#فلسطين
#تحليل1
تابعنا خلال الأيام القليلة الماضية ماحصل في فلسطين من تصعيد من المحتل تجاه المسلمين في حي الشيخ جراح في القدس، ثم محاولته اقتحام المسجد الاقصى وإشعال النار فيه، ثم تطور الأمر لإطلاق فصائل غزة للصواريخ كسلاح للضغط على تل أبيب لوقف التصعيد في القدس.
هذه الجولة تسير كما نرى نحو انتصار للفلسطينيين سواء من الناحية المادية أو المعنوية، مع تباين واضح يومي، لذلك من المتوقع أن تنتهي بخضوع المحتل لمطالب وقف التصعيد في القدس، أو بوساطة من دولة ما، وهذا إن تم فهو يعني أن المحتل يريد التوقف (لنقص الصواريخ أو لعدم وجود بنك اهداف لديه أو للتخفيف عن المستوطنين)
المفاجئ في هذه الجولة كان ترسانة فصائل غزة الصاروخية والمصنعة محلياً، ومع أن تقدير حجم المخزون من الصواريخ أمر شبه مستحيل، لكن بحسب تقديرات للعدو فإنها بحدود 8000 صاروخ. أي أنه (افتراضا) تم استهلاك 30% من المخزون، وفي نفس الوقت استهلك العدو مايقارب 5000 صاروخ مضاد، وحيث أنه لا يمكن تخمين عدد الصواريخ المضادة الجاهزة للاطلاق أو في المخازن، فلا يمكن حساب نسبة استهلاك العدو بشكل دقيق، لكن هناك ثلاث افتراضات، الأول هو أن العدو كان مستعد منذ زمن لمثل هذه الافتراض وبالتالي لديه رصيد كاف من الصواريخ وسيستفيد من هذه الجولة في اختبار قدرات فصائل غزة ومخزوناتها وقدرات منظوماته الدفاعية، وهذا يعني أن الجولة قد تستمر من طرفه، لكن مايبدو لدينا هو منظوماته الدفاعية تعمل باقصى طاقتها الآن، وبالتالي فهو غير مستعد لقصف مماثل ومتزامن من لبنان أو سوريا، والافتراض الثاني هو أن العدو تفاجئ، وبالتالي سيوقف التصعيد
الملفت للانتباه هو تطور مدى الصواريخ، حيث تم ولأول مرة قصف مدن بعيدة عن غزة وأهمها تل أبيب، والتي تعيش اليوم أسوأ كابوس لها منذ وجود المحتل، كما يبدو أن الفصائل تحاول استهداف البنى التحتية للمدن المحتلة، كالمناطق الصناعية ومحطات الكهرباء والوقود، وهذا سيتسبب بمشكلة اقتصادية على المحتل.
أما القبة الحديدية (منظومة دفاع جوي للمقذوفات والصواريخ قصيرة المدى) فمن الواضح أنها تقوم بعملها التي صممت واختبرت من أجله، لكنها تعمل بطاقتها القصوى ، حتى من السفن. هذه الجولة سيستفيد منها المحتل (دروس مستفادة) في حال لم يكن لدى فصائل غزة واقع جديد في الجولات القادمة (دروس مستفادة). كما استعان المحتل بنظام مقلاع داوود للصواريخ متوسطة وبعيدة المدى والدرونات ومنظومة حيتس (السهم) للصواريخ بعيدة المدى والتي تبلغ ايضا دقة الاصابة فيها 90% (بحسب العدو) وبالتالي يتم اطلاق صاروخين دائما على الهدف
تستخدم تل ابيب المنظومات الثلاثة مع بعض لتشكيل شبكة دفاعية جوية، ويمكن القول أن كل صاروخ أطلق من غزة قابله تقريبا صاروخين لاعتراضه، فالمعادلة في الجولة الحالية إن استمرت ستكون عدد صواريخ غزة مقابل عدد صواريخ منظومات الدفاع الجوي، وبالتالي كلا الطرفان يستطيعان الآن تخمين أعداد صواريخ كل طرف. لكن ومع تمكن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية من صد معظم صواريخ غزة،
إلا أن الكفة لصالح غزة حتى الآن في هذه الجولة للأسباب التالية:
1. تكلفة الصواريخ: حيث تقدر تكلفة صواريخ القبة الحديدية (أرخص صواريخ مقارنة بالمنظومات الثلاثة بمبلغ 62 ألف دولار، مقابل تكلفة منخفضة للغاية لصواريخ غزة (ألف دولار)، وبما أن عدد الصواريخ التي اطلقت حوالي 2500 صاروخ فلدينا تقريبا 5000 صاروخ تم اطلاقه من منظومات الدفاع الجوي للمحتل (دقة اصابة الصاروخ 90% وبالتالي تحتاج القبة لصاروخين لكل هدف لضمان عدم وصوله)، وبما أن تكلفة أرخص صاروخ هو 62 الف دولار، فيمكن القول أن تكلفة الصواريخ فقط على تل أبيب بلغت 300 مليون دولار خلال 5 أيام.
