ملحمة القصر الكبير/ أنور عبد العزيز الحمدوني

  • بادئ الموضوع Nabil
  • تاريخ البدء

Nabil

التحالف يجمعنا
مستشار المنتدى
إنضم
4/5/19
المشاركات
10,858
التفاعلات
19,878
ملحمة القصر الكبير

أنور عبد العزيز الحمدوني



في زمن كانت فيه الجيوش الصليبية تغير على الطرف الشرقي لدار الإسلام، فتحتل، وتنهب، وتشر، وفي زمن كانت فيه البرتغال، أقوى إمبراطورية في العالم، إلى جانب إسبانيا حيث تمتد رقعتها إلى مناطق شاسعة من العالم، في هذا الزمن حين بلغ الصليبيون قمة قوتهم، فكان لا بد –في نظرهم- من كسر شوكة الإسلام في جناحه الغربي.
في سنة 981 هـ تولى ملك المغرب محمد المتوكل [1]، وبقي على العرش حوالي السنتين، إذ انقلب عليه أبو مروان عبد الملك السعدي، وأخوه أحمد (وهما من عائلة المتوكل) بمساعدة العثمانيين الذين كانوا على الحدود الشرقية للمغرب، في الجزائر. فما كان من المتوكل إلا أن فرّ إلى البرتغال طالباً النجدة من إمبراطورها دونْ سباستيان على أن يسلمه كل شواطئ المغرب على المحيط الأطلسي دون استثناء.
هكذا وجد سباستيان فرصته الذهبية للقضاء على الإسلام في جناحه الغربي، وتنصير المسلمين فيه تطبيقاً لوصايا إيزابيلا الكاثوليكية. وبدأ الإمبراطور البرتغالي مشاوراته مع أباطرة أوروبا وملوكها، فاتصل أول الأمر بخاله فيليب الثاني عاهل إسبانيا، الذي سمح للمتطوعين من كل ممالكه بمرافقة سباستيان إلى المغرب للقتال في سبيل الصليب، وتحرك سباستيان بجيوش نظامية من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والفاتيكان البابوية ومتطوعين من إنجلترا وفرنسا بالإضافة إلى جيوشه البرتغالية.
وعلم عبد المالك ملك المغرب بالمخطط الذي يحاك ضد بلاده، فبعث رسالة إلى إمبراطور إسبانيا يدعوه إلى حسن الجوار وإقامة علاقات صداقة، كما بعث لسباستيان يؤنّبه فيها على العمل الذي ينوي الإقدام عليه، ويهدده بسوء المصير،ويدعوه في الوقت نفسه إلى الدخول في السلم، والشروع في المفاوضات، ومما جاء في الرسالة:
» إنّ عزمك على محاربتي في عقر داري ظلم وعدوان، وأنت تعلم أني لا أضمر لك شراً، ولم أقم بحركة ضدك، فكيف تبيح لنفسك أن تسطو على حقوق وهبني الله إياها وتقدمها لشخص آخر هو محمد المتوكل، مقابل وعود (تسليم شواطئ الأطلسي)، لا يستطيع أن يفي لك بها ما دمت على قيد الحياة، وباستثناء العاصمة مراكش فإنني مستعد أن أتنازل لابن أخي (محمد المتوكل) على أي قضية، وإنك بإغرائك مغربياً على أخيه تقوم بعمل مشين لن يخدم سمعة البرتغال. إني أعلم أنك في طريقك لإبعادي عن مملكتي، ولكنك لا تعلم أنك بكل ما تملك وبما يوجد تحتك من ممالك لن تقدر على ذلك، ولا تظن أن الجبن هو الذي يملي علي ما أقول لك، فإن فعلتَ فإنك تعرض نفسك للهلاك، وإنني مستعد للتفاهم معك رأساً لرأس في المحل الذي تريده، وإنني أفعل كل هذا سعياً في عدم هلاكك المحقق عندي، ولا يملي علي هذه المشاعر إلا محبّتي للعدل، وإنني أقبل أن أتحاكم معك لدى محكمتك التي لا تستطيع ان تنتزع من أحد حقاً من حقوقه ظلماً وعدواناً لتعطيه لغيره، وإنني أقبل حكمها مسبقاً، وإنني أشهد الله على ما أقول، وأعلم أنك شاب لا تجربة لك، وأن في حاشيتك من يشير عليك بآراء فاشلة، لكن هيهات أن يمتنع الذي عزم «.

