سجــــيل Mazandarani

Graf Von Moltke

خبراء المنتدى
إنضم
10/2/19
المشاركات
109
التفاعلات
553
full-30977-39291-32266_23647.jpg


بالاضافة الى مكانة ايران كدولة نفطية رائدة ، كانت اهميتها البالغة للغرب خلال الحرب الباردة غير قابلة للتعويض ، فإيران في الاستراتيجية الأمريكية هي الحلقة الوسطى من الحاجز الاستراتيجي ضد مساعي الاتحاد السوفياتي الوصول الى مياه الخليج و البحر المتوسط ، الى جانب تركيا عضو الناتو و باكستان ، هذه المكانة سوف تعطي القيادة الايرانية القدرة على الوصول للكثير من المزايا و البرامج التقنية و التسليحية بشكل لم تكن اغلب دول المنطقة تحلم به او تعرفه اصلا لتحلم به ..
أواخر ستينات القرن الماضي دخلت ايران النادي النووي عبر برنامج Atom For Peace ، حيث تزودت بمفاعل للأبحاث ( مفاعل جامعة طهران التقنية ) ، ثم مشروع محطة بوشهر النووية ، بعدها عام 1973 سيجري اتفاق القرن بين شاه ايران و الادارة الامريكية ، تحصل بموجبه طهران على 80 مقاتلة اف 14 تومكات الى جانب +700 صاروخ فينكس جو-جو بعيد المدى و حزمة تسليحية ضخمة على مراحل .. صفقة بملياري دولار أواسط السبعينات تساوي ميزانية دولة بالمقاييس الحالية ..
كان حصول العراق على قاذفات توبوليف 16 و مساعيه لإظافة التوبوليف 22 و بحثه للتزود بمقاتلات التحريم الجوي السوفياتية الشريرة ميغ 25 فوكسبات و اتجاهه لفرنسا بخصوص الميراج اف 1 مصدر قلق شديد للقيادة الايرانية و التي ابرمت للتو اتفاق الجزائر مع صدام ( نائب الرئيس انذاك) عام 1975 .. تم على اثرها حل الخلاف الحدودي بينهما ، لكن الاتفاق لم يحل يوما الخلاف الأستراتيجي بين الخصمين اللذوذين ..
في أواسط العام التالي (1976) تصل اولى مقاتلات التومكات أف 14 الى ايران ليتزايد عددها اضطرادا ليصل الى 79 عام 79 .. لم تكمل 80 ، تماما مثل الشاه ( و من شابه شاهه ,, فما ظلم)
النهم الايراني في سلاح الجو سنوات السبعينات جعلـه يبدو تقريبا كالتالي :
+150 Phantom II
+ 100 F-5 A/B & E/F
79 F-14 A
P-3 F Orion 6
ثورة الخميني عام 79 ستعصف بكل شيء في المنطقة ، فإظافة الى قطع الدعم الفني و التقني عن سلاح الجو الايراني فإن شحنات الأسلحة و قطع الغيار ايضا تم تجميدها بعد الثورة ، تم ايقاف توريد قطع الغيار للأف 14 و بقية المقاتلات الأمريكية الصنع ، توقفت المرحلة الثانية من التزويد بصواريخ Phoenix AIM 54 ليتوقف عددها الاجمالي في المخزون الايراني الى 274 من أصل 714 متفق عليها ، صفقات اخرى لم تر النور مطلقا .. كانت ادارة الشاه في مفاوضات متقدمة للحصول على مقاتلات أف 16 كأول عميل خارجي لها .. تم تحويل الصفقة لإسرائيل فيما بعد .. و ليزداد الطين بلـة قام نظام الخميني بتسريح او سجن عدد كبير من طياري التومكات و ضباط الـ " نيروى هوايى شاهنشاهى ايـران "


