نمــو وتزايـد القــوة الناريــة للدبابــات .

anwaralsharrad

باحث عسكري
مستشار المنتدى
إنضم
12/12/18
المشاركات
2,661
التفاعلات
18,086
خلال الفترة التي تبعت الحرب العالمية الأولى وحتى بداية الحرب العالمية الثانية
نمــــــــــــو وتزايــــــــــد القـــــــــوة الناريــــــــــة للدبابـــــــــات

tiger-i-large-56a61c403df78cf7728b644c.jpg

جهود تطوير المدافع متوسطة العيار، بشكل خاص للدبابات وللأسلحة المضادة للدبابات، بدأ في ألمانيا من قبل شركة "راينميتال" Rheinmetall العام 1924. العيار 37 ملم الذي تم اختياره من قبل هذه الشركة للمدافع كان مماثل لسلاح آخر يجهز الدبابة الفرنسية Renault FT، لكن مدفع راينميتال كان أكثر طولاً، ومقذوفاته المخترقة للدروع كانت تطلق بسرعة فوهة عالية نسبياً تبلغ 760 م/ث بدلاً من 388 م/ث لنظيره الفرنسي، بالنتيجة المدفع كان قادراً على ثقب دروع أكثر سماكة لنحو الضعف. هذا السلاح تم تبنيه العام 1932 من قبل الجيش الأحمر لصالح النموذج الأول من سلسلة الدبابات السوفييتية الخفيفة BT. أيضاً في منتصف الثلاثينات، الجيش الأمريكي حصل على رخصة إنتاج مدفع راينميتال، وتم تبني السلاح العام 1938 لصالح الدبابة المتوسطة M2. في منتصف الثلاثينات، مدفع بالخصائص المماثلة من عيار 37 ملم طور أيضاً في السويد من قبل شركة "بوفورز" Bofors، الذي سلح لاحقاً بعض الدبابات السويدية والبولندية. ونظراً لكل هذا، أعتبر مدفع راينميتال من عيار 37 ملم التسليح المثالي للدبابات الخفيفة والمتوسطة في ثلاثينات القرن الماضي. على أية حال، مع نهاية العقد، بدأت هذه الأسلحة لأن تكون ملغية ومستبدلة بالمدافع المماثلة من العيار الأكبر. هذه العملية بدأت في العام 1933 مع الدبابة السوفيتية الخفيفة BT-5 التي سلحت بمدفع من عيار 45 ملم، وبعدها بسنتين الدبابة T-26 جهزت أيضاً بسلاح من نفس العيار. في العام 1936 بدأ تسليح الدبابات البريطانية بمدفع من عيار 40 ملم مع طول من 50 قطر. هذا السلاح كان قادراً على ثقب دروع أكثر سماكة مما يستطيع مدفع راينميتال من عيار37 ملم عمله.

1200px-Yanks_advance_into_a_Belgian_town.jpg

وخلال نفس الفترة الزمنية قريباً، الدبابة الفرنسية SOMUA S35 كانت مسلحة بمدفع من عيار 47 ملم، الذي كان قادراً أيضاً على ثقب دروع أثخن مما سبق، كما عمل السوفييت على تطوير مدفع دبابات من عيار45 ملم بنفس القدرات البالستيه. وابتداء من العام 1941 بدأ الجيش الألماني بتعديل الميزان عندما بدأ بتجهيز دبابته المتوسطة من نوع PzKpfw III بمدفع عيار 50 ملم مع طول 42 قطر. وفي العام 1942 الدبابة جهزت بمدفع من نفس العيار لكن بطول 60 قطر حمل التعيين KwK 39. هذا المدفع كان قادراً على ثقب دروع أثخن مما تستطيع جميع المدافع عمله في ذلك الوقت، خصوصاً مع إطلاقه مقذوفات أثقل مع سرعة أعلى مما سبق. في حقيقة، هو كان قادراً على ثقب صفيحة درع بسماكة 68 ملم عند مسافة 500 م.. على أية حال، في العام 1942 بدأت القوى الكبرى بالاعتراف أن الدبابات يجب أن تكون قادرة ليس فقط على هزيمة ودحر دروع دبابات الخصوم المفترضين، لكن أيضاً إيصال نيران فعالة ومؤثرة effective fire تجاه أسلحة العدو المضادة للدبابات والأهداف الأخرى المقساة. ولكي يكونوا قادرين على عمل ذلك، كان لزاماً عليهم أن يكونوا مسلحين بمدافع لا يقل عيارها عن 75 ملم.