بداية المعركة واستراتيجية عبد المالك في الحوار مع إمبراطور البرتغال..
بدأت الحملة الصليبية في السابع من تموز (رمضان) 986 هـ، وانطلقت المراكب من ميناء قادس متوجهة صوب المغرب، حاملة جيوشاً صليبية هي أقوى جيوش العالم آنذاك عدداً وعدة.
وصلت الجيوش إلى مدينة أصيلة فاحتلتها ونواحيها، وكان ملك المغرب عبد المالك في مراكش آنذاك، فبعث إلى سباستيان برسالة قال فيها: » إنني أعترف بشجاعتك وشهامتك يا سباسيتان، ودليلنا على ذلك هو هجومك على بلادنا الآمنة، إنني أنحي عليك باللوم لآنك انتهزت فرصة غيابي وهجمت على المدن والقرى الوديعة تفتك بالمدنيين والفلاحين العزّل، وهذا لم أكن أعهده فيك، والآن ففي إمكانك أن تنتظرني أياماً أقدم عليك «.
وتأثر سباستيان بالرسالة بفعل الغرور، وكان هذا شيئاً هاماً ينم عن ذكاء عبد المالك، وذلك لكي لا تتوغل جيوش سباستيان في الآراضي المغربية، فيكسب سكانها الذي سيحاربون إلى جانبه بالإكراه.
وسافر عبد المالك إلى مدينة القصر الكبير، فكتب مرة إخرى إلى سباستيان: » لقد قطعت أنا المراحل والمسافات الطويلة لمقابلتك، أفلا تتحرك أنت يا سباستيان لمقابلتي، لتبرهن على شجاعتك وشدة مراسك؟ «
وكانت هذه أيضاً خطة ناجحة لإبعاد الجيوش الأوروبية عن مراكز التموين على البحر.

الملحمة..
وفعلاً تحركت الجيوش الأوروبية الصليبية مهاجمةً المغاربة الذي استدرجوا هذه الجيوش إلى سهل القصر الكبير في مكان استراتيجي بين وادي المخازن في الخلف ونهر لوكوس على اليمين ووادي وارور في الأمام.
ثم كان الشطر الثاني من خطة المسلمين للمعركة، إذ هدموا جسر وادي الخازن لقطع خط الرجعة على الفلول الصليبية، وأخيراً كان الملتقى بعد فجر يوم الاثنين 30 جمادى الأولى سنة 986 هـ (4 آب/أغسطس 1578م). ويصف لنا المؤلف المغربي الأفراني المعركة في كتابه »نزهة الحادي في أخبار القرن الحادي« قائلاً: »نزل العدو على وادي المخازن، وقطعه بجيوشه وعبر جسر الوادي، فأمر عبد المالك بالقنطرة أن تهدم، ووجه لها كتيبة من الخيل فهدموها، ثم زحف بجيوش المسلمين وخيل الله المسوّمة، فالتقت الفئتان، وحمي الوطيس، واسودّ الجو بنقع الغبار، ودخان مدافع البارود، إلى أن هبّت على المسلمين ريح النصر، فولّى المشركون الأدبار، وقُتِل الطاغية البرتغالي غريقاً في الوادي، ولم ينجُ من الروم إلا عدد نذر وشرذمة قليلة«.
وصدق الله العظيم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)} [سورة محمد]، صدق الذي أعزّ عبده، ونصر جنده، وهزم الأحزاب وحده. وسبحانه، ففي يوم واحد –في هذه المعركة- مات ثلاثة ملوك، الأول معتدٍ هو سباستيان، الذي قُتِل من جراء جرحين أصيب بهما في رأسه، وجرح آخر في ساعده، ثم غرق في الوادي، والثاني هو محمد المتوكل، غرق أيضاً فأخذوه وطافوا به في القصر الكبير، وفاس ومراكش، أما الأخير فهو أبو مروان عبد المالك، صعدت روحه إلى ربها راضية مرضية، بعد المرض الذي أصابه وهو يوجّه أوامره ويسيّر المعركة من داخل خيمته. [2]

نتائج معركة القصر الكبير
هل كانت معركة صليبية؟ لقد غيّرت معركة القصر الكبير مجرى مهماً في التاريخ، إذ فقدت البرتغال –مثلاً- استقلالها، وفقدت ممتلكاتها الواسعة في العالم وأوقفت الهجمات الصليبية الشرسة الأوروبية عموماً والبرتغالية خصوصاً على الخليج العربي. أما المغرب فقد جنى غنائم طائلة، وكسب سمعة عالية، حتى بدأت دول أوروبا نفسها تخطب ودّه، وهذا ما أوجد في نفس الأوروبيين عقدة حاصة، ذهبوا معها إلى أن المعركة لم تكن صليبية، ومن بين هؤلاء المؤرخ الفرنسي هنري تيراس الذي يقول: »إنها لم تكن من الصدمات الكبرى بين النصرانية والإسلام، بل كانت –حسب تواريخ البرتغال والمغاربة معاً- حادثاً عرَضياً بدون مقدمة ولا نتائج«.
وهذا خطأ، وإلا كيف نفسر ما ترتبت على المعركة من نتائج لا يجهلها هذا المؤرخ نفسه؟ وكيف نفسر الاستعدادات طويلة الأمد، ومشاركة جيوش كثيرة من أوروبا بلغ تعدادها 35 ألف مقاتل صليبي [3] عدا المتطوعين الذين يزيدون على عشرة آلاف، على متن ألفي مركب شراعي، في الوقت الذي كان فيه تعداد المسلمين 37 ألف مقاتل ضمنهم أربعة آلاف من الجيوش العثمانية التي تكوّن فرق المدفعية والبارود.
ولعل من المفيد هنا أن أورد ما قاله كاستوني دوفوس [4] حول نظرة البرتغال إلى المعركة: »إن من المؤكد أن رجال البلاط في لشبونة كانوا ينظرون إلى تلك الحرب وكأنها رحلة من رحلات السياحة، وليس أدل على ذلك من أنهم كانوا يهيئون الصلبان لتعليقها على مساجد فاس ومراكش. وقد أبدى كثير من نساء الطبقة النبيلة رغبتهن في مصاحبة الجيش البرتغالي وكأنهن سيحضرن إلى ملعب لسباق الخيل، وكان الشاعر الكبير كاموانس، الذي اشتهر بكونه أنبغ الشعراء وأكثرهم قصائد في الحث على القضاء على المغاربة، على فراش الموت، وحيث لم يستطع ركوب البحر فإنه بعث مع الجنود أغنية مجّد فيها المحاربين الذين باركهم البابا، وصلى من أجل انتصارهم«.
وأورد مؤرخون آخرون حالة الاستعداد التي كانت عليها أوروبا قبل المعركة، إذ ذهب الخبال ببعض المهندسين إلى درجة أنهم وضعوا تصميمات لتحويل قبة القرويين إلى مذبح كنائسي تعلّق فيه صورة العذراء.
وهذا فقط يكفي للدلالة على أن معركة القصر الكبير كانت صداماً حاسماً بين الإسلام والنصرانية المزيفة، أي وبتعبير آخر: كانت معركة صليبية فاصلة في التاريخ.

