الألـغـام الـبـحـريـة Naval mines

عــمــر الـمـخــتــار

رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي
عضو قيادي
إنضم
14/5/19
المشاركات
5,688
التفاعلات
30,129
بسم الله الرحمن الرحيم
1444/7/5 - 2023/1/27

underwater-sea-mine-danger-weapon-deadly-naval-ocean-sea_bpocqo-8__F0000.png


اللغم البحري هو جهاز متفجر قائم بذاته، يوضع في الماء لتدمير الغواصات والسفن السطحية، ويستخدم أيضًا لمنع ولحجر العدو من الوصول إلى مناطق محددة. تساهم الألغام البحرية بمختلف أنواعها مع بقية منظومات الأسلحة البرية والبحرية والجوية، في حماية سواحل الدول وطرق الملاحة، والأهم من ذلك أن لها دوراً بارزاً في حماية السواحل ضد التهديدات البحرية، وخاصة عندما تكون السواحل ممتدة ويتعذر تغطيتها وحمايتها بالكامل بالقوات، سواءً البحرية أم البريّة. كما أنها تعمل على منع العدو البحري من استخدام مناطق شاسعة من السواحل، وبهذا فهي تسهم بشكل كبير في الاقتصاد بالجهد، وذلك في حال محدودية القطع البحرية والقوى البشرية.

الإطار القانوني الدولي

أصبحت الألغام البحرية وسيلة شائعة للحرب البحرية منذ أكثر من قرن، وقد أدى الاستخدام المتكرر للألغام البحرية وتأثيرها السلبي على الشحن التجاري، إلى اتفاق الدول على قيود قانونية دولية محددة على استخدام الألغام البحرية، المنصوص عليها حاليًا في اتفاقية لاهاي. لا يوجد تعريف في القانون الدولي لما يشكل لغمًا بحريًا. ومع ذلك، يعرّف الناتو الألغام البحرية بأنها "جهاز متفجر يوضع في الماء أو في قاع البحر أو في باطن أرضه، بقصد إتلاف السفن أو إغراقها أو منع السفن من دخول منطقة ما".

بشكل عام، فإن الألغام البحرية يمكن تصنيفها إلى 3 أنواع:

1- ألغام عائمة drifting Mines

2- ألغام راسية moored Mines

3- ألغام القاع Seabed/bottom Mines

على عكس الألغام المضادة للأفراد -التي تعتبر سلاحًا محظورًا على الدول التي صادقت على اتفاقية أوتاوا- فإن الألغام البحرية سلاحًا قانونيًا، حيث يتم تقييد استخدامه وتنظيمه بموجب قانون المعاهدات والقانون الإنساني الدولي العرفي.

من أنواع الألـغـام البحرية من حيث طريقة التفجير:

1- الألغام الصوتية، وهي التي تنفجر عند تأثرها بصوت مراوح الدفع للسفينة.

2- ألغام الالتماس، وهي التي تنفجر عندما تلمسها السفينة أو تلمس الهوائيات البارزة منها.

3- الألغام المغناطيسية، وهي التي تنفجر في المجال المغناطيسي الذي يحيط بمعدن السفينة.

4- ألغام الضغط/التأثير، وهي التي تنفجر عندما تتسبب السفن العابرة في تغيير ضغط الماء حول الألغام.

تصنيف الألغام حسب الغرض العملياتي إلى:

ــ أغراض الاستنزاف: الغرض منه استخدام الألغام بصورة مكثفة لاستنزاف العدو وخفض قدراته القتالية، وذلك بتدمير أكبر عدد من سفنه بواسطة الألغام، وبالتالي يتحقق الهدف المطلوب وهو استنزاف قدراته وشل حركته.

ــ أغراض الإغلاق: تستخدم الألغام البحرية بغرض إغلاق منطقة ما، حيث تستخدم الألغام لإغلاق المنطقة المطلوب إغلاقها وحرمان العدو من حرية استخدامها بوساطة قواته البحرية، وخير مثال على ذلك ما حدث في حصار الموانئ اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية لفترة طويلة من الزمن بوساطة الأسطول السابع الأمريكي.

ــ أغراض الإزعاج: لتحقيق هذا الغرض، تزرع الألغام بطريقة عشوائية في مناطق مختارة لإرباك الملاحة البحرية، كما حدث في الحرب الكورية وفي حرب الاستنزاف عام 1968-1970

ــ أغراض الردع: يتم استخدام الألغام للردع من خلال الإعلان بأن هنالك مناطق في البحر ملغمة وفقاً لمتطلبات القوانين المتعلقة بالصراعات المسلحة، وبهذا يتحقق الردع الكافي لقوات العدو البحرية وحرمانها من حرية المناورة في هذه المناطق، علماً بأنه قد تكون المنطقة ملغمة أو غير ملغمة، إذ إن مجرد الإعلان عن تلغيم هذه المناطق يحقق الردع المنشود، كغرض تعبوي لاستخدام الألغام.

من استخدامات الألغام البحرية

لقد تم استخدام هذا السلاح في مختلف النزاعات المسلحة، كحرب القرم 1853، والحرب الأهلية الأمريكية 1861، والحرب الصينية الفرنسية 1884، والحرب الروسية اليابانية 1904، والحرب العالمية الأولى، والحرب الأهلية الإسبانية 1936، والحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام 1955-1972، والحرب المصرية الإسرائيلية 1973، والحرب بين إيران والعراق 1980-1988، والحرب العراقية الكويتية 1991، والحرب الأهلية الليبية 2011، وفي الثورة السورية، وفي الحرب اليمنية 2017-2018...

