حصري المملكة المورية.. عندما يظلم التوثيق “أول دولة مغربية في التاريخ”

يوسف بن تاشفين

التحالف يجمعنا🏅🎖
كتاب المنتدى
إنضم
15/1/19
المشاركات
64,298
التفاعلات
182,055
lixus-800.jpg

اهتمامٌ بـ”المملكة المورية”، أول دولة مغربية في التاريخ، يحضر في أحدث كتب الباحث المتخصص في التاريخ امحمد جبرون المعنون بـ”تاريخ المغرب القديم”، والصادر عن دار الإحياء للنشر والتوزيع.

في الفصل الخاص بـ”المملكة المورية” التي عمّرت 500 سنة قبل السقوط في براثن الاحتلال الروماني محاولة تركيب لمعالم الوجود السياسي والعسكري والاقتصادي والبيئي والمجتمعي والديني والثقافي واللغوي، رغم شحّ التوثيق التاريخي؛ بالاعتماد على “الإشارات القليلة والقديمة التي حملتها بعض النصوص الإغريقية والبونية واللاتينية، بالإضافة إلى بعض الآثار والشواهد المادية”.

ومن بين ما يصطدم به التأريخ لهذه المملكة، والتاريخ المبكر للمغرب، عجز الباحثين عن فك شفرة الصفائح الصخرية المنقوشة في أنحاء المغرب؛ مما يضطر الباحثين إلى التعويل على “حواشي وهوامش المصادر الإغريقية واللاتينية، التي لم يكن مقصودها الأول التأريخ لشمال إفريقيا والمغرب على وجه الخصوص”.

لكن هذا لا ينفي بالنسبة للباحث المتخصص في التاريخ امحمّد جبرون أن “المملكة المورية من الممالك المغربية المتوسطية المظلومة في التاريخ، التي لم توفّ حقها، حيث بقيت محجوبة عن الأنظار، وبعيدة عن أعين وألسن المؤرخين، ولم يتعرضوا لها سوى نادرا”.

تأسيس الدولة

يميز الكتاب في التأريخ للمملكة المورية بين طورين؛ أولهما التأسيس والتشكل، وهو “مرحلة مبكرة وغامضة في مسعى التأريخ لنشأة الدولة في المغرب”، وفيه “تشكلت وظهرت المملكة المورية، التي لا نعلم شيئا عن بداياتها، بحيث لا نستطيع تحديد بدايتها بدقة، والتعريف بأهم الأحداث التي كانت وراء تأسيسها”، وهو طور انتهى مع فترة الحرب البونية الثانية، في أواخر القرن الثالث قبل الميلاد.

أما الطور الثاني فهو “طور الظهور والانهيار” وعرفت المملكة خلاله “ظهورا ملموسا تمثل في حضورها البارز في أحداث الحرب البونية الثانية”؛ غير أن هذا الاستقرار “على ما يبدو لم يستمر طويلا، إذ سرعان ما ساءت أوضاعها وانهارت تدريجيا، بعدما انتهى بها الأمر في حضن الإمبراطورية الرومانية، التي محت ذكرها وجعلت من المغرب ولاية رومانية تابعة لها تحت اسم موريطانيا الطنجية سنة 40 للميلاد”.

ويرجح جبرون أن “الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها المغرب الأقصى قُبَيل التاريخ وبُعيده، وخاصة خلال العصور المعدنية (خلال الألف الأولى قبل الميلاد) فرضت على السكان نوعا من التنظيم السياسي، بسبب التكاثر السكاني (…) وظهور تجمعات سكانية داخل البلاد بعيدا عن الساحل، وتأسيس مراكز حضرية ساحلية، وتدبير الموارد الطبيعية والصراع عليها، وخاصة بعد التحولات المناخية التي عرفتها المنطقة في أواخر العصور الما قبل تاريخية واتساع النطاق الجاف، ووصول الأجانب إلى السواحل المغربية (الفينيقيين والقرطاجيين)”.

ويضاف إلى هذا “ظهور نوع من التراتب الاجتماعي الناتج عن الثروة أو السلطة، وتدل عليه الآثار الجنائزية ومحتويات القبور التي اختلفت حسب المكانة الاجتماعية للميت”، مما شكل “حوافز أولية ومبكرة لظهور الفكرة السياسية وتشكل الدولة أو ما يشبهها في المغرب القديم”.

وعندما زاره القرطاجيون، كان المغرب يتوفر في منتصف المائة الخامسة قبل الميلاد على مجموعة من الحواضر؛ فذكر سكيلاكس الإغريقي في القرن الرابع قبل الميلاد مثلا أن “الأثيوبيين سكان جنوب المغرب كانت لهم مدينة عظيمة كان يقصدها التجار الفينيقيون”. كما ذكر جبرون مدنا أخرى بسواحل المغرب تحدث عنها رحالة وجغرافيون قدامى، بأسماء مثل: “بونسيون التي قدّر البعض أنها مدينة طنجة القديمة، ومدينة زِليل التي توجد جنوب شرق طنجة، ومدينة تيماتيريا التي لم يحدَّد موقعها بدقة، وعدد من المدن الفينيقية الأخرى القديمة التي يرجع تأسيس بعضها إلى فترات جد مبكرة كمدينة ليكسوس التي يعود تأسيسها إلى القرن الثامن قبل الميلاد حسب الشواهد الأثرية”.