عن موقع الفسطاط


الهوامش :
[1] محمد المتوكل: من ملوك دولة السعديين بالمغرب، وعبد المالك هو ابن عمه.
[2] بعض الروايات تقول: إنه سُقي سماً من طرف أحد خدامه الأتراك.
[3] بعض الوثائق الأجنبية تذكر أنهم كانوا ستة آلاف مقاتل، انظر الجزء 3 من سلسلة دي كاسطري، ص 397.
[4] مؤرخ فرنسي من القرن الماضي.

 
التعديل الأخير:
اصبح الدون سيباستيان من القديسين عند البرتغاليون وغيرهم من شعوب الجزيرة الأبيرية فهم يؤمنون انه لم يغرق أو يقتل بل تاه في افريقيا بعد هزيمته واصبح مبشر يدعوا ليسوع والدين المسيحي وروحه لا زالت خالدة...
 
عبد الملك المعتصم بالله السعدي
معركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة



التعريف به
عبد الملك محمد الشيخ الحسني، من آل زيدان، أبو عبد الله السعدي، من ملوك الدولة السعدية بالمغرب[1].

فكره العسكري
من خلال مشاركة عبد الملك في الحروب مع الدولة العثمانية في حروبهم بالجزائر وتونس، فاعتنى بالرماة وسلحهم على النمط الانكشاري فقد استفاد عبد الملك في تنظيمه من الطريقة الإستراتيجية العثمانية في الحرب، كما اعتنى بالفرسان.وكانت له معامل للسلاح والذخيرة في فاس ومراكش وتارودانت، معتمدًا في إنتاجها على معادن البلاد، لا سيما النحاس.
لقد حنكت التجارب عبد الملك المعتصم بالله فعزل عدوه عن أسطوله بالشاطئ بمكيدة عظيمة وخطة مدروسة عندما استدرج سبستيان إلى مكان حدده عبد الملك ميدانًا للمعركة وكان عزله عن أسطوله محكمًا عندما أمر عبد الملك بالقنطرة أن تهدم ووجه إليها كتيبة من الخيل بقيادة أخيه المنصور فهدمها.
لقد جعل عبد الملك المدفعية في المقدمة ثم صفوف الرماة المشاة، وجعل قيادته في القلب وعلى المجنبتين رماة فرسان والقوى الإسلامية المتطوعة وجعل مجموعة من الفرسان كقوة احتياطية لتنقض في الوقت المناسب وهي في غاية الراحة لمطاردة فلول البرتغاليين واستثمار النصر[2].

