بكل حيادية أسباب توالي خسائر الصهاينة أمام المقاومة الفلسطينية

الصيد الثمين

التحالف يجمعنا
عضو مميز
إنضم
26/4/22
المشاركات
1,007
التفاعلات
2,274
بكل حيادية أسباب توالي خسائر الصهاينة أمام المقاومة الفلسطينية


يقول ثعلب ومهندس السياسة الخارجية الأمريكية الراحل هنري كيسنجر: في حرب العصابات إن لم تخصر فإنك المنتصر، وفي حرب الجيوش إن لم تنتصر فأنت الخاسر! بهذه الكلمات الجوهرية من النواحي الاستراتيجية العسكرية، أبدأ هذا المقال الحيادي التحليلي، وأقول سواء كانت عملية طوفان الأقصى الفلسطينية، بعلم وتدبير صهيوني بالأصل مسبق دون التصعيد الكبير الذي شهدناه والذي كان غير متوقع من قبل الصهاينة، والذي كان بغية خلق ذريعة لتهجير أهلي غزة إلى سيناء المصرية، وإنهاء خطر غزة كورقة ضغط يمكن أن تستخدمها بطريقة غير مباشرة دول قوية عظمى مثل روسيا، أو متصاعدة القوة مثل إيران.

أو لم يكن بعلم دولة الكيان أو بعلم جزئي من خلال تتبع المناورات التصويرية الافتراضية الفلسطينية، واستخفت واستبعدت أن تتجرأ حماس على القيام بهذا النوع من المغامرات الانتحارية، وجعلها واقع تطبيقي على الأقل بالمرحلة الحالية، وذلك لأن المخالفات والتجاوزات الصهيونية كانت أكثرها بالقدس وليس بغزة!

إلا أن العملية التي نفذت ضد المستوطنات نفذت بشكل مؤذي ومهين لهيبة دولة الكيان، وكان لا بد من الإسراع بالردود العسكرية المناسبة لردع وتأديب هذه العملية العدوانية الفلسطينية، فبدأت دولة الكيان بإرسال وحداتها العسكرية من جيش الدفاع بما فيها القوات المدرعة وسلاح المشاة الميكانيكية معلنة بدء عملية "السيوف الحديدية" وبدأت باستدعاء قواتها الاحتياطية ليصل مجموع حشودها حتى 350 جندي، وهذا حشد اجتياح وليس تطويق من الناحية التحليلية، وقد سبق هذا الحشد ضربات جراحية جوية تخص مراكز قيادة حماس ومركز بُناهم التحتية وقد عجت المروحيات الهجومية الصهيونية في سماء غزة بغية استهداف نشاطات وتحرك قيادات حماس أو مجموعات القتال التابعة لفصائل المقاومة إلا أن المقاومة الجوية الفلسطينية يبدو أنهم فعلوا قذائف تسديديه يتم التحكم بها من بعد تطلق من قواعد متعددة ذات أنبوبة إطلاق أحادية، كانت، على ما يبدو تقوم من خلال إطلاق جماعي مسدد لا تعتمد على الإصابة المباشرة إنما التفجير التقاربي المتشظي، تماماً على مبدئ مدافع 57 ملم م/ط الروسية أو السوفيتية، ولكن قذ يسأل سائل لما تتجاوز المقاومة الفلسطينية هذا التعقيد وتستخدم مدافع 57 المضادة للجو؟!

والجواب لأن مجاهدي غزة لديهم مقاومة جوية وليس دفاع جوي أي يعتمدون الدفاع الخفي ومبدئ اضرب واهرب، وهو مبدئ حرب العصابات في المدن إن كانت القوة الهيمنة لدا العدو وقد أعلنت المقاومة حينها بطريقة تقديرية عن تمكنها من اسقاط بشكل غير فوري أي لم تسقط ولا واحدة منها داخل غزة ووقعت بقبضة المقاومة خمسة حوامات أباتشي! وقدروا اعطاب حوامتين أيضاً، ويبدو أن الحقيقة إنه لم يسقط إلا حوامة أباتشي واحدة فقط! والباقي أعطب وعاد سالم إلى قواعده، فقد اعترفت إسرائيل بسقوط خارج غزة حوامة تم تصوير إصابتها داخل غزة! وقالوا إنه تم إسقاطها بصاروخ مضاد للدبابات دون تحديد أن يكون موجه أم لا! فإن كان موجه فهو صاروخ كورنيت الذي لدى المقاومة الفلسطينية وإن كان هو فسوف يسقطها بشكل فوري، بل ويفجرها بشكل كامل بالهواء ليسقط حطامها أما بواسطة قذيفة ر ب ج فهذا مستبعد لأن أباتشي تستطيع تفاديه بسهولة بمناورة بسيطة، ولكن الغالب بالقذائف التسديدية التقاربية التفجير، والتي على ما يبدو يمكن أيضاً إطلاقها من الكتف مثل صواريخ "سديد" التي كانت تمتلها المقاومة النقشبندية العراقية، اما صاروخ ستريلا السوفيتي المعدل الذي يطلق من الكتف، فهو أقل حظاً لأنه بتقديري المتواضع غير قادر على تجاوز تضليل المشاعل الحرارية رغم تطويره! ولا يمتلك شحنة تفجيرية كافية لأسقاط الأباتشي المدرعة.

