء نجاحات أخرى ضد القوات اليابانية في سلسلةٍ من المعارك من أغسطس 1942 إلى فبراير 1943، وكان لهذه الانتصارات البحرية انعكاساتها الإيجابية في البر. وفي منتصف عام 1943، وباعتماد استراتيجية “القفز بين الجزر” بدأت قوات الحلفاء البحرية هجومًا مضادًا ضد اليابان، تضمن سلسلة من الهجمات البرمائية على الجزر الرئيسية التي تُسيطر عليها اليابان في المحيط الهادئ، فأثبتت الاستراتيجية فاعليتها، واقترب الحلفاء من تحقيق هدفهم النهائي: غزو اليابان.
معركة العلمين El Alamein
جرت معركة العلمين في نوفمبر/تشرين الثاني 1942 على الأراضي المصرية بين القوات الألمانية والإيطالية بقيادة إرفين رومل، والقوات البريطانية بقيادة برنارد مونتغمري. وكانت من أهم معارك الدبابات على مدار التاريخ، فبعد انتصار القوات الألمانية في معارك الصحراء استطاعت القوات البريطانية هزيمة قوات المحور في هذه المعركة وطردها، وهُزم القائد الألماني الأكثر شهرة رومل فبدأت هزيمة دول المحور تلوح في الأفق.
نحو انتصار الحلفاء، وتوقيع وثقية نهاية الحرب العالمية الثانية باستسلام ألمانيا غير المشروط
تمكنت القوات البريطانية والألمانية من هزم الألمان والإيطاليين في شمال أفريقيا عام 1943. تلا ذلك غزو الحلفاء لصقلية وإيطاليا، لتسقط حكومة موسوليني بعدها في يوليو 1943، ومع ذلك سيستمر القتال بين الحلفاء والألمان في إيطاليا حتى عام 1945. وعلى الجبهة الشرقية، استطاع السوفييت، في هجوم مضاد بدأ في نوفمبر 1942، من هزمِ القوات الألمانية في معركة ستالينجراد الدموية، أحد أشرس المعارك في الحرب العالمية الثانية. ومع اقتراب فصل الشتاء وتناقص المواد الغذائية والإمدادات الطبية، استسلم آخر ما تبقى من القوات الألمانية في 31 يناير 1943.
الإنزال بالنورماندي Normandy landings
في السادس من يونيو/حزيران 1944 قامت قوات الحلفاء بقيادة الجنرال الأميركي دوايت آيزنهاور بإنزال عسكري في شمال فرنسا على شاطئ النورماندي، وأُنزِلَ أكثر من 200 ألف جندي، أغلبهم من الأميركيين والبقية من بريطانيا وكندا وفرنسا. وتُعَدُّ العملية أكبر إنزال عسكري في القرن العشرين، ومكنت من تحرير المنطقة من الجيش الألماني، وبلغت الخسائر في الطرفين 3 آلاف قتيل، و 6 آلاف من الجرحى والأسرى والمفقودين. وردا على ذلك، صب هتلر كل ما تبقى من جيشه في أوروبا الغربية، مما ضمِن خسارة ألمانيا في الشرق، فسرعان ما تقدمت القوات السوفييتية نحو بولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر ورومانيا، بينما كان هتلر يحشد قواته للتصدي للحلفاء ودفعهم خارج ألمانيا، حيث نفّذ آخر هجومٍ ألماني كبير في معركة الثغرة (ديسمبر 1944 – يناير 1945). ومهّد القصف الجوي المكثف في فبراير 1945 غزو الحلفاء البري لألمانيا، وبحلول الوقت الذي استسلمت فيه القوات الألمانية رسميا في 8 مايو، كان الجيش السوفييتي قد احتل أجزاء كبيرة من البلاد، وكان أدولف هتلر قد انتحر في 30 أبريل في مخبأه في برلين. وبعد الهزائم التي تعرض لها الألمان في هذه المعركة دخل الحلفاء ألمانيا في ديسمبر/كانون الأول 1944، وأعدم الثوار الإيطاليون "موسوليني" وعلقوه من قدميه في أحد أعمدة الإنارة بميلانو، وانتحر هتلر يوم 30 أبريل/نيسان 1945 فاستسلمت ألمانيا.
