- إنضم
- 26/4/22
- المشاركات
- 1,007
- التفاعلات
- 2,274
تحليل أسباب تأخر نتائج المرحلة النهائية الروسية المنطقية للحرب الأوكرانية
تكلمنا من قبل عن أسباب فشل الروس في احراز انتصارات ملموسة، ضمن مقالات ومواضيع عدة، ولكن ربما لم ننوه بتلك المرحلة بشكل واضح على سبب استراتيجي في تلك المرحلة بشكل جلي، وهو اخلاء أهم المفاعلات النووية الأوكرانية من المواد المشعة العالية التخصيب، التي يمكن أن يصنع منها قنابل نووية حرارية أو تكتيكية.
ونوهنا بشيء من التوضيح بطريقة غير مباشرة عن سبب تباطؤ العملية العسكرية، ولكن لم نسهب بتوضيحها بالصورة الكاملة، أو تكلمنا عن باقي الأسباب الاستراتيجية.
واليوم الكل يتساءل لما تأخر الروس في حسم المعركة البرية، في إقليم دونباس وما هي الخطوة النهائية لتلك العملية العسكرية الخاصة؟، وأكثر المتابعين والمحللين يتوقعون أن يغضب بوتين ويتحول إلى الحرب النووية التكتيكية، أو يحول عمليته الخاصة العسكرية، إلى حرب شاملة جدية، يجمع بها كامل القوة الروسية.
والحقيقة هذا البطؤ بالنتائج رغم أن المليشيات العسكرية الشعبية في إقليم دونباس قد قطعوا شوط كبير بالتمدد والتوسع والتمهيد، في الإقليم الذي حددت موسكو حدوده، والروس كانوا حينها منشغلين في حصار المدن الرئيسية للدولة الأوكرانية، له أسباب، أكثرها استراتيجية وتصب في المصلحة الروسية على المدى البعيد.
فما هي أسباب هذا التباطؤ العام في إظهار نتائج استراتيجية إلى الآن؟!، أكثر المتابعين لهذه الحرب والمحللين يرون أن السبب الأول هو انخفاض الحالة المعنوية نتيجة الإخفاقات الروسية المتوالية في حرب المدن الأوكرانية، إضافة إلى ضعف التسليح الروسي أمام قوة الأسلحة المتطورة الغربية وخاصة الفردية في يد المدافعين الأوكران، الذين اتخذوا في كل الجبهات أوضاع دفاعية.
فتعالوا لنستعرض الأسباب المنطقية معاً لهذه المرحلة الحالية:
أولاً: نجد أن أهم الأسباب الأساسية لدخول روسيا الحرب جعل أوكرانيا دولة منزوعة السلاح حيادية، ولما أخفق الروس لدفع الأوكران لفعل ذلك بطريقة دبلوماسية، لجئوا إلى الطريقة العسكرية، وذلك بالسعي لتدمير كامل البنية التحتية العسكرية والصناعية، وتعطيل العجلة الاقتصادية باستمرار تفعيل آلة الحرب الروسية، وعزل أوكرانيا عن سواحلها البحرية، والاضرار والإفقار لها بحيث لا تقوم لها قائمة نتيجة ضخامة الأضرار التخريبية، وتضخم ديونها الخارجية.
وروسيا اليوم متابعة في هذه الاستراتيجية إلى النهاية من خلال إنهاء بنك أهدافها الخاصة بهذا الشأن وبسبب تجدد أهدافها بمحاولة استهداف أكثر إمداداتها الغربية، من الأسلحة المتطورة الدفاعية والهجومية، وفي حالة تحقيق أهدافها التوسعية في إقليم دونباس بشكل سريع، فإنها لن تستطيع أن تمضي بمتابعة هذه الأهداف الاستراتيجية المفصلية.
