هل خصصت بريطانيا راتباً لعبد العزيز ال سعود بشكل شهري

لادئاني

مستشار المنتدى
إنضم
16/12/18
المشاركات
28,205
التفاعلات
77,264

لماذا خصّص البريطانيون راتبا شهريا لعبد العزيز آل سعود؟
===============




424

"اسمحوا لي أن أُبدي أنني سبق أن رجوتُ سعادتكم أن ترسلوا لنا مدربا يُرينا كيفية استعمال المكائن، وقد أخبرتُ سعادتكم أيضا عن العتاد الخاص بالمدافع، فقد نفد كل ما كان عندي في معركتي مع العجمان، وإنني أطلب إلى سعادتكم إما أن ترسلوا لي المدافع المذكورة أو العتاد الذي يصلح للمدافع الموجودة، ورأيكم هو الأفضل، أرجو مواصلة رعايتكم لهذا الصديق المخلص"

(من عبد العزيز آل سعود إلى برسي كوكس المقيم البريطاني في الخليج بتاريخ 17/6/1917م)

(الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، المجلد الثالث، ص658)


حين قامت الحرب العالمية الأولى في أغسطس/آب 1914م كانت مكانة عبد العزيز آل سعود تزداد في نظر السياسة البريطانية التي بحثت عن حلفاء تستند إليهم في معركتها القادمة أمام الألمان والعثمانيين، لا سيما في الجزيرة العربية، وبعدما كانت سياستها الماضية تقتضي الابتعاد عن عمق الجزيرة العربية والحفاظ على مصالحها على ساحل الخليج العربي من الكويت شمالا إلى عُمان جنوبا، سارعت بريطانيا إلى إعادة الاتصال بعبد العزيز آل سعود من خلال صديقه الكابتن شكسبير، وكان هذا الاتصال الجديد ميلاد تحالف لا تزال آثاره واضحة إلى اليوم.



بالفعل تم استدعاء شكسبير ضابط الاتصال البريطاني مرة أخرى بعدما قدم طلبا للتقاعد، وعاد شكسبير متقدا حماسة للاتصال بابن سعود، وكان هدف البريطانيين من التحالف مع ابن سعود كما تشير المصادر "أن يشل صنيعة الأتراك أمير حائل (ابن الرشيد) الذي يُهدّد جناح الجيش البريطاني في جنوب وادي الرافدين"[1].



مهمة الضابط وليم شكسبير
========


تمكّن شكسبير من الاتصال بعبد العزيز واللقاء به قرب الزلفى في نجد لوضع الخطوط العامة لاتفاقية مهمة وفاصلة بين الجانبين قبل معركة جراب التي وقعت بين ابن سعود وابن رشيد والتي قُتل فيها شكسبير في يناير/كانون الثاني 1915م بعدما قضى الرجل خمس سنوات من عُمره في تعريف السياسة البريطانية بابن سعود، وأهميته التي كانت تتأكد يوما بعد يوم في خدمة المصالح البريطانية بحسب ما تؤكده وثائقها [2].




الكابتن شكسبير مهندس العلاقات البريطانية مع ابن سعود (مواقع التواصل )


كانت معركة "جراب" والتي تعادل فيها ابن سعود مع ابن الرشيد، ومقتل صديق عبد العزيز، وقائد مدفعية ابن سعود الكابتن شكسبير فيها، قد جعلت أمير الرياض يُعرض عن الدخول في حرب كبيرة طوال عامين أو ثلاثة، لكن عبد العزيز كان قد أخبر شكسبير قُبيل مقتله أنه لن يمد يد العون لبريطانيا طالما تركته يواجه مصيرا غامضا أمام العثمانيين في حالة الدخول في صدام مع حليفهم الأهم في وسط الجزيرة العربية أمير جبل شمر ابن الرشيد.



لذلك، وبحسب برقية عاجلة من وزارة المستعمرات في الهند بتاريخ 30 يناير/كانون الثاني 1915م إلى وزارة الخارجية البريطانية، نرى تأييد المقيم السياسي في الخليج ووزارة الهند لموقف عبد العزيز ابن سعود؛ نظرا للمكانة الإستراتيجية التي كان يحققها الرجل في الجزيرة العربية، وأن الإنجليز كانوا يُقدّرون هذا الدور المستقبلي حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.



فمما جاء في البرقية: "إن الرغبة في عقد معاهدة مع الأمير ابن سعود لا تنجم فقط عن الضرورات الحالية التي تُحتم دفع ثمن فوري لصداقته، بل أيضا عن الوضع العام الذي سيطرأ على الخليج العربي كنتيجة للحرب الحالية، في حالة زوال الحكم التركي عن البصرة.. ومن الممكن أن نتوقع أن أمير نجد سيكون سيدا ليس في وسط الجزيرة العربية فقط، بل في شريط طويل من الساحل"[3].



ثمن الصداقة!

عبد العزيز ال سعود يخبر الانكليز بخطة العثمانيين ضد الانكليز في البصرة
=====




كنتيجة لتأكيد ولاء ابن سعود للإنجليز ومطالبته لمعاهدة حماية حقيقية، فإنه أخبر صديقه شكسبير بسر حربي شديد الأهمية، فقد كانت الخطة العثمانية المعدة ضد الإنجليز في الحرب العالمية الأولى للدفاع عن البصرة التي وقعت في يد البريطانيين بعد ذلك، تتمثل في انضمام السعوديين للأتراك، والقيام بدور شديد الأهمية.


لذا، وعلى وجه السرعة أرسل الكابتن وليم شكسبير برقية سرية عاجلة إلى القوات المسلحة البريطانية في الهند، والتي بدورها أرسلت على وجه السرعة والسرية تفاصيل هذه الخطة إلى وزارة الحرب البريطانية بتاريخ 19 يناير/كانون الثاني 1915م، وكان مما جاء في تلك البرقية السرية المكوّدة برقم (S. 1316 I.22):

"أخبرنا الكابتن شكسبير، الذي هو لدى ابن سعود، أن الخطة التركية الأصلية هي كما يلي: ابن سعود كان سيُدافع عن البصرة ويقوم بهجوم خادع لعرقلة تقدم بريطاني، ابن رشيد وقبائل عنزة تتقدم نحو شبه جزيرة سيناء ومصر بالاتصال مع القبائل الغربية، وشريف مكة والإمام والإدريسي يُدافعون عن اليمن والحجاز والأماكن المقدسة"[4].




عبد العزيز آل سعود (مواقع التواصل)


وبفضل شكسبير وتقاربه من عبد العزيز آل سعود، وتعهّده بإبرام معاهدة بين الجانبين فقد تم إفشال هذه الخطة العثمانية ، لذلك وبعد ستة أيام فقط تم إرسال برقية أخرى من نائب الملك في الهند إلى وزارة الهند بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني 1915م تؤكد على موقف ابن سعود الحرج، وضرورة عقد معاهدة معه، ومما جاء فيها:

" بدون أن تكون بيد (ابن سعود) معاهدة فعلية معنا، فإنه لم يكن بوسعه أن يستجيب بصورة مباشرة لطلبنا الذي جاء بعد ذلك بأن يتقدم نحو البصرة.. والواقع أنه محرج في الوقت الحاضر بسبب صعوبة وضعه الراهن، وإذا لم تُعقد المعاهدة قريبا فإنه يخشى أن تدفعه الظروف إلى تقديم تطبيق مكشوف لنياته في الانحياز إلى جانب الأتراك "[5].



وعلى مدار عدة شهور بين وضع المسودة الأولية والمعاهدة النهائية بين الطرفين تم تعديل المعاهدة عدة مرات من قِبل ابن سعود لضمان الشروط الكافية لحمايته أثناء الحرب أمام آل رشيد والعثمانيين من خلفهم، فضلا عن الضمانات اللازمة لتقوية استقلاليته وتقليل تحكم بريطانيا في سياسته، وبينما هم في ذلك الشد والجذب، يبدو أن ثمة أخبارا وصلت إلى العثمانيين الأتراك حول هذه الاتصالات السرية، فأسرعوا من جانبهم إلى "اجتذاب الإمام (السعودي) للمشاركة في الجهاد ضد الكفرة" على حد وصف أليكسي فاسيليف، لكن كانت المحاولة العثمانية فاشلة، فقد كان ابن سعود مغرما بالجانب البريطاني.