في الواقع، لقد أصبحت الألغام البحرية أحد الأسلحة الفتاكة التي يستخدمها النظام السوري -المعتوه- ضد المدنيين، حيث لا يُعد غريباً على نظام الأسد استخدام كل ما يجده من قوة لقصف وتدمير ما تبقى من سوريا. لقد تم توثيق في مرات عدة استخدام الألغام البحرية في مدن سورية منذ 2012، وأظهرت الصور لغم بحري غير منفجر بعد إلقائه من من مروحية، وقد رُبط في قسمه الخلفي مظلة ملونة صغيرة. تُربط تلك المظلة في نفس المكان الذي يُربط به حبل تثبيت اللغم بقاعدته التي تحدد عمق طفوه تحت سطح الماء، ومهمتها تخفيض سرعة سقوطه وتوجيهه نحو الأسفل، حيث يعتقد أن النظام بدل مجموعة صواعق اللغم بصاعق مصنوع محلياً مختلف عن صواعق اللغم الأساسية.

معظم الألغام التي وثق استخدامها من قبل جيش النظام تعتبر ألغاماً صغيرة الحجم لا يتجاوز قطرها 75 سم ولا يتجاوز وزن اللغم 150 كغ. بذلك تعتبر صغيرة الحجم مقارنة بالبراميل المصنعة محلياً التي اعتاد النظام استخدامها. عادة ما تحتوي هذه الألغام على نصف حجمها من المتفجرات فقط فالنصف العلوي يترك فارغاً ليصبح للغم (كتلة حجمية) مناسبة لكي يطفو باتجاه معين بحث تكون حساساته للأعلى، أي أن النظام يستطيع إضافة كمية إضافية من المتفجرات إلى هذه الألغام؛ بسبب وجود هذا الفراغ في القسم العلوي من اللغم ما يزيد من فاعليته.

حيث يسمح حجم الألغام ووزنها الصغير للطائرة بحمل عدد كبير من الألغام يصل إلى عشرين لغماً، ما يسمح له بالتسبب بمساحة دمار أوسع من تلك التي يتسبب بها برميلان أو ثلاثة كبيرة الحجم، حيث يتسبب انتشار الألغام على مساحة كبيرة وتساقطها متباعدة عند إلقائها من الحوامات المزيد من الدمار الذي لا يتسبب به البرميل المفرد حتى لو كان كبير الحجم. يميل النظام السوري لاستخدام البراميل المتفجرة تجاه المناطق السكنية في المدن بحكم كثافتها السكانية وتواجد أبنية متعددة الطبقات، في حين يستخدم براميل الكلور والألغام البحرية في قصف الأرياف منخفضة كثافة السكان التي تتباعد فيها الأبنية المشكلة أساساً من طبقة واحدة وتوجد فيها الكثير من المساحات الخالية والمزارع.

تطور تقنيات الألغام

لعبت الألغام البحرية دوراً مؤثراً في الصراع البحري منذ أكثر من مئة عام، وقد طرأ على هذا السلاح تطور كبير في السنوات الأخيرة، حيث دخلت تقانات متقدمة جداً في تصميم الألغام، الأمر الذي يزيد من أهمية وقدرة الألغام البحرية، وقد شمل التطوير طريقة عمل الألغام، وأسلوب تهديدها للأهداف البحرية، ومن أبرز مجالات التطور في حرب الألغام البحرية ما يلي:

ــ يمكن التحكم في الألغام البحرية عن بعد بوساطة إرسال الأوامر إليها عن طريق الأجهزة السونارية، وعلى ذلك تستطيع هذه الألغام أن تبقى في حالة انتظار في قاع البحر لفترات طويلة يمكن التحكم بمدتها


ــ أصبحت بعض هذه الألغام مزودة بمعدات وأجهزة إلكترونية دقيقة متقدمة، تستطيع أن تميز البصمة الصوتية والبصمة المغناطيسية للهدف

ــ قدرة بعض الألغام الحديثة على أن تحفر لنفسها في قاع البحر بحيث تختفي عن النظر وبالتالي يصعب اكتشافها


ــ تطوير نوعيات من الألغام تصعد من القاع إلى الأعماق القريبة من السطح حتى يكون انفجارها في المدى المؤثر على السفينة المرصودة

ــ تطوير أنواع متقدمة من الألغام البحرية التي تستطيع أن تطلق طوربيداً موجهاً علــى الهدف، وذلك بمجرد شعورها بوجوده
ــ أصبحت بعض النوعيات منها قادرة على التحرك

الـخـــــاتـمـــــــــــــــة

تحمل الألغام بشكل عام أهمية خاصة مقارنة بالأسلحة الأخرى، إذ تشتمل على أثر تدميري ونفسي كبيرين، فهي سلاح يعمل في الخفاء ويحقق تدميراً كالذي تحققه الأسلحة الأخرى، ولهذا فقد تلجأ الدول إلى استخدامها لإيقاع الخسائر في القطع البحرية المعادية، وكذلك إيقاع الصدمة في القوات البحرية بشكل عام. تظل حرب الألغام أكثر أشكال الحرب البحرية غير المتكافئة من حيث الفعالية والتكلفة، كما أن أحجام الألغام الصغيرة تسمح للمستخدمين بنشرها بسهولة. يوجد في الوقت الحاضر أكثر من 300 نوع متوفر حول العالم، وهناك حوالي 50 دولة لديها القدرة على إنتاجها، ويلاحظ أيضًا أن التقنيات في الألغام أصبحت تتجه نحو التطور والتعقيد المتزايد، في حين أن الألغام القديمة مازالت تمثل مشكلة كبيرة.




history.navy

genevacall
albayyna-new
orient-news
المؤسسة العسكرية السودانية

 
عودة
أعلى