بكل الأحوال أبطل هذا الحدث عملية التجوال الحر لحوامات أباتشي الهجومية فوق غزة، وجعل الصهاينة يتخوفوا من مخاطر الاجتياح العام لغزة في ظل غياب الدعم المواكب بالحوامات الهجومية، التي تقوم بإدارة نيرانها المباشرة دبابة "ميركافا فور" ومجموعات متخصصة من قوات الجوالة الصهيونية (الغولاني)، لذلك لاحظ المحللون العسكريين أن تلك القوات اليت كانت تطوق غزة أخذت شكل الانتشار الدفاعي والحصاري وليس الهجومي، ويبدو ان ذلك حدث بمشورة وربما أوامر أمريكية، بل وهذا يرجح مصداقية إحصائية عدد الحوامات الساقطة وفق التقديرات الفلسطينية.

والذي أكد أن الأمر بأمر أو مشورة أمريكية دخول نخبة من قوات المارينز الأمريكية على مستوى كتيبة قتالية، مع ضباط ميدانين من المارينز ذوي خبرة بالمعارك الحضرية، وفي مقدمتهم ضابط برتبة لواء MajGen وهو الجنرال جيمس غلين أو كلين المعروف بسفاح الفلوجة أو جزار العراق، والذي استخدم في اختراق الفلوجة نظرية الانغماس الشامل السريع مع الاحتفاظ بالقوة النارية الهائلة الذاتية، وكان هذا التكتيك رغم نجاحه الأولي، إلا أنه نجم عنه خسائر كارثية! لذلك حذر قيادات الصهاينة من إعادة تنفيذ هذا السيناريو في قطاع غزة، ونصح بالتركيز على النخبة المتخصصة بالمعارك الحضرية.

واقترح تنفيذ السيناريو الذي نفذه هو في الموصل العراقية فيما بعد، وهو الذي يعتمد على استراتيجية البدء بما يعرف بالصدمة والرعب من خلال عميلة قصف تمهيدي هستيري مساحي هائل يتبعه عمليات اختراقات انغماسيه تجزيئية مرحلية مع مراعاة الهجوم من عددت محاور في وقت واحد، ولتأكيد نظريته القتالية، وانه لا بد من تنفيذ تكتيك الصدمة والرعب أولاً، قام بإرسال كتيبة استطلاع بالقوة مدرعة لإخبار مدى المقاومة الفلسطينية، ويبدو أنها منيت بخسائر كبيرة، رغم أنهم أعلنوا العكس لأنها انسحبت تحت تغطية نارية جوية وأرضية.

خطة كلين كانت مبنية على تنفيذ مبدئ الصدمة والرعب في ضواحي غزة الشمالية والشمالية الشرقية، ثم التوغل السهمي أي بطريقة مجموعات الكتائب التكتيكية الروسية مع مراعاة قوة النيران الهائلة الذاتية أثناء الاختراق السريع ثم انتشار وحدات المشاة الخاصة في الأبنية المحيطة بعد تمشطها من كافة قوات المقاومة الكامنة فيها، وذلك ضمن مربعات سكنية معينة ثم استبدال هذه الوحدات الاقتحامية الخاصة بقوات الجيش النظامية الصهيونية، وبعدها الانتقال إلى مربع سكني آخر، وهكذا بطريقة القضم والهضم حتى يشمل الأمر كافة عزة.