الجنرال ألفرد جودل Alfred Jodl، رئيس أركان العمليات في القيادة العليا الألمانية، يوقع وثيقة الاستسلام الألماني غير المشروط - فرنسا
في مؤتمر بوتسدام في يوليو – أغسطس 1945، ناقش الرئيس الأمريكي هاري ترومان (الذي تولى منصب الرئاسة بعد وفاة فرانكلين روزفلت في أبريل من ذلك العام)، مع رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل والزعيم السوفييتي جوزيف ستالين، مسألة الحرب اليابانية المستمرة وتسوية السلام مع ألمانيا. واتفق القادة على تقسيم ألمانيا بعد الحرب إلى أربع مناطق احتلال يسيطر عليها الاتحاد السوفييتي، بريطانيا، الولايات المتحدة وفرنسا. وبعد الخسائر الفادحة التي تكبدها الحلفاء بعد حملة إِيُو جِيما في فبراير 1945 وأوكيناوا بين أبريل ويونيو 1945، أذِنَ الرئيس الأمريكي هاري ترومان باستخدام أحد أعتى الأسلحة التي عرفتها البشرية وأشدِّها فتكً ودمارًا: القنبلة النووية. تم تطوير القنبلة النووية في عملية سرية أُطلق عليها اسم: مشروع مانهاتن.
القنبلة الذرية ونهاية الحرب العالمية الثانية (1945)
رغم استسلام ألمانيا بقي اليابانيون يقاومون، ولم تتوقف الحرب بشكل نهائي إلا بعد قصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين ذريتين شكلتا أول استخدام للقنابل الذرية في التاريخ. وقد ألقيت الأولى "الولد الصغير" على مدينة هيروشيما في 6 أغسطس/آب 1945، وكانت قنبلة يورانيوم تزن أكثر من 4.5 أطنان، وأخطأت الهدف قليلا وسقطت على بعد 800 قدم منه. وبعد دقيقة واحدة من إسقاطها فقد 66 ألف شخص أرواحهم، وجرح 69 ألفا بسببها. وألقيت الثانية "الرجل البدين" على مدينة ناغازاكي في 9 أغسطس/آب 1945، وكانت قنبلة بلوتونيوم، أسقطت وسط ناغازاكي، وفي لحظة واحدة قُتل 39 ألفا، وجُرح 25 ألفا من سكان المدينة. وإثر ذلك وقّعت اليابان وثيقة الاستسلام بدون قيد أو شرط يوم 2 سبتمبر/أيلول 1945، وبعدها بثلاثة أيام رفع العلم الأميركي فوق طوكيو.
وزير الخارجية الياباني مامورو شيجميتسو Mamoru Shigemitsu يوقع على وثيقة الاستسلام اليابانية على متن سفينة يو إس إس ميسوري USS Missouri
أسفرت الحرب العالمية الثانية عن أكبر عدد من الضحايا في تاريخ البشرية
الخسائر البشرية والنتائج السياسية
إن الحرب العالمية الثانية هي أكثر صراعٍ دولي دموي على مر التاريخ، فقد أودت بحياة ما يقرب 80 مليون إنسان، وشكل المدنيون ما يقدر بنحو 55 مليون حالة وفاة. انتهت الحرب العالمية الثانية بعد ست سنوات من القتال الشرس، وكانت إحدى نتائجها انتصار دول الحلفاء على دول المحور، لكن استخدام الولايات المتحدة القنبلة الذرية في الحرب لإرغام اليابان على الاستسلام فتح باب التسابق المحموم لامتلاك أسلحة الدمار الشامل. وعلى المستوى السياسي كان من أبرز نتائجها تشكيل خريطة القوى الدولية الجديدة بعد الحرب وبروز الولايات المتحدة الأميركية فاعلا رئيسيا في النظام الدولي الجديد، وإنشاء هيئة الأمم المتحدة لتكريس الخريطة الجديدة. وقد حاولت أميركا من خلال الأمم المتحدة، مواجهة القوى الأوروبية الصاعدة التي يمتد نفوذها وراء البحار (بريطانيا وفرنسا تحديدا) والاتحاد السوفيتي الذي أخذ نفوذه يتسع.
ومن خلال المنظمة الدولية ستملك أميركا -وفق هذا المنظور- آلية للمنافسة مع هذين العملاقين اللذين يجب احتواؤهما داخل إطار المجتمع الدولي. ولتقليص الدور الأوروبي، شجعت الولايات المتحدة حق تقرير المصير للمستعمرات، كما ساهم مشروع مارشال -الذي وضعته لإعادة بناء أوروبا المدمرة- في إبقاء هذه الدول مدينة للولايات المتحدة، إضافة إلى إسهامه في إشراك النفوذ الأميركي في صياغة النظم السياسية والتأثيرات الحربية المباشرة في أوروبا.