وفي حديثه عن الشبكة الحضرية للبلاد، الساحلية أو الداخلية، في علاقتها بالتجمعات السكنية الزراعية والرعوية الداخلية، نبه الباحث المتخصص في التاريخ إلى ما اقتضته من تبادلات، وأدوار، وجمع وتوزيع للسلع، وتعاون، وأمن، وتواصل؛ مما يدل “بشكل قوي على وجود نوع من التنظيم السياسي في مغرب القرن الخامس قبل الميلاد”.

هذا الاستنتاج “تؤكده مجموعة من الشواهد على الرغم من قلتها”، فيُذكر أن “ملكا (موريا) ساعد حانون في ثورته على قرطاج في منتصف القرن 4 قبل الميلاد، ويذكرون أيضا أن عددا من الجنود الموريين ساعدوا قرطاج في حروبها خلال القرن 5 قبل الميلاد، ويؤكد استيفان اكصيل أن المملكة المورية كانت موجودة على الأقل منذ أواسط القرن 5 قبل الميلاد”.

الموريون وملوكهم

أُطلِق اسم الموريين على “أهالي أقصى الشمال الغربي للقارة الإفريقية”، من طرف الإغريق بداية، ثم الرومان بحسب الجغرافي استرابون، أو هو “اسم محلي (بربري) بحسب سالوست. وقد شاع وانتشر خلال القرن الثالث قبل الميلاد، وأمسى علما على الدولة التي حكمت المنطقة وسُكانها”.

هذه الساكنة عمرت “الركن الشمالي الغربي لإفريقيا” وخاصة “المناطق الواقعة بين البحرين الداخلي (المتوسط) والخارجي (المحيط)، وجبال الأطلس في الجنوب، وهر ملوشا (ملوية) في الشرق”، علما أن “الحدود الشرقية والجنوبية لهذا المجال لم تكن ثابتة ودقيقة بل كانت متحركة ومتغيرة بحسب الظروف والأحوال السياسية”.

ويعود كتاب “تاريخ المغرب القديم” إلى أول ملك تذكره المصادر كحاكم للملكة المورية، وهو الملك باكَا الذي ساعد القائد مسينيسا وأمن عبوره إلى مملكة أبيه الماسيلية في الشرق أثناء رحلة عودته من إسبانيا”، لكن كان قبل هذا الملك “ملوك آخرون لم تذكرهم المصادر الإغريقية واللاتينية”.

وبعد هذا الحادث، يزيد العمل: “تتجاهل المصادر الإغريقية تطورات المملكة المورية لقرابة قرن من الزمان، ولن تعود لذكر خبرها إلا بمناسبة حرب يوغرطة (105-111 قبل الميلاد)، التي تورطت فيها المملكة المورية”، عندما كان يقودها الملك بوخوس أو بوكوس الأكبر.

وكان النظام السياسي السائد في المملكة “ملكيا، وِراثيا، فكل القادة الموريين كانوا ملوكا بدءا من باكَا وحتى بطليموس”، و”كانت العائلة المالكة المورية تستند إلى شرعية قبلية واسعة، حيث كان الملك أشبه ما يكون بزعيم لفيف من القبائل، التي تكوّن مع بعضها البعض كيانا شبه فيدرالي، تستقل في إطاره القبائل بتدبير شؤونها المحلية وتتعاون في القضايا المشتركة تحت إمرة ملك أو أكَليد”.

ومن مظاهر السيادة السياسية التي مارسها هؤلاء الملوك الموريون “سك النقود، فقد عُثر على العديد من المسكوكات المورية في مناطق متفرقة من المغرب، كتلك التي عُثر عليها في ليكسوس والتي تعود لبوخوس ويوبا الثاني، وفي زليل”.

ويكتب جبرون: “ما من شك أن هذا التاريخ الطويل والاحتكاك الكبير بالحضارات المتوسطية الكبرى منح المملكة المورية فرصة بناء دولة قوية وحديثة لا تقل شأنا عن الدول التي كانت سائدة في حوض المتوسط؛ لكن للأسف ضياع موروثها المكتوب أو غموضه، بالإضافة إلى تأخر الأعمال البحثية الأركيولوجية ساهم في تأخر معرفتنا التاريخية بالكثير من جوانب هذه الدولة”.

الممالك المورية في تاريخ المغرب القديم


تظل معلوماتنا التاريخية عن الممالك المورية ضئيلة مع ما نتوفر عليه من إشارات في النصوص التاريخية بخصوص الممالك النوميدية. ويرجع ذلك بالأساس إلى عدم معرفة الكتاب الإغريق واللاتينيين بأوضاعها قبل القرن الثاني ق.م وأول إشارة نعثر عليها تتعلق بالملك الموري باكا BAGA الذي قام بدعم الملك النوميدي ماسينسا وذلك بإمداده بـ 4000 فارس أثناء مشاركة هذا الأخير في الحرب البونية الثانية حوالي 206 ق.م غير أن هذه الإشارة لا تسعفنا في معرفة تفاصيل نظام الحكم في عهد هذا الملك الذي نجهل عنه الشيء الكثير.

الممالك المورية تظهر على مسرح الأحداث التاريخية

بدأ الاهتمام بهذه الممالك عندما تدخلت في الحرب التي دارت بين الرومان والملك النوميدي يوغرطة في نهاية القرن 2 ق.م، حيث يتحدث المؤرخون عن الدور الكبير الذي لعبه الملك الموري بوكوس الأول في القضاء على يوغرطة. وقد سلمت روما لهذا الملك الجزء الغربي من مملكة نوميديا مكافئة له على مساندتها في هذه الحرب.

