أخيراً، وَضعت الإدارة الأمريكية خطّة "السّلام" في الشّرق الأوسط، أو ما يُعرفُ بـ "صفقة القرن"، على سكّة التنفيذ، ولم يعدْ من مبرّر بعد اليوم للاخْتباءِ وراء المواقف "الضّبابية"، خاصةً مع إعلانِ عدد من الدّول العربية مشاركتها في ورشة "السّلام من أجل الازدهار" بالعاصمة البحرينية.
وراجتْ أخبار غير رسمية بشأنِ احْتمالِ عدم مشاركة المغرب في مؤتمر "السلام من أجلِ الازدهار" الذي تنظّمهُ إدارة "دونالد ترامب" في المنامة بالبحرين، ويحضره دبلوماسيون دوليون ومسؤولون ورجال أعمال، قبل أنْ تقطعَ السّلطات المغربية الشّك باليقين وتؤّكد إرْسالَ ممثلها إلى المؤتمر الدّولي الذي يقاطعهُ الفلسطينيون وتمتنعُ بعض الأطراف عن الانخراط فيه.
ويُناقشَ المؤتمر، الذي انطلقت أشغاله أمس الثلاثاء، الجانب الاقتصادي لخطة واشنطن للسلام في الشرق الأوسط، بقيادة صهر الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، لكن في غيابِ ممثلين رسميين لإسرائيل والسلطة الفلسطينية. وترومُ "خطة" كوشنر جمعَ تمويلات لاستثمارات بقيمة 50 مليار دولار في الأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان.
ولا يُعرف حجم التّمثيل الدبلوماسي للمملكة في هذا المؤتمر، لكن الخارجية المغربية أكدت أن إطاراً من وزارة الاقتصاد والمالية سيشاركُ في أشغال "الورشة حول السلام والازدهار"، واصفةً ورشة السّلام بـ "التقنية والقطاعية" التي تحضرها أطراف عربية وأوروبية ودولية.
وفضّلت المملكة حضور أشْغال الورشة بدلَ مُقاطعتها، وهو ما يدفعُ إلى التّساؤل حول هوامش الرّبح والخسارة التي سيحقّقها المغرب من بعدِ هذه المشاركة، خاصة وأنّه دائماً ما كانَ يساندُ الموقف الفلسطيني في النّزاع.
ويرى ادريس الكنبوري، باحث وصحافي مغربي، أنّه بالرغم من الضجيج الذي يحوم حول ما يسمى صفقة القرن إلا أنها صفقة خاسرة، معتبراً إيّاها "محاولة أمريكية لخطب ود إسرائيل ومحاولة إسرائيلية لخطب ود الناخبين ومحاولة بعض الأنظمة العربية لشراء الاستقرار في هذه المرحلة".
وقال الكاتب الصّحافي نفسه، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ "فكرة تسويق إسرائيل في العالم العربي قديمة وليست جديدة، لكنها تتغير بحسب الظروف"، مضيفاً أنّ "أطرافاً دولية ضغطت على المغرب لقبول المشاركة في المؤتمر، لأنه من الصّعب أن يكون رقماً استثنائياً في المنطقة العربية"، وفق تعبيره.
وأبرز الكنبوري أنّ "عواصم الدّول العربية أنهكت بفعل تبعات الرّبيع العربي وتراجعت، وهو ما دفع أمريكا إلى الانفتاح على قوى إقليمية في المنطقة تلعب أدواراً ريادية في صفقة القرن"، مشيرا ًإلى أنّ "مشاركة المغرب في المؤتمر تأتي من باب المجاملة وليس المصادقة على برنامجها".
وأورد المتحدث أنّ "أمريكا وإسرائيل تعرفان أكثر من غيرهما أن هذه المشاريع فاشلة، وأن العالم العربي غير مستقر ليستقر فيه أي مشروع، لكنهما تبحثان عن اقتناص الفرص. إنهم يستغلون فقط الفوضى، وعندما تندلع الفوضى يبحث اللص عما يمكن أن يفوز به".
وزاد الكنبوري: "لو كان العكس لطرحوا القضية أمام قمة عربية أو إسلامية رغم الخلافات، لكنهم خائفون، لذلك يمرون من خلف الأبواب ويمارسون التهديد والابتزاز"، مشيراً إلى أن "أمريكا لا تريد عقد قمة عربية إسلامية، بل تريد أن تتحرّك عواصم الدول العربية تحت رعايتها وهي التي تحدّد مسار توجهاتها".