إن المخاوف من استخدام السلاح النووي ليست وليدة الفراغ، فقد كبّد هذه السلاح البشرية خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وما تزال تداعيات استخدامه تفتك بشعوب تعرضت له رغم مرور عقود على ذلك.
لقد كانت الولايات المتحدة أول دولة تمتلك السلاح النووي، فقد أجرت تجربة نووية في 16 يوليو/تموز عام 1945 في صحراء نيو مكسيكو.
وبعد ذلك بأقل من شهر، كانت الولايات المتحدة أول وآخر دولة تستخدم هذا السلاح في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، ففي صبيحة السادس من أغسطس/آب 1945 أسقطت قاذفة القنابل "بي 29" قنبلة ذرية تزن 4 أطنان على مدينة هيروشيما اليابانية.
وعلى الفور قتلت القنبلة 80 ألف شخص، ولاحقا ارتفع عدد القتلى إلى أكثر من 120 ألفا، ولحق دمار هائل بالمدينة والمناطق المحيطة بها.
لكن اليابان لم تستسلم، فأعادت الولايات المتحدة الكرّة بعد 3 أيام وأسقطت قنبلة أكبر وزنا على مدينة ناغازاكي وقتلت 70 ألف شخص على الفور، وحينئذ رفعت طوكيو الراية البيضاء.
وإلى جانب القتلى، ألحق الإشعاع النووي تشوهات وأمراضا كثيرة بسكان تلك المناطق، ولم تتعاف اليابان حتى اليوم من الأضرار الناتجة عن الضربتين.
ورغم أن العالم بادر إلى محاولة احتواء السلاح الذري ووأْده في المهد، فإن تلك الجهود كانت ضربا من العبث، فبعد 4 سنوات من تفجير القنبلة النووية جاء دور روسيا وبدأت تجاربها النووية.
ومن بين المعاهدات الرامية إلى احتواء خطر هذا السلاح: معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ومعاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء، ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
وتقول الأمم المتحدة "إنه لا يزال هناك 22 ألفا من هذه الأسلحة في عالمنا اليوم، وإنه أجري حتى اليوم ما يزيد على ألفي تجربة نووية، وإن نزع السلاح هو أفضل وقاية من هذه الأخطار".
وإذا كانت الولايات المتحدة أول وآخر دولة تستخدم السلاح النووي في الحرب، فإن دولا أخرى تسبّبت في إزهاق أرواح عديدة من خلال تجارب نووية غير مشروعة أو عبر الفشل في صيانة المنشآت النووية.
فرنسا بدأت تجاربها النووية في صحراء الجزائر عام 1960 (غيتي)
فمن صحراء الجزائر دخلت فرنسا نادي الدول النووية حيث أجرت تجربتها النووية الأولى ففجرت قنبلة ذرية يوم 13 فبراير/شباط 1960، تحت اسم "اليربوع الأزرق".
وتقول تقارير جزائرية إن فرنسا أجرت 57 تفجيرا وتجربة نووية في صحراء الجزائر الكبرى، وخلّفت هذه التجارب قتلى من المدنيين والعسكريين وسبّبت أمراضا وتشوهات لسكان المناطق المجاورة.
وفي 2009 تحدثت وزارة الدفاع الفرنسية عن إصابة عدد من الجنود الفرنسيين جراء التجارب النووية في صحراء الجزائر، وأعلنت عن برنامج لتعويض المتضررين، قائلة إن قلة منهم كانوا جزائريين.
لكن الرواية الجزائرية تختلف كليا عما تقوله باريس، ففي حديث لوسائل الإعلام قال وزير الخارجية الأسبق صبري بوقادوم إن ضحايا التفجيرات النووية الفرنسية في بلاده تجاوزوا 30 ألفا.
وقال لوكالة الأنباء الجزائرية في وقت سابق إن هؤلاء السكان أصيبوا بأمراض ناجمة عن التعرض لنشاط إشعاعي. ووفق الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن 24 ألف شخص تعرَّضوا لمشكلات بسبب هذه الإشعاعات.
وتقول الرابطة إن الجيش الفرنسي عرّض عمدا 150 سجينا جزائريا لهذه الإشعاعات لمعرفة مدى تأثير الإشعاع على البشر بمعنى "استعمالهم كفئران تجارب".
وفي 26 أبريل/نيسان من عام 1986 وقعت كارثة في محطة تشيرنوبل للطاقة النووية بشمال أوكرانيا الخاضعة آنذاك للاتحاد السوفياتي.
وعن سبب هذه الكارثة، تقول الأمم المتحدة "بدا أن إيقاف النظام مدة 20 ثانية لاختبار أثر انقطاع الكهرباء هو مجرد اختبار آخر للمعدات الكهربائية، إلا أن خطأ في التشغيل بعد إغلاق توربينات المياه المستخدمة في تبريد اليورانيوم المستخدم وتوليد الكهرباء أدى إلى ارتفاع حرارة اليورانيوم بالمفاعل الرابع إلى درجة الاشتعال. وبعد 7 ثوان، أدى ارتفاع درجة الحرارة إلى إحداث موجة انفجار كيميائية، أطلقت بدورها ما يقرب من 520 نويدة من النويدات المشعة الخطرة إلى الغلاف الجوي".
ووفق تقرير أممي، فإن قوة الانفجار أدت إلى انتشار التلوث في بيلاروسيا وأوكرانيا وروسيا، ولقي 31 شخصا حتفهم على الفور، وتعرض 600 ألف من المشاركين في مكافحة الحرائق وعمليات التنظيف لجرعات عالية من الإشعاع.
"ووفقا لتقارير رسمية، تعرض ما يقرب من 8 ملايين و400 ألف شخص في بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا للإشعاع، وتعرض للتلوث 155 ألف كيلومتر مربع من الأراضي التابعة للبلدان الثلاثة".