لقد تقاسم حكم شمال افريقيا ابتداء من 49 ق.م كل من الرومان شرقا فيما عرف بإفريقيا القديمة وافريقيا الجديدة، والموريين في منطقة موريطانيا التي تقاسم حكمها كل من الأخوين بوكوس الثاني وبوغود، إذ بدأ الحديث عنهما في النصوص التاريخية اللاتينية نظرا لمشاركتهما في صراع القناصل الرومان على عرش روما.

وقد تمكن الملك بوكوس الثاني من توحيد موريطانيا تحت حكمه ابتداءا من سنة 38 ق.م بعدما تمكن من القضاء على أخيه بوغود مستفيدا من تحالفه مع أوكتافيوس الذي تمكن من التغلب على غريمه مارك أنطوان في صراعهما حول حكم روما.

بعد وفاة هذا الملك بوكوس الثاني دخلت موريطانيا مرحلة من الحكم المباشر لروما بعد فراغ العرش، قبل أن تعين فيها حاكما أمازيغيا سيكون له دور كبير في تاريخ المنطقة اسمه يوبا الثاني.

ففي سنة 25 ق.م ولما كان ضم المملكة الموريطانية الشاسعة إلى الإمبراطورية الرومانية بصفة نهائية يتطلب عتادا كبيرا وجيوشا ضخمة وما يستلزم نفقاتها ربما أكثر مما تدره هذه المناطق من منافع، فقد ارتأى أوكتاف وقد أعلن إمبراطورا منذ سنة 22 ق.م منح عرش هذه المملكة إلى أحد الأمراء الموريين بعدما قام بتربيته في روما تربية تؤهله ليكون تابعا مخلصا للرومان وتصبه ملكا،

إنه الملك يوبا الثاني (25 ق.م – 23م) لقد عين يوبا الثاني ملكا على المجال الموري الموجود بين المحيط الأطلسي غربا والواد الكبير بالجزائر الحالية شرقا، شاملا بذلك موريطانيا بأكملها باستثناء 12 مستوطنة أقامها الرومان بهذا المجال خلال الفترة الممتدة ما بين 33 ق.م و25 ق.م، أي أثناء فترة شغور العرش الموري الذي تلا وفاة الملك الموري بوكوس الثاني، حيث وطنوا بها قدماء المحاربين الرومان وكانت تدير شؤونها وفق النموذج الروماني.

ويشير سترابون إلى أن مملكة مريطانيا في عهد الملك يوبا الثاني امتدت باتجاه الجنوب الشرقي للجزائر الحالية وجنوب تونس محيطة باقليمي افريقيا، وذلك على حساب قبائل الجيتول.

وقد عمل هذا الملك على تنفيذ أوامر السلطة الرومانية وعلى تثبيت وجودها في مملكته وما فتئ يعلن ولائه لروما من خلال تسمية عاصمته القيصرية على اسم القيصر وكذلك من خلال الهدايا التي يوجهها للإمبراطور.

ومن أهم منجزاته المساعدة الكبيرة التي قدمها للقوات الرومانية من أجل التصدي للثورات المحلية المناوئة لها كانتفاضة قبائل الجيتول والموسولام سنة 6م وثورة تاكفاريناس الذي حارب بشراسة كبيرة لمدة سبع سنوات من 17 إلى 24م، وقد نال بذلك عدة أوسمة تخصص عادة للولاة وكبار قياد الجيش الروماني.

وعموما فقد كانت سلطة الملك يوبا الثاني محدودة داخليا فيما يخص المستوطنات والمواطنين الرومان بمملكته، وكانت
وقد أقام يوبا الثاني بعاصمته القيصرية كما كان يتردد كثيرا على مدينة وليلي، وأقام لها على غرار مجموعة من المدن الأخرى مجالس بلدية تسهر على تسيير شؤون المدن وشجع الزراعة حول المدن الكبرى، حيث كان الفائض من الحبوب والخشب والزيتون والعنب وغيرها يصدر إلى روما.

وكان عهده فترة ازدهار تجاري وصناعي في المملكة واستقدم إلى مملكته الأدباء والعلماء وشجع كثيرا المجالس الثقافية والعلمية،
بعد وفاة يوبا الثاني 23م تولى الحكم ابنه بطليموس الذي سار على نفس منهج أبيه وقد كان له دور حاسم من أجل القضاء نهائيا على ثورة تاكفاريناس سنة 24 م وكمكافئة له منح له مجلس الشيوخ الروماني لقب ملك صديق وحليف الشعب الروماني.

حاول الملك بطليموس توحيد القبائل المورية وتوسيع مملكته خارج النطاق المرسوم له من قبل الرومان، كما استطاع أن يربط علاقات مميزة مه مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الروماني، وقد بدأت أطماعه تكبر وذلك من خلال إعطاء ملكه الكثير من القداسة والدليل في ذلك إقدامه على إصدار عملة ذهبية تحمل اسمه ويبدوا فيها بلباس الأباطرة،

لكن الامبراطور الروماني كاليكولا (37م – 40م) كان يراقب كل ذلك بنوع من التوجس والحذر، فأمر أتباعه باغتيال الملك الموري بطليموس من الحد من طموحاته التوسعية في شمال افريقيا والسيطرة على ممتلكاته سنة 40م.