المعاهدة البريطانية والمرتب الشهري!
==============



وبالفعل في 26 ديسمبر/كانون الأول 1915م وقّع الملازم بيرسي كوكس مع عبد العزيز آل سعود معاهدة في جزيرة دارين المقابلة للقطيف، وقد سُميت المعاهدة فيما بعد باسم معاهدة دارين، وصادق نائب ملك بريطانيا وحاكم الهند في يوليو/تموز 1916م على هذه المعاهدة شديدة الأهمية في تاريخ السعودية الحديثة، والتي اعتُبرت بمقتضاها السعودية دائرة بصورة كلية في فلك السياسة البريطانية أولا وأخيرا.




عبد العزيز آل سعود وبريسي كوكس (مواقع التواصل)


وفي هذه المعاهدة اعترفت الحكومة البريطانية بأن "سيادة عبد العزيز تشمل نجد والقطيف وجبيل وجميع المدن والمرافئ التابعة لهذه المقاطعات"، ومن ناحيتها "التزمت بحماية مصالحه ومصالح بلاده" بعد مشاورات مناسبة،


ونصّت المادة الثالثة من المعاهدة على: "أن يتعهد ابن سعود أن يمتنع عن كل مخابرة أو اتفاق أو معاهدة مع أي حكومة أو دولة أجنبية".


وأكدت المادة الرابعة أن أمير نجد لا يمكن أن يتنازل عن الأراضي أو جزء منها ولا أن يؤجرها أو يرهنها أو يتصرف بها بأي شكل ولا أن يقدّمها على سبيل الامتياز إلى أي دولة أجنبية أخرى أو لأي أحد من رعايا دولة أجنبية بدون موافقة الحكومة البريطانية".


وكانت المادة السادسة أن "يتعهد ابن سعود كما تعهّد والده من قبل بأن يمتنع عن كل تجاوز وتدخّل في أرض الكويت والبحرين وأراضي مشايخ قطر وعُمان وسواحلها وكل المشايخ الموجودين تحت حماية إنجلترا والذين لهم معاهدات معها"[6].



يتفق جُلّ المؤرخين على أن هذه المعاهدة كانت تعني في الواقع وبصورة مباشرة الحماية البريطانية على آل سعود ودولتهم في نجد، وكان هدف عبد العزيز آل سعود فوق ذلك الحصول على مرتبات شهرية ودعم تسليحي سخي قُدّر بألف رشاش وبندقية، ومئة ألف وحدة ذخيرة،


وبالفعل استلم الدفعة الأولى من مرتبه المقدر بـ 5000 آلاف جنيه إسترليني، وكان للمساعدة البريطانية بالمال والسلاح أهميتها الخاصة لابن سعود، ليس فيما بتعلق بمجريات الحرب العالمية الأولى فحسب، بل في تحديد مصيره ومستقبله السياسي في مواجهة أعدائه الداخليين وخاصة قبائل الشمر والعجمان والمرة[7].




إيصال استلام الراتب الشهري "مشاهرة" لعبد العزيز آل سعود من البريطانيين (مواقع التواصل)




ثقة الإنجليز في محلها!
=========



وتؤكد سجلات الخارجية البريطانية الثقة التي أولاها الإنجليز لعبد العزيز، ففي برقية مؤرخة في 29 ديسمبر/كانون الأول 1915م أرسلها نائب الملك في الهند إلى وزارة الهند في لندن جاء فيها:

"كان موقف ابن سعود الشخصي صريحا ومستقيما، وإنني أعتقد أن انضمامه إلينا بثبات خلال الحرب يُمكن الاعتماد عليه"[8].



ويبدو أن الثقة البريطانية التي أولوها ووضعوها في عبد العزيز آل سعود كانت في محلها؛ ففي أثناء الخلافات بين آل سعود وشريف مكة ( الشريف حسين ) الذي كان يتخوف من قوة ابن سعود الصاعدة والتي كانت تهدد الحدود بين نجد والحجاز، أكد الشريف حسين في لقائه مع جون فيلبي الرحالة وضابط المخابرات البريطاني والذي اتصل بعبد العزيز آل سعود في تلك الأثناء من سنة 1917م، أكد له وجود اتصالات سرية بين ابن سعود وبين الأتراك المحاصَرين في المدينة المنورة من قِبل شريف مكة والقوات البريطانية أثناء الحرب العالمية الأولى.




لم يكن الملك عبد العزيز آل سعود يثق في غريمه الشريف حسين الذي كان يكرهه ويكره تمدده في الجزيرة العربية




على أن جون فيلبي يُدافع بحسم عن ابن سعود قائلا:

"عندما كنتُ في جدّة أكد لي الشريف بكثير من الشدة أن لديه برهانا لا جدال فيه على أن ابن سعود كان منذ مدة طويلة يتواصل سرا مع فخري باشا القائد التركي لحامية المدينة المنورة، والواقع أن ابن سعود لم يخبرني عندما كنتُ في الرياض باستلامه رسائل من فخري باشا فحسب، بل إنه سلّم إليَّ ثلاثا أصلية منها، وكانت إحداها على أية حال توضّح بشكل حاسم أنه لم يردّ أبدا على الرسالتين الأخريين".



ولم يخبر فيلبي تلك الحقيقة شفاهة فقط، بل أخرج فيلبي للشريف حسين تلك الرسائل التي سلمها له عبد العزيز آل سعود من القائد التركي فخري أو فخر الدين باشا المحاصَر من قِبل الإنجليز وقوات الشريف حسين، لكن الشريف رفضها رفضا قاطعا نقمة على ابن سعود، على أن جون فيلبي كان مقتنعا وواثقا تمام الثقة في عبد العزيز وولائه المطلق للإنجليز[9]!
 




خديعة الثورة العربية الكبرى
=============



على أية حال، كان الإنجليز من خلال هنري مكماهون ومكتب المندوب السامي في القاهرة آنذاك قد أعطوا الضوء الأخضر في يونيو/حزيران 1916م للشريف حسين بإطلاق ما أسموه "الثورة العربية الكبرى" ضد العثمانيين،


وكانت في حقيقتها استغلالا بريطانيا لحماسة العرب ودمائهم من أجل طرد العثمانيين من غرب الجزيرة العربية في الحجاز وحتى الأردن في الشمال فضلا عن الشام والعراق، مع وعود زائفة بالاستقلال والدعم مستقبلا، وهو الأمر الذي اعترف به لورانس العرب لاحقا، الضابط الشاب البريطاني، ذلك الداهية الذي كان يحرك الشريف وقواته كالعرائس، قائلا:



"بما أني لم أكن أحمق نهائيا، فقد رأيتُ أنه إذا انتصرنا نحن في الحرب فإن وعودنا للعرب ستكون حبرا على ورق، ولو كنت مستشارا نزيها لبعثتُ رجالي إلى ديارهم ولما سمحتُ لهم بالمجازفة بحياتهم من أجل هذه القضية، إلا أن الحماسة العربية كانت أداتنا الرئيسية لنكسب الحرب في الشرق، لذلك أكدتُ لهم أن إنجلترا ستبقى على العهد نصا وروحا... ولكنني، بالطبع، كنتُ على الدوام أشعرُ بالمرارة والخجل"[10].