وجهز كلين لهذا الهجوم ما يعرف باللواء الأول الصهيوني أو لواء غولاني المنتخب الأول بالمعارك الحضرية، وهو لواء قوات نخبة مشتركة مكون من ثلاثة كتائب معززة مدرعة مسلحة بدبابة ميركافا فور فقط ومدرعة نمير الناقلة للجنود العالية التدريع والحماية، وكتيبتين مدفعية ميدانية (هاوتزر) ذاتية الحركة من نوع بلادين الأمريكي، وكتيبة قوات محمولة جواً، وكتيبة حرب إلكترونية وهذه الكتائب بمجموعها مكونة من 35 ألف محارب، بالإضافة لكتيبة خدمية طبية وأخرى خدمية لوجستية.

بدأت عملية الصدمة والرعب ضد ضواحي الشمال وهو المحور الرئيسي وضواحي الشمال الشرقي من خلال ضربة جوية هائلة اشترك بها معظم نفاثات صوفا (ف 16) وراعام (ف 15) الصهيونية ويعتقد أن تكون قد شاركت ثمانية أو ستة قاذفات استراتيجية أخرى أمريكية من نوع B-1B Lancer الأمريكية وذلك وفق تصريح مقتضب صرح به ناطق يمثل حماس بحواره مع نظيره الصهيوني في قناة العالم وقاطعة مدير الحوار! ولم يعقب بالنكران نظيره الصهيوني! وهذه القاذفة الضخمة الفوق صوتية يمكنها حمل 37 من قنبلة المطرق مارك 84 التي تزن 2000 رطل (908 كغ) تبلغ المادة الشديدة الانفجار البلاستيكية بالنماذج المطورة بها 500 كغ من مادةPBX وقد كانت تمثل 45% من وزن القنبلة من مادة TNT التي تفوقها المادة الجديدة بقوة 1.4كقوة تدميرية، وهي وفق ارتفاع الاسقاط تحدث حفرة بقطر يصل إلى 15 متر بعمق 10 أمتار وتحدث موجه صدم قوية تقتل كل كائن حي على سطح الأرض ضمن دائرة تأثير قطرها 300 متر وتخترق بالخرسانة المسلحة حتى ثلاثة أمتار، لذلك كانت هي سلاح الصدمة الهجومية.

كان رأس الحربة الهجومية من المحاور الثلاثة الكتائب المدرعة من قوات الغولاني وغالياً مع قوات المارينز الذين كانت مهمتهم قيادة مجموعات الغولاني الراجلة والمترجلة، تبعهم كتائب منتخبة مستلقة من القوات المدرعة الصهيونية، وكانت الخطة هو التمركز والتموضع في الضواحي، استعداداً لتنفيذ الاختراقات السريعة السهمية، والتي بدأت بالفعل بظل هدوء نسبي على ما يبدو سبق العاصفة! لتبدئ المعارك مع المقاومة المفاجئة بعد أن اطمأنت القوى المهاجمة، فخرجت المقاومة من الأنفاق التي كانت أكثرها من تحت الأبنية التي لا زالت قائبة أو حتى المهدمة، وهذه كانت الصدمة للعدو عند المقاومة الفلسطينية، وكان سبب الهزيمة حالة التراخي القتالي للعدو بعد التوقف الاختراقي واسترار التموضع في الضواحي، والانتشار في الشوارع والأبنية للمشاة،، مما أحدث حالة الارتباك القتالي، إلا أن هذه المعركة رغم فداحة خسائر العدو فيها، كان فيها شهداء كثر من قوات الفدائية الفلسطينية، وربما الخسائر الأكبر للمقاومة منذ بدء عملية السيوف الحديدية الصهيونية، لأنها كانت في أكثر مواضعها تعتمد على حالة التلاحم القتلى شبه المستمر أمام النيران الكثيفة والثقيلة المباشرة والغير مباشرة الداعمة الصهيونية، ومنه نعرف سر تحول المقاومة إلى تكتيك اضرب واهرب ومن مسافة الصفر أي من 50 إلى 70 متر، وذلك قبل تكامل ردة الفعل المعادية قبل أن تبدء الهدنة الأولى، التي أدت إليها آخر المعارك التلاحميه التطويقية بعد التحول بعد الأولى إلى حرب الأشباح، والتي أعتقد أن سبب جدواها وقلة شهدائها مقارنة مع الأولى! تعاظم عدد المشاركين من مجاهدي المقاومة، وأنها كانت سريعة النتائج في قبول الهدنة التي طالبت بها حماس.

وبعد الهدنة لجئ العدو الصهيوني إلى زيادة الدعم الناري الشبه والغير مباشر بإدارة كتيبة غولاني الخاصة بالإجراءات والحرب الإلكترونية من خلال الدرونات الحائمة الضاربة، والدرونات المتسكعة الكميكازية.

