الرئاسة السورية: بشار الأسد يصل إلى الإمارات

 

التقارب العربي مع النظام.. بين الرفض والتخوفات والشروط

================

في مارس 21, 2023


يثير التقارب السوري مع بلدان المنطقة عديد المخاوف بخصوص إمكانية إعادة التطبيع مع نظام بشار الأسد خاصة بعد أن تعالت أصوات بعض الحكام العرب بضرورة التسريع بفتح السفارات في دمشق والقنصليات والبدء في استئناف العلاقات التي كانت مجمدة منذ سنوات، تلك المخاوف تثيرها أيضا المعارضة التي عبّرت علنا عن رفضها القطعي لإعادة بناء هذا النظام الذي تعتبره منتهي ولا شرعية له منذ قال الشعب السوري ‘إرحل” عام 2011.

وتعتبر المعارضة السورية إنّه لا جدوى من هذه الخطوات التي تسعى لإعادة التطبيع بعد كل هذا الدمار والخراب والتهجير والقتل والاعتقال وسياسة حرق البلد التي اعتمدها النظام لتخويف السوريين، وتشدّد على ضرورة العودة للقرارات الدولية التي كانت صريحة وواضحة مع أشكال الحل السياسي الذي ينتظره السوري بمختلف أطيافه السياسية وتوجهاته ومكوناته.

ويرى محمد يحي مكتبي، عضو الهيئة السياسية بالائتلاف الوطني السوري المعارض، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ الهرولة العربية نحو التطبيع مع النظام السوري هو بمثابة المكافأة المجانية للأسد على كل سنوات الخراب وتقتيل السوريين وتهجيرهم في الداخل والخارج وبعد ممارسات شتّى أنواع التعذيب للمعتقلين في سجونه، مشددا على أن الائتلاف بيّن مواقفه المعارضة لهذا الانفتاح أو التقارب حيث أنّ ذلك لن يغيّر من سلوك النظام وعنجهيته إطلاقا، وهو الذي يسلك سلوكا مافيويا لن تغيّره أيّ جهة كانت .

وتابع: النظام السوري لن يسامح أي سوري قال له إرحل يوما ما، فكيف يسامح دولا عربية أو غربية عارضت سياسته سابقا وساندت الشعب السوري طوال الثورة بشتّى أنواع الدعم والمساعدة، النظام الذي أرسل شحنات من الأسلحة والذخيرة والمخدرات إلى عدة دولة لزعزعة استقرارها الداخلي لا يمكن أن يُتسامح معه ويعاد إلى الجامعة العربية وغيرها من المؤسسات، جرائمه دفعت الولايات المتحدة الأمريكية لإصدار قانونا للوقوف في وجه اسكوبار سورية”.

وأردف: لسنا ضد أي دولة من الدول التي تسعى للتطبيع معه ونحن نحترم الدول الشقيقة التي ساندتنا ولو اختلفت مواقفنا بخصوص التقارب مع الأسد لأننا نعتقد أنّ هذا التقارب لن يخدم العربية في أي شيء، والأسد هو بيدق صغير في يدّ اللاعب الروسي والإيراني يحركانه وفق مصالحهما، والمشروع الإيراني المزعزع للمنطقة والعابر للحدود مثله مثل مشروع تنظيم داعش الإرهابي الذي ضرب المنطقة، وهو مخطط تعمّق وسط سورية من الناحية السياسية والعسكرية والاجتماعية وحتى الدينية من خلال نشر التشيّع بين صفوف السوريين مستغلين الوضع المعيشي الصعب لتحقيق أهداف خطيرة بعيدة المدى”.