إرث الحرب العالمية الثانية
سيشمل إرث الحرب انتشار الشيوعية من الاتحاد السوفييتي إلى أوروبا الشرقية، وتغير موازين القوى لتشكل عالمًا ثنائي القطب؛ الولايات المتحدة وتمثل المعسكر الغربي، الاتحاد السوفييتي ويمثل المعسكر الشرقي، وسرعان ما سيتواجه المعسكران لتقوم بينهما “الحرب الباردة“.
tipyan
aljazeera
AA
1442/1/16 - 2020/9/4
انطلقت شرارتها الأولى في مارس/آذار 1938 بغزو هتلر للنمسا، ودخلتها الولايات المتحدة الأميركية بعد الهجوم الياباني على أسطولها في المحيط الهادي، استمرت ست سنوات واستعمل فيها السلاح الذري لأول مرة في التاريخ، وحصدت أرواح 17 مليونا من العسكريين وأضعاف ذلك من المدنيين. فقد مهّد انعدام الاستقرار الذي أعقب الـحـرب الـعـالـمـيـة الأولـى WW1 في أوروبا (1914-1918) المسرح لنزاعٍ دولي ثانٍ عُرِف بالحرب العالمية الثانية، التي اندلعت بعد الحرب العالمية الأولى بعشرين عامًا، وأثبتت أنها أكثر فتكًا ودمارًا. بعد صعوده إلى السلطة، أعاد أدولف هتلر وحزبه الاشتراكي (الحزب النازي) تسليح البلاد، وقام بتوقيع معاهدات استراتيجية مع إيطاليا واليابان خدمةً لطموحاته في بسط السيطرة على أوروبا، ثم بعد غزوِه لِبولندا في سبتمبر عام 1939، أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا، وهكذا بدأت الحرب العالمية الثانية، وعلى مدى السنوات الست التالية، سيودي هذا الصراع بأرواح أكثر من 45 مليون إنسان، وسيدمر العديدَ من الأراضي والممتلكات حول العالم.
الصورة أعلاه توضح دول الحلفاء Allied Power وقادتها، ودول المركز AXIS POWER وقادتها، بالإضافة إلى دول أخرى مشاركة.
الأسباب، وأجواء ما قبل الحرب
زعزعةِ الحربُ العُظمى استقرار أوروبا إلى حدٍّ كبير، ويمكن القول أن الحرب العالمية الثانية اندلعت بسبب قضايا الحرب العالمية الأولى التي تُرِكت دون حلٍ، فقد أدى -على سبيل المثال- انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي في ألمانيا، والشروط القاسية التي فرضتها معاهدة فرساي على الدولة الألمانية، منها تحميلُها مسؤولية الحرب العالمية الأولى، إلى صعود أدولف هتلر وحزبه النازي إلى السلطة.
قد تبدو الأسباب الظاهرة للحرب العالمية الثانية منحصرة في تصرفات ألمانيا النازية، واحتلالها لمناطق من أوروبا واعتداءاتها على بلدان عديدة، لكن معظم الدارسين يعتبرون ذلك مجرد نتيجة أفرزتها الأسباب الموضوعية للحرب. ويعتبر باحثون كثر أن الحرب العالمية الثانية ابنة شرعية للحرب العالمية الأولى، وأنها نتيجة طبيعية لتسويات ما بعد الأولى التي غيرت رسم خريطة العالم وخاصة أوروبا. ويعددون جملة من الأسباب أهمها تضمين معاهدة فرساي سنة 1919 بنودا عقابية لألمانيا، خسرت بموجبها 12.5% من مساحتها و12% من سكانها، وحوالي 15% من إنتاجها الزراعي و10% من صناعتها و74% من إنتاجها من خام الحديد. كما ألزمتها بدفع تعويضات كبيرة للحلفاء، وحدت من قدراتها وإمكاناتها العسكرية بنصها على أن لا يزيد الجيش الألماني على مائة ألف جندي. ويضيف هؤلاء سببا آخر يتمثل في ظهور النازية بألمانيا في يناير/كانون الثاني 1933، والفاشية بإيطاليا في أكتوبر/تشرين الأول 1922، وقيام حلف بينهما عرف بدول المحور، انضمت إليه اليابان بعد ذلك.