على إثر اغتيال الملك بطليموس قامت ثورة عارمة بمملكة موريطانبا تزعمها أحد أكبر وزرائه ” أيدمون ” للثأر من الرومان والانتقام من حكمائها المتبجحين بالقوة والعظمة، ناهيك عن سخط الموريين على الأوضاع المتردية بشمال افريقيا بسبب سيطرة الجيش الروماني على ثرواتهم وأراضيهم الخصبة، دون أن ننسى سياسة الاستغلال والظلم الاجتماعي والاستنزاف المكثف لموارد البلاد.

ويجمع مجموعة من الباحثين من أن هذه الثورة دامت أربع سنوات وأخدت من روما جهدا كبيرا لإخمادها، وبذلك اختفت آخر الممالك الأمازيغية من مسرح الأحداث السياسية بشمال افريقيا، تاركة المجال واسعا للرومان لتركيز نفوذهم بأراضيها التي قسمت إلى ولايتين هما: موريطانيا القيصرية بالجزائر الحالية وموريطانيا الطنجية بالمغرب (نسبة إلى مدينة طنجة)
ويمكن القول عموما أن البحث في الجذور الأولى لـ الممالك المورية وتشكلها انطلاقا من المعلومات المتوفرة في المصادر وما تقدمه الأبحاث الأثرية من نتائج يتميز بصعوبة كبيرة من حيث تسلسل المعطيات وانسجامها بالإضافة لندرة الإشارات الواضحة المتعلقة بالميادين الاقتصادية والاجتماعية والحضارية بشكل عام.
 
التعديل الأخير:
Ruine-roman.jpg

المملكة المورية .. ازدواجية لغوية تاريخية وعجز بحثيّ عن فهم “الحرف”

اهتمامٌ بـ”المملكة المورية”، أول دولة مغربية في التاريخ، يحضر في أحدث كتب المؤرخ امحمد جبرون “تاريخ المغرب القديم”، الصادر عن دار الإحياء للنشر والتوزيع.

في الفصل الخاص بـ”المملكة المورية”، التي عمّرت 500 سنة قبل السقوط في براثن الاحتلال الروماني، محاولة تركيب لمعالم الوجود السياسي والعسكري والاقتصادي والبيئي والمجتمعي والديني والثقافي واللغوي، رغم شحّ التوثيق التاريخي؛ بالاعتماد على “الإشارات القليلة والقديمة التي حملتها بعض النصوص الإغريقية والبونية واللاتينية، بالإضافة إلى بعض الآثار والشواهد المادية”.

ومن بين ما يصطدم به التأريخ لهذه المملكة، والتاريخ المبكر للمغرب، عجز الباحثين عن فك شفرة الصفائح الصخرية المنقوشة في أنحاء البلاد؛ ما يضطرهم إلى التعويل على “حواشي وهوامش المصادر الإغريقية واللاتينية، التي لم يكن مقصودها الأول التأريخ لشمال إفريقيا والمغرب على وجه الخصوص”.

لكن هذا لا ينفي بالنسبة لامحمّد جبرون أن “المملكة المورية من الممالك المغربية المتوسطية المظلومة في التاريخ، التي لم توفّ حقها، إذ بقيت محجوبة عن الأنظار، وبعيدة عن أعين وألسن المؤرخين، ولم يتعرضوا لها سوى نادرا”.

لغات المورييين

ذكر امحمد جبرون أن المغرب “عرف خلال العهد الموري تطورات مهمة على صعيد اللغة المكتوبة، تمثلت أساسا في التطورات التي عرفتها اللغة المغربية القديمة وانتقالها من الأبجدية القديمة إلى الأبجدية الكلاسيكية، وتمثلت أيضا في المكانة التي اكتسبتها اللُّغات الأجنبية داخل المجتمع المغربي، وخاصة اللغتين البونيقية واللاتينية”.

وأضاف الكاتب ذاته: “لقد كانت اللغة المغربية القديمة أو اللغة المورية (الليبية البربرية في المراجع الأجنبية) مختلفة نسبيا عن اللغة التي كانت سائدة في الناحية الشرقية لشمال إفريقيا أو في الصحراء (…) وإذا كانت أبجدية الشرق مقروءة اليوم من طرف عدد من الباحثين بحكم اقتران عدد من نصوصها بنصوص بونيقية أو لاتينية، فإن أبجدية الغرب (المورية) مازالت مجهولة وغير مقروءة بالكامل، ما يحول دون الإفادة منها تاريخيا”.

ويوضح جبرون أن اللغة المغربية انتقلت خلال العهد الموري “من طابعها القديم بشكل تدريجي قبل أن تتخذ شكل التيفيناغ”، في انتقال تقدر مدته بثلاثة قرون، وزاد مستدركا: “لكن رغم التطورات والتحسينات التي عرفتها اللغة المورية عبر قرون من التعديلات فإنها لم تنجح في فرض نفسها كلغة سياسية وإدارية قابلة للاستمرار، واقتصر استعمالها على شؤون الدين والحياة الروحية، ولا أدل على ذلك أن أغلب نصوصها التي تم العثور عليها مرتبطة بالقبور والمنشآت الجنائزية، ولا نعثر عليها في الآثار التي تهم المعاملات التجارية والإدارية”.