توماس لورانس المعروف بلورنس العرب وخديعته الكبرى المعروفة بـ"الثورة العربية الكبرى" (مواقع التواصل)



كانت مهمة البريطانيين تذليل الخلافات بين الأمراء الموالين لهم في الجزيرة العربية بغية توحيد الصفوف في الوقوف ضد العثمانيين أثناء الحرب، لذا طالما حثّ البريطانيون عبد العزيز ال سعود على الانضمام إلى الشريف حسين، لكن عبد العزيز لم يكن يثق في غريمه الشريف حسين الذي كان يكرهه ويكره تمدده في الجزيرة العربية،

في المقابل أرسل الشريف حسين إلى عبد العزيز عدة رسائل محمّلة بالهدايا والذهب، وقد أثارت تلك الهدايا القيّمة حفيظة الأمير عبد العزيز الذي استشار والده الإمام عبد الرحمن وعددا من كبار مستشاريه في أمرها.



وهي الواقعة التي يوردها الأمير السعودي ابن هذلول في تاريخه قائلا:

"قال (عبد العزيز للحاضرين) إذا كان القصد من إرسال الشريف هذا الذهب لطلب المساعدة منا في الحرب فقصدُه محقّق لأني أمرتُ أهل نجد وخاصّة أهل القصيم وعتيبة وحرب أن ينضموا مع الشريف لمساعدته. فقال الإمام عبد الرحمن: لو كان الشريف يبغي منا المساعدة لكتب إلينا بذلك، ولستُ أرى في قصده إلا الخوف من أن نغتنم الفرصة في قيامه إلى الترك فنحمل عليه، وأراد بهذا الذهب تسكيننا"[11].




وسام البريطانيين على صدر ابن سعود!
==========



من جهة أخرى كانت الدبلوماسية البريطانية تنظر إلى الصورة ككل في الجزيرة العربية، وعملت بجهود مضنية في توثيق الصلات بالأمراء والشيوخ العرب لتحقيق الإستراتيجية البريطانية، وتردد اسم برسي كوكس في تلك المساعي عن طريق توجيهه الدعوة لهؤلاء الزعماء لعقد مؤتمر كان قد أُجّل في الكويت قبل ذلك، وتم هذه المرة في الكويت أيضا في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1916م برئاسة كوكس للتأكد من دعمهم لبريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى، وتوفير المساندة لثورة الحجاز ضد الدولة العثمانية[12]، وقد حضر ذلك المؤتمر عبد العزيز بن سعود، والشيخ جابر الصباح (1915-1917م)، والشيخ خزعل زعيم المحمرة وما يزيد على مئة شخصية من رؤساء القبائل العربية في الأحساء وجنوب العراق.




عبد العزيز آل سعود متقلدا وسام فارس الإمبراطورية البريطانية في الهند (مواقع التواصل)



وكما تؤكد وثائق الإدارة البريطانية في الخليج، فقد لاقى المؤتمر نجاحا حقيقيا، حيث حقق البريطانيون أهدافهم التي تمثّلت في تثبيت دعائم نفوذهم في المنطقة، وترسيخ التعاون بين الزعماء العرب، لا سيما المختلفين منهم؛ خدمة للمصالح البريطانية،

وبسبب ذلك الدور والإخلاص الذي قدّمه ابن سعود، فقد قلّد برسي كوكس، ملك الخليج البريطاني، عبد العزيز بن سعود وشاح "فارس الإمبراطورية الهندية"[13]؛ تقديرا للمكانة المتميزة التي تجمعه بالبريطانيين، وهكذا استطاع البريطانيون استمالة أمراء العرب لصالحهم وعلى رأسهم ابن سعود طوال سنوات الحرب العالمية الأولى، مما ضمن للجانب البريطاني سلامة الإمدادات اللازمة لقواتهم المشاركة في حملة احتلال العراق الناجحة بعد ذلك.



ومن أجل هذا النجاح الكبير الذي حققه المندوب السياسي البريطاني في الخليج المستر برسي كوكس، أرسل إليه اللورد كرزن وزير الخارجية البريطانية عقب المؤتمر رسالة مؤرخة في 22 يناير/كانون الثاني 1917م جاء فيها:

"لقد قمتم بكل نُبل بالمهمة التي أوكلتها إليكم منذ ثمانية عشر عاما، لقد جعلتَ من نفسك ملكا على الخليج، وعندما تنتهي الحرب فسوف نُعزّز تلك الجهود ونعمل على ألا يقوم أحد بانتزاع هذا التاج منكم"[14].



رفض الصلح من أجل البريطانيين
==========



كان بيرسي كوكس بالفعل ملكا على الخليج يحرك شيوخه وأمراءه الموالين للسياسة البريطانية كيفما يشاء، ويلجأ إليه الجميع لأخذ التعليمات والتطمينات،

فحين لاح لابن سعود خطر نفوذ الشريف حسين وبرزوه كقائد يبحث عن زعامة العرب كل العرب دون منازع في أثناء "الثورة العربية" ضد العثمانيين، كان ابن سعود قد أرسل إليه طالبا منه المشاركة في القيادة من خلال أحد أبنائه، وهو ما اعتبره الشريف حسين جنونا من ابن سعود وتعديا لحده أمام الشريف، فأرسل يقول له كما يروي ابن هذلول الأمير السعودي في تأريخه لملوك آل سعود: "إما إنك سكران أو مجنون، فلا تعلم لأي أمر قمنا، وأي غرض نبغي"[15]!


تلك الكلمات التي نزلت كالصاعقة على ابن سعود، فأسرع برسالة عاجلة إلى برسي كوكس يطلب فيها مقابلته ومعه رسالة الشريف حسين الآنفة، فما كان من كوكس إلا أن هدّأ من خوف عبد العزيز حين لاقاه في العقير على ساحل الخليج الشرقي، قائلا له:

"لا تكترث، فنحن ضامنون لاستقلالك ونتعهّد بأن لا يعتدي عليك الشريف ولا غيره

ويكمل ابن هذلول مؤرخ ملوك آل سعود وأحد أبناء هذه العائلة قائلا:

"وقد ألح عليه عبد العزيز أن يُعطيه جوابا قاطعا أن لا يكون بينه وبين الشريف محاربة، فوعده بذلك على شرطين: أولهما أن لا يتدخل الشريف في شؤون نجد، والثاني أن لا يتكلم باسم العرب ويدعو نفسه ملكا عليهم، فتعهّد السير برسي بذلك"[16].



إمارة آل رشيد في أقصى اتساعها قبل عودة عبد العزيز آل سعود (مواقع التواصل)



من أجل ذلك، عمل الأمير ابن سعود بكل جهده لصالح البريطانيين، وللقضاء على الدولة العثمانية في الجزيرة العربية من خلال حلفائهم في إمارة جبل شمر في حائل آل الرشيد، هؤلاء الذين كان الإنجليز يتشوقون للقضاء عليهم لأن نفوذهم كان ممتدا إلى العراق التي كان الإنجليز يتطلعون إلى إسقاطها في قبضتهم آنذاك،


وتجلى ولاء عبد العزيز آنذاك في واقعة لافتة؛


فحين اشترى أحد الأثرياء 700 جمل لإرسالها إلى الأتراك داعما لهم في حربهم ضد الإنجليز، استطاع عبد العزيز الاستيلاء على هذه الجمال، وإرسالها إلى البريطانيين في الكويت في الجهة المقابلة[17]!



وحين تجلى ضعف موقف ابن الرشيد أثناء تلك الحروب بينه وبين ابن سعود المدعوم من البريطانيين، أرسل أمير جبل شمر إلى ابن سعود طالبا منه الصلح والسلام بين الجارتين، لكن عبد العزيز رفض الصلح، بل أرسل كل هذه الرسائل إلى برسي كوكس؛ تدليلا منه على ولائه التام للبريطانيين.



وبحسب سجلات الخارجية البريطانية فقد أرسل عبد العزيز إلى كوكس شارحا أسباب رفضه التصالح مع آل رشيد بقوله:

"كما تعلمون سعادتكم أنه (ابن الرشيد) بعث إليّ برسول مع كتاب يُعرب فيه أنه ينوي السلم، أجبته أنه يستطيع أن يُصبح صديقا لنا بشرط أن يُظهر الصداقة نحو صديقتنا الحكومة البريطانية وحلفائها من رؤساء العرب كالشريف، وأن لا يقوم بأي شيء لا ترضى عنه الحكومة البريطانية أو ضدها... وعندما سلّمت الرسالة إلى ابن الرشيد فإنه أعقبها بجواب كتبه إلينا رافضا فيه هذه الشروط كما ترون من رسالته (المرفق أصلها)".