استغلالا لحالة الفوضى في الداخل الإيراني و في ضربة استباقية من النظام العراقي ضد الثورة الاسلامية الشيعية يقرر صدام في خطوة مفاجئة اعلان الحرب في سبتمبر 1980 بعد اسابيع من المناوشات المحدودة.. خطوة ستكلفه الكثير استراتيجيا أول الحرب خصوصا مع ادارة بريدجناف التي قطعت تعاونها و برامجها لتسليح العراق كرد على عدم اعلامها بالحرب ( الى غاية تولي اندروبوف في 1982) ..
كان أول اسقاط جوي 54 AIM يوم 17 سبتمبر 1980 ، من طرف ملازم أول طيار كان قد استقال من سلاح الجو قبل هذا التاريخ بأسبوع و تمت اعادته .. و للصدفة ابن طهران هذا، المدعو فـيريــدون علـي مازندراني سيحظى بشرف أول اسقاط جوي بصاروخ فينكس ضد مقاتلة MiG 23 Flogger عراقية .. ليس هذا فقط ، مازاندراني الـعائد من الاستقالة و لسخرية الأقدار ، هو بطل ما تبقى من المقال ..
يوم الاثنين 22 سبتمبر 1980 ، وعند الظهر أقلعت 192 طائرة عراقية من قواعد جوية مختلفة في أنحاء العراق واتجهت شرقا نحو إيران. أولى الطائرات التي وصلت إلى أهدافها كانت طائرات Su-20 من قاعدة كركوك الجوية .. تم قصف قاعدة همـدان الجوية الساعة 1:45 بعد الظهر، تسببت هذه الطائرات في بعض الأضرار للمدرج وعادت على الفور لتجنب إسقاطها. وفي غضون الدقائق القليلة التالية، وصلت طائرات عراقية أخرى إلى قواعد جوية في تبريز ودزفول وبوشهر وكرمانشاه، لكنها فشلت في إحداث أضرار جسيمة.
الموجـة الثانية و الأكثر عنفا جاءت في الساعة 2:20 بعد الظهر، حلقت خمس قاذفات ثقيلة عراقية من طراز Tu-22 فوق العاصمة الإيرانية طهران على ارتفاع منخفض للغاية. وقصفوا مطار مهرآباد الدولي وثكنات قيادة القوات الجوية، رغم أن الأخيرة أخطأت هدفها. في الساعة 2:30 بعد الظهر، وصلت أربع قاذفات ثقيلة من طراز Tu-16 إلى قاعدة أصفهان الجوية، والتي تضم نصف أسطول طائرات Grumman F-14 Tomcat الإيرانية. أطلقت الطائرات قنابلها لكنها فشلت في تدمير المدرج. في الساعة 2:40 بعد الظهر، وصلت آخر أربع طائرات من طراز Tu-22 إلى قاعدة شيراز الجوية، حيث تضم النصف الآخر من طائرات F-14. واستهدفت القاذفات المدرج ومستودع الوقود لكنها فشلت في تدمير أي طائرة.
بحلول نهاية اليوم، كانت نتائج 250 مهمة جوية ضئيلة، حيث تم تدمير أربع طائرات معادية فقط مقابل خسارة خمس طائرات. وخرجت القوات الجوية الإيرانية من هذه العملية، وهي مصممة ألا يتكرر الأمر مستقبلا .. معظم الحفر التي خلفتها القنابل العراقية تم اصلاحها أثناء الليل. وبحلول الصباح، عادت القواعد الجوية الإيرانية الرئيسية إلى العمل مرة أخرى .. المهمة : عملية كمان 99
في اليوم الموالي يقلع جناح مقاتلات F-4 Phantom II من قاعدة همدان .. بالتوازي جناحي مقاتلات F-5 من قاعدتي تبريــز و دزفول .. بينما ابدعت التومكات فيما تعرفه : السيادة الجوية ..