ويتابع المتحدث شارحا: “إلى جانب اللغة المورية التي كانت لغة التواصل الأساسية في الحواضر والقرى، ولعلها أيضا كانت لغة التعبير الديني، استعمل المغاربة اللغة البونية، خاصة في الحواضر”، ثم قال: “لن نجانب الصواب إذا قلنا إنها كانت اللغة الرسمية للمملكة المورية في معظم تاريخها، تستعملها في أمور الإدارة والاقتصاد والدبلوماسية، فالكثير من الشواهد من المسكوكات وغيرها التي عثر عليها في الحواضر والمراكز التجارية التي عمّرها القرطاجيون والأهالي تحمل كتابة بونية، مثل النقود التي عثر عليها في ليكسوس، وطنجي، وخزف مدافن مدينة سلا”.

هذا الأمر بلغ ذروته “بعد تحول (البونية) إلى لغة عامية نسبيا، وهو ما تجلى في اتخاذ بعض الأهالي أسماء بونية”، و”ساهم الجنود الموريون الذين كانوا ينتسبون للجيش القرطاجي في نشر البونية لغة وثقافة بين الأهالي في الحواضر وخارجها”.وهكذا، “عاشت المملكة المورية في معظم أوقاتها ازدواجية لغوية وثقافية كبيرة وواضحة، فمن جهة اتخذت اللغة الأجنبية البونية ثم اللاتينية لغة رسمية أو شبه رسمية، استعملت في مجالات الإدارة والتجارة والدبلوماسية بالأساس، وإلى جانبها اللغة المورية التي كانت تستعمل في التواصل اليومي، وربما أيضا في المجال الديني، كما تؤشر على ذلك شواهد القبور… وتقدم مدينتا وليلي وليكسوس أدلة قوية على هذه الازدواجية”، يورد المصدر ذاته.

وفي آخر عهد المملكة المورية، قدم “عهد الملك الموري يوبا الثاني، النوميدي الأصل، مثالا بارزا على الازدواجية الثقافية التي عاشتها”؛ فقد “تربى هذا الملك في البلاط الروماني، وتشبع بثقافة الرومان والإغريق منذ أن كان عمره خمس سنوات، وعينه الإمبراطور الروماني أغسطس ملكا على موريطانيا سنة 25 قبل الميلاد، وقد اتخذت مملكة موريطانيا في عهده طابعا إغريقيا ولاتينيا واضحا”، وفق جبرون.
 
دولة الملوك الأمازيغ القدامى بالمغرب .. سلطة الأكليد مطلقة

دولة الملوك الأمازيغ القدامى بالمغرب .. سلطة "الأكليد" المطلقة

إن نشأة أي دولة ترتبط على الخصوص بتكون سـلطة سياسية، واتخاذ هذه السلطة شكل تنظيم سياسي وقد تجسدت السلطة المركزية في المـغـرب من خلال وجود شخص يطلق عليه اسم “الأكليد”.

ويمكن أن نعتبر أن كلمة “الأكليد” من المصطلحات السياسية الأولى التي رمزت إلى السلطة في المغرب، ومن الألقاب الأولى التي كانت تطلق على كل من كان يتولى أمور الدولة بالـبلاد ومن المعـروف أن هذه الكلمة مازالت لحد الآن تتداول في اللهجات البربرية المغربية، حيث ينعت الملك بـ”الأكليد”.

و قد استمد “الأكليد” سلطته، على الخصوص، من كونه زعيما قبليا، من جهة، وزعيما حربيا، من جهة أخرى.

1- “الأكليد” زعيما قبليا

أشار بعض المؤرخين القدامى إلى التركيـبـة الـقبلية التي تميز بها المغرب القديم، وقد ذكر المؤرخ اللاتيني بلين أهم القبائل التي كانت تستوطن المنطقة الشمالية من المغرب (أو ما سمي فيما بعد بموريتانيا الطنجية)، مصنفا إياها وفق الشكل التالي:

الميتاكونيتا التي كانت مستقرة قرب أعمدة هرقل.

السيكوسيون المستقرون على ضفاف البحر الأبيض المتوسط.

الأمازيغ الذين استوطنوا المنطقة المتواجدة بين الميتاكونيتا والسيكوسيون.

المورينسيون الذين كانوا يستقرون بالمنطقة الشرقية المحاذية لنهر ملوية.

الفوليبيون قرب مدينة وليلي.

البكواتيون والمكنتاي واللكسيون وغير ذلك من القبائل الشمالية.

أما قبائل الجيتوليين فقد كانت تستقر في المناطق التي توجد جنوب سلا.

ويبدو أن المورسيين أو المور كانوا أقوى القبائل ولعل قوة هذه القبائل لم تتأت فقط من كثرة أفرادها، وقوة عصبيتها، بل أيضا من موقعها الجيوستراتيجي فإذا تمعنا في خريطة بطليموس سنلاحظ استيطان المورسيين قرب نهر ملوية، مما دعم لديهم فكرة الحدود. كما أن قربهم من المنافذ الرئيسية للتجارة الخارجية للمغرب قوى نفوذهم.

فعبر الصحراء كانت تنتقل البضائع الإفريقية من ذهب وعبيد وعاج وفيلة لتصل إلى الموانئ المتوسطية أو الأطلسية. وهذه الموانئ هي التي كانت تشكل محطات تبادل تجاري مع الخارج، خاصة مع الفينيقيين والقرطاجيين، وفيما بعد مع الرومان.