ويبرر ابن سعود هذا الرفض لا لشيء إلا لولائه التام لخدمة بريطانيا العظمى قائلا:

"إنني لم أستهدف الصلح معه لأي غرض شخصي، بل من أجل مصالح الحكومة البريطانية"[18].



هكذا ظل ابن سعود على ولائه للحكومة البريطانية، وخدمة مصالحها، وتحالفه الوثيق معها ضد الدولة العثمانية وضد إمارة جبل شمر في حائل طوال الحرب العالمية الأولى، وبعد الحرب ظل يدخل في صدام مع آل رشيد في معركة تلو الأخرى مستغلا الدعم التسليحي السخي، والمدفوعات أو المرتبات الشهرية التي كان يتقاضاها من البريطانيين، والغنائم التي كان يتحصّل عليها من هزائم آل رشيد، حتى استطاع إسقاط هذه الإمارة لتصبح المناطق الداخلية من الجزيرة العربية في قبضة آل سعود، وهكذا كان تحالف بريطانيا وآل سعود سببا قويا من أسباب هزيمة العثمانيين الأتراك وحلفائهم وسقوط دمائهم ورجالهم في الجزيرة العربية!ف شعورهم بالسعادة من أجل تحصيل مكاسب لصالح الشركات الرأسمالية؟!
 

ذئاب في الصحراء.. قصة تحالف عبد العزيز آل سعود مع الإنجليز
==============


424


كان الإنجليز، وعبر شركة الهند الشرقية، قد وصلوا مبلغا من القوة العسكرية، بفضل أسطولهم البحري القوي، للدرجة التي هزموا فيها المقاومة العربية الممثلة في القواسم في رأس الخيمة والشارقة في معركة بحرية شهيرة سنة 1820م، وهي المعركة التي دمرت الأسطول العربي الذي تمتّع بدرجة عالية من القوة أمام الزحف البريطاني في مياه الخليج العربي.



منذ ذلك الحين1820 فرض الإنجليز سيطرتهم على الخليج العربي، وأصبح لهم مقيم سياسي بعدما كان مقيما تجاريا في أول الأمر اتخذ من مدينة بوشهر الإيرانية على الضفة الأخرى من الخليج مركزا له، وكانت مهمة هذا المقيم متابعة الشؤون التجارية والسياسية في مشيخات الساحل الخليجي، ومدى تطابقها وانسجامها مع السياسة البريطانية في تلك المنطقة، وعدم السماح للقوى الدولية المنافسة للإنجليز من فرض سيطرتها أو عقد أحلافها مع تلك المشيخات لا سيما فرنسا وألمانيا وروسيا وبالطبع الدولة العثمانية العدو الأشرس، وصاحبة الشرعية الأقدم سياسيا وروحيا في هذه المنطقة.



كان السعوديون في نظر السياسة البريطانية في مطلع القرن التاسع عشر مُتّهمين بأنهم يدعمون القواسم أمراء رأس الخيمة والشارقة وعملياتهم العسكرية الهجومية على الأسطول والمصالح البريطانية في الخليج العربي، وهي الهجمات التي صار يُطلق عليها في الأدبيات التاريخية التي تأخذ الجانب البريطاني اسم "القرصنة"، وهي للحق عمليات كانت مقاومة للمد والنفوذ البريطاني في مياه العرب وخليجهم.



الأمر الآخر الذي جعل الإنجليز ينظرون إلى الوهابيين نظرة سلبية؛ كان بسبب هجماتهم على سلطان مسقط، ومحاولاتهم المتكررة لضم هذا الإقليم إلى الدولة السعودية الأولى، وكانت بريطانيا حريصة على المحافظة على سلطنة عُمان، وتحالفها معها، وفي أثناء الصراع البريطاني ضد القواسم ومحاولاتهم المتكررة لتدمير أسطولهم حرصت على عدم الصدام مع السعوديين، وصدرت تعليمات حكومة الهند لوكيلها في الخليج بأن يتجنب "ما أمكنة إغضاب أمير الوهّابيين"، وفي سنة 1806م أثناء عقد معاهدة مع القواسم تجاهلت السلطات البريطانية تماما أي علاقة لهذه القبيلة بالسعوديين، وقد راعى الإنجليز عداء السعوديين للعثمانيين واعتبروا ذلك العداء يصب في مصالحهم العليا[1].




السعوديون في مناطق نفوذ الإنجليز
======



كانت وفاة حاكم مسقط السيد سلطان بوسعيد سنة 1805م قد فتح الباب لصراع الأبناء والإخوة على العرش، وفي أثناء هذا الصراع قام ابن أخي سلطان بوسعيد وهو السيد بدر بن سيف بطلب العون من السعوديين في الدرعية، وكان الأمير سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود هو المتزعم للدولة السعودية الأولى آنذاك، وقد استغلت الدرعية هذا الطلب العُماني بالعون واستجابت له بمنتهى السرعة[2].



تمثلت الاستجابة السعودية من خلال قوة الحامية الوهابية في واحة البريمي على أطراف عُمان الشمالية الشرقية، وبحريا حيث أمر سعود بإبحار 15 سفينة بحرية من البحرين التي كانت تقع تحت السيادة السعودية آنذاك، وعلى متنها 1500 مقاتل، وقد أثار وصول القوات السعودية استياء العُمانيين بشدة، لكنها أحدثت فارقا في ترجيح كفة بدر بن سيف آل بوسعيد الذي سرعان ما تجدد الصراع بينه وبين أبناء أعمامه، واضطر بدر إلى طلب العون من السعوديين مرة أخرى[3]. الأمر الذي اضطر معه البريطانيون إلى تدعيم الجانب العُماني الموالي لها من أسرة آل بوسعيد، وصمتت على مقتل السيد بدر سنة 1806م على يد سعيد بن سلطان الشاب الذي كان يرى أن بدرا اغتصب حقه في السلطنة.




سعيد بن سلطان (مواقع التواصل)


ظل السعوديون يستولون على المناطق الداخلية من عُمان، وأكدوا هذه السيطرة حين أعادوا الاستيلاء على واحة البريمي بقيادة سعد بن مطلق المطيري في خريف سنة 1807م، وكان ابن مطلق من أمهر وأقدر القادة الوهابيين كما ترى المصادر البريطانية، وقد تمكن من بناء قلعة ضخمة في البريمي، وكان يهدف من ورائها إلى مد سيطرة السعوديين على منطقة الظاهرة كلها في الجنوب الشرقي من الخليج العربي.



نجحت السياسة السعودية في الدولة الأولى (1744- 1818م) في تحقيق أهدافها، فمن قلعة البريمي تمكن ابن مطلق من التحالف مع أقوى زعماء المنطقة الشمالية في عُمان ووالي صحار، وعيّن كلًّا منهم مسؤولا عن منطقته وتابعا للدرعية عاصمة السعوديين في صلاحياته، بل استطاع ابن مطلق إعفاء الشيخ سلطان بن صقر من مشيخته للقواسم في خريف سنة 1808م لأنه لم يُظهر تحمّسا لقضية الوهابيين، بل تمكن من القبض عليه ونقله سجينا إلى الدرعية، وعيّن بدلا منه حسين بن علي شيخ رمس نائبا للأمير الوهابي وشيخا على القواسم، وصدرت إليه الأوامر من الدرعية باستخدام الأسطول البحري للقواسم ومعاونة الحامية السعودية في البريمي "ضد الهراطقة والمرتدين والكفار على السواء، وأن يُرسل بخُمس الغنائم التي يستولي عليها إلى الدرعية"[4] كما ورد في الوثائق السياسية للبريطانيين في الهند.



