أميرة مسلمة وجاسوسة! "نور النساء عنايت خان" قاومت النازيين فأعدموها بعد تعذيب 10 أشهر

  • بادئ الموضوع a.m.h
  • تاريخ البدء

a.m.h

التحالف يجمعنا
عضو قيم
إنضم
28/5/23
المشاركات
517
التفاعلات
1,322

shutterstock_1714378444.jpg

نور النساء عنايت خان \ Shutter stock

أميرة هندية مسلمة حاربت النازيين بشجاعة ورفضت الاستسلام لهم.. هكذا يصف التاريخ "نور النساء عنايت خان" التي يتربع تمثالها في وسط العاصمة البريطانية لندن، وتظهر صورها على أكبر عملة ورقية فيها.
تعرفوا معنا في هذا التقرير على قصة الأميرة التي ولدت في روسيا، وترعرعت في بريطانيا وفرنسا، وكانت أول امرأة تعمل في مجال الجاسوسية كمشغلة للراديو اللاسلكي خلال الحرب العالمية، وقتلها النازيون بعد تعذيبها بشكل وحشي لمدة 10 أشهر.

453px-noor_inayat_khan-1.jpeg

نور النساء عنايت خان \ Wikipedia

أبوها موسيقي صوفي وجدها الأكبر كان سلطاناً​

وُلدت نور عنايت خان في موسكو عام 1914، وترعرعت في كنف والدها الموسيقي والمعلم الصوفي عنايت خان، وأمها الشاعرة الأمريكية بيراني أمينة بيغوم. وتعود أصولها إلى جدها الأكبر، السلطان تيبو، الذي كان حاكم سلطنة ميسور الهندية وعرف برفضه الخضوع للحكم البريطاني، وقاد معارك ضد الاحتلال، فقُتل في إحداها عام 1799.
بعد اندلاع الثورة الشعبية في روسيا في مطلع الحرب العالمية الأولى، انتقلت عائلة نور النساء للعيش في بريطانيا، ثم استقرت في فرنسا عام 1920.

كاتبة لقصص الأطفال وباحثة في الأديان والثقافات​

قضت نور معظم فترة شبابها في باريس، وكانت تدرس علم نفس الأطفال في جامعة السوربون، والتأليف في معهد باريس الموسيقي. وبدأت مهنة الكتابة في منتصف العشرينيات من عمرها؛ إذ كانت تنشر قصصاً عن حياة الأطفال الهنود في صحيفة فرنسية بالإضافة إلى كتابها "20 حكاية من جاتاكا".
لم يكن أدب الطفل اهتمام نور النساء الوحيد؛ فقد كانت مهتمة أيضاً بالثقافات الدينية والمعتقدات المختلفة وتاريخ الأدب الأوروبي. كما كتبت مقالات وقصصاً عن الأساطير الروسية والبولونية واليونانية.
لكن اندلاع الحرب العالمية الثانية دفع بنور النساء إلى تغيير مهنتها؛ لتتحول من كاتبة وباحثة وموسيقية إلى ناشطة مناهضة للنازية.

الهروب إلى بريطانيا وتطوعها في سلاح الجو ثم العمليات الخاصة​

عقب اندلاع الحرب العالمية الثانية، تلقت نور دورات في التمريض، وعملت لدى الصليب الأحمر الفرنسي، ثم فرت مع عائلتها من فرنسا، بعد أن أصبحت تابعة لألمانيا النازية، إلى المملكة المتحدة. ووصلت إلى المملكة المتحدة تحت اسم "نور بكر:، اللاجئة الهاربة مع عائلتها من النازيين.
بدأت نور نشاطها بمعارضة النازية بالتطوع في سلاح الجو كمشغلة للراديو اللاسلكي عام 1942. وكانت أول امرأة تقوم بتلك المهمة في فترة احتلال ألمانيا النازية لفرنسا. ثم قررت الانضمام لأخطر أقسام الجيش على الإطلاق، مديرية العمليات الخاصة، لتصبح عميلةً سرية وجاسوسة لصالح بريطانيا ضد النازية.