جهاده وأهم المعارك ودوره فيها
معركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة
تربع (سبستيان) عام 1557م على عرش إمبراطورية البرتغال التي يمتد نفوذها على سواحل إفريقية وآسية وأمريكية، فتطلع إلى استخلاص الأماكن المقدسة المسيحية في المشرق من يد المسلمين، فاتصل بخاله ملك أسبانيا ( فيليب الثاني ) يدعوه للمشاركة بحملة صليبية جديدة على المغرب العربي كي لا تعيد الدولة السعدية بمعاونة العثمانيين الكرة على الأندلس.
أما حكام المغرب الأشراف السعديون فهم من نسل محمد بن النفس الزكية من آل البيت النبوي، فبعد دولة المرابطين قامت دولة الموحدين ثم دولة بني مرين ثم دولة وطاس، ثم قامت دولة الأشراف السعديين.
وكان من حكامهم محمد المتوكل على الله وكان فظًا مستبدًا ظالمًا قتل اثنين من إخوته عند وصوله إلى الحكم، وأمر بسجن آخر، فكرهته الرعية، فرأى عمه عبد الملك أنه أولى بالملك من ابن أخيه، فأضمر المتوكل الفتك بعميه عبد الملك وأحمد ففرا منه مستنجدين بالعثمانيين، الذين كتبوا إلى واليهم على الجزائر ليبعث مع عبد الملك خمسة آلاف من عسكر الترك يدخلون معه أرض المغرب الأقصى ليعيدوا له الحكم الذي سلبه منه المتوكل الظالم.
وعندما دخل عبد الملك المغرب مع الأتراك، وانتصر في معركة قرب مدينة فاس، وفر المتوكل من المعركة،ودخل عبد الملك فاس سنة 983 هـ وولى عيها أخاه أحمد، ثم ضم مراكش، ففر المتوكل إلى جبال السوس، فلاحقته جيوش عمه حتى فر إلى سبتة، ثم دخل طنجة مستصرخًا بملك البرتغال سبستيان، بعد أن رفض ملك أسبانيا معونته.
أراد ملك البرتغال الشاب محو ما وصم به عرش البرتغال خلال فترة حكم أبيه من الضعف والتخاذل، كما أراد أن يعلي شأنه بين ملوك أوروبا فجاءته الفرصة باستنصار المتوكل به على عميه وبني جلدته، مقابل أن يتنازل له عن جميع شواطئ المغرب.
استعان سبستيان بخاله ملك أسبانيا فوعده أن يمده بالمراكب والعساكر ما يملك به مدينة العرائش لأنه يعتقد أنها تعدل سائر مراسي المغرب، ثم أمده بعشرين ألفًا من عسكر الأسبان، وكان سبستيان قد عبأ معه اثني عشر ألفًا من البرتغال، كما أرسل إليه الطليان ثلاثة آلاف، ومثلها من الألمان وغيرهم عددًا كثيرًا، وبعث إليه البابا بأربعة آلاف أخرى، وبألف وخمس مائة من الخيل، واثني عشر مدفعًا، وجمع سبستيان نحو ألف مركب ليحمل هذه الجموع إلى العدوة المغربية. وقد حذر ملك إسبانيا ابن أخته من عاقبة التوغل في أرض المغرب، ولكنه لم يلتفت لذلك.

مسيرة الجيشين إلى وادي المخازن:
الجيش البرتغالي:
أبحرت السفن الصليبية من ميناء لشبونة باتجاه المغرب يوم 24 يونيو 1578م، وأقامت في لاكوس بضعة أيام، ثم توجهت إلى قادس وأقامت أسبوعًا كاملاً، ثم رست بطنجة، وفيها لقي سبستيان حليفه المتوكل، ثم تابعت السفن سيرها إلى أصيلا، وأقام سبستيان بطنجة يومًا واحدًا، ثم لحق بجيشه.
الجيش المغربي:
كانت الصرخة في كل أنحاء المغرب: ( أن اقصدوا وادي المخازن للجهاد في سبيل الله )، فتجمعت الجموع الشعبية وتشوقت للنصر أو الشهادة، وكتب عبد الملك من مراكش إلى سبستيان: ( إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك، وجوازك العدوة، فإن ثبت إلى أن نقدم عليك، فأنت نصراني حقيقي شجاع، وإلا فأنت كلب بن كلب). فلما بلغه الكتاب غضب واستشار أصحابه فأشاروا عليه أن يتقدم، ويملك تطاوين والعرائش والقصر، ويجمع ما فيها من العدة ويتقوى بما فيها من الذخائر، ولكن سبستيان تريث رغم إشارة رجاله، وكتب عبد الملك إلى أخيه أحمد أن يخرج بجند فاس وما حولها ويتهيأ للقتال، وهكذا سار أهل مراكش وجنوبي المغرب بقيادة عبد الملك وسار أخوه أحمد بأهل فاس وما حولها، وكان اللقاء قرب محلة القصر الكبير.

قوى الطرفين:
الجيش البرتغالي: 125000 مقاتل وما يلزمهم من المعدات، وأقل ما قيل في عددهم ثمانون ألفًا، وكان منهم 20000 أسباني،3000 ألماني، 7000 إيطالي، مع ألوف الخيل، وأكثر من أربعين مدفعًا، بقيادة الملك الشاب سبستيان، وكان معهم المتوكل بشرذمة تتراوح ما بين 300-6000 على الأكثر .
الجيش المغربي: بقيادة عبد الملك المعتصم بالله، المغاربة المسلمون 40000 مجاهد، يملكون تفوقًا في الخيل، مدافعهم أربعة وثلاثون مدفعًا فقط، لكن معنوياتهم عالية ؛ لأنهم غلبوا البرتغاليين من قبل وانتزعوا منهم ثغورًا، وهم يعلمون أن نتيجة المعركة يتوقف عليها مصير بلادهم، ولأن القوى الشعبية كانت موجودة في المعركة وكان لها أثرها في شحذ الهمم ورفع المعنويات متمثلة في الشيوخ والعلماء.