ظلت الموازين الجوية في كفة سلاح الجو الإيراني أول سنتين من الحرب ، لكن هذا لن يدوم طويلا ، فمع مشاكل العقوبات الدولية ، نقص قطع الغيار و تناقص الصواريخ بعيدة المدى ، عانى الايرانيون من الاستنزاف ، و ما سيزيد الطين بلة هو البدء في تسلم العراق للميراج أف 1 الفرنسية منذ أبريل 1981 ، المقاتلة الفرنسية الحديثة و التي دخلت قبل سنوات قليلة لسلاح الجو الفرنسي و المغربي أواخر السبعينات كانت ايقونة جوية في عهدها ، رادارها Cyrano V و صواريخها الحرارية Magic 2 من Matra و حزمة التسليح المضاد للاشعاع و المضاد للسفن و التي تزود بها العراق بشكل مثير للدهشة من سخاء الفرنسيين مع القيادة العراقية .. جعل منها صفقة سيئة للغاية للجانب الايراني .. فالآن و لأول مرة سيقاتل سلاح الجو الايراني الغربي ، مقاتلات غربية ايضا ، مقاتلات عنيدة جدا و بتقنية متقدمة ، الى جانب هذا الميراج مع حمولة صواريخ EXOCET المضادة للسفن كانت كابوسا على ناقلات النفط الايرانية و تهديدا لشريان الاقتصاد الايراني الأساسي ...
و لأن المصائب لا تأتي فرادى فإن مجيء اندروبوف الى الكريملين أذاب الجليد عن صفقة الميغ 25 Foxbat منتصف العام 1982 ، فمع صاروخها السمين متوسط المدى بنسختيه R-40R/T و سرعتها الرهيبة التي تلامس مـاخ 3 ، كانت المقاتلة السوفياتية بمثاابة تحد صعب بالفعل ..
بعد دخول هذه المقاتلات الجديدة لسلاح الجو العراقي .. صار السلوك الافتراسي للتومكات Very selective و حذرا أكثر .. يكفي مشاهدة جدول الاسقاطات للأهداف الجوية العراقية لتدرك كيف اصبح الطيارون الايرانيون يتجنبون الدخول في اشتباك قريب ضد الميراج او Foxbat ، كانوا يتجنبون استعمال صواريخ Fox 1&2 واغلب المواجهات ضد هاذين الصنفين كانت باستعمال صواريخ Fox 3 Phoenix .. الامر شكل ضغطا هائلا على مخزونهم الضئيل اصلا لحرب طويلة و غير متوقعة ..
هذا كله سيدفع القيادة الايرانية الى ردة فعل لا تخلو من ابداع و مخاطرة تقنية .. لقد فكروا خارج الصندوق و كان مشروعا فـذا .. ربما لم يؤتي اكله بالشكل المطلوب لكنه كان أحسن ما يمكن فعله ..



امتلكت ايران بداية السبعينات حوالي 36 نظام دفاع جوي من طراز MIM-23 B I-HAWK ، و معها عدد كبير من ردارات الكشف و التوجيه و اضاءة الاهداف العاملة معا ضمن وحدات الدفاع الجوي ، و الأهم ترسانة محترمة تفـوق 1800 صاروخ HAWK .. هذه الصواريخ الثقيلة و الثخينة الحركة كانت اساس الدفاع الجوي الصاروخي للبلاد ..
يعتمد توجيه صاروخ الهاوك على تكامل عدة رادارات خلال رحلة طيرانه .. ففي مرحلته الاولى يعتمد الصاروخ على المعلومات الأولية من رادار الكشف في المنظومة CWAR Continuous Wave Acquisition Radar .. ثم ما يلبث ان ينتقل الى تلقي معلومات تصحيح المسار من رادار التعقب و الاضاءة HIPIR: HIgh Power Illuminator doppler Radar رادار موجة متصلة مضمن MCW هو الاخر عامل على الـ X-Band ..
الفكرة الايرانية كانت ادماج صواريخ هاوك على متن مقاتلات F-14 و استغلال مداها البعيد في تعويض الفينكس الذي صار استخدامه نفيسا جدا ..
هكذا تقرر القيادة في عام 1985 إطلاق مشروع الهاوك الجوي و المسمى حينها Sejjil .. المشروع تحت اشراف عدد من الضباط و التقنيين الايرانيين و على راسهم الـ ACE الجوي الطيار Fereidoun Ali-Mazandarani a.k.a FERRY
واجه المشروع عقبتين كبيرتين جدا :

الأولى – مشكل وزن الصاروخ و سلامة الطائرة عند الاطلاق ، فعلى عكس الفينكس الذي يتم القاءه ثم يشتعل في الجو بعيدا عن نقطة التعليق بفضل نظام تأخير محسوب بدقة .. صواريخ هاوك العادية تحتاج تعديلا جذريا لنظام اطلاقها المباشر ، محركها الصاروخي العملاق و وزنها المقدر بـ 630 كلغ كفيلين بشطـر جناح التومكـات كقطعة حلوى ..