بيد أن البريطانيين ورغم تلك الهجمات لم يرغبوا في الدخول في صدام مباشر مع السعوديين الذين أيّدوا ودعّموا هجمات القواسم وسفنهم على السفن البريطانية، والسبب في ذلك يعود إلى أن مصالح بريطانيا في الخليج العربي كان يتابعها آنذاك السلطات البريطانية في الهند، وممثلهم في بوشهر الإيرانية، تلك السلطات التي كانت ترى إمكانية الاستنزاف التجاري لشركتهم بسبب الحرب الفرنسية البريطانية حينئذ والصراعات داخل الهند ومقاومة المسلمين للبريطانيين بها، فضلا عن توسعات السعوديين في مناطق نفوذ العثمانيين وهو ما يحقق مصلحة للبريطانيين؛ لذا كان فتح الصراع مع السعوديين في الجزيرة العربية، وهم أكبر القوى الخليجية حينذاك، غير وارد في السياسة البريطانية.







من هنا انصبّ الاهتمام البريطاني على تأمين مسار السفن التجارية البريطانية بين كلكُتّا في الهند والسويس في مصر، فضلا عن مسارها بين البصرة ومضيق هُرمز، الأمر الآخر أن البحرية البريطانية في الهند لم تكن تملك أكثر من 12 سفينة في سنة 1808 لتأمين ذلك المسار التجاري، ومع ذلك استمر القواسم في هجماتهم التي كانت تعوق التجارة وتستولي على السفن البريطانية[5].



وبسبب هجمات القواسم ومن خلفهم السعوديين الداعمين على السفن البريطانية، فقد اتخذ الإنجليز قرارهم في بداية سنة 1809م ببدء حملة بحرية هجومية على أسطول رأس الخيمة، لكنها لم تشأ أن تستعدي السعوديين كما أسلفنا، فالتزمت "بالسياسة البريطانية القديمة تجاه الوهابيين"، وصدرت التعليمات الصريحة للمقيم البريطاني بأن يتجنب أي صدام مع ممثل ابن سعود في تلك المناطق، لكن بسبب حدة المعركة التي وقعت بين الجانبين في شناص على الساحل العُماني، فإن سلاح البحرية البريطانية أراق دماء بعض السعوديين الذين أيّدوا مقاومة القواسم، حتى إن الرحالة السويسري بيركهارت يؤكد أن أحد أبناء عمومة الأمير سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود، الإمام السعودي آنذاك، كان بين هؤلاء القتلى، وذلك في سبيل استيلاء البريطانيين على هذه القاعدة البحرية الحصينة، والحد مما رأته "قرصنة" لسفنها في الخليج العربي[6].



أخيرا، وجّهت السلطات البريطانية إنذارا لابن سعود تطلب منه منع أفراد القبائل الخاضعة له من ارتكاب عمليات بحرية "قرصنة" ضد الإنجليز، لا سيما في بعض إمارات الساحل وعدم دعم رحمة بن جابر في قطر، وقد استقبل السعوديون هذا الإنذار بنوع من الاستهزاء، فقد جاء ردّهم أن الدولة السعودية لا تخشى من الإنجليز، ولا ترهب من عملياتهم في البحر، لكن الأمير السعودي في المقابل بيّن أنه لا يوجد أي عداء بينه وبين "المسيحيين"، وسيعمل على منع الاعتداء على السفن البريطانية[7].


 
سنوات العاصفة
=======




محمد علي شاه (مواقع التواصل)



يرى مؤرخ الخليج ج. لوريمر أن زيادة المشاكل التي كان يواجهها السعوديون في غربي الجزيرة العربية أثناء صدامهم مع القوات المصرية بقيادة إبراهيم باشا ابن محمـد عليّ سنة 1811 و1812م واندحارهم أمام تلك الحملات، يرى أن ذلك أجبر السعوديين على بدء اتصالاتهم ومراسلاتهم الودية مع الحكومة البريطانية، ومحاولاتهم تبريد المشكلات الساخنة بينهما لا سيما مشكلة عُمان.



فحين اتجه سلطان مسقط السيد سالم بن سلطان آل بوسعيد إلى شيراز التماسا لعون إيران، أرسل الأمير السعودي عبد الله آل سعود مبعوثا عنه يُدعى إبراهيم بن عبد الكريم الذي اتجه إلى فارس لمقابلة حاكمها ومنها اتجه جنوبا إلى بوشهر لمقابلة المقيم البريطاني الملازم بروس، حيث نقل عنه رغبة سيده ابن سعود في قيام علاقات ودية مع الحكومة البريطانية بحيث لا يتعرض أي من الطرفين لتجارة الآخر، ورفعت هذه الرغبة إلى حكومة الهند التي قررت سنة 1814م أنه ليس من الضروري توقيع معاهدة أو اتفاقية مع السعوديين وعدم الدخول معهم في علاقات وثيقة والاكتفاء بعلاقات ودية فقط[8].



ولعل الإنجليز لم يريدوا إبرام اتفاق وثيق بين الجانبين نظرا للهزيمة التي كان يلقاها السعوديون من جراء الحملات المصرية على منطقة نجد، والتي نجحت بالفعل في إسقاط الدولة السعودية الأولى عقب ذلك بأربع سنوات فقط سنة 1818م، فضلا عن علاقة الإنجليز القوية بمحمد علي باشا والي مصر آنذاك.



حق آبائنا!
======







حين أعاد الأمير تركي آل سعود إحياء الدولة السعودية من جديد ما بين سنوات 1818-1843، ورغم المشكلات الخطيرة التي لحقت به، والتي استعرضناها في تقريرنا السابق، وهزيمته وأسْره من جديد على يد القوات المصرية، فإنه حرص على تجديد المراسلات مع الجانب البريطاني، في الجهة الأخرى ظل البريطانيون يتحاشون الدخول في عمق الجزيرة العربية حيث يسيطر السعوديون، فهمُّهم الأكبر كان تأمين تجارتهم وأسطولهم في مياه الخليج العربي.



وحين ارتقى فيصل إلى حكم والده تركي في 1843م أرسل إلى الممثل البريطاني في الخليج يعبر فيه عن رغبته في "تجديد العلاقات الودية التي كانت قائمة بين أبيه الأمير تركي والحكوكة البريطانية"، وقد تلقى ردّا ودّيا يؤكد له أن الحكومة البريطانية لا أهداف لها سوى المحافظة على السلام في البحر، وكرر عليه فيصل أنه هو أيضا مهتم بالمحافظة على تلك المصالح[9].



مع ذلك، كان الطرفان يتربصان ببعضهما لا سيما البريطانيين الذين خشوا على مصالحهم في مياه الخليج من التوسّع السعودي وإن رأوه أقل خطرا من التمدد المصري الذي وصل إلى واحة البريمي أثناء الحكم المصري لمنطقة نجد ما بين سنتي (1838-1840م)،


وقد كتب المؤرخ ج. لوريمر في موسوعته الأشهر "دليل الخليج" عن السياسة البريطانية إزاء إمارة الرياض/الدولة السعودية الثانية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي

"أنها تتمثل في عدم التدخل في إمارات الساحل، والمقاومة المعتدلة في سلطنة عمان، والمعارضة بلا هوادة في البحرين". وهو يرى أن هذه السياسة مبعثها "هجمات الوهابيين العدوانية المتواصلة على طول خط الساحل"[10].



فساحل الخليج العربي في عُمان وإمارات الساحل العماني (الإمارات العربية اليوم) والبحرين وحتى الكويت كانت كلها تقع تحت نفوذ السياسة والحماية البريطانية التي عملت على إقصاء السعوديين عنها بكل الوسائل المتاحة، دبلوماسيا كان أم عسكريا إن لزم الأمر. على أن الأمير فيصل بن تركي آل سعود كان يرى أن المناطق الساحلية في شرق الخليج العربي ملك له ولأجداده الذين سيطروا عليها بقوة السلاح والدم، فقد تحدّث إلى المبعوث البريطاني لويس بيلي موضّحا له أن دولته تشمل أراضي الجزيرة العربية من الكويت عبر القطيف ورأس الخيمة وعُمان ورأس الحد وكل ما يقع وراء ذلك، "هذا ما وهبنا الله". وأضاف أن: "مسقط تابعة لنا، وقد أخذناها بقوة السلاح". ويرى أمير الرياض أن الإنجليز عندما يفرضون حمايتهم على حكّام الساحل إنما "يتدخّلون فيما لا يعنيهم"[11].