وزادت بالمقابل المقاومة الفلسطينية الاعتماد على الدرونات المروحية العامودية الإقلاع المسقطة بشكل عامودي معياري حر لقذائف مضادة للدروع فوق عموم المدرعات الصهيونية، وكثر الاعتماد أيضاً وفق حالة الإطباق المعادي لتقليل النشاط القتالي المقاوم، على العبوات الناسفة المتعددة الأغراض داخل الأبنية المقتحمة وخارجها، وعلى إدارة النيران المباعدة المدفعية والصاروخية بدقة نسبية وكثافة تزيد فيها الفاعلية، وزاد عدد القناصين المضادين للأفراد وجعل الأولية للرتب العسكرية، من نقاط بعيدة أمنة للقناصين مع عامل الخفاء والتنقل الهادئ المدروس، مع صمت الرماية، أما قناصين الدبابات فكانت رمايتهم من المسافة الصفر مع سرعة الهروب والاختفاء، وأصبحت قذيفة الياسين 105 قذيفة القنص للدبابات والمدرعات الرئيسية.

وهو ما صفر خسائر المجاهدين الفلسطينيين تقريباً لأنهم أصبحوا بموقع الصياد، وصعد الخسائر الصهيونية الذين أصبحوا بموقع الصيد أو الفريسة.

والحقيقة أن سر قوة المقاومة أمام القوى الصهيونية هو شبكة الأنفاق المعقدة الحصينة، التي عجزت عنها تدابير الإغراق المائي أو التدميري بالقنابل الاختراقية الزلزالية أو السادة للأنفاق الاسفنجية أو الخانقة المولدة لثاني أوكسيد الكربون بطريقة تكثيفية.

وقدرة المقاومة على البقاء وتوفير العتاد تغتمد أولاً على قدرة التصنيع المحلية في أماكن آمنة تحت الأنفاق، والحصول على الإمدادات من خلال كبسولات حاضنة خاصة تلقيها الغواصات الروسية وهو المرجح بعد أن أغلقت مصر وفجرت وغمرت الأنفاق لديها لأنها كنت تستخدم من طرف القوى الإرهابية، إلا أن يكون قد فعل عدد منها من جديد بطريقة سرية وموافقة مصرية ضمنية.

ومما يؤكد تعاظم المقاومة الشبحية الفلسطينية، وزيادة فعليتها وتطوير جدواها ونتائجها الإيجابية، وتزايد عدد منفذيها من المقاومة الفلسطينية، هو أنه أصبح يقاتل مع اللواء "غولاني" الرئيسي، أربعة ألوية إضافية خاصة احترافيه وهم لواء "كفير" الموازي للواء غولاني بالتشكيل والمهام القتالية، ولواء مشاة البحرية الصهيونية "شايطيت" ولواءين يمثلون القوات المحمولة جواً الصهيونية، وهما لواء "كائفير" ولواء "هائفير"، ولا أستبعد أن تكون أمريكا قد أرسلت بطريقة سرية أربع كتائب إضافية من المارينز غير الكتيبة الأساسية لقيادة التشكيلات الخاصة الجديدة الصهيونية! وزادت قوات الكيان الإلكترونية من نشاط الدونات الاستطلاعية بأنواعها من محاولة مراقبة مفارز مدافع الهاون الفلسطينية الفردية والجماعية، وتوجيه لها ضربات مضادة بالدرونات الضاربة والكميكازية، ورغم أن مدافع الهاون تنشط من أماكن محصنة خفية أو على مبدئ اضرب واهرب، إلا أنها من مؤكد تتعرض لخسائر نتيجة هذه الإجراءات المعادية، لكن من ناحية أخرى هذه الزيادة بالإجراءات المعادية أثبت جدوى هذه المدافع في استهداف تجمعات المشاة والقوى الاحتياطية الداعمة بالقوات والإمدادات اللوجستية وحتى مفارز الدعم المدفعي القريب المعادية.

وفي الختام جميعنا أصبح مدرك حجم الخسائر في العدو وانهيار الحالة المعنوية، وهذا نجده اليوم بقوات النخبة المتخصصة بالحروب الحضرية! فكيف يكون الحالة لو كانوا من القوات النظامية؟! وأصبحنا ندرك أن دولة الكيان قد خسرت الحرب، لذلك أمهتها أمريكا حتى أخر السنة لإيقاف هذه المهزلة القتالية، وإلا سوف توقف الدعم لهذه العملية.
 
عودة
أعلى