العقبة الثانية : نظام التوجيه
رادار AN/AWG 9 على التومكات هو رادار PULSE DOPPLER بالأساس .. صحيح انه يمكن من الانتقال الى نمط CW حين توجيه صواريخ AIM 7 لكنه يبقى غيـر متوافق مع الراس الرداري نصف ايجابي للهاوك .. مشكل تضمين الموجة المتصلة اضافة الى اختلاف طيف التردد المستخدم بين رادار المقاتلة و رادار الهاوك الاصلي جعل المشروع قريبا من الحافة الاجهاض قبل الخروج الى الوجود ..
لكن رغم كل شيء ، منتصف العام 1986 يصعد Mazandarani للجو ، بمعية مشغل الرادار الكابتن محمد عقبايى في أول مهمة ناجحة لاختبار الصاروخ .. تمكنوا اخيرا من اصابة الهدف التدريبي BQM 34 باستعمال اول صاروخ سجيل تدريبي ..
لكن التشاؤم ظل سيد الموقف داخل الهيئات العليا لسلاح الجو .. فالصاروخ لا يزال غير قابل للدخول في قتال جوي حقيقي ، مشكل وقت الاشتعال بعد الالقاء و كذا التزامن مع رادار التومكات ظل حاضرا ..
سيتطلب الأمر شهورا من المهندسين لابتداع Hardware جديد كليا ، مصمم خصيصا لترجمة و تحيين المعطيات بين صاروخ سجيل و رادار المقاتلة .. أفضل ما يستطيعون فعله هو استخدامه كصاروخ Fox 1 بمدى معزز ، ما يعني ضرورة بقاء الطائرة في خط الرؤية الراداري الى حين اصابة الهدف المعادي ... شيء كانت التومكات في غنى عنه نسبيا مع الفينكس الايجابي التوجيه ..
و اخيرا اتى اليوم الموعود .. الـ 16 من سبتمبر 1986 ، Mazandarani هذه المرة مجددا ، في مهمة قتالية ، حاملا معه صاروخي SEJJIL يقلع من قاعدة بوشهر الجوية ، مع RIO الملازم أول أنصارين .. يطلق الصاروخ الأول لكنه يفشل في الذهاب بعيدا ، لقد كان احد الصواريخ التدريبية تم وضعه بالخطأ .. يعيد التصويب بالثاني ضد الهدف على شاشى راداره .. بعد ثواني ، يعم الصمت على الشاشة .. ستؤكد الاستخبارات فيما بعد ان الهدف المسقط كان طائرة SUPER ETANDARD عراقية .. و على متنها الرائد العراقي كمال حســين ..


لم ينتهي الأمر هنا .. تتحدث الاوساط الايرانية عن قيام طيار اخر فيما بعد باسقاط مقاتلة ميراج باستخدام الـ SEJJIL .. يتعلق الأمر بالمقدم طيار اسد الله عادلي ، صاحب الاسقاط الثلاثي بصاروخ فينكس واحد قبل سنوات فوق مياه الخليج ..
الاسقاط الثاني كان حسب شهادة الـ ACE الجوي الآخر .. فضل الله جافيدنيا ، ضد مقاتلة فولكروم Mig 29 عراقية المنظمة حديثا في عام 1988 ..


ستنتهي الحرب ، و سيكملها مازندراني برتبة عقيد في سلاح الجو ، و بحصيلة قتل مؤكدة وصلت الى 11 اسقاطا .. لم يتفوق عليه إلا جافيدنيا في عدد الاسقاطات .. في صورة اخرى من صور الإبداع المدهش تحت ضغط الحرب و نقص الامكانيات ...


SFGSFG.PNG
 
التعديل الأخير:
موضوع جميل و معمق عن سلاح الجو الإيراني ، مشكور عليه صديقي

صراحة منذ مدة كنت أتساءل كيف حصل سلاح الجو الايراني على مقاتلات غربية ، الآن أصبح الأمر واضحا .
 
عودة
أعلى