وزير الدفاع الروسي يعلن استدعاء ٣٠٠ ألف جندي من قوات الاحتياط.
تقديري الأولي أن العدد غير كافي. استخدمت روسيا ٧٥٪ من نخبة قواتها البرية الاحترافية في بداية الهجوم على أوكرانيا والنتائج جاءت متواضعة. خسائر القوات النظامية كبيرة جداً، بين جرحى وقتلى، والقوات الاحتياطية بطبيعة الحال لن تكون بنفس مستوى القوات الاحترافية، خصوصاً أنها ستقاتل باستخدام العتاد القديم الموجود في المستودعات. هذا يعني استمرار التورط التدريجي العسكري الدي يحرم روسيا من الاستفادة من كامل ثقلها العسكري.
مشكلة بوتين منذ البداية أنه يريد افتعال أزمة كبرى ولكن مضبوطة العواقب. يريد أن يعيد تعريف علاقته مع الغرب من دون أن يدفع الغرب للتسلح والتوحد ضده. ويريد شغل الرأي العام الروسي بقضية قومية وعدو خارجي من دون التورط في حرب مكلفة وغير مضمونة العواقب والنهاية. كل هذا يؤكد ما قلناه منذ البداية عن أن هذه الحرب لم يكن لها مبرر جدي أو هدف حقيقي يمكن قياس نجاحه.
حتى من الناحية المعنوية يأتي قرار استدعاء الاحتياط في روسيا في توقيت خاطئ. فهو لن يحسن من معنويات القوات الروسية ولن يرعب القوات الأوكرانية. كان يمكن أن يحقق نتائج معنوية مهمة لو أعلن مثلاً مع تجمع القوات الروسية عند أبواب كييف في منتصف مارس/آذار أو عند تقدم القوات الروسية في محيط خاركيف والدونباس في منتصف مايو/أيار. في تلك المراحل كان الغرب متخبطاً بوضوح. أما الآن فالتوقيت خاطئ ولن يرهب أحداً من الخصوم.
هل جربتم أن تلعبوا لعبة فيديو قتالية مع أخيكم الصغير ولكن بعد فصل شريط "قبضة" التحكم الخاصة به، لتكون النتيجة الطبيعية هي تلقيه الضربات بدون قدرة على الرد والخسارة بشكل فادح؟
هذا المشهد الكوميدي هو تحديداً ما كان يتخيله المتحمسون لبوتين عند بداية الحرب: سيهجم الجيش الروسي وسيبقى الجميع بدون أي قدرة على التحرك، لا عسكرياً ولا سياسياً ولا طاقوياً، لكي يتمكن الجيش الروسي من تحقيق كل أهدافه بدون أي عائق.
الواقع بطبيعة الحال في مكان آخر. ولو كان الجيش الروسي قادراً على التحرك بالطريقة التي كان يتخيلها هؤلاء لما كان هناك من داعٍ للحرب أساساً، ولكان الجنود الروس قد "عفشوا" ( سرقوا ) غسالة منزلنا، هنا في جنوب بريطانيا، قبل عيد ميلادي في نيسان/أبريل هذا العام.