دماء على ساحل الخليج!
========







نتيجة لذلك، اصطدمت السياسة البريطانية بالسياسة السعودية في تلك المناطق، لا سيما البحرين وعُمان وواحة البريمي، فقد اندلعت الصدامات بين آل سعود وآل خليفة في البحرين سنة 1850م، وحظي أمير الرياض بدعم من فرع انقلب على عائلة حكام البحرين، الأمر الذي ساعده في تكوين أسطول له، والتحضير لإنزال على جزر البحرين، بيد أن أسطولا حربيا بريطانيا أُرسل للدفاع عن البحرين، فأنقذت حاكمها من الهزيمة، واضطر فيصل إلى الاتفاق بشأن الصلح مع البحرانيين، ولكنه تمكن من جعلهم يدفعون الإتاوات والديون السابقة، كما أنه عيّن في قلعة الدمام القريبة واحدا من أفراد عائلة آل خليفة المنافسين على الحكم في البحرين[12].



في عام 1859م، عندما تهيأ النجديون للهجوم من جديد على البحرين، أبلغ المقيم البريطاني في منطقة الخليج الكابتن جونسون الأمير فيصل بأن الحكومة البريطانية تعتبر البحرين "إمارة مستقلة" وهي مستعدة للدفاع عنها دون أي هجمات، وذهب الإنجليز إلى أبعد من ذلك حين فرضوا عام 1861م بقوة سلاح البحرية البريطانية على شيخ البحرين اتفاقية للحماية البريطانية كالتي فُرضت على الإمارات الصغيرة في ساحل الصلح مثل الشارقة ورأس الخيمة وغيرها، وغدت البحرين محمية بريطانية، ولأجل ترسيخ ذلك الوضع السياسي والعسكري الجديد، قصف الأسطول البريطاني قلعة الدمّام، وفرّ من القلعة المنافس على حكم البحرين محمد بن عبد الله آل خليفة المدعوم من فيصل آل سعود[13].



أما ما يتعلق بواحة البريمي، ففي مارس/آذار 1853م استغل حاكم أبوظبي تقلص الحامية السعودية المقدرة بـ 50 عسكريا ليسارع بالاستيلاء على الواحة، الأمر الذي اعتبره فيصل إهانة تستلزم الرد، فأرسل فرقة عسكرية بقيادة ابنه عبد الله، وحين وصل، أسرع شيوخ القبائل والعشائر وحكّام إمارات الساحل للإعراب عن خضوعهم للرياض، فقد كان نفوذها كبيرا، غير أن المعتمد البريطاني في الخليج الكابتن كامبل تمكن من مقابلة أولئك الحكّام وأرغمهم على توقيع "معاهدة الصلح الدائمة"، وبقيت البريمي تابعة للحكم السعودي[14].



ومن البريمي التي تقع في ذلك المثلث الحدودي اليوم بين السعودية والإمارات وعُمان، فرضت إمارة نجد من تلك البقعة نفوذها على كل من إمارات الساحل (دولة الإمارات الآن) وسلطنة عُمان بالرغم من تبعية أولئك للإنجليز، وظلت مسقط وصحار وإمارات الخليج تدفع الإتاوات للرياض، ولم تكن الأراضي التي يُشرف عليها النجديون محدّدة بدقة، فهي تتقلص تارة وتتسع أخرى، لكن كان لديهم عمّال الزكاة الذين ظلوا يجمعون زكوات الناس في عموم أراضي الدولة السعودية الثانية[15].



لويس بيلّلي في حضرة فيصل!
=======




لويس بيلي (مواقع التواصل)



كان الإنجليز يُعارضون توسع الدولة السعودية في نجد وشرق وجنوب الجزيرة العربية بعد انسحاب المصريين من الخليج، إلا أن إمارة نجد تحت حُكم فيصل استطاعت أن تنجح في تحقيق ذلك التوسع إلى درجة كبيرة، وأن تستلفت نظر الدول الأوروبية إليها، ففي سنة 1862م/1863م ظهر في الرياض وليام جيفورد بالجريف (palagraf) أحد الذين انتموا إلى طائفة الجزويت الكاثوليكية، والذي اشتهرت رحلته إلى الجزيرة العربية، وتُرجمت إلى العربية، وكان أحد كبار الجواسيس الأوروبيين الذين جاءوا إلى الجزيرة في ذلك التاريخ لاستكشاف الواقع السياسي والتقرب من حكّام تلك المنطقة لا سيما آل سعود لربطهم مع الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث، وقد التقى بالفعل بالأمير فيصل آل سعود حاكم نجد، ورأى مقدار قوة دولته الناشئة ودوّن ذلك كله في رحلته.



خشيت بريطانيا أن تؤدي زيارة بالجريف للرياض إلى نتائج ضارة بمصالحها، ولعل هذا ما دفعها إلى الإسراع بتكليف الرائد لويس بيللي المقيم البريطاني في الخليج إلى زيارة الأمير فيصل، فقد كانت تخشى من أن يترتب على استمرار معاداتها للسعوديين أن ينتشر نفوذهم على سواحل الخليج فيضروا بتجارتها، والواقع أن كثيرا من الرؤساء المهادنين شيوخ إمارات ومشيخات الخليج قد انضموا إلى فيصل بن تركي الأول بحيث أصبح من المشكوك فيه إبقاء تعهداتهم الخاصة مع الحكومة البريطانية.



اعترف الأمير فيصل في محادثاته مع بيللي في الرياض أنه تلقى مرتين عروضا سخية من الحكومة الفرنسية بالمعونة، وفي الثانية منهما، وكان وقتها يتفق تماما وبعثة مستر بالجريف الذي طلب من الأمير أن يبلغ ردّه للقنصل الفرنسي في دمشق، وأبلغه الأمير بالفعل شكره، وأوضح له أنه ليس في حاجة إلى مساعدة من الجانب الفرنسي في ذلك الوقت[16].


لذلك كان الهدف من رحلة الكولونيل بيللي مقابلة الأمير فيصل في عاصمته الرياض، والحصول منه على وعد بعدم الإضرار بالتجارة، وأن يتباحث معه في الأمور الناتجة عن المصالح الخاصة بكل من الإنجليز والسعوديين في منطقة الخليح، فضلا عن إقامة علاقات الصداقة مع الحاكم الأقوى في الجزيرة العربية.








كانت تلك الزيارة في 6 مارس/آذار 1865م قبل وفاة الأمير فيصل بثلاثة أشهر فقط، كان فيصل في السبعينيات من عُمره، شيخا كبيرا فاقدا للبصر، رغم الاحترام والتوقير الذي كان يحظى به من أقاربه الأدنين، ومن رعاياه جميعا ممن كانوا ينادونه باللقب الديني "الإمام"، وفي المقابلتين اللتين التقى فيهما بيللي مع ابن سعود لم يتطرق النقاش إلى مشكلات محددة مثل الجزية السعودية المفروضة على سلطان مسقط عُمان حتى لا تؤثر على سير المفاوضات.


كان لويس بيللي على وعي بقوة فيصل، وقد عبّر عن هذه القوة في تقريره الذي أرسله إلى مرؤوسيه في حكومة الهند البريطانية، قائلا:


"لقد شعرتُ واثقا أنه إذا ما استطعتُ أن أعيد إقامة العلاقات مع حاكم مثله فإننا نستطيع أن نتوقع فائدة من نفوذه على رؤساء الساحل دون أن نخشى أن هذا النفوذ سيبذل في اتجاه يتنافى والاتجاه التقدمي"[17].