ثانياً: القوات الروسية المتواجدة في الشرق ليست بالضخامة المتوقعة بل عددها لا يتجاوز 100 ألف جندي طبعاً بدون قوات الاحتياط المنشرة خارج الحدود الأوكرانية الشرقية، وتعداد 100 ألف يشمل الكتائب التكتيكية والأفواج المدفعية وتشكيلات الدفاعات الجوية، والفرق المقاتلة النظامية، ووحدات الامدادات اللوجستية والمراكز الصحية الميدانية، مقابل 170 ألف مدافع من القوات الأوكرانية انسحب وجرح وقتل واستسلم منهم 140 ألف، وبقي منهم النخبة التعبوية، والسبب بهذا الخفض للأعداد الروسية، نشر هذه القوات على رقعة أكبر يزيد من مناوراتها القتالية، وخفائها الدفاعي، بإدارة وتوجيه من قوى المراقبة الفضائية المتتبعة لوسائط الكشف والمراقبة الغربية الفضائية منها والجوية، الرادارية منها والابتروينة، وهذا يخفف من تأثير نشاط استهدافها بالذخائر المساحية، وأعني هنا القوات الروسية، ويسهل تأمين إمداداتها اللوجستية، واليوم مثلاً خسائر القوات الروسية من المدرعات وفق معادلة قسمة على ثلاثة للأعداد الأوكرانية من الدبابات من اليوم الثاني من مايو إلى يوم النصر الروسي هو 36 دبابة مدمرة وواحدة معطلة من نوع الاختراق T-90M الأحدث بالدبابات العاملة في الترسانة الروسية، علماً أن هذه الدبابات استهدفت بأحدث المضادات الذكية الهجومية المدفعية عيار 155 ملم الذكية، والجيل الأذكى التجريبي من صواريخ جافلين، جزار الدبابات الذي يخترق كافة أنواع الحماية النشطة كونه فائق الذكاء ذاتي التوجيه ترادفي الرأس الضغطي الحراري الذي يبلغ مداه 4000 متر بدل 2500، وهذا يعني أن التكتيك الروسي الجديد خضع لتطور تكتيكي ملحوظ مقارنة بالمرحلة السابقة التي دمر فيها 402 دبابة وأعطب 173 وهجر الطواقم منها دون أدنى إصابة 17، وهذه أرقام تقديرية توزيعية، لرقم توثيقي شامل لوكالة أوراكسي الغربية وهو 592 دبابة، وثق التدمير الكامل فيها لأكثر من 400 دبابة، والباقي بين معطوب ومهجور ولكن مفخخ.
ثالثاً: روسيا لم تدخل الحرب بأسلحة مواجهة برية متطورة إنما بأسلحة متقادمة قليلة التجهيز، أكثرها من الحقبة السوفيتية، وذلك لأنها تجد أن هذه الأسلحة مناسبة ومعادلة لأسلحة العدو البرية، كما أنها تخشى إن كانت محدثة بالتجهيز ونظم الحماية نشط ومتطور، قد تقع بأيدي المخابرات الغربية وتكشف أسرارها التقنية والتصنيعية، فتركت أسلحتها المتطورة للمواجهة المباشرة مع القوى الغربية، واستعاضت باستثناء الحداثة فيها لمنظومات الدفاع الجوي وأكثر الأفواج المدفعية إضافة للقوى الجوية، والصواريخ التكتيكية والجوالة بعيدة المدى كروز.
رابعاً: ضرورة القضاء على النخبة المقاومة القومية الأوكرانية المعروفين بالنازيين الجدد، وهي قوة محترفة عالية التجهيز الغربي، تكن عداء شديد للروس أو السلاف، وولاء للقوى الغربية المشجعة لها على التمسك بهذه النزعة القومية، وهي اليوم تمثل القيادة الأوكرانية، وغاية الروس إنهاء هذا التكتل القومي بالقتل أو الأسر، وهم الآن المتواجدين بالجبهة الشرقية ومصنع أزوف ستال وفي محيط ميناء أوديسا الاستراتيجي، مجهزين بأفضل الأسلحة الغربية ولديهم الشجاعة على تنفيذ هجمات مرتدة قوية، وصمود شديد أمام القوى الروسية، وخطر بقائهم إذا ما انتهت الحرب، بأنهم سوف يشكلون نواة مقاومة شعبية خاصة في المناطق الساحلية لأوكرانية والتي من المتوقع أن تصبح في قبضة القوات الروسية.
خامساً: التحول إلى العميلة الشاملة، يحتم حصول مواجهة مباشرة مع الناتو، والبدء بالتصعيد بداية باستخدام القنابل الفراغية المهولة والباروحرارية، ثم القنابل النووية التكتيكة، ثم النووية الاستراتيجية التي لن تعود بهذا الشكل بأي فائدة على أحد إلا هلاك الجميع وفناء البشرة، لذلك الحفاظ على أهداف العملية الخاصة المحدودة وتحقيق أهدافها بشكل ناجح رغم البطؤ أمر مستحب وأكثر حكمة وثباتيه.
سادساً: الاكتفاء بإقليم دونباس والشريط الساحلي الأوكراني يعطي روسيا أفضلية الحصة من الثروات الأوكرانية خاصة منها المعدنية والنفطية والغازية، وأخذ أهم المرافق الاستراتيجية من الناحية الاقتصادية والحاكمية العسكرية للبحر واسترجاع أحواض صناعة السفن الاستراتيجية والتي منها حاملات الطائرات والبوارج البحيرة الضخمة والطرادات البحرية، واستعادة طراد موسكوفا الغارق ولكن بحلة متطورة وعصرية، إضافتاً للسيطرة على مفاصل الاقتصاد الأوكراني والمشاركة بعائديتها التصديرية.
ومن المؤكد أن هناك أسباب أخرى أعمق جدوى وخفاء لم أستطع معرفتها أو استنتاجها أو تحليلها.
لكن ما أكاد أن أجرم به هو أن حلم بوتين وحكمته بالحفاظ على الوضع القتالي الهادئ المدروس بعناية من قِبل القيادة الروسية، يحقق له كافة الأهداف العسكرية والاستراتيجية كنتيجة نهائية.