الحكومة الفرنسية تفشل في “لعبة التوازنات” بين المغرب والجزائر بشأن الصحراء
الخميس 16 فبراير 2023 -
كان بادياً خلال السنوات الأخيرة توجّه الحكومة الفرنسية نحو تعزيز علاقاتها مع الجزائر وتثمينها بشراكات في مجالات متعدّدة، أهمها المجال الاقتصادي، رغم أن هذا التوجّه كلّفها، وفق مراقبين، تضرّر علاقاتها مع الرّباط، ما اعتُبر فشلا واضحاً لباريس في ما يصفونها بـ”لعبة التوازنات” بالمنطقة المغاربية.
لكن المستجد الأخير في هذه “اللعبة”، والمتعلّق بما تصفه السلطات الجزائرية بـ”تورّط فرنسا في عملية الإجلاء السرية وغير القانونية” للناشطة الحقوقية والإعلامية الجزائرية المعارضة أميرة بوراوي، يطرح إمكانية خسارة رهان “قصر الإليزيه” على التوجه إلى الجزائر على حساب علاقاته الثنائية مع المغرب.
وبالفعل، لم تتأخر السلطات الجزائرية في إرسال “مذكّرة رسمية” عبّرت فيها عن “احتجاجها بشدة على عملية الإجلاء السرية وغير القانونية” لبوراوي المطلوبة لدى القضاء الجزائري، واستدعائها “الفوري” لسفيرها في باريس، سعيد موسي، للتشاور، منذ أسبوع، دون إعلان عودته، وسط تكهنات بأزمة دبلوماسية جديدة بين البلدين قد تعصف بشراكات قديمة وحديثة.
في المقابل، وفي سياق احتمال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المغرب في الربع الأول من السنة الحالية، وفق كاثرين كولونا، وزيرة الخارجية الفرنسية التي قدمت في دجنبر الماضي للترتيب لهذه الزيارة، يطرح الملاحظون إمكانية سعي الإليزيه نحو إعادة تقريب وجهات النظر مع الرباط، التي أكدت، في بداية الشهر الجاري –رسميا- شغور تمثيليتها بباريس، الأمر الذي أرجعته تقارير إعلامية إلى “استمرار عدم وضوح الموقف الفرنسي من ملف الصحراء المغربية”.
عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، قال إنه رغم كون جميع الاحتمالات تبقى واردة، لكن الأكيد أن المغرب “لن يتخلّى عن النظارة التي ينظر بها إلى العالم”، والمتعلقة بملف الصحراء، مذكّراً بالخطاب الملكي لـ20 غشت الذي اعتبر هذا الملف “المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
لكن هذا الملف، يضيف البلعمشي، في تصريح لهسبريس، “دائما ما توظّفه باريس في علاقتها مع المغرب للضغط والابتزاز من أجل الحفاظ على مصالحها، عبر خرجات متنوعة سواء في الإعلام أو البرلمان”، مذكّراً في المقابل بأنه على المستوى الأممي لم يثبت أن فرنسا تُعاكس –بشكل واضح- الطرح المغربي لحل النزاع المفتعل في الصحراء.
وسجّل الخبير في العلاقات الدولية، رئيس “المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات”، انتقال فرنسا في تعاملها مع المغرب إلى نوع من التضييق، بعد الإقرار الأمريكي بمغربية الصحراء، الأمر الذي برز، حسبه، في عدة مناسبات، من بينها تحرّكات نوّابها في البرلمان الأوروبي وتوظيفهم ملفات سياسية وحقوقية للضغط على المغرب.
ويرى الأستاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش أن “ما يزيد من الضغط الفرنسي على المغرب وعدم الإقدام على اتخاذ الموقفين الإسباني والألماني من الصحراء المغربية –إلى جانب محاولة باريس الاستفادة القصوى من الشراكة مع الجزائر- هو تخوّفها من حجم تطور العلاقات الثنائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ثم التوجه المغربي نحو إفريقيا”.