وبعد أن أصبح هتلر مستشارًا في عام 1933، عزز سلطته ومنح نفسه لقب الفوهرر: القائد الأعلى، في عام 1934. اعتقد هتلر أن السبيل الوحيد للحصول على مساحة المعيشة اللازمة للجنس الألماني النقي، الذي سمّاه الآري، هو التوسع. ومن أجل هذا، عمل الفوهرر على تسليح ألمانيا، وأجرى تحالفاتٍ مع إيطاليا واليابان ضد الاتحاد السوفياتي، ليُرسل قواته إلى النمسا في عام 1938، وفي العام التالي ضم تشيكوسلوفاكيا، وانطلق عدوان هتلر دون رادع؛ إذ كانت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي يركزان على مشاكلهم وسياستهم الداخلية في ذلك الوقت، ولم تكن فرنسا ولا بريطانيا تبغيان الدخول في حربٍ بعد الدمار الكبير الذي خلفته الحرب العالمية الأولى في البلدين.
اندلاع الحرب العالمية الثانية (1939)
كان احتلال هتلر للنمسا في مارس/آذار 1938 وتشيكوسلوفاكيا في العام الموالي وبولندا في سبتمبر/أيلول 1939 ثم تهديد إيطاليا بغزو ألبانيا، سببا مباشرا في إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على دول المحور. في أواخر أغسطس 1939، وقع هتلر والزعيم السوفييتي جوزيف ستالين على “الاتفاق الألماني السوفييتي”، الذي أثار نوبة من القلق في لندن وباريس. كان هتلر قد خطط منذ زمنٍ طويلٍ لغزو بولندا، وهي دولة ضمِنت لها بريطانيا وفرنسا الدعم العسكري في حال تعرضها لهجوم من ألمانيا، وعنى الاتفاق الألماني السوفييتي أن هتلر لن يواجه حربًا على جبهتين إذا قام بغزو بولندا، كما أنه سيحصل على دعمٍ سوفييتيٍّ في قهر الدولة وتقسيمها.
وفي 17 سبتمبر، غزت القوات السوفييتية بولندا من الشرق، وتحت الهجوم من كلا الجانبين، سقطت بولندا بسرعة، وبحلول أوائل عام 1940، تقاسمت ألمانيا والاتحاد السوفييتي السيطرة على بولندا. وتحركت بعدها قوات جوزيف ستالين لاحتلال دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) وهزمت المقاومة الفنلندية في حرب “روسو-فينيش”. ولكن خلال الأشهر الستة التي أعقبت غزو بولندا، بدأ الحديث في وسائل الإعلام عن “حربٍ زائفة” لعدم اتخاذ ألمانيا والاتحاد السوفييتي أية خطوات أخرى.
واشتعلت الحرب في أوروبا وكان الجيش الألماني متقدما على جميع الجبهات الأوروبية، حيث احتل أغلب الدول ودخل باريس، إلا أن مهاجمته للاتحاد السوفياتي في يونيو/حزيران 1941 جعلته يترك ظهره مكشوفا للبريطانيين. لكن الأمر كان مختلفًا في البحر، حيث خاضت القوات البحرية البريطانية والقوات الألمانية معركةً حامية، كما ضربت الغواصات الألمانية U-boat سفنًا تجارية تابعة لبريطانيا، وغرقت خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب العالمية الثانية أكثر من 100 سفينة.
لم تدخل الولايات المتحدة الأميركية الحرب في البداية، حيث كانت الولايات المتحدة قد اعتمدت في عشرينيات القرن التاسع عشر الميلادي ما عرف بـ"مبدأ مونرو" أو مبدأ الحياد، وهو إعلان أطلقه الرئيس الأميركي جيمس مونرو سنة 1823، نص على ضرورة عدم مد الدول الأوروبية نفوذها الاستعماري نحو أميركا، والتزام الولايات المتحدة من جانبها بعدم التدخل في المشكلات أو العلاقات الأوروبية.