بالفعل، حقّقت بعثة بيللي نجاحا في تحسين علاقة الإنجليز بالسعوديين؛ فقد أظهر الأمير فيصل استعداده بمعاقبة رعاياه المشتغلين بالقرصنة على ساحل الخليج، في المقابل طالب بريطانيا بحماية سُفنه على الجانب الآخر من مياه الخليج، وبعث بتعليماته إلى الحكام التابعين له على الساحل بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين، وقُبيل وفاة الأمير فيصل بعث ابنه عبد الله إلى بيللي بتعهد رسمي من قِبل السعوديين بعدم الاعتداء على الإمارات التي ترتبط مع الحكومة البريطانية بمعاهدات خاصّة، ولا سيما سلطنة مسقط، لكن كان على تلك الإمارات تلقي الزكاة المتفق عليها كنوع من أنواع الولاء والتبعية[18].



ظلت العلاقات البريطانية السعودية على هذه الحالة من الوئام بين الجانبين بعد بعثة بيللي، لكن وفاة فيصل آل سعود في أواخر السنة ذاتها 1865م فتح الباب على فصل جديد، على الصراع الأول في تاريخ العائلة السعودية، وهو صراع الأبناء على عرش فيصل، وهو ما أدى إلى تجرؤ الإمارات والمشيخات الأضعف تجاه أملاك السعوديين والاستيلاء عليها واحدة خلف الأخرى، فضلا عن ضلوع البريطانيين في تلك الأحداث، فكيف حدث ذلك الصراع الخشن الذي فقدَ فيه السعوديون عرشهم ودولتهم؟ هذا ما سنقف عليه في تقريرنا القادم!



https://midan.aljazeera.net/intellect/history/2018/9/15/ذئاب-في-الصحراء-قصة-رضوخ-آل-سعود-للإنجليز
 

عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يتمنى أن تكون #سوريا بيد صديقتنا الدولة البهية بريطانيا وليس فرنسة

CMOTNzuWsAAXws4.jpg

CMOWKn6UsAAZpZz.jpg

 

د. عبد الله الزوبعي الشمري‏ حساب موثّق

يشير المؤرخ خالد الفرج أن الإنجليز (بوساطة بيرسي كوكس) عرضوا على عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أن يكون خليفة المسلمين ويقيم الخلافة الإسلامية إلا أن ابن سعود رفض هذه الفكرة، فألحوا عليه، ورد عليهم أن يكون الشريف حسين الخليفة؛ لأنه من آل البيت، ثم عرض الإنجليز الخلافة على الشريف.

Dv5PgJ-WoAAFAPk.jpg


Dv5Ph67WwAAU5RW.jpg

Dv5PjuKX4AAmfeZ.jpg

Dv5PlGyW0AAGhdK.jpg
 

العهد الجديد‏ @

وثيقة تاريخية مهمة رسالة أرسلها الملك عبدالعزيز إلى القنصل البريطاني بي جي لوك يرجوه بأن يكون راتبه الشهري بالعملة الذهبية بديلا عن الروبية


DIebgFDUQAAoNLU.jpg


DIebgE8UQAQRcPI.jpg
 

الأرشيف البريطاني و السعوديين؟
===============



10/11/2018


تكشف وثائق الأرشيف البريطاني المرفوع عنها السرية الكثير من التفاصيل الهامة عن حيثيات نشأة الدولة السعودية الثالثة في مطلع القرن العشرين. فقبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى كانت الجزيرة العربية تخضع شكليا لنفوذ الدولة العثمانية، وتوجد في المدينة المنورة حامية تركية تشرف على تأمين خط سكة حديد الحجاز، بينما تتقاسم القبائل والعائلات النفوذ الفعلي والسيطرة على الأرض، فالأشراف يحكمون الحجاز وآل سعود يحكمون نجد والأدارسة يحكمون عسير وآل رشيد يحكمون حائل والجوف.




بداية العلاقات السعودية البريطانية
=============


في تلك الآونة كانت بريطانيا تحرص على استقرار الدولة العثمانية وتتجنب إقامة علاقات خاصة مع زعماء المناطق الخاضعة للنفوذ العثماني، وهي السياسة التي تغيرت مع اندلاع الحرب العالمية الأولى.



سعى أمير نجد، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، إلى فتح خطوط تواصل مع بريطانيا، فقابل في أبريل 1911 المعتمد السياسي البريطاني في الكويت الكابتن شكسبير، الذي دوّن في تقرير مطول بعثه إلى قياداته مجريات اللقاء قائلا

"لم يُظهر ابن سعود ولا إخوته أي أثر من روح التعصب التي كان يمكن توقعها من الأسرة الوهابية الحاكمة... وحينما أخذ عبد العزيز يسألني عن رأيي في العلاقات بين بريطانيا وتركيا، قلت فورا إني لم آت لبحث الشؤون السياسية، وإنما كي أرى كيف يعيش زعماء العرب في البادية، كما أنني لست مخولا للبحث في السياسة معه، وإن حكومة صاحبة الجلالة لا تتدخل في شؤون البلاد العربية الوسطى الخاضعة للنفوذ العثماني، وتحصر اهتمامها في مصالحها على خط الساحل.
فقال عبد العزيز إنه يفهم موقفي تماما، ولكنه يكون شاكرا إذا سمعت ما يريد قوله، وإذا رغبت بعد ذلك في إبداء أرائه لرؤسائي فذلك من شأني
".

وتمثلت مقترحات ابن سعود في رغبته في دعم بريطانيا له في مواجهة الأتراك الذين يعززون قواتهم عبر ساحل الإحساء، ما يعيقه عن إعلان التمرد عليهم قبل الحد من قدرتهم على جلب الجنود بحرا. ومن ثم تكررت لقاءات ابن سعود مع شكسبير.



ولاء ابن سعود الشكلي للعثمانيين
=============



في الوقت ذاته الذي كان ابن سعود يجسّ نبض البريطانيين ويطلب دعمهم، كان يوطد علاقته مع العثمانيين، فأرسل في مطلع 1914 إلى صديقه طالب النقيب، المقرب من الأتراك، قائلا

"سررت كثيرا بتسلم خطابكم الذي تعبرون فيه عن ولائكم للحكومة العلية، وهو الولاء الذي أشارككم إياه، وكما تعلمون يا أخي فإنني أول من أرجو الخير للحكومة والبلاد".


وقع ابن سعود في 15 مايو 1914 معاهدة مع العثمانيين نصت على توليه منصب (والي نجد) طيلة حياته، ووراثة أولاده للمنصب من بعده، وعلى أن الدولة العثمانية متى دخلت في حرب مع دولة أجنبية أو إذا حدث اضطراب داخلي في أي من ولاياتها، وطلبت منه ارسال قوة دعم، فعليه توفير تلك القوة مع كامل أسلحتها ومؤنها.



لم يفت ابن سعود قبل التوقيع على المعاهدة أن يأخذ رأي الإنجليز سرا، فكتب، في 2 أبريل 1914، إلى المعتمد السياسي البريطاني في البحرين، تريفور، قائلا

"تسلمت معلومات من المبعوث التركي عمر بك مارديني، الذي وصل من القسطنطينية مباشرة.. ولم أحب أن أراه حتى أخبركم لكي تعلموني بالمطلوب وبأي شكل يكون".



تقلبات الحرب العالمية الأولى
============



عندما لاحت بوادر مشاركة الدولة العثمانية في الحرب، كتب السير ماليت، سفير بريطانيا في اسطنبول ، إلى وزير خارجيته إدوارد غراي، بتاريخ 4 سبتمبر 1914 قائلا

"أوافقكم على أنه إذا تحالفت تركيا مع ألمانيا وأصبحت الحرب محتومة؛ فمن المحتمل أن يصبح من أهم الأسلحة دعم وتنظيم حركة عربية.. يجب أن يوجهها ابن سعود.. بالتعاون مع أصدقائنا من زعماء العرب".