2. تطور الصواريخ وازدياد مداها، وصحيح ان القبة الحديدية تصدت لعدد كبير من هذه الصواريخ، لكنها لم تحقق الغرض المنشود منها وهو أن تحمي المحتل والذي اضطر للطلب من المستوطنين الدخول للملاجئ. فيما يلي بعد المدن المحتلة كليا او جزئيا عن غزة
عسقلان 20 كم
اسدود 40 كم
بئر السبع 40 كم
تل ابيب 70 كم
القدس 80 كم
حيفا 160 كم
طبريا 177 كم
إيلات 220 كم
ماحدث مؤخرا هو ظهور صواريخ A120 وعياش 250، بمدى 120 كم و 250 كم على التوالي، وبالتالي لم يعد هناك أماكن خارج المعادلة.
3. لا يمكن لاسرائيل التصعيد بعملية عسكرية في غزة (لأسباب سنشرحها في مقال آخر) لكن يمكن للمحتل التوغل قليلا لدفع منظومات الصواريخ للخلف، إلى ما وراء المدى الفعال، وهذا سيؤثر على منظومات الصواريخ القصيرة والمتوسطة، وليس صواريخ عياش أو A120.
4. أبعد التصعيد الفلسطيني السلام من على طاولة المفاوضات
5. الحالة المعنوية للفلسطينيين أفضل بكثير من تلك التي يعاني منها الاسرائيليون، خاصة مع دخول مدى الصواريخ لمناطق كانت تعتبر مناطق آمنة بشكل مطلق كتل أبيب ومطار بن غوريون
6. استهداف المحتل لأبراج سكنية في غزة، يشير الى مشكلة في بنك الأهداف، وسيشكل مشكلة اخلاقية للمحتل أمام مؤيديه من الدول وقوانينها، التي تمنع استهداف مباني مدنية.
7. أدت أزمة القدس واطلاق الصواريخ الى تقارب كبير بين أهالي فلسطين، حتى داخل المناطق المحتلة كعرب 48 ، ومعظمهم من الشباب، وهذا يفسر أنه مازال لديهم نبض تجاه قضية الاقصى
8. أدت أزمة الأقصى الى التفاف المسلمين في العالم أجمع حول مسلمي فلسطين، وأعادت قضية الاقصى للواجهة، وفاجأت المحتل الذي اعتقد ان الانظمة الوظيفية تستطيع تدجين الشعوب وسوقها للتطبيع. لذلك بدأ الاعلام الاماراتي والصهيوني العربي بمناشدة الشعوب الوقوف مع المحتل أو في افضل الحالات الحفاظ على مسافة متاوية بين المحتل وصاحب الأرض.
سنتكلم في
#تحليل2 عن نشأة الفصائل الفلسطينية، وكيف يمكن أن تستفيد إيران أو تتضرر من الوضع في فلسطين.