وبخصوص المساعي لإعادة النظام للجامعة العربية، علّق محدثنا: لو تمت إعادته يجب أن يتأكد العرب أنه أصبح بينهم مندوب لخامنئي في عقر بيتهم العربي ومشروع إيراني سيواصل ضرب كل المنطقة العربية بدءً من العراق مرورا بسورية إلى لبنان واليمن وغيرهم من الدول التي يحاول نظام الملالي الامتداد فيها على غرار دول المشرق العربي و أيضا مصر العربية، ووجود الأسد سيكون عاملا مساعدا لمزيد من التغلغل الإيراني في المنظومة العربية”.

من جانبه أفاد الأمين العام للحزب اليسار الكردي في سورية، محمد موسى محمد، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأنّنا لسنا ضد الانفتاح من حيث المبدأ لكنه وجب أن يكون ضمن شروط محددة فما حصل في سورية منذ 2011 تسبّب في المزيد من الخراب والدمار وملايين المهجرين والنازحين وعشرات الألاف من المفقودين والمعتقلين وآخرهم القتلى الذي راحوا ضحية للحرب الداخلية بين النظام والمعارضة المسلحة، فضلا عن إشكال اللاجئين التي تعتبر من المشاكل المستعصية جدا، أما عملية التطبيع التي قد تتم بتجاوز مجمل هذه العقد والإشكاليات التي لازالت عالقة، معتقدا أن الانفتاح في الوقت الحالي والظروف الراهنة لن يحصل بسبب تلك العوامل المعرقلة على المستوى الشعبي والمعارضة.

وأكّد أنّ المعارضة الوطنية الديمقراطية ترفض الانفتاح إذا كان خارج شروط معينة بدءً من عدم لجوء النظام إلى تصحيح مساره وبنيته وغيره من الشروط العاجلة، فضلا عن وجود بلدان وقوى دولية متنفذة كالولايات المتحدة وحلفائها من الغرب والتي تؤكد أن أي تطبيع مع النظام يجب أن يتم وفق القرارات الأممية 2254 : أعتقد أن هذا الانفتاح والتهافت العربي على استعادة علاقاته مع الأسد وعودته للجامعة العربية دون أن يكون هناك تغييرات أو مقدمات تغييرية على مستوى السوريين أعتقد أنه لن يحدث أي تقارب”.

وذكّر باحتجاجات عشرات الآلاف في الفترات الأخيرة في مختلف المناطق السورية تنديدا بإمكانية المصالحة بين تركيا ودمشق وهو عوامل يصعب أن يُقبل فيها التطبيع.

وتطرق لمساعي الجانب الروسي للضغط على واشنطن وحلفائها نتيجة الحرب الأوكرانية التي تشتدّ يوما تلو الآخر في وقت يحاول فيه النظام السوري الخروج من هذا الطوق بشكل من الأشكال ولو شكليا، إضافة إلى غايات النظام التركي المقبل في انتخابات مصيرية بالنسبة له سيما وأنها انتخابات حاسمة بالنسبة لرجب طيب أردوغان وإشكاليات إمكانية تجاوز مشاكله في الداخل والخارج.

بخصوص تخوفات الكرد من اللقاءات الأخيرة بين النظام والأنظمة العربية والغربية وإمكانية تأليب السوريين ضد الإدارة الذاتية، قال محدثنا: بالتأكيد لدينا مخاوف من أيّ علاقة تطبيع بين النظامين السوري والتركي والسبب تلك الشروط المخيفة من الأسد للأتراك لمعالجة وضع المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سورية على غرار إدلب ومحيطها وأيضا تلك الشروط التركية للقضاء على الإدارة الذاتية وهي النقطة الأساسية التي يتم تداولها بين النظامين المذكورين ونحن نعتقد أن هذا الإتّفاق هو الحلقة الأولى من التآمر على الوضع الكردي القائم وماتحقّق من مكاسب من خلال بناء إدارة ذاتية ديمقراطية وقوات عسكرية وهي قسد”.