قبيل المعركة:
اختار عبد الملك القصر الكبير مقرًا لقيادته، وخصص من يراقب سبستيان وجيشه بدقة، ثم كتب إلى سبستيان مستدرجًا له: ( إني قد قطعت للمجيء إليك ست عشرة مرحلة، فهلا قطعت أنت مرحلة واحدة لملاقاتي ) فنصحه المتوكل ورجاله أن لا يترك أصيلا الساحلية ليبقى على اتصال بالمؤن والعتاد والبحر، ولكنه رفض النصيحة فتحرك قاصدا ًالقصر الكبير حتى وصل جسر وادي المخازن حيث خيم قبالة الجيش المغربي، وفي جنح الليل أمر عبد الملك أخاه أحمد المنصور في كتيبة من الجيش أن ينسف قنطرة جسر وادي المخازن، فالوادي لا معبر له سوى هذه القنطرة.
وتواجه الجيشان بالمدفعية، وبعدهما الرماة المشاة، وعلى المجنبتين الفرسان، ولدى الجيش المسلم قوى شعبية متطوعة بالإضافة لكوكبة احتياطية من الفرسان ستنقض في الوقت المناسب.

المعركة:
وفي صباح الاثنين 30 جمادى الآخرة 986 هـ الموافق 4 أغسطس 1578م وقف السلطان عبد الملك يحرض الجيش على القتال، ولم يأل القسس والرهبان جهدًا في إثارة حماس جند أوروبا مذكرين أن البابا أحل من الأوزار والخطايا أرواح من يلقون حتفهم في هذه الحروب .
وانطلقت عشرات الطلقات النارية من الطرفين كليهما إيذانًا ببدء المعركة، وبرغم تدهور صحة السلطان عبد الملك الذي رافقه المرض وهو في طريقه من مراكش إلى القصر الكبير خرج بنفسه ليرد الهجوم الأول، ولكن المرض غالبه فغلبه فعاد إلى محفته، وما هي إلا لحظات حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، ومات وهو واضع سبابته على فمه مشيرًا أن يكتموا الأمر حتى يتم النصر، ولا يضطربوا، وكذلك كان فلم يطلع على وفاته إلا حاجبه وأخوه أحمد المنصور، وصار حاجبه يقول للجند: ( السلطان يأمر فلانًا أن يذهب إلى موضع كذا، وفلانًا أن يلزم الراية، وفلانًا يتقدم، وفلانًا يتأخر )، وفي رواية: إن المتوكل دس السم لعمه عبد الملك قبل اللقاء ليموت في المعركة فتقع الفتنة في معسكر المغاربة.
ومال أحمد المنصور بمقدمة الجيش على مؤخرة البرتغاليين وأوقدت النار في بارود البرتغاليين، واتجهت موجة مهاجمة ضد رماتهم أيضًا فلم يقف البرتغاليون لقوة الصدمة، فتهالك قسم منهم صرعى، وولى الباقون الأدبار قاصدين قنطرة نهر وادي المخازن، فإذا هي أثر بعد عين، نسفها المسلمون، فارتموا بالنهر، فغرق من غرق، وأسر من أسر، وقتل من قتل.
وصرع سبستيان وألوف من حوله بعد أن أبدى صمودًا وشجاعة تذكر، وحاول المتوكل الخائن الفرار شمالاً فوقع غريقًا في نهر وادي المخازن، ووجدت جثته طافية على الماء، فسلخ وملئ تبنًا وطيف به في أرجاء المغرب حتى تمزق وتفسخ.

دامت المعركة أربع ساعات وثلث الساعة، ولم يكن النصر فيها مصادفة، بل كان بعد الله نتيجة لمعنويات عالية، ونفوس شعرت بالمسؤولية، وبخطة مدروسة مقررة محكمة.
وتنجلي المعركة عن نصر خالد في تاريخ الإسلام، وعن موت ثلاثة ملوك: صليبي مجندل وهو سبستيان ملك أعظم إمبراطورية على الأرض آنذاك، وخائن غريق مسلوخ وهو محمد المتوكل، وشهيد بطل وهو عبد الملك المعتصم بالله فاضت روحه، وسيذكره التاريخ يفخر بإخلاصه وحكمته وشجاعته وفروسيته.

أسباب النصر:
1- آلام المسلمين من سقوط غرناطة وضياع الأندلس ومحاكم التفتيش جراح لم تندمل بعد، وهي ماثلة أمامهم.
2- الخطة المحكمة المرسومة بدقة، واستدراج الخصم لميدان تجول فيه الخيول وتصول، مع قطع طرق تموينه وإمداده، ثم نسف القنطرة الوحيدة على نهر وادي المخازن.
3- المشاركة الفعالة للقوى الشعبية بقيادة العلماء والشيوخ، مليئة بالإيمان وحب الشهادة وبروح عالية لتحقيق النصر حتى قاتل البعض بالمناجل والعصي.
4- تفوق المدفعية المغربية على مدفعية الجيش البرتغالي مع مهارة في التصويب والدقة.
5- وكانت خيل المسلمين أكثر من خيل النصارى ويلائمها السهل الذي انتقاه السلطان للمعركة.
6- وكان سبستيان في جانب ومستشاروه وكبار رجالاته في جانب آخر[3].

وفاته
اشتدت الآلام على السلطان عبد الملك وهو في المعركة، فلم يستطع أن يتولى قيادتها، فترك القيادة لأخيه أحمد، بعد أن وافته المنية والمعركة دائرة، ولم تكتحل عينيه بالنصر بعدُ.