ولعل مخـتلف هذه العناصر جـعلت المور يفكرون في توحيد كافة القبائل المحيطة بهم، ويشكلون من خلالها دولة قائمة الذات، فمما لاشك فيه، يقول كزيل، أن هذه الدولة تشكلت من خلال تحالف عدة قبائل تحت رئاسة سلطة موحدة.

وهذه السلطة الموحدة تجسدت، على الخصوص، في “الأكليد” فقد كان الأخير يعتبر زعيما ينتمي سياسيا إلى مختلف القبائل التي يمارس عليها حكمه، وعضويا إلى قبيلة المور التي يستمد منها عصبيته.

ورغم أن الكتابات التاريخية القديمة لا تسعفنا للتعرف بدقة على الملابسات السياسية التي ساهمت في وصول “العصبية المورية” إلى الحكم، فيمكننا أن نستند إلى فرضية كزيل في تحديد هذه الملابسات.

فهو يرى أن نجاح هذه العصبية في إخضاع القبائل الأخرى لسيطرتها كان أهم عنصر حاسم في وصول الموريين إلى السلطة وبالتالي شكل هؤلاء الركيزة الأساسية التي قامت عليها الدولة التي أصبحت تحمل اسمهم.

ومن هذه العصبية بالطبع ظهر زعيم سياسي أصبح، بانـتصار الموريـين، “أكليدا”، ومؤسـس أسرة حاكـمة وقد تعاقب أفراد هذه الأسـرة على الحكم فترة طويلة امتدت تقريبا من القرن الثالث ق م إلى القرن الأول ق م.

وقد اتخذ هذا التعاقب على الحكم شكلا وراثيا، يتقلد فيه أفراد الأسرة الحاكمة الملك وفق نظام خاص فالابن الأكبر لـ”الأكليد” هو الذي يخلف والده على الحكم، وعندما يتوفى هذا الأخير يرجع الملك إلى أكبر أبنائه.

ولعل ما يؤكد اتباع هذا النظام تشابه أسماء المـلـوك الـمـغـاربـة الذين تعاقبوا على حكم المغرب مند القرن الثالث ق م، كباغا، بوكوس الأول، بوكوس الثاني وقد بقي هذا النظام قائما حتى بعد انتقال الحكم من أسرة بوكوس الى الملك جوبا الثاني.

وبعد وفاة هذا الأخير صار الملك إلى ابنه بطليموس وقـد كـانـت لـ”الأكليد” سلطة كبيرة تمثلت في الصلاحيات الواسعة التي كانت يتمتع بها، وهكذا يشير سالوست إلى أن بوكوس الأول كان يعتبر نفسه من أكبر ملوك هذه الارض؛ وأكبر من يعرف من الملوك..

فهو كسالفيه ومن سيخلفونه، كان يمارس سلطة مطلقة على مختلف الرعايا الذين يعيشون بمملكته. وهكذا كان لـ”الأكليد” السلطة فـي إشـهار الحرب، واختيار السفراء وقيادة الجيش وقد وصف التازي ذلك من خلال ما يلي:

“لقد ظهرت المملكـة الماورية طوال ملك بوكوس منظمة كأحسن ما يكون التـنظيم، وكانت تتمتع بـ”هيرارشية” مـتـمـيـزة، لا يتطاول فيها الموظف الصغير على كبـيره.. فعلى رأس الدولة جميـعها الملك الذي يصـير إليه الحكم.. عن طريق وراثي.. وكان يتمتع بسلطة مطلقة، ولذلك نراه هو الرئيس المباشر للجيش، وهو الذي ترجع إليه وحده الـشؤون الدبلوماسية، فيختار السفراء الذين يبعث بهم الى المهمات، سواء داخل الرقعة المغربية أو خارجها ويستقبل البعثات الدبلوماسية”.

وإضافة الى ذلك؛ كان لـ”الأكليد” حق جباية الضرائب، وكذا إمكانية الحصول على مقاتلين من القبائل.

وقـد كان لـ”الأكلـيد” مجلس خاص يساعـده في مباشرة مختلف هذه الصلاحيات، ويقوم باستشارة أعضائه في البت في أمور الدولة، وهكذا أشار التازي إلى أن الملك “كان محاطـا بالجماعة أو بمجلس من أصدقائه وأقربائه ومساعديه، وكان المجلس يقوم على ما يبدو بدور هام، الأمر الذي يدل عليه إجراء الاتصالات الأولى بهذا المـجـلـس مـن لـدن الذين يهمهم أن يعرضوا أمرا على العاهل المغربي.. فعن طريق هذا المجلس كان يفصل في عدد من القضايا”. وتكمن أهمية هذا المجلس من خلال التكوين القبلي الذي كان يمـيزه وكذا التمثيلية التي يعكسها.

فالمجلس كان يتكون عادة من شيوخ القبائل التي كان لها نفوذ داخل الدولة، والتي كانت ممثلة من خلالهم كما كان “الأكليد” يدعم سلطته أيضا من خلال عقد تحالفات مع القبائل وتوطيدها من خلال المصاهرة مع شيوخها لذا فإن سلطة “الأكليد”، والتي لم تكن مطلقة بصفة عامة، كانت رهينة بعدة عوامل من أهمها:

– قوة الانتماء القبلي.

– خصاله العسكرية والحربية.

– خصائصه الكاريزمية.