من جانبه قال، المحامي محمد علي الصايغ، عضو اللجنة الدستورية لهيئة التفاوض، في حديث مع المرصد السوري إنّه في ظل الاضطرابات العميقة في المشهد الدولي، وعلى خلفية الابتعاد الأمريكي عن الشرق الأوسط وتركيزها على شرق وجنوب آسيا، وفي خضم الحرب الأوكرانية والتجاذب الدولي واصطفافاته، كان لا بد من وجود من يملئ الفراغ في الشرق الأوسط الذي تتفاعل فيه بشدة الاهتزازات والحروب، على خلفية ذلك تحرّكت الصين باتجاه دولتين من أكبر الدول الإقليمية في المنطقة وهما إيران والسعودية لإيجاد دور لها في هذه المنطقة الحيوية من العالم، معتقدا أنّ التطبيع مع الأنظمة العربية قادته منذ أكثر من سنتين اسرائيل ومن خلفها أمريكا ودخول الصين على خط التطبيع فتح بابا جديدا تعثرت الدول الأخرى في إنجازه ..

وإعتبر المحامي السوري أنّ الانفتاح العربي على النظام السوري يأتي في السياق ٱنف الذكر وإن كانت عمليات التطبيع موجودة منذ سنوات خاصة وأن الدول الخليجية هي من عملت على إجهاض الثورة السورية خشية وصول تبعاتها إذا انتصرت إلى دولها، وتابع: “بعد أن ضعفت المعارضة وأًضعفت إلى حد كبير، بدأت عمليات التطبيع مع النظام تتوالى … “.

ولفت إلى أنّه إذا كان النظام لا يملك ما يقدّم مقابل التطبيع ، فإن مركز سورية الجيو-سياسي مهم على صعيد الاستراتيجيات السياسية كما من المهم أن تدخل دول الخليج وشركاتها في الاستثمار داخل سورية ، كمنطلق وباعتبارها مركز مهم في التجارة الدولية ..

ويرى محدثنا أنّ أي خطوة للتطبيع مع النظام السوري لها إيجابياتها وسلبياتها على المعارضة السورية، ولا شك أن المعارضة الخارجية وخاصة المرتبطة بأجندات ومصالح ذاتية وفئوية هي الأكثر تضررا، : “وما دام قطار التطبيع قد بدأ بالتحرك فبإمكان المعارضة – بعد القيام بمراجعة ذاتية ، والعمل باستراتيجيه موحدة – أن تضغط باتجاه – عبر الاتصالات واللقاءات والحراك الدبلوماسي – بالتحرك جديا تجاه الدول التي تعمل على التطبيع ، في الضغط على النظام للسير باتجاه الحل السياسي وفق القرارات الدولية وخاصة بيان جنيف 1 والقرار 2254 / 2015 التي مازالت تلك الدول تؤكد على إرتباط التطبيع بالحل السياسي في سورية ، خاصة وأن الدول الغربية وأمريكا أعلنت في اجتماعها الرباعي على رفض التطبيع مع النظام واستمرار العقوبات عليه وما تشمله تلك العقوبات وامتدادها على الدول المطبعة مع النظام .. “

وختم بالقول: “السؤال هنا بعد الموقف الأمريكي في الاجتماع الرباعي ، هل من الممكن للدول الخليجية تجاهل الموقف الأمريكي والاستمرار بالتطبيع أم أنها ستعود خطوة إلى الوراء انتظارا لما تتحرك عليه السياسات الدولية ، ومعطيات الحرب الروسية الاوكرانية وتأتي عودة سورية إلى الجامعة العربية معطى جزئي ضمن معطى التطبيع العام والمؤشرات إلى الٱن أن القمة العربية ضمن إطار الجامعة العربية التي ستعقد قريبا لن يتم دعوة سورية لحضور اجتماعاتها، وبالتالي إعادة سورية إلى الجامعة العربية رهن بمدى تسارع عمليات التطبيع أو توقفها انتظارا لما تفرزه التفاعلات الدولية وتوازناتها”.


 
عودة
أعلى