قالوا عنه
قال عنه الشاعر الفرنسي أكبرينا دو بيني المعاصر لأحداث هذه الفترة:
"كان عبد الملك جميل الوجه، بل أجمل قومه، وكان فكره نيرًا بطبيعته، وكان يحسن اللغات الإسبانية والإيطالية والأرمنية والروسية، وكان شاعرًا مجيدًا في اللغة العربية، وباختصار فإن معارفه لو كانت عند أمير من أمرائنا لقلنا: إن هذا أكثر مما يلزم بالنسبة لنبيل" [4].

الهوامش :
[1] الزركلي: الأعلام 6/239.
[2] د. علي الصلابي: إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين.
[3] موقع التاريخ معركة وادي المخازن الدكتور شوقي أبو خليل
[4] د. علي الصلابي: إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين

عن موقع قصة الإسلام



رد مع اقتباس
 
عبد الملك المعتصم بالله السعدي
معركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة



التعريف به
عبد الملك محمد الشيخ الحسني، من آل زيدان، أبو عبد الله السعدي، من ملوك الدولة السعدية بالمغرب[1].

فكره العسكري
من خلال مشاركة عبد الملك في الحروب مع الدولة العثمانية في حروبهم بالجزائر وتونس، فاعتنى بالرماة وسلحهم على النمط الانكشاري فقد استفاد عبد الملك في تنظيمه من الطريقة الإستراتيجية العثمانية في الحرب، كما اعتنى بالفرسان.وكانت له معامل للسلاح والذخيرة في فاس ومراكش وتارودانت، معتمدًا في إنتاجها على معادن البلاد، لا سيما النحاس.
لقد حنكت التجارب عبد الملك المعتصم بالله فعزل عدوه عن أسطوله بالشاطئ بمكيدة عظيمة وخطة مدروسة عندما استدرج سبستيان إلى مكان حدده عبد الملك ميدانًا للمعركة وكان عزله عن أسطوله محكمًا عندما أمر عبد الملك بالقنطرة أن تهدم ووجه إليها كتيبة من الخيل بقيادة أخيه المنصور فهدمها.
لقد جعل عبد الملك المدفعية في المقدمة ثم صفوف الرماة المشاة، وجعل قيادته في القلب وعلى المجنبتين رماة فرسان والقوى الإسلامية المتطوعة وجعل مجموعة من الفرسان كقوة احتياطية لتنقض في الوقت المناسب وهي في غاية الراحة لمطاردة فلول البرتغاليين واستثمار النصر[2].

جهاده وأهم المعارك ودوره فيها
معركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة
تربع (سبستيان) عام 1557م على عرش إمبراطورية البرتغال التي يمتد نفوذها على سواحل إفريقية وآسية وأمريكية، فتطلع إلى استخلاص الأماكن المقدسة المسيحية في المشرق من يد المسلمين، فاتصل بخاله ملك أسبانيا ( فيليب الثاني ) يدعوه للمشاركة بحملة صليبية جديدة على المغرب العربي كي لا تعيد الدولة السعدية بمعاونة العثمانيين الكرة على الأندلس.
أما حكام المغرب الأشراف السعديون فهم من نسل محمد بن النفس الزكية من آل البيت النبوي، فبعد دولة المرابطين قامت دولة الموحدين ثم دولة بني مرين ثم دولة وطاس، ثم قامت دولة الأشراف السعديين.
وكان من حكامهم محمد المتوكل على الله وكان فظًا مستبدًا ظالمًا قتل اثنين من إخوته عند وصوله إلى الحكم، وأمر بسجن آخر، فكرهته الرعية، فرأى عمه عبد الملك أنه أولى بالملك من ابن أخيه، فأضمر المتوكل الفتك بعميه عبد الملك وأحمد ففرا منه مستنجدين بالعثمانيين، الذين كتبوا إلى واليهم على الجزائر ليبعث مع عبد الملك خمسة آلاف من عسكر الترك يدخلون معه أرض المغرب الأقصى ليعيدوا له الحكم الذي سلبه منه المتوكل الظالم.
وعندما دخل عبد الملك المغرب مع الأتراك، وانتصر في معركة قرب مدينة فاس، وفر المتوكل من المعركة،ودخل عبد الملك فاس سنة 983 هـ وولى عيها أخاه أحمد، ثم ضم مراكش، ففر المتوكل إلى جبال السوس، فلاحقته جيوش عمه حتى فر إلى سبتة، ثم دخل طنجة مستصرخًا بملك البرتغال سبستيان، بعد أن رفض ملك أسبانيا معونته.
أراد ملك البرتغال الشاب محو ما وصم به عرش البرتغال خلال فترة حكم أبيه من الضعف والتخاذل، كما أراد أن يعلي شأنه بين ملوك أوروبا فجاءته الفرصة باستنصار المتوكل به على عميه وبني جلدته، مقابل أن يتنازل له عن جميع شواطئ المغرب.
استعان سبستيان بخاله ملك أسبانيا فوعده أن يمده بالمراكب والعساكر ما يملك به مدينة العرائش لأنه يعتقد أنها تعدل سائر مراسي المغرب، ثم أمده بعشرين ألفًا من عسكر الأسبان، وكان سبستيان قد عبأ معه اثني عشر ألفًا من البرتغال، كما أرسل إليه الطليان ثلاثة آلاف، ومثلها من الألمان وغيرهم عددًا كثيرًا، وبعث إليه البابا بأربعة آلاف أخرى، وبألف وخمس مائة من الخيل، واثني عشر مدفعًا، وجمع سبستيان نحو ألف مركب ليحمل هذه الجموع إلى العدوة المغربية. وقد حذر ملك إسبانيا ابن أخته من عاقبة التوغل في أرض المغرب، ولكنه لم يلتفت لذلك.

