لماذا تقوم أيران بتكرير جزء من نفطها في سورية ثم تعيد تصديره
لغز النفط السوري:
في 28 سبتمبر/أيلول، ظهر الخبر التالي: "كشف مدير عام مصفاة بانياس، محمود قاسم، أنه منذ بداية الشهر الجاري وحتى منتصفه، وصل إلى مصفاة بانياس ثلاث نواقل نفط من إيران بحمولة 3 مليون برميل، لافتاً إلى أن المصفاة لا يوجد لديها خزانات كافية لوضع النفط الخام، وهو ما دفعها لزيادة طاقة التشغيل وتصريف ما تكرره من نفط بسرعة باتجاه سوق الاستهلاك، وبالذات محطات توليد الكهرباء."
"وبيّن قاسم أن الناقلة الأولى وصلت بتاريخ 3 أيلول الجاري وكان على متنها مليون ونصف برميل، أما الناقلة الثانية فوصلت بتاريخ 9 أيلول وكانت تحمل على متنها مليون برميل، أما الثالثة والأخيرة فقد وصلت بتاريخ 17 أيلول وتبلغ حمولتها 500 ألف برميل من النفط الخام."
خلال الأسابيع التالية تكررت الأنباء المعلنة رسمياً عن وصول ناقلات نفط إيرانية لسورية ولكن في الأسبوعين الأخيرين تواترت "تسريبات" تؤكد أن كميات النفط هذه يتم تكريرها وتغادر الأراضي السورية. هذه التسريبات التي باتت تنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي في سورية عبر شهادات لموظفين في قطاع تصفية النفط وعاملين في قطاع نقله ومطلعين على حركة الشحن البحري لم يقابلها حتى اليوم أي تعليق رسمي بالرغم من القفزات الحادة في أسعار المحروقات (200 إلى 250 ألف ليرة - 40 إلى 50 دولاراً - لصفيحة البنزين العشرين ليتر).
لماذا يصفى النفط الإيراني في سورية ليخرج منها؟ التفسيرات الممكنة تشمل:
أولاً، يتم تصفية جزء (غير معروف) من النفط الإيراني لنقله تالياً لـ"حزب الله" و/أو الحوثيين في اليمن حيث توجد أزمة مشتقات نفطية كبيرة في لبنان واليمن.
ثانياً، يتم تصفية النفط وإعادة تصديره لصالح إيران التي أعلن وزير نفطها، جواد أوجي، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني ارتفاع صادرات المشتقات النفطية لأعلى مستوى منذ 2018 - أي منذ أن أعادت إدارة ترامب فرض العقوبات على إيران.
أما لماذا تستخدم إيران مصفاتي النفط في سورية فهذا له بدوره تفسيران:
الأول هو حركة الإضرابات التي يقوم بها عمال صناعة النفط في إيران منذ فترة طويلة، حتى قبل تفجر المظاهرات الأخيرة، والتي يمكن أن تكون أثرت على معدلات الإنتاج.
والثاني هناك فرصة مهمة لتصدير المشتقات النفطية خصوصاً للدول الأوروبية التي تراجعت قدرات التصفية المحلية لديها في العقود الأخيرة وباتت تعتمد على استيراد المشتقات النفطية من روسيا وترفض الاستعانة بطاقة التصفية الصينية (روسيا والصين هما الوحيدتان حالياً اللتان تمتلكان فائض قدرات تصفية للنفط وتستطيع تلبية الطلب الأوروبي).
ما بات أكيداً الآن أن ما يصل لسورية من النفط الإيراني هدفه الأول هو خدمة الأجندة الإيرانية وليس تلبية متطلبات السوق السورية، ولهذا يزداد احتمال تفاقم أزمة المشتقات النفطية في سورية، خصوصاً إذا ما تحسنت أسعار النفط الدولية مع بدء تطبيق العقوبات الأوروبية على قطاع النفط الروسي في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري والذي تحاول دول "أوبك" الاستفادة منه عبر تخفيض إنتاجها وتخفيض المعروض من النفط في الأسواق.