الحرب العالمية الثانية في الغرب (1940-1941)
في 9 أبريل 1940، غزت ألمانيا النرويج والدنمارك في ذات الوقت، وفي العاشر من مايو اجتاحت القوات الألمانية بلجيكا وهولندا فيما عُرِف بالحرب الخاطفة، أو حرب البرق. وبعد ثلاثة أيام، عبرت قوات الفوهرر نهر ميوز وضربت القوات الفرنسية في سيدان، الواقعة في الطرف الشمالي من خط ماجينوت، وهي سلسلة من التحصينات التي أُنشأت بعد الحرب العالمية الأولى ومثّلت حاجزًا دفاعيّا لا يمكن اختراقه، ولكن الألمان تمكّنوا من اجتياح هذا الخط الحصين بدباباتهم الثقيلة والطائرات، بينما بقي الجنود في المؤخرة، واقعٌ بدا أمامه خط ماجينوت عديم الفائدة. تم إخلاء القوة الاستطلاعية البريطانية (BEF) عن طريق البحر من دانكيرك في أواخر مايو، بينما شنت القوات الفرنسية في الجنوب مقاومة فاشلة. ومع قُرب فرنسا من الانهيار، وقّع بينيتو موسوليني ميثاقًا من حديدٍ مع أدولف هتلر، وأعلنت إيطاليا الحرب على فرنسا وبريطانيا في 10 يونيو.
وفي 14 يونيو، دخلت القوات الألمانية باريس. طلبت الحكومة الفرنسية الجديدة التي شكلها المارشال فيليب بيتين هدنة بعد ليلتين، وتم تقسيم فرنسا بعد ذلك إلى منطقتين، إحداهما تحت الاحتلال العسكري الألماني، والأخرى تحت حكومة بيتان في مدينة فيشي. بعدها حول هتلر انتباهه إلى بريطانيا، التي كانت لها ميزة دفاعية تتمثل في انفصالها عن القارة. ولتمهيد الطريق لغزوٍ برمائي، قصفت الطائرات الألمانية بريطانيا بشكلٍ مكثف طوال صيف عام 1940، بما في ذلك غارات ليلية على لندن وغيرها من المراكز الصناعية مما خلّف خسائر بشرية ضخمة. ولكن في نهاية المطاف، هزم سلاح الجو الملكي القوات الجوية الألمانية في “معركة بريطانيا”، وعلى إثر هذا أجّل هتلر غزوه.
كانت بريطانيا قد دفعت بمواردها الدفاعية إلى أقصى حد، واستطاع رئيس الوزراء وينستون تشرشل تلقي الدعم في ما مضى من الولايات المتحدة الأمريكية بموجب قانون الإقراض الذي أقره الكونغرس الأمريكي في أوائل عام 1941.
جوزيف فيساريونوفيتش ستالين Joseph Vissarionovich Stalin كان القائد الثاني للاتحاد السوفييتي.
عملية بربروسا (1941-1942)
بحلول أوائل عام 1941، انضمت المجر ورومانيا وبلغاريا إلى دول المحور، واجتاحت القوات الألمانية يوغسلافيا واليونان في أبريل. كان غزو هتلر للبلقان مقدمة لهدفه الحقيقي: غزو الاتحاد السوفياتي، الذي ستمنحه أراضيه الشاسعة مساحة المعيشة اللازمة التي يحتاجها الجنس الآري. أما النصف الثاني من استراتيجية هتلر، كان إبادة اليهود من جميع أنحاء أوروبا، وفي ذات الوقت الذي اجتاحت فيه القوات الألمانية الاتحاد السوفييتي، تم تقديم ما عُرِف بـــ “الحل النهائي”، الذي سيهلك على إثره -خلال السنوات الثلاث المقبلة- العديد من اليهود في معسكرات الموت التي تأسست في بولندا المحتلة.
في 22 يونيو 1941، أعطى هتلر الأمر لقواته بغزو الاتحاد السوفييتي، عُرِف الهجوم بــ “عملية بربروسا”. على الرغم من أن عدد الدبابات والطائرات السوفييتية كان يفوق العدد الذي تملكه القوات الألمانية، إلا أن التقنيات الجوية للسوفييت كانت عتيقةً لحد كبير، كما ساعد عنصر المفاجأة الألمان في الوصول إلى مسافة 200 ميل قرب موسكو بحلول منتصف يوليو. ولكن أدت المناقشات الطويلة بين هتلر وبعضٌ من جنرالاته إلى تأخير التقدم الألماني التالي حتى أكتوبر، التقدم الذي أُوقِف بسبب الهجوم السوفييتي المضاد، ودخول شتاء روسيا القاسي.
