التنسيق العسكري بين المغرب وأمريكا يحذر من تواطؤ الإرهاب والانفصال
ألقت المباحثات العسكرية بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء الفائت، الضوء على “ارتباط الجماعات الانفصالية بالإرهاب”، في خضم التوتر الأمني والإقليمي الذي تعرفه المنطقة.
وجاء في بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية على إثر زيارة الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا (USAFRICOM)، أن “مباحثات المسؤول الأمريكي مع المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، محمد بريظ، تناولت الوضع الأمني الإقليمي، المتفاقم جراء تواطؤ الجماعات الإرهابية مع الجماعات الانفصالية والشبكات التي تنشط في الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر”.
وبالعودة إلى السياقات الاستراتيجية المشتركة التي تجمع البلدين على المستوى الأمني، يبدو أن واشنطن أصبحت تعي جيدا ارتباط الانفصال بالعمليات الإرهابية، وهو ما تجسد في تحذيرات سفارتها بالجزائر مع قرب تنظيم ماراثون الصحراء.
وسبق أن نهبت مجموعة من التقارير العالمية إلى الأدوار الإرهابية التي أصبحت تلعبها جبهة البوليساريو في المنطقة، من اتجار بالبشر وتلقي الدعم والتدريب من الجماعات الإرهابية بالساحل الإفريقي.
ارتباط متجسد
وقصد استشراف دلالات البلاغ سالف الذكر، قال حسن سعود، خبير أمني واستراتيجي، إن هذا الارتباط الذي تم ذكره في البلاغ، “أصبح واقعا متجسدا”.
وأضاف سعود ، أن “النماذج واضحة، سواء في تندوف من قبل جبهة البوليساريو، أو جماعات انفصالية أخرى في إفريقيا، كمثال الموزمبيق أو الصومال”.
واعتبر الخبير الأمني والاستراتيجي ذاته أن الإرهاب يستغل الانفصال حتى يتمركز بشكل مريح، وهو ما تمت ملاحظته أيضا في مالي حيث تنتعش العمليات الإرهابية.
وبين المتحدث أن هاته الرؤية أصبحت ظاهرة أيضا بالنسبة للمنتظم الدولي، إذ إن الأمم المتحدة ترى الارتباط نفسه، مشيرا إلى أن “مباحثات أمريكا والمغرب، الأربعاء، تأتي أيضا في ظل الوعي الأمريكي والدولي بهذا الأمر”.
واسترسل شارحا: “حتى نفهم أدوار البوليساريو في المنطقة، نلقي نظرة على ممارسات الحوثيين في اليمن، حيث يطالبون بالانفصال وفي الوقت ذاته يقومون بعمليات إرهابية في البحر الأحمر”.
ولفت سعود إلى أن “ارتباط جبهة البوليساريو بالإرهاب بكل تأكيد يقابله وعي دولي، خاصة فيما يهم تداعيات ظهور دولة جديدة في المنطقة، التي تعرف بحالة التهديدات الناشئة، ما يعني تراجع مطالب البوليساريو، مقابل تنامي الدعم للموقف المغربي”.
غياب المستقبل يفرض هذا الارتباط
من جانبه، سجل عبد الحق باسو، خبير استراتيجي، أن الارتباط المشار إليه في البلاغ، “موجود بالفعل كما هو الحال لدى العديد من الجماعات الانفصالية في إفريقيا”.
وأضاف باسو، أن سبب وجود جبهة البوليساريو من هذا المنطلق، هو “غياب أي استراتيجية لها، وأية فرص ممكنة نحو المستقبل”.
وأورد الخبير الاستراتيجي أن “عناصر الجبهة الذين يدعون التحرير يتواجدون في تندوف، بدون أي شغل، أو فرص عمل، فيبقى لهم فقط الاشتغال في التهريب، والاتصال مع الجماعات الإرهابية لتحقيق الربح المادي”، على حد تعبيره.
وأفاد المتحدث بأن “العديد من الأمثلة الأخرى توجد في الساحل، على غرار قضية الأزواد حيث لوحظ في السابق وجود ارتباط مع تنظيم القاعدة”.
“حتى نقوم بتفكيك البلاغ، وقراءة لتحذيرات الدول الغربية الأخيرة، ففي تندوف لا يوجد أمام المحتجزين، وحتى عناصر البوليساريو، أي مستقبل، فلذلك يلجؤون إلى الأنشطة المحرمة والاتصال مع الجماعات الإرهابية والإجرامية”، يردف باسو.
وأجمل قائلا: “المنتظم الدولي لا يرتاح حتى يتوفر الاستقرار، ومنطقة تندوف منطقة رمادية، فلا أحد يعرف هل هي تابعة للبوليساريو أم للسلطات الجزائرية؟”.