- إنضم
- 26/4/22
- المشاركات
- 657
- التفاعلات
- 1,457
لغز معركة خيرسون الروسية جوهره قلب السحر على الساحر
روسيا بعد أن استجلبت 30 ألف جندي مدافع من قوات التعبئة الجزئية إلى خيرسون، وعززت قواتها بنحو 60 ألف مقاتل من القوات المحترفة الهجومية الراجلة والثقيلة المدرعة والمؤللة، ولا زالت تحقق الانتصارات الإحباطية للهجمات الأوكرانية، وبعد أن أسست ثلاث خطوط دفاعية حصينة، تصدر قرار على مستوى وزارة الدفاع بالانسحاب من الجهة الغربية أو اليسرى لجنوب نهر الدينبرو إلى ما وراء النهر من الناحية الشرقية أو اليمنى!
وظاهر الأمر أن سبب ذلك هو صعوبة توفير الامدادات اللوجستية لقوات الجبهة الأمامية بعد تحيد أكثر الجسور الأساسية على نهر الدينيبر، والخروج خارج دائرة خطر القذائف المدفعية الموجهة الذكية من نوع إكسكاليبور التي وصل منها في المرحلة الأخيرة لأيدي الأوكران 8000 قذيفة، وذلك رغم تمكن الدرونات الكميكازية الروسية من تحيد عدد من تلك المدافع المطلقة لتلك الذخائر الذكية والتي يبدو أنها آخر المقذوفات من هذا النوع في المخزون الأمريكي، لأن أمريكا تعاقدت مع كوريا الجنوبية على 100 ألف قذيفة مدفعية ذكية من نفس العيار من نوع "بونغ سام" فيها خصائص الكروز ومدى يزيد عن 100 كم بنفس طريقة توجيه إكسكاليبور ووفق مبدأ أطلق وانسى، وهذا إضافة لخطر تفجير أوكرانيا لسد كاخوفكا على نهر الدينبرو الذي في حالة تفجيره سوف يسبب سيل عرم بعرض 5 كم وارتفاع 5 متر، ربما سوف يؤدي إلى إبادة أكثر القوات الروسية في هذا المحور، إضافة إلى عزل ما تبقى من القوات الروسية عن الامدادات اللوجستية، وهذا الخطر في حالة مماثلة كان من أهم أسباب الانسحاب السريع من إقليم خاركوف لوجود سد مماثل للذي في خيرسون، وتكتيك الإغراق هذا هو الذي أفشل هجوم الدببة السيبيرية على كييف في بداية المعركة من الجهة الشمالية.
ونضيف لما تقدم القول بأن الخطوط الدفاعية وراء النهر أكثر تحصيناً وتمكن مع وجود العائق المائي الجديد والكبير المتمثل بنهر الدينبرو، مع وجود إمكانية لسد حاجة بعض الجبهات الساخنة بعدد مناسب من القوات الروسية الهجومية، التي لا تتوفر كتوفر القوات الدفاعية في تلك الأقاليم، وذلك من أجل تنفيذ الهجمات العكسية، والاستعاضة عنها بإقليم خيرسون بقوات التدخل السريع الحيوية المجوقلة بالحوامات القتالية، الأكثر جدوى ونجاح مع وجود العوائق المائية وصعوبة الإمدادات اللوجستية، وزيادة التركيز وهو المفضل عند الجنرال سورفيكين على الضربات الجوية.
وبهذا الاجراء يتم تجنيب الجبهة الروسية المتقدمة في إقليم خيرسون خطر الشحنات المفخخة الاشعاعية الناتجة عن القنابل القذرة البريطانية.
ولكن ما باطن الأمر وفق التكتيكات المحتملة الروسية؟
لقد ذكرنا من قبل حول أخر السيناريوهات المحتملة الروسية في خيرسون أنه في حالة الانسحاب الكامل لروسيا من الضفة الغربية الأمامية لنهر الدينبرو فإن روسيا حينئذ سوف تستخدم في المساحات المفتوحة هناك قنبلة نووية تكتيكية، وضد القوات التي سوف تدخل مدينة خيرسون ربما تستخدم القنبلة المائية التي سوف تنتج عن تفجير سد كاخوفكا على نهر الدينبرو، إلا أن تدخل الصين بتأثير ألماني وطلبها من روسيا عدم الاستخدام النووي في أوكرانيا استبعد هذا الخيار واستبعد حتى فكرة استخدام القنبلة المائية، لما سوف تجر تلك الأخيرة من أضرار مادية، ترفع كلفة إعادة البناء الروسية.