معركة ستالينغراد Stalingrad
تعتبر معركة ستالينغراد إحدى أهم المعارك الكبرى الفاصلة في الحرب العالمية الثانية، وقد جرت في مدينة ستالينغراد -المدينة التي عرفت فيما بعد بـ"فولغوغراد"- خلال الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفياتي، واستمرت حوالي ستة أشهر بين أغسطس/آب 1942 وفبراير/شباط 1943. هاجمت ألمانيا المدينة بسلاح الجو ثم دخلتها بعد أن حولتها إلى أنقاض، فاحتدم القتال داخلها بشكل عنيف مع الجيش الأحمر، وتمكن الألمان من إخضاع أغلب مناطق المدينة، لكنهم فشلوا في كسر آخر الخطوط الدفاعية للجيش الأحمر بالضفة الغربية لنهر الفولغا. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1942، شن الجيش الأحمر هجومين متزامنين وتمكن من محاصرة وتطويق حوالي 250 ألفا من القوات الألمانية، وفي ظل عجز الألمان عن توفير التموين لجنودهم انهارت قواتهم واستسلم القائد فريدريك باولوس في 2 فبراير/شباط 1943 ومعه أغلب قوات الجيش السادس. وبلغت الخسائر البشرية في المعركة حوالي مليون شخص، مما جعلها إحدى أكثر المعارك دموية في تاريخ الحروب.
الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادئ
الكاميكازي Kamikaze هي كلمة يابانية، تترجم عادة بالرياح المقدسة أو الرياح الإلهية، وهي كلمة تستخدم للإشارة إلى إعصار يقال أنه أنقذ اليابان من غزو اسطول مغولي بقيادة قبلاي خان في 1281. في اليابان يستخدم الاسم “كاميكازي” للإشارة فقط لهذا الإعصار . في اللغات الأخرى تستخدم الكلمة للإشارة إلى هجمات انتحارية قام بها الطيارون اليابانيون ضد سفن الحلفاء في الجزء الأخير من حملة المحيط الهادي إبان الحرب العالمية الثانية. في ظل انهماك بريطانيا في صد الاجتياح الألماني لأوروبا، كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة القادرة على التصدي للعدوان الياباني.
كانت أمريكا قد فرضت حظرا بتروليا على اليابان ومنعت تصدير الحديد إليها، فقامت اليابان في السابع من ديسمبر/كانون الأول 1941 بمهاجمة الأسطول الأميركي في المحيط الهادي بميناء بيرل هاربر بجزر هاواي، فدخلت الولايات المتحدة الحرب ضد دول المحور. في 7 ديسمبر 1941، نفذت 360 طائرة يابانية هجومًا مفاجئًا على القاعدة البحرية الأمريكية الرئيسية في بيرل هاربر في هاواي، حيث حصد الهجوم أرواح أكثر من 2300 جندي، وفي خضم هذه الصدمة التي نزلت بالأمريكيين كان الرأي العام قد توحد لصالح الدخول في الحرب العالمية الثانية، وفي 8 ديسمبر أعلن الكونغرس الحرب على اليابان، وأعلنت ألمانيا ودول المحور بدورها الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية على الفور.
معركة ميدواي Midway
جرت معركة ميدواي في شهر يونيو/حزيران 1942 بعد ستة أشهر من الهجوم الياباني على الأسطول الأميركي في "بيرل هاربور"، وقد تمكنت القوات البحرية الأميركية خلالها من صد هجوم قوات البحرية الإمبراطورية اليابانية على جزيرة "ميداوي"، وإلحاق الضرر بالأسطول الياباني. واعتبرها المؤرخ العسكري جون كيغان "الضربة الأكثر روعة وحسما في تاريخ الحروب البحرية". أثبت اليابانيون أنهم عدوٌ لا يُستهان به، ولكن بعد سلسلةٍ طويلةٍ من الانتصارات اليابانية استطاع أسطول المحيط الهادئ الأمريكي الانتصار أخيرًا في معركة ميدواي في يونيو 1942، وكان هذا الانتصار نقطة تحول في الحرب. وفي غوادالكانال، إحدى جزر سليمان الجنوبية، حقق الحلفاء نجاحات أخرى ضد القوات اليابانية في سلسلةٍ من المعارك من أغسطس 1942 إلى فبراير 1943، وكان لهذه الانتصارات البحرية انعكاساتها الإيجابية في البر. وفي منتصف عام 1943، وباعتماد استراتيجية “القفز بين الجزر” بدأت قوات الحلفاء البحرية هجومًا مضادًا ضد اليابان، تضمن سلسلة من الهجمات البرمائية على الجزر الرئيسية التي تُسيطر عليها اليابان في المحيط الهادئ، فأثبتت الاستراتيجية فاعليتها، واقترب الحلفاء من تحقيق هدفهم النهائي: غزو اليابان.