2394ca4a972f877437de9536f66f6570.jpg

في الحقيقة الدبابات الفرنسية الأولى كانت مسلحة بمدافع هاوتزر من عيار 75 ملم، وبعد الحرب العالمية الأولى عكف الجيش الفرنسي على تطوير دبابة جديدة مسلحة أيضاً بمدفع من عيار 75 ملم، التي حملت التعيين Char B وقدر لها أن تكون دبابته الرئيسة. المدفع في هذه الدبابة صعد في مقدمة الهيكل وبطريقة بحيث يمكن تصويبه فقط مع استدارة أو انعطاف كامل الدبابة، مما تطلب من السائق العمل والتصرف أيضاً كمدفعي!! مثل هذا الترتيب لربما عمل جيداً في الهجمات المباشرة direct assaults على مواقع العدو، لكنه لم يناسب أو يلائم حرب المناورة المتحركة manoeuvre warfare التي اشتركت فيها الدبابة Char B العام 1940. على النقيض من ذلك، الجيش البريطاني لم يتبنى العيار 75 ملم لأي من دباباته حتى الجزء الأخير من الحرب العالمية الثانية. ففي أواخر العام 1937 هيئة الأركان العامة البريطانية كانت ترى أنه لا حاجة فعلية لمدفع دبابة بعيار أكثر من 40 ملم. مدافع من العيار الأكبر صعدت على الدبابات البريطانية كانت في حقيقتها مدافع هاوتزر howitzers من عيار 95 أو 76.2 ملم، التي استبدلت المدافع متوسطة العيار في البعض منهم.

c38811601f165c26c569c70831701b2f.jpg

الدبابات المسلحة بمدافع الهاوتزر دعيت "دبابات الدعم القريب" Close Support Tanks، وقابليتهم حصرت كلياً تقريباً في إطلاق قذائف الدخان لخلق وتوليد ستائر الدخان smoke screens، التي اعتبرت حينها ضرورية.. الجيش الألماني في المقابل تفادى مثل هذا الإفراط في التخصص عندما بدأ سراً في تطوير دبابات متوسطة خلال عقد العشرينات وتبنى عيار المدفع 75 ملم على الدبابة المتوسطة Grosstraktoren (تعني بالألمانية الجرار الكبير). المدفع الذي حمل التعيين KwK L/24 كان بطول 24 قطر، ومقذوفاته المخترقة للدروع كانت تطلق بسرعة فوهة فقط 400 م/ث، مع ذلك هي كانت قادرة على هزيمة دروع أكثر سماكة مما تستطيع مدافع الدبابات المعاصرة حينها من العيار 37 ملم. ما هو أكثر من ذلك وعلى خلاف الأخير، المدفع الألماني كان قادراً على إطلاق مقذوفات فعالة من النوع شديدة الانفجار أيضاً. لذا، تم تبني هذا المدفع كتسليح رئيس للدبابة PzKpfw IV، التي أصبحت الدبابة الألمانية الأقوى أثناء السنوات الثلاث الأولى من الحرب العالمية الثانية. طبيعة قدرات هذا السلاح في ذلك الوقت لم تدرك جيداً من قبل دول التحالف، ربما بسبب سبطانة المدفع القصيرة التي قورنت في أغلب الأحيان وبشكل خاطئ بدبابات الدعم القريب البريطانية، على الرغم من أن هذه الأخيرة كانت لا تمتلك شيء من قابليات المدفع.