وأصبح الخيار البديل والذي ترجحه المخابرات البريطانية، هو استخدام روسيا لقنبلة النبضة الالكترومغناطيسية ُEMP التي تعطل كافة النشاطات الكهربائية والالكترونية، ولكن غالباً ستكون من النوع الصامت بطريقة التوليد الجهازي وليس الطريقة التفجيرية، ذات التأثير التراكمي المديد، التي سوف تعطل كافة الآلة المتحركة الأوكرانية الثقيلة وتعزلها عن كافة وسائل الاتصال والتحكم اللاسلكية الأرضية والفضائية، وهو ما سوف يجعل الجيش الأوكراني جيش مشاة راجلة سهلة المنال لسلاح المدفعية وعموم القوى الجوية الروسية، أو ربما تستخدم روسيا نوع أقوى من هذه القنابل من المفترض لا زالت في المرحلة التطويرية السرية والمعروف بقنبلة أوليغا البروتونية، التي تملك مع الناحية التعطيلية الإلكترونية والكهربائية المضاعفة عن قنبلة النبضة الكهرومغناطيسية، خاصية الصعق التفجيري لكل ما يتعرض لطاقتها الهائلة من الذخائر ذات الحشوات التفجيرية داخل الآليات الأوكرانية، ولا أستبعد أن تستخدم روسيا القنبلة النيوترونية التكتيكية، ولكن بآلية تفعيل حرارية غير نووية، للتريتيوم الهيدروجين الثقيل الثلاثي المضغوط، كتلك التي استخدمتها أمريكا في مطار بغداد عام 2003 ميلادية، لما فيها من خاصية قتل الأفراد دون المساس بالعتاد الثقيل الذي يمكن حينها أن يكون غنيمة كبيرة للقوات الروسية.
أما في مدينة خيرسون فغالباً سوف يتولى الدفاع عنها وفق تكتيك حصان طروادة، وحدات قوات الظل الخفية الصامتة، بالتفجير عن بعد للعبوات الناسفة وتفعيل الألغام الوثابة الذكية، وتصحيح مسار القذائف الموجهة المدفعية والجوية إضافة إلى المسيرات الكميكازية، وبنادق القنص الكاتمة للصوت والمقذوفات المضادة للدروع الذكية عن بعد بطريقة سلكية أو لاسلكية، أو المقذوفات المضادة المسددة المباشرة وفق تكتيك اضرب ثم اختبئ.
ومن المرجح أن تستخدم روسيا أيضاً مستودعات أبو القنابل الحرارية من الجيل الأول وربما الجيل الثاني الثنائي التأثير بزيادة قوة موجة الصدم الحرارية المدمرة الإقصائية، والذي يزيد تأثيرها عن الجيل الأول بقرابة أربعة أضعاف، ومن الممكن أن تجرب الجيل الثالث التفاعلي الذي لا زال في المرحلة التطويرية والاختبارية، والذي تقدر قوة تأثيره بنحو سبعة أضعاف تأثير الجيل الأول الفراغي.
ومن الممكن أن تظهر في هذه المعركة رؤوس التفجير الحراري الزئبقية التي تعادل بتأثيرها ما ينتج عن قنبلة نووية تكتيكية متوسطة التأثير بقوة 5 كيلوطن حراري، وذلك برؤوس صواريخ إسكندر البالستية التكتيكية، التي تحشد اليوم روسيا أعداد كبيرة منها، ربما لضرب جبهة خيرسون الأوكرانية.
لكن التكتيك المخيف أن يكون هذا الاجراء هو تمهيد لهجوم الشمال الذي مع الكتائب التكتيكية وألوية البنادق الروسية والقوات الروسية من تشكيلات الجيش السيبيري 41 وهو أقوى الجيوش الهجومية الروسية، والذي كان في بيلاروسيا أول الحرب، ثم اختفى بطريقة ذكية على أنه أعيد إلى سكاناته الأصلية!
الخلاصة بكل السيناريوهات المحتملة روسيا سوف تخرج من دائرة القلق رغم بعض التضحيات الحالية السياسية، ومن خلال هذا الانسحاب الاستراتيجي سوف تقلب السحر على الساحر، وتضيع مجهود ومكر وتدبير الناتو وفي مقدمتهم بريطانيا، وتسعى لصنع نصر يهز العالم ويسهل المفاوضات، لأن روسيا سوف تكون بمركز قوة إذا ما انتصرت، وتعيد اعتبارها السياسي وهيبتها العسكرية، لأن الناتو وفي مقدمتهم أمريكا، اضمحل الأمل عندهم حول فكرة هزيمة روسيا أو إضعافها لأنها أضحت تعلم أن الداعم الأكبر لروسيا بهذه الحرب هي الصين من الناحية الاقتصادية بطريقة غير مباشرة، بما في ذلك تأمين صفقة الشرائح الإلكترونية الضخمة الأمريكية لروسيا دون أن يكون لها بذلك أيدي ظاهرة، ومع تحقيق تلك الأخيرة لمكاسب استراتيجية مع وجود المنفعة المادية، وتجنب مواجهة قوية بالوقت الحالي مع الناتو بحرب الوكالة التي تقوم بها روسيا ضد الناتو، والتي مكنت روسيا رغم ضعف اقتصادها الحربي أن تستمر بهذه الحرب وتبقي على ترسانتها التقليدية قوية، وجعلتها لم تلجئ إلى الآن إلى القوة الاستراتيجية النووية.
وقبل أن أختم اريد أن أنوه أنه من الممكن أن تستمر روسيا بخيرسون بحربها التقليدية دون أي استخدام لأسلحة غير اعتيادية، بطريقة استنزافية حتى يتثنى لها حشد قواتها المنتخبة الثقيلة الهجومية للقيام بالهجوم الارتدادي المعاكس مع دخول الشتاء المتجمد الذي يجمد كل شيء بما في ذلك كافة المسطحات المائية.
وقد تبقى هكذا دون هجوم استراتيجي، ويترجم بوتين قوله: "لا داعي للهجوم على المدن الكبرى، فأمريكا اكتفت بهيروشيما وناكازاكي".