معركة العلمين El Alamein
جرت معركة العلمين في نوفمبر/تشرين الثاني 1942 على الأراضي المصرية بين القوات الألمانية والإيطالية بقيادة إرفين رومل، والقوات البريطانية بقيادة برنارد مونتغمري. وكانت من أهم معارك الدبابات على مدار التاريخ، فبعد انتصار القوات الألمانية في معارك الصحراء استطاعت القوات البريطانية هزيمة قوات المحور في هذه المعركة وطردها، وهُزم القائد الألماني الأكثر شهرة رومل فبدأت هزيمة دول المحور تلوح في الأفق.
نحو انتصار الحلفاء، وتوقيع وثقية نهاية الحرب العالمية الثانية باستسلام ألمانيا غير المشروط
تمكنت القوات البريطانية والألمانية من هزم الألمان والإيطاليين في شمال أفريقيا عام 1943. تلا ذلك غزو الحلفاء لصقلية وإيطاليا، لتسقط حكومة موسوليني بعدها في يوليو 1943، ومع ذلك سيستمر القتال بين الحلفاء والألمان في إيطاليا حتى عام 1945. وعلى الجبهة الشرقية، استطاع السوفييت، في هجوم مضاد بدأ في نوفمبر 1942، من هزمِ القوات الألمانية في معركة ستالينجراد الدموية، أحد أشرس المعارك في الحرب العالمية الثانية. ومع اقتراب فصل الشتاء وتناقص المواد الغذائية والإمدادات الطبية، استسلم آخر ما تبقى من القوات الألمانية في 31 يناير 1943.
الإنزال بالنورماندي Normandy landings
في السادس من يونيو/حزيران 1944 قامت قوات الحلفاء بقيادة الجنرال الأميركي دوايت آيزنهاور بإنزال عسكري في شمال فرنسا على شاطئ النورماندي، وأُنزِلَ أكثر من 200 ألف جندي، أغلبهم من الأميركيين والبقية من بريطانيا وكندا وفرنسا. وتُعَدُّ العملية أكبر إنزال عسكري في القرن العشرين، ومكنت من تحرير المنطقة من الجيش الألماني، وبلغت الخسائر في الطرفين 3 آلاف قتيل، و 6 آلاف من الجرحى والأسرى والمفقودين. وردا على ذلك، صب هتلر كل ما تبقى من جيشه في أوروبا الغربية، مما ضمِن خسارة ألمانيا في الشرق، فسرعان ما تقدمت القوات السوفييتية نحو بولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر ورومانيا، بينما كان هتلر يحشد قواته للتصدي للحلفاء ودفعهم خارج ألمانيا، حيث نفّذ آخر هجومٍ ألماني كبير في معركة الثغرة (ديسمبر 1944 – يناير 1945). ومهّد القصف الجوي المكثف في فبراير 1945 غزو الحلفاء البري لألمانيا، وبحلول الوقت الذي استسلمت فيه القوات الألمانية رسميا في 8 مايو، كان الجيش السوفييتي قد احتل أجزاء كبيرة من البلاد، وكان أدولف هتلر قد انتحر في 30 أبريل في مخبأه في برلين. وبعد الهزائم التي تعرض لها الألمان في هذه المعركة دخل الحلفاء ألمانيا في ديسمبر/كانون الأول 1944، وأعدم الثوار الإيطاليون "موسوليني" وعلقوه من قدميه في أحد أعمدة الإنارة بميلانو، وانتحر هتلر يوم 30 أبريل/نيسان 1945 فاستسلمت ألمانيا.
الجنرال ألفرد جودل Alfred Jodl، رئيس أركان العمليات في القيادة العليا الألمانية، يوقع وثيقة الاستسلام الألماني غير المشروط - فرنسا
في مؤتمر بوتسدام في يوليو – أغسطس 1945، ناقش الرئيس الأمريكي هاري ترومان (الذي تولى منصب الرئاسة بعد وفاة فرانكلين روزفلت في أبريل من ذلك العام)، مع رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل والزعيم السوفييتي جوزيف ستالين، مسألة الحرب اليابانية المستمرة وتسوية السلام مع ألمانيا. واتفق القادة على تقسيم ألمانيا بعد الحرب إلى أربع مناطق احتلال يسيطر عليها الاتحاد السوفييتي، بريطانيا، الولايات المتحدة وفرنسا. وبعد الخسائر الفادحة التي تكبدها الحلفاء بعد حملة إِيُو جِيما في فبراير 1945 وأوكيناوا بين أبريل ويونيو 1945، أذِنَ الرئيس الأمريكي هاري ترومان باستخدام أحد أعتى الأسلحة التي عرفتها البشرية وأشدِّها فتكً ودمارًا: القنبلة النووية. تم تطوير القنبلة النووية في عملية سرية أُطلق عليها اسم: مشروع مانهاتن.