– الحنكة السياسية التي يتمتع بها في ضبط ميكانيزمات التحالفات القبلية.

2- “الأكليد” زعيما حربيا

ويتجسد ذلك من خلال المهمة العسكرية لـ”ألاكليد” وكذا إشرافه على الجيش

أولا- الوظـيفة العسكرية لـ”الأكليد
اعتبر أغلب الباحثين بأن “المؤسسة الأكليدية” هي قبل كل الشيء “قيادة عسكرية”، فكزيل يرى أنه في كل الدول التي ظهرت في شمال إفريقيا، بما فيها الدولة المغربية، كانت فيها الملكية قيادة حربية، وأن مفهوم “الأكليد”، حسب كرنييه، كان له معنى عسكري، أما تراديل فيرى أن الدولة المغربية تشكلت من خلال تجمع كونفدرالية قبلية بزعامة قائد عسكري اتخذ لقب “أكليد”.

وهذه الصبغة العسكرية لـ”الأكليد” اقتضاها المحيط السياسي التي برزت فيه الدولة بالمغرب، سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي لذا فقد تمحورت الوظيفة الأساسية لـ”الأكليد” في الحفاظ على أمن الدولة الخارجي وضمان أمنها الداخلي.

– الحفاظ على أمن الدولة الخارجي:

إن الموقع الجيوستراتيجي للمغرب ووجوده في منطقة ساخنة باستمرار؛ جعل الدولة تـتعرض للتـهديدات الخارجية، وهكذا واجه الملوك المغاربة منذ البداية الأطماع التوسعية لقرطاجة؛ حيث أشار جوستان إلى أن حربا اندلعت بين الجيوش القرطاجية والجيش الموريتاني في منتصف القرن الخامس ق م، تلاها بعد ذلك عقد تحالف بين الطرفين.
كما وجد الملوك المغاربة أنفسهم مشاركين في الصراعات التي كانت تشتعل بين القواد القرطاجيين حول السلطة. وفي مواجهة التوسع القرطاجي؛ عقدت هناك تحالفات بين مسينسا والملك باغا، قـدم فـيها هذا الأخير مساعدات عسكرية لمسينسا مكنته من طرد القرطاجيين من مملكته واستعادة عرشه.

وفي الصراع الدائر بين قرطاجة وروما، من خلال ما يسمى بالحروب البونيقية، شارك الملوك المغاربة مشاركة فعالة في هذه الحروب، خصوصا أنها كانت تدور بالقرب من المغرب بعدما نقل هانيبال معاركه إلى إسبانيا.

وبعد انتصار روما، بدأت تفكر في الاستيلاء على منطقة شمال إفريقيا وتحطيم كل الدول البربرية، فتحالف بقشيش الأول مع يوغرطة لمقاومة المد الروماني.

لكن بعدما عاين “الأكليد” قوة الجيوش الرومانية، والعواقب الوخيمة التي قد يجرها الاستمرار في التحالف مع يوغرطة، فضل خيانة هذا الأخير والحفاظ على استمرارية الدولة المغربية.

وحتى بعد سيطرة روما على المنطقة، وخلال الحروب الطاحنة بين قواد روما للاستيلاء على الحكم، اضطر الملوك الـمـغـاربـة إلى الـدخـول إلـى هـذه الحروب، فكان تحالف بوكيد مع ماريوس، وتحالف بقشيش الثاني مع قيصر.

وأمام هذه الحروب المتعاقبة على المملكة، كانت مهمة “الأكليد” هي الحفاظ على كيان الدولة، والدفاع عنها عسكريا وكانت براعته الحربية وكذا شرعيته السياسية تتجسدان على الخصوص في ضبط تحالفاته العسكرية للحفاظ على استقلال البلاد.

– الحفاظ على أمن الدولة الداخلي:

كانت مهمة “الأكليد” تتحدد أيضا في الحفاظ على أمن الدولة الداخلي.وكانت مهمته في هذا الإطار جد صعبة، نظرا لطبيعة التركيبة القبلية بالمغرب ، فبالإضافة إلى مواجهته المؤامرات التي قد تحاك من طرف الطامحين للعرش من أبناء قبيلته، على “الأكليد” أن يواجه باستـمرار خطرين كبـيرين يهـددان وحدة الدولة. يتعلق الأول بتحرك البدو، وتهديدهم للمناطق الخاضعة لسلطته. لذا كان كثيرا ما يقوم بحركات تهدف إلى ردع هؤلاء البدو وإبعادهم إلى الصحراء.

أما الخطر الثاني، فيرتبط بميزانية الدولة وضمان مواردها بشكل منتظم. فبالإضافة إلى الضرائب العينية التي تدفعها القبائل المستقرة سنويا، واستحصال الرسوم الجمركية، كان على “الأكليد” أن ينظم بين الفينة والأخرى حركات لاستحصال الضرائب من القبائل التي تمتنع عن دفعها لإظهار قوته من جهة، وكذا للزيادة في موارد الدولة، من جهة أخرى.