لم تكن داعمة لبريطانيا لكنها كانت ضد النازيين​

لم يكن لدى نور النساء سبب لدعم بريطانيا التي احتلت بلدها الأصلي الهند؛ إذ لم تتصرف الأميرة مدفوعةً بولائها لذلك البلد، بل بسبب كرهها للنازيّة والديكتاتورية.
وكتبت شراباني باسو، الباحثة التي درست حياة نور النساء لمدة 8 سنوات وكتبت سيرة ذاتية عنها بعنوان "الأميرة الجاسوسة" عام 2006: "بالنسبة إلى نور، كانت أيديولوجية النازيين ومذابحهم بغيضة ومعارضة لجميع مبادئ التناغم الديني التي نشأها والدها عليها".
حتى إن نور النساء لم تخفِ دوافعها خلال مقابلتها الأولية مع سلاح الجو النسائي، فقد فاجأت اللجنة عندما أخبرتهم بشجاعة أنها بعد انتهاء الحرب، قد تكون مضطرة للقتال من أجل الهند ضد البريطانيين. وأنها تأمل في أن تساعد خدمتها في بناء التفاهم بين البلدين، وخلق "جسر بين الشعب الإنجليزي والهنود".
أثارت صراحة وجرأة نور في تصريحاتها خلال المقابلة خلافاً بين اللجنة حول مدى ملاءمتها للمنصب. وفي تقرير حكومي عن المقابلة كتبت ملاحظة عنها تصفها بأنها "شخصية غير مستقرة ومزاجية.. ومن المشكوك فيه ما إذا كانت مناسبة حقاً للعمل في هذا المجال". لكن ضابطة المخابرات فيرا أتكينز، التي أشرفت على اختيار المتطوعين، كانت مقتنعة بقدرة نور.

نور النساء تصبح الجاسوسة "مادلين" وتدير شبكة جواسيس بمفردها​

في الساعات الأولى من يوم 17 يونيو/حزيران 1943، أصبحت نور أول امرأة عميلة تنزل بالمظلة خلف خطوط العدو في فرنسا تحت اسم حركي، كان "مادلين". وكانت مهمتها الحفاظ على الاتصال اللاسلكي بين بريطانيا والمقاومة في باريس.
كانت هذه مهمة خطيرة بشكل لا يصدق؛ لأن معدات الراديو كانت كبيرة مقارنة بحجمها اليوم ويصعب إخفاؤها، والبقاء متصلة لأكثر من 20 دقيقة في كل مرة يخاطر بالكشف عنها من قبل العدو.
كان متوسط عمر العميل الميداني 6 أسابيع فقط قبل اكتشاف أمره أو اعتقاله وقتله، لكن نور صمدت لمدة 3 أشهر دون أن يتم القبض عليها في الفترة التي اخترق فيها شبكة المقاومة في باريس عملاء مزدوجون؛ ما سبب تفككها خلال صيف عام 1943.
خلال تلك الفترة، عملت نور بمفردها في إدارة شبكة كاملة من العملاء في جميع أنحاء باريس، واضطرت لتغيير اسمها ومظهرها مرات عديدة. ورغم تصفية العديد من الجواسيس الذين كانوا معها في الشبكة من قبل الشرطة الألمانية السرية "جيستابو" إلا أنها رفضت العودة إلى بريطانيا وأصرت على متابعة عملها.

ألقي القبض عليها بعد تعرضها للخيانة من عملاء مزدوجين​

في أواخر العام نفسه، تم اكتشاف هوية نور، وتم إلقاء القبض عليها في شقتها في باريس، واقتيادها لمقر الأمن الألماني.
يختلف المؤرخون حول هوية الخائن الذي وشى بنور النساء، لكنهم يرجحون احتمالين. الأول هو هنري ديريكورت، الذي تم الكشف عن أنه عميل مزدوج. أما الاحتمال الثاني فهو رينيه جاري، والتي ربما كانت تسعى للانتقام من نور معتقدة أنها على علاقة غرامية بفرانس أنتيلمي، أحد العملاء معها، كما يشير موقع Thought Co.

تعرضت للتعذيب لـ10 أشهر لكنها رفضت الاستسلام​

بعد إلقاء القبض عليها، نقلت نور إلى معسكر الاعتقال "داخاو" جنوبي ألمانيا، مع 3 من العملاء الذين عملوا معها عام 1944.
رفضت نور التعاون مع المحققين، وحاولت الهرب مرتين، ونجحت في إحداهما، لكن تم إلقاء القبض عليها مجدداً بعد ساعات.
ظلت نور النساء في الحبس الانفرادي لمدة 10 أشهر متواصلة تعرضت خلالها لجميع أنواع التعذيب، لكنها ظلت صامدة، ولم تكشف عن الأسرار التي كانت تعرفها. حتى تم إعدامها رمياً بالرصاص في 13 سبتمبر/أيلول 1944.

تمثال برونزي وعملة نقدية بصورتها، تخليداً لذكرى الأميرة البطلة​

نور النساء عنايت خان

تمثال نور النساء في لندن \ Wikipedia

بعد وفاتها، حصلت الأميرة والجاسوسة الشجاعة، نور النساء عنايت خان، على العديد من الأوسمة لبطولتها وشجاعتها.
في عام 1949، حصلت على وسام جورج كروس، ثاني أعلى وسام بريطاني للشجاعة، بالإضافة إلى الوسام الفرنسي كروا دي غويري بنجمة فضية.
وفي عام 2011، تم بناء تمثال من البرونز لنور في وسط ساحة "غوردون" الشهيرة بوسط العاصمة البريطانية لندن، بالقرب من منزلها السابق.
كما طبعت صورتها على أكبر عملة ورقية في البلاد من فئة 50 جنيهاً إسترلينياً عام 2020، تكريماً لها.
 
عودة
أعلى