دور مسيرة بيرقدار التركية في الحرب الأوكرانية وحقيقة المخاوف الروسية
المطلب الوحيد الذي طلبه بوتين من نظيره التركي أردوغان، هو وقف أو عدم تزويد أوكرانية بمسيرات بيرقدار، فما سر التخوف الروسي من هذا السلاح التركي، غير ما حصل في التجربة السورية والليبية والأرمنية مع أذربيجان؟
سبب المخاوف الروسية أن مسيرة بيرقدار التركية أنها مصنعة من مواد مركبة غير فلزية بالكامل تقريباً، مما يجعل بصمتها الرادارية عصية على رادارات الكشف الروسية، كذلك تحلق على ارتفاع يتراوح بين 25 ألف قدم إلى 27 ألف قدم، ولونها متوافق مع ألوان البيئة السماوية، مما يصعب كشفها على وسائل الكشف الكهروبصرية، أيضاً لها محرك توربني هوائي الدفع لا يكاد يكون له آثار حرارية، ولا حتى بصمة صوتية قوية، يضاف إلى ذلك أنها صامتة الكترونياً وتعتمد مستشعرات سلبية، وتتواصل مع محطات التحكم الأرضي بموجات لاسلكية خاصة يصعب رصدها أو التشويش عليها.
وكل هذا يجعل منها طائرة تسلل شبحية، وهذا سر اخفاق الروس بالتعامل معها، لأنهم يركزون على الرادارات عندهم كوسيلة كشف رئيسية، وكذلك لأنها طائرة خلسة سريعة الفرار، ضرباتها محدودة التأثير لأن حمولتها لا تزيد عن 150 كغ، لذلك يبرز دورها الحقيقي المؤثر بالعمليات الاستطلاع والرصد والتوجيه للنيران الأرضية.
برز دور بيرقدار من قبل في سوريا وليبيا وأذربيجان ضد الدفاعات الأرمنية الموالية لروسيا الاتحادية، واشتهرت بأنها دمرت عدد كبير من أسطول منظومة بانتسير اس ون الروسية في سوريا بالدرجة الأولى، وبانتسير متخصصة بالحماية القريبة للمنشآت الحيوية وحماية المنظومات الصاروخية المضادة للجو من نوع أس-400 ترامف واس-300 فورت، وقد دمرت بيرقدار العديد من منظومات بانتسير في سوريا حتى أنها في مرة واحدة شارك فيها 20 مسيرة في وقت واحد بتدمير ثمانية منظومات بانتسير اس ون تابعة للقوات السورية في محافظة إدلب.
والغالب أن عملية تدمير مسيرات بيرقدار لمنظومة بانتسير (الفهد)، التي من المفترض أن تكون صياد مسيرة بيرقدار، يُعزى لعدة أسباب الأول والأهم أن الأتراك تعلموا طريقة الإسرائيليين في تدمير بانتسير من خلال تجربة الدرون الكميكازية "هاروب" الذي ضرب منظومة بانتسير أثناء توقفها لإعادة التذخير، لذلك كانت بيرقدار نتيجة طول وجودها في السماء واثناء مراقبتها الطويلة، تضرب البانتسير المتوقفة لإعادة التذخير أو للتبديل مع مسيرة أخرى، أو المتنقلة دون تنشيط تفعيلي لإعادة التموضع والتفعيل، ويسري الأمر على المنقولة منها أيضاً قبل وصولها وتفعيلها، فمسيرات بيرقدار طائرة ضربات خلسة ألية عملها تماماً مثل أليه عمل القناص، وتدميرها لثمانية منظومات بانتسير عاملة في إدلب كان بمساعدة منظومات الحرب الإلكترونية أروكل بتشويش بموجات الكهرومغناطيسية مسددة صوب تلك المنظومات الرادارية.
فرادار بيسا في منظومة بانتسير يغطي 60 درجة رأسية و360 درجة أفقية، ومدى كشف حتى 50 كم للأهداف الجوية الكبيرة بحجم مقاتلة نفاثة، ويدور الصحن الراداري الثنائي الأوجه الكشافة دورة كاملة كل ثانيتين ويغطي الوجه الواحد زاوية كشف أفقية نصف دائرية 180 درجة، ويستطيع كشف هدف بحجم عصور معدني على مسافة 12 كم، ومسيرة ببصمة بيرقدار الرادارية حتى مسافة 8 كم أي ما يمكنه من تدمير مسيرة بيرقدار التي يبلغ مدى استهدافها للأهدافها 5 كم أي أنها تكون تحت الكشف مسافة 3 كم ولأن سرعتها 250 كم/س فإنها تحتاج إلى 4 دقائق لتصبح بانتسير في مرمى نيرانها هذا إذا أهملنا كمرا المراقبة الكهروضوئية الحرارية الفرنسية المنشأ "شركة ساجيم" التي ترصد حرارياً أي جسم يصدر حرارة لا تزيد عن حرارته عن 6 درجات مئوية ويمكنها رصد مسيرة بيرقدار حرارياً من بعد 10 كم وكهروضوئياً بالتكثيف الضوئي من مسافة 12 كم، لتطلق نحوها صاروخ سرعته تصل إلى 1300 م/ث، وهو ما يؤكد نظرية الخلسة بالاستهداف لمنظومات بانتسير المتوقفة النشاط أو مشوش عليها بمنظومات حرب الكترونية خارجية، وهذا يعني أن استراتيجية المسيرة بيرقدار باصطياد الأهداف استراتيجية الذئب الذي ينقض على الخراف خارج القطيع.
لذلك ظهر في أوكرانيا نموذج جديد من مسيرة بيرقدار مزود بنظام تشويش مصغر عن نظام أوراكل، خصص للتعامل مع منظومات بانتسير اس وتور ام المتخصصات بالتعامل مع الأهداف البصمة الرادارية الصغير من درونات وصواريخ كروز والذخائر الجوية.
تمكن الروس من إعاقة درون بيرقدار الجديد نموذج S فيما بعد بمنظومة "كارسوكا فور" المتخصصة بالحرب الالكترونية، وسهلت عمل منظومات بانتسير ومنظومة تور الصاروخية، ثم ظهرت درونات "أوريون أي" صياد البيرقدار برصدها من الأعلى حيث تكون بيرقدار على ارتفاع أعلاه 27 ألف قدم بينما يكون درون أوريون الروسي على ارتفاع 39 ألف قدم ليستهدف البيرقدار بصاروخ كورنيت أم الموجه بالليزر حتى مدى 10 كم أو صاروخ اكس 50 بنفس المدى تقريباً بتوجيه ابتروني.