m0msnmkzfs111.jpg

الروس تأثروا بالتجربة الألمانية ولحقوا بها عندما بدأوا في العام 1932 تطوير دبابتهم المتوسطة T-28 ودبابتهم الثقيلة T-35 وتسليحها بالمدفع model 27/32 من عيار 76.2 ملم. المدفع عندما دخل حيز الإنتاج كان بطول فقط 16.5 قطر، لكن في العام 1938 تم تجاوز هذا المدفع بنسخة أخرى من نفس العيار لكن بطول أعظم بلغ 26 قطر، بحيث كان السلاح قادراً على إطلاق مقذوفاته بسرعة فوهة لنحو 555 م/ث، بدلاً من 381 م/ث كما في النوع الأسبق، لذا هو منطقياً كان قادراً على ثقب دروع أسمك. في مرحلة لاحقة، زيادة أخرى تم انجازها العام 1940 في طول سبطانة المدفع barrel length وبالتالي في سرعة الفوهة muzzle velocity، عندما تمت زيادة امتداده إلى 30.5 قطر، ليثبت السلاح أولاً على الدبابة الثقيلة KV-1، ثم بعد ذلك على الدبابة المتوسطة T-34. أخيراً، من العام 1941 فصاعداً، الدبابات KV-1 وT-34 كانت مسلحة بالمدفع 76.2 ملم لكن مع طول جديد بلغ 41.5 قطر، حيث أطلق هذا السلاح مقذوفاته بسرعة فوهة بلغت 625 م/ث.

tUFC10dKEQumqtxsQOWgsMHhDqIdxzWXe8bGwf1qk6U5O6CrXzyaoWRWrCmzDe1rjgJK9IDQbzZdnjdW_PzCpi0QiVPNOTRoaeCVecK9ClvuLXOaDxLphRUzNSPi4vlOo9D_bf6Y9ecWN4M-YEBgt-TLpirW9AkHGMDY-lTziNE5YJzFoXUYXX8Oaw5UpTsPkytJZtnm6QxFZ6KYiml33gEqj1Hb8_x1kbF0Szm7PklD4d0AJL6oTbIojGBZsvDxvOOUnxY01HzmaqCcqu8mSos9atWaNiE0NzD5Txdu12WSiV1kfJt3m2r2ttnG3CyQb8vfklnmpuHs1qBJeg

وبالمقارنة مع التطوير المتقدم للمدفع 76.2 ملم في الجيش الأحمر، نجد أن الألمان لم يطوروا أو يعقبوا مدفعهم L/24 من عيار 75 ملم والذي كان مثبتاً على الدبابة PzKpfw IV حتى بعد احتلال الإتحاد السوفيتي العام 1941، عندما صدمت القوات الألمانية بشكل مفاجئ بشدة تصفيح الدبابات السوفيتية. نتيجة لذلك، جرى تطوير مدفع الدبابات L/43 من عيار 75 ملم، والذي كان يتحصل على سرعة فوهة حتى 740 م/ث، وأثبتت هذا السلاح عند ظهوره في العام 1942 كتسليح جديد للدبابة PzKpfw IV، قدرات تفوق نظيره السوفيتي 76.2 ملم بالإضافة إلى مدافع الدبابات الأمريكية من عيار 75 ملم. وعلى الرغم من أداءه الرفيع، مدفع الدبابات L/43 لم يمثل قمة تطوير العيار 75 مليمتر، حيث أنتج الألمان من جديد مدفع دبابات بنفس العيار حمل التعيين L/70، والذي طور أيضاً كرد على ظهور جيل من الدبابات السوفيتية الجديدة في العام 1941. هذا السلاح صعد على الدبابة المتوسطة من نوع Panther، وأطلق مقذوفاته بسرعة فوهة مقدرة بنحو 935 م/ث، الأمر الذي مكنه من ثقب دروع فولاذية بسماكة 126 ملم من مسافة 1000 م.

Panzers-World-War-II.jpg
 
عودة
أعلى