مسيرة الجيشين إلى وادي المخازن:
الجيش البرتغالي:
أبحرت السفن الصليبية من ميناء لشبونة باتجاه المغرب يوم 24 يونيو 1578م، وأقامت في لاكوس بضعة أيام، ثم توجهت إلى قادس وأقامت أسبوعًا كاملاً، ثم رست بطنجة، وفيها لقي سبستيان حليفه المتوكل، ثم تابعت السفن سيرها إلى أصيلا، وأقام سبستيان بطنجة يومًا واحدًا، ثم لحق بجيشه.
الجيش المغربي:
كانت الصرخة في كل أنحاء المغرب: ( أن اقصدوا وادي المخازن للجهاد في سبيل الله )، فتجمعت الجموع الشعبية وتشوقت للنصر أو الشهادة، وكتب عبد الملك من مراكش إلى سبستيان: ( إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك، وجوازك العدوة، فإن ثبت إلى أن نقدم عليك، فأنت نصراني حقيقي شجاع، وإلا فأنت كلب بن كلب). فلما بلغه الكتاب غضب واستشار أصحابه فأشاروا عليه أن يتقدم، ويملك تطاوين والعرائش والقصر، ويجمع ما فيها من العدة ويتقوى بما فيها من الذخائر، ولكن سبستيان تريث رغم إشارة رجاله، وكتب عبد الملك إلى أخيه أحمد أن يخرج بجند فاس وما حولها ويتهيأ للقتال، وهكذا سار أهل مراكش وجنوبي المغرب بقيادة عبد الملك وسار أخوه أحمد بأهل فاس وما حولها، وكان اللقاء قرب محلة القصر الكبير.

قوى الطرفين:
الجيش البرتغالي: 125000 مقاتل وما يلزمهم من المعدات، وأقل ما قيل في عددهم ثمانون ألفًا، وكان منهم 20000 أسباني،3000 ألماني، 7000 إيطالي، مع ألوف الخيل، وأكثر من أربعين مدفعًا، بقيادة الملك الشاب سبستيان، وكان معهم المتوكل بشرذمة تتراوح ما بين 300-6000 على الأكثر .
الجيش المغربي: بقيادة عبد الملك المعتصم بالله، المغاربة المسلمون 40000 مجاهد، يملكون تفوقًا في الخيل، مدافعهم أربعة وثلاثون مدفعًا فقط، لكن معنوياتهم عالية ؛ لأنهم غلبوا البرتغاليين من قبل وانتزعوا منهم ثغورًا، وهم يعلمون أن نتيجة المعركة يتوقف عليها مصير بلادهم، ولأن القوى الشعبية كانت موجودة في المعركة وكان لها أثرها في شحذ الهمم ورفع المعنويات متمثلة في الشيوخ والعلماء.

قبيل المعركة:
اختار عبد الملك القصر الكبير مقرًا لقيادته، وخصص من يراقب سبستيان وجيشه بدقة، ثم كتب إلى سبستيان مستدرجًا له: ( إني قد قطعت للمجيء إليك ست عشرة مرحلة، فهلا قطعت أنت مرحلة واحدة لملاقاتي ) فنصحه المتوكل ورجاله أن لا يترك أصيلا الساحلية ليبقى على اتصال بالمؤن والعتاد والبحر، ولكنه رفض النصيحة فتحرك قاصدا ًالقصر الكبير حتى وصل جسر وادي المخازن حيث خيم قبالة الجيش المغربي، وفي جنح الليل أمر عبد الملك أخاه أحمد المنصور في كتيبة من الجيش أن ينسف قنطرة جسر وادي المخازن، فالوادي لا معبر له سوى هذه القنطرة.
وتواجه الجيشان بالمدفعية، وبعدهما الرماة المشاة، وعلى المجنبتين الفرسان، ولدى الجيش المسلم قوى شعبية متطوعة بالإضافة لكوكبة احتياطية من الفرسان ستنقض في الوقت المناسب.