ووقعت الحرب بالفعل، وصار ابن سعود الرجلَ المفضل في الجزيرة العربية بالنسبة إلى حكومة الهند التابعة للتاج البريطاني، بينما صار الشريف حسين الرجلَ المفضل لدار المندوب البريطاني السامي في مصر.



انقلب والي نجد (ابن سعود) على العثمانيين فسجن ضابطا تركيا أوفدته حكومة الباب العالي إليه لتدريب قواته، كما اعتقل أربعة علماء أرسلتهم السلطات التركية إليه للدعوة في نجد إلى الجهاد ضد الإنجليز


وأرسل ابن سعود إلى القنصل البريطاني العام بالخليج بيرسي كوكس في نوفمبر 1914 قائلا

"إنني واحد من أكبر أعوان حكومة بريطانيا العظمى التي ستحصل بعون الله مني على نتائج مرضية". كما شن ابن سعود حربا ضارية ضد آل رشيد الموالين للعثمانيين، وقُتل الكابتن شكسبير في تلك الحرب في 1915 أثناء تواجده مع الجيش السعودي.



موقف ابن سعود من الثورة العربية الكبرى
=================



عندما أعلن الشريف حسين ثورته ضد الأتراك انطلاقا من الحجاز في يونيو 1916 سارع ابن سعود، في 20 يوليو من العام نفسه، إلى ارسال رسالة إلى برسي كوكس قال فيها

"نصيحتي أن تساعدوا الشريف بشكل جزئي، لكي يبقى لدى الأتراك أمل في القضاء عليه، ويبقى هو أيضا خائفا من الأتراك، وهكذا سيصبح الأتراك محرجين جدا في الحجاز، وسيساعدكم هذا على عملكم في العراق وأماكن أخرى".



وبالرغم من مضمون الرسالة السابقة التحريضية ضد الشريف حسين، فإن ابن سعود أرسل إلى الشريف رسالة في أغسطس 1916 قائلا

"تعلمون سيادتكم أن كل شيء ثابت على أساسه، وإن أساس الدين والدنيا هو الصدق.. لقد ثبت لدي أن هدف الأتراك الوحيد هو تدمير الإسلام والمسلمين وخاصة العرب، ولذلك علينا أن نكون صادقين إزاءك وأن نتعاون معك في كل الأحوال".



كما أرسل ابن سعود رسالة إلى الشريف (عبد الله بن الحسين) في أكتوبر 1916 يهنئه فيها بالسيطرة على الطائف قائلا

"كل من يحمل الحماسة الدينية من العرب يجب عليه أن يعمل قصارى جهده لمحاربة الأتراك وحلفائهم، لأنهم أخطر عدو للعرب والمسلمين...أعاهدك بالله أنني معك بكل قوتي وقلبي، ولا أخفي عنك أي شيء، والله شاهدي".



300

لم يوافق الشريف حسين على فرض الانتداب على فلسطين، فتنكرت له بريطانيا وسمحت لابن سعود بالتمدد والقضاء عليه، ليؤسس نواة الدولة السعودية الثالثة




الخداع البريطاني
==========



رغم رسائل ابن سعود المتعددة للإنجليز التي توضح كراهيته للشريف حسين، فإنهم حرصوا على تلطيف الأجواء بين الرجلين فأرسل القنصل البريطاني في جدة (ويلسون) رسالة في نوفمبر 1916 إلى الشريف حسين متحدثا فيها عن دعم ابن سعود لثورته، ومؤكدا أن "حكومة بريطانيا حريصة جدا على أن يدعم جميع الشيوخ العرب القضية العربية الشريفة".

ومن ثم أرسل الشريف حسين رسالة ودية إلى ابن سعود قائلا "أرسلت لك كل ما طلبته من مال.. علينا أن نوجه عملنا لهدف واحد، لأن كلينا حليفان وصديقان حقيقيان للحكومة البريطانية، التي هى الصديق الحقيقي للعرب".




ترجيح كفة ابن سعود على الشريف حسين
===============



عقب انتهاء الحرب العالمية طالب الشريف حسين بحكم "الدولة العربية الكبرى"، التي وعدته بها بريطانيا، وتصور أنها ستشمل الحجاز والشام والعراق وفلسطين، ورفض التوقيع على معاهدة فرساي، ولم يوافق الشريف حسين على فرض الانتداب على فلسطين، فتنكرت له بريطانيا، وسمحت لعبد العزيز بن سعود بالتمدد والقضاء عليه، ليؤسس نواة الدولة السعودية الثالثة التي عبّر عن أهميتها المعتمد السياسي البريطاني في البحرين الميجر ديكسن في أغسطس 1920 قائلا:



"جزيرة عرب وسطى قوية يحكمها ابن سعود، وهو مرتبط بأشد العلاقات الودية مع الحكومة البريطانية، تكون ملائمة للسياسة البريطانية كل الملائمة، إنها ستحسم الكثير من المصاعب، وفي الوقت نفسه تجعل كل الدويلات الساحلية معتمدة علينا أكثر مما هى عليه الآن. الكويت والبحرين والساحل المهادن وعمان والحجاز وحتى سوريا سوف تعيش كلها في هلع من جارها القوي، وتكون أكثر انصياعا لرغبات حكومة الجلالة مما هى عليه اليوم.. إن طريقة العربي هى أن يعيش على تحريض جيرانه الأقوياء بعضهم ضد بعض. وفي الوقت نفسه إذا لم يستطع القيام بذلك، فعليه أن يستند إلى دولة حامية قوية للالتجاء إليها، وإذا أصبح ابن سعود قويا جدا في جزيرة العرب، فإن النفوذ البريطاني يزيد زيادة عظيمة بين الدول الساحلية".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر

الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية (نجد والحجاز) ترجمة نجدة فتحي صفوة، المجلدات: الأول والثاني والثالث والخامس، ط. دار الساقي.

https://blogs.aljazeera.net/blogs/2...otxdw7bonh3j7ikuueblzlyde1egaoszlsujp3ztbar9s

 

كان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يختم رسالته لـ الأتراك العثمانيين بـ«خادم الدولة والملّة والوطن».


DRmqAV0XUAAZTPJ.jpg



اما والده عبد الرحمن ال سعود فكان ختم عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود رسالته إلى العثمانيين بـ«عبدكم العثمانيّ» .

DKcL9J4XkAEkSSm.jpg


 
عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود ( والد الملك المؤسس للسعودية عبد العزيز ) :

«أسرتي عرفت منذ القدم بالطاعة للدولة [العثمانية]، والولاء لإمام المسلمين».

CZ-NqSMWYAAWyg4.png
 
للأسف أل سعود منذ ظهورهم وهم يشنون الحمله تلو الحمله على عمان لاحتلالها بالقوة
تخلصنا من البرتغالين والهولندين والاطماع الفرنسية وكانت عمان في حرب ضروس ضد فارس حيث اراد الفرس احتلال عمان واذا يتفاجأ العمانيون بزحف قادم من قبل أل سعود وتشن حمله كبيرة ضد عمان ومعها احلاف قبليه
 
عبد العزيز ال سعود كان يلعب سياسه ولكن كثير من كلامك غير صحيح والبعض صحيح ولكنه دس السم في العسل
 
هههههه حل
كان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يختم رسالته لـ الأتراك العثمانيين بـ«خادم الدولة والملّة والوطن».

DRmqAV0XUAAZTPJ.jpg



اما والده عبد الرحمن ال سعود فكان ختم عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود رسالته إلى .
كان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يختم رسالته لـ الأتراك العثمانيين بـ«خادم الدولة والملّة والوطن».

DRmqAV0XUAAZTPJ.jpg



اما والده عبد الرحمن ال سعود فكان ختم عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود رسالته إلى العثمانيين بـ«عبدكم العثمانيّ» .

DKcL9J4XkAEkSSm.jpg



ههههههه خادم الدولة
هههه عبدكم العثماني
هذي نكته
كيف تستقيم وهو امام وليس امير اقليم لدى الاتراك بل اخرجهم وهم صاغرين
 
عودة
أعلى