ثانيا – رئاسة “الأكليد” للجيش

كان “الجيش هو الجهاز الذي تعتمد عليه سلطة الأكليد”، والأداة المحورية في تسييره لدفة الحكم. لذا حرص كل الملوك المغاربة على تنظيم الجيش والتحكم فيه ، كما أن معظم هؤلاء الملوك كانوا قادة عسكريين من الدرجة الأولى.وهكذا أشار أندريه جودان إلى أن “بقشيش الأول وخلفاءه كانوا من أنشط القادة العسكريين” أما أندريه جوليان فأكد على أن “الأكليد” هو قبل كل شيء قائد حربي، كانت تحت إمرته بشكل دائم فرق عسكرية من القبائل التي ينتمي إليها،

وبالأخص الفرسان، وفي الأوقات العصيبة كان يستجلب قوات عسكرية من القبائل الأخرى” ورغم التركيبة القبلية لهذا الجيش؛ فقد كان منظما بشكل عسكري، حيث كان يتألف من عدة فرق عسكرية، كانت تتمثل في الفرق الرئيسية التالية:

أولا: الفرسان.

ثانيا: المشاة .

ثالثا: أصحاب الفيلة.

وقد كانت هذه الفرق العسكرية مسلحة بمختلف أنواع الأسلحة فالفرسان كانوا يمتشقون السيوف والخـناجر والدروع وهكذا وصف أحـد الباحثين الفـرسان المغاربة بأنهم “فرسان بارعون، يتسلحون بالرماح والخناجر ويحتمون بدروع مصنوعة من جلد الفيلة” .

أما أصحاب الفيلة فكانوا يلعبون الدور الذي يلعبه سلاح المدفعية الثقيلة في الجيوش العصرية من دبابات وراجمات الصواريخ…، فكانوا يقذفون بالرماح من فوق الفيلة، التي كانت مدربة على هذه الحروب، ويعمدون إلى تخويف خيول العدو ، لذا حرص الملوك المغاربة على تدريب الفيلة التي كانت توجد بكثرة بالمغرب، ووضعها في الصفوف الأمامية أثناء الحروب ، أما فرق المشاة فقد كانت تسلح عادة بالرماح، والتي كانت رغم قصر طولها، تعتبر من أهم الأسلحة المستعملة من طرف هذه الفرق وكل هذه الفرق، بمختلف تركيباتها القبليةوالعسكرية كانت تحت إمرة “الأكليد”، الذي كان يعتبر بمثابة القائد الأعلى للجيش غير أنه كان، في بعض الأحيان يفوض لأحد أبنائه قيادة قسم من هذا الجيش.
 
التعديل الأخير:
قد يتفاجأ الزائر بأن المغرب القديم كان زاخرا بكل المقاييس حيث كانت هناك غابات كثيفة وأنهار ووديان جارية كما أن الحيوانات كانت مشابهة لماهي عليه الآن في غابات السفانا من فيلة واسود وفهود ،لا عجب أن يتم إستخدام الفيلة في شن حروب لتوطيد الحكم .
 

الجيش الموري​




منحوته من عمود تراجان لفرسان موريون (Moorish) بقيادة لوسيوس كوييتوس يحاربون إلى جانب تراجان ضد داسية في الحروب التراجانية الدراسية.

كان الملك الموريطاني هو القائد الأعلى للجيش ويشارك شخصياً أثناء الحرب فقد قاد الملك بوخوس الأول جيوشه ضد رومان و بوغود في إسبانيا و بلاد الإغريق و ساعد هؤلاء قادة سمتهم المصادر اللاتينية (بيرايفكتي) بينما سموا في المصادر الاٍغريقية (بستراتيكوا) إلا أن هؤلاء الملوك فضلوا إسناد هذه المهام اٍلى أقاربهم فكانت تعطى للاٍبن أو الأخ فبوخوس الأول مثلا عهد بها لابنيه فولكس "volux" وبوغود وأسندها بوكوس الثاني لاٍبنيه خلال حربهم ضد البومبيين بينما كلف بها فرموس اٍخوته وأخته.

نظرا للانتصارت التي أحرزها الفرسان الموريين في الحروب التراجانية الداقية بقيادة القائد الموري لوسيوس كوييتوس فقد خلد الروم هذه الانتصارات على عمود ترايانوس وأعجب الرومان بهذه الفرسان التي كانت تركب دون سراج ودون لجام وقد شكلت الخيول مفخرة للقادة الأمازيغ سيما ملوكهم لأنها يقظة ومطيعة وتتحمل المشاق وتنقاد بسهولة اٍما باللجام أو بدونه فبحركة واحدة تعدو وبأخرى تجمح وقد نقش الملوك الأمازيغ صور الفرس على نقودهم وقد أنقذت خفة وسرعة هده الأفراس في كثير من الأحيان القادة من عدة مآزق.

196991-196991-مقتل-أليعازر-إثر-معركته-مع-الفيل.jpg


وقد استعمل الأمازيغ الفيلة في حروبهم اٍلى جانب الفرس كقوة للردع فقد امتلك الملك الموري بوخوس الأول خلال القرن الثاني قبل الميلاد على الأقل ستين فيلا استعملها في الحروب حسب ما نقلته المصادر.

كما نقش بوخوس الأول صورة فيل على نقوده أما الملك الأمازيغي بوغود فكان في حوزته حوالي 30 فيلا وقد كانت عدة المحارب الأمازيغي تتكون من الدرع المستدير والبيضاوي الشكل والسهم المسنن والخودة والخنجر ويلبس القميص الفضفاض وحمالة السيف وجلد حيوان متوحش .
 
شكرا على هذا الموضوع الشيق . سؤال هل يتوفر هذا المؤلف في pdf و شكرا
 
عودة
أعلى