المعركة:
وفي صباح الاثنين 30 جمادى الآخرة 986 هـ الموافق 4 أغسطس 1578م وقف السلطان عبد الملك يحرض الجيش على القتال، ولم يأل القسس والرهبان جهدًا في إثارة حماس جند أوروبا مذكرين أن البابا أحل من الأوزار والخطايا أرواح من يلقون حتفهم في هذه الحروب .
وانطلقت عشرات الطلقات النارية من الطرفين كليهما إيذانًا ببدء المعركة، وبرغم تدهور صحة السلطان عبد الملك الذي رافقه المرض وهو في طريقه من مراكش إلى القصر الكبير خرج بنفسه ليرد الهجوم الأول، ولكن المرض غالبه فغلبه فعاد إلى محفته، وما هي إلا لحظات حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، ومات وهو واضع سبابته على فمه مشيرًا أن يكتموا الأمر حتى يتم النصر، ولا يضطربوا، وكذلك كان فلم يطلع على وفاته إلا حاجبه وأخوه أحمد المنصور، وصار حاجبه يقول للجند: ( السلطان يأمر فلانًا أن يذهب إلى موضع كذا، وفلانًا أن يلزم الراية، وفلانًا يتقدم، وفلانًا يتأخر )، وفي رواية: إن المتوكل دس السم لعمه عبد الملك قبل اللقاء ليموت في المعركة فتقع الفتنة في معسكر المغاربة.
ومال أحمد المنصور بمقدمة الجيش على مؤخرة البرتغاليين وأوقدت النار في بارود البرتغاليين، واتجهت موجة مهاجمة ضد رماتهم أيضًا فلم يقف البرتغاليون لقوة الصدمة، فتهالك قسم منهم صرعى، وولى الباقون الأدبار قاصدين قنطرة نهر وادي المخازن، فإذا هي أثر بعد عين، نسفها المسلمون، فارتموا بالنهر، فغرق من غرق، وأسر من أسر، وقتل من قتل.
وصرع سبستيان وألوف من حوله بعد أن أبدى صمودًا وشجاعة تذكر، وحاول المتوكل الخائن الفرار شمالاً فوقع غريقًا في نهر وادي المخازن، ووجدت جثته طافية على الماء، فسلخ وملئ تبنًا وطيف به في أرجاء المغرب حتى تمزق وتفسخ.

دامت المعركة أربع ساعات وثلث الساعة، ولم يكن النصر فيها مصادفة، بل كان بعد الله نتيجة لمعنويات عالية، ونفوس شعرت بالمسؤولية، وبخطة مدروسة مقررة محكمة.
وتنجلي المعركة عن نصر خالد في تاريخ الإسلام، وعن موت ثلاثة ملوك: صليبي مجندل وهو سبستيان ملك أعظم إمبراطورية على الأرض آنذاك، وخائن غريق مسلوخ وهو محمد المتوكل، وشهيد بطل وهو عبد الملك المعتصم بالله فاضت روحه، وسيذكره التاريخ يفخر بإخلاصه وحكمته وشجاعته وفروسيته.

أسباب النصر:
1- آلام المسلمين من سقوط غرناطة وضياع الأندلس ومحاكم التفتيش جراح لم تندمل بعد، وهي ماثلة أمامهم.
2- الخطة المحكمة المرسومة بدقة، واستدراج الخصم لميدان تجول فيه الخيول وتصول، مع قطع طرق تموينه وإمداده، ثم نسف القنطرة الوحيدة على نهر وادي المخازن.
3- المشاركة الفعالة للقوى الشعبية بقيادة العلماء والشيوخ، مليئة بالإيمان وحب الشهادة وبروح عالية لتحقيق النصر حتى قاتل البعض بالمناجل والعصي.
4- تفوق المدفعية المغربية على مدفعية الجيش البرتغالي مع مهارة في التصويب والدقة.
5- وكانت خيل المسلمين أكثر من خيل النصارى ويلائمها السهل الذي انتقاه السلطان للمعركة.
6- وكان سبستيان في جانب ومستشاروه وكبار رجالاته في جانب آخر[3].

وفاته
اشتدت الآلام على السلطان عبد الملك وهو في المعركة، فلم يستطع أن يتولى قيادتها، فترك القيادة لأخيه أحمد، بعد أن وافته المنية والمعركة دائرة، ولم تكتحل عينيه بالنصر بعدُ.

قالوا عنه
قال عنه الشاعر الفرنسي أكبرينا دو بيني المعاصر لأحداث هذه الفترة:
"كان عبد الملك جميل الوجه، بل أجمل قومه، وكان فكره نيرًا بطبيعته، وكان يحسن اللغات الإسبانية والإيطالية والأرمنية والروسية، وكان شاعرًا مجيدًا في اللغة العربية، وباختصار فإن معارفه لو كانت عند أمير من أمرائنا لقلنا: إن هذا أكثر مما يلزم بالنسبة لنبيل" [4].

الهوامش :
[1] الزركلي: الأعلام 6/239.
[2] د. علي الصلابي: إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين.
[3] موقع التاريخ معركة وادي المخازن الدكتور شوقي أبو خليل
[4] د. علي الصلابي: إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين

عن موقع قصة الإسلام



رد مع اقتباس

المرجوا عدم الاعتماد على مصادر مشرقية لانها نزيف الحقائق و التاريخ .
التكوين العسكري للسعديين لم يكن له أي علاقة بالعثمانيين بل هو نتاج تراكم العقلية العسكرية عند المور المغاربة منذ عهد موريتانيا الطنجية .
طريقة قتال العثمانيين مختلفة عن الطريقة المغربية
 
عودة
أعلى