القنبلة الذرية ونهاية الحرب العالمية الثانية (1945)
رغم استسلام ألمانيا بقي اليابانيون يقاومون، ولم تتوقف الحرب بشكل نهائي إلا بعد قصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين ذريتين شكلتا أول استخدام للقنابل الذرية في التاريخ. وقد ألقيت الأولى "الولد الصغير" على مدينة هيروشيما في 6 أغسطس/آب 1945، وكانت قنبلة يورانيوم تزن أكثر من 4.5 أطنان، وأخطأت الهدف قليلا وسقطت على بعد 800 قدم منه. وبعد دقيقة واحدة من إسقاطها فقد 66 ألف شخص أرواحهم، وجرح 69 ألفا بسببها. وألقيت الثانية "الرجل البدين" على مدينة ناغازاكي في 9 أغسطس/آب 1945، وكانت قنبلة بلوتونيوم، أسقطت وسط ناغازاكي، وفي لحظة واحدة قُتل 39 ألفا، وجُرح 25 ألفا من سكان المدينة. وإثر ذلك وقّعت اليابان وثيقة الاستسلام بدون قيد أو شرط يوم 2 سبتمبر/أيلول 1945، وبعدها بثلاثة أيام رفع العلم الأميركي فوق طوكيو.
وزير الخارجية الياباني مامورو شيجميتسو Mamoru Shigemitsu يوقع على وثيقة الاستسلام اليابانية على متن سفينة يو إس إس ميسوري USS Missouri
أسفرت الحرب العالمية الثانية عن أكبر عدد من الضحايا في تاريخ البشرية
الخسائر البشرية والنتائج السياسية
إن الحرب العالمية الثانية هي أكثر صراعٍ دولي دموي على مر التاريخ، فقد أودت بحياة ما يقرب 80 مليون إنسان، وشكل المدنيون ما يقدر بنحو 55 مليون حالة وفاة. انتهت الحرب العالمية الثانية بعد ست سنوات من القتال الشرس، وكانت إحدى نتائجها انتصار دول الحلفاء على دول المحور، لكن استخدام الولايات المتحدة القنبلة الذرية في الحرب لإرغام اليابان على الاستسلام فتح باب التسابق المحموم لامتلاك أسلحة الدمار الشامل. وعلى المستوى السياسي كان من أبرز نتائجها تشكيل خريطة القوى الدولية الجديدة بعد الحرب وبروز الولايات المتحدة الأميركية فاعلا رئيسيا في النظام الدولي الجديد، وإنشاء هيئة الأمم المتحدة لتكريس الخريطة الجديدة. وقد حاولت أميركا من خلال الأمم المتحدة، مواجهة القوى الأوروبية الصاعدة التي يمتد نفوذها وراء البحار (بريطانيا وفرنسا تحديدا) والاتحاد السوفيتي الذي أخذ نفوذه يتسع.
ومن خلال المنظمة الدولية ستملك أميركا -وفق هذا المنظور- آلية للمنافسة مع هذين العملاقين اللذين يجب احتواؤهما داخل إطار المجتمع الدولي. ولتقليص الدور الأوروبي، شجعت الولايات المتحدة حق تقرير المصير للمستعمرات، كما ساهم مشروع مارشال -الذي وضعته لإعادة بناء أوروبا المدمرة- في إبقاء هذه الدول مدينة للولايات المتحدة، إضافة إلى إسهامه في إشراك النفوذ الأميركي في صياغة النظم السياسية والتأثيرات الحربية المباشرة في أوروبا.
إرث الحرب العالمية الثانية
سيشمل إرث الحرب انتشار الشيوعية من الاتحاد السوفييتي إلى أوروبا الشرقية، وتغير موازين القوى لتشكل عالمًا ثنائي القطب؛ الولايات المتحدة وتمثل المعسكر الغربي، الاتحاد السوفييتي ويمثل المعسكر الشرقي، وسرعان ما سيتواجه المعسكران لتقوم بينهما “الحرب الباردة“.
tipyan
aljazeera
AA