- إنضم
- 18/12/18
- المشاركات
- 1,971
- التفاعلات
- 9,375
بطبيعة الحال كنا نسمع كثيراً عن مصطلح الفوضى الخلاقة الذي ذكرته وبشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن كونداليزا رايس كسياسة جديدة لهذه الإدارة تستهدف بها منطقة الشرق الأوسط الكبير والممتدة من المغرب في شمال إفريقيا الى باكستان في جنوب آسيا
ولكن ما هو تعريف هذا المصطلح وما هي حيثياته التاريخية وكيف مارسته أمريكا عبر عقود طويلة في شتى أنحاء هذا العالم بعد الحرب العالمية الثانية
أما فجوة الإستقرار فهذا المصطلح الآخر الغير معروف لكثيرين وددت أن أضيفه هنا بهذا المقال لأنه يحمل نفس المعنى والأهداف أو بصورة أوضح فالمصطلحين هما عبارة عن وجهين لعملة واحدة ولكن الأول هو مصطلح إبتكره مايكل ليدين العضو البارز في معهد أمريكا إنتر برايز وأما الثاني فهو للعالم السياسي صاموئيل هانتنغتون
وإذا جئنا لنعرف هذين المصطلحين فهما يعنيان بأن تقوم هذه السياسة على تشكيل المجتمعات حسب إرادة الفاعلين وذلك بعد وصولها إلى قمة الخوف والصراع اللامتناهي أو بعد هدم وتدمير كل ما هو قائم !!!!
.......
طبعاً قد يتبادر للبعض عبر هذا التعريف المختصر تصور متطرف واحد لهذا المصطلح وهذا الأمر خاطىء لأنه يأخذ أشكال وتصورات متعددة يحددها اللاعبون بحيث تخدم مصالحهم ولا تعني بالضرورة فقط التدمير الكلي للمجتمعات بل بصورة أوضح يعني أحياناً الصراع الإيجابي الذي ينتج عنه دول تتبع نفس أهداف ورؤى الفاعلين وبدون الحاجة إلى تدميرها
.......
بينما في ناحية أخرى أمريكا والغرب مارسوا هذه السياسة في كل أنحاء العالم تقريباً ما بعد الحرب العالمية الثانية ومثال معروف على ما أقوله بما يعرف بالثورات الملونة والتي كان هذا المصطلح بدوره عبارة عن سياسة أخرى إندرجت تحت التعريف الأساسي للفوضى الخلاقة أو فجوة الإستقرار
........
وبالنسبة لنا هنا في الشرق الأوسط فإن هذا المصطلح أخذ أبعاد كثيرة وبجميع تجلياته المعقدة في السياسات الغربية
فكانت حرب العراق هي الشرارة الأولى لإنطلاق هذه السياسة وبسبب الصراعات التي أخذت أبعاداً طائفية ودينية وأيديولوجية وعرقية في منطقتنا ووجود أنظمة أصبحت تمثل عبئاً سلبياً على السياسات الأمريكية أصبح من الواجب أن يتم إعادة هيكلة المنطقة على أسس أخرى تخدم مصالح وأهداف الغرب بعيدة المدى عبر نشر المفاهيم والثقافة والآليات الغربية في الحكم ظناً من الغرب بأن ذلك سيجعل من المنطقة العربية والإسلامية واحة من الإستقرار والديموقراطية المفيدة لأمن الغرب ومصالحه
وكانت بعض الدوافع الأساسية لهذه السياسة هو تخفيف حدة التطرف الديني وإحتوائه والدفع بجهات أكثر إعتدالاً وإبرازها كقوى تقدمية تقبل الآخر وتندمج بالتحول المراد منه تعزيز مصالح الغرب بعيدة الأمد
وكانت تركيا بذلك الوقت بنظامها الديموقراطي وإقتصادها المزدهر أحد النماذج الأساسية التي روج لها كنموذج للحكم لعالمنا العربي والإسلامي وذلك قبل أن يعبر أوباما عن خيبة أمله من أردوغان كزعيم نموذجي للعالم الإسلامي
......
أما بالنسبة للإسلاميين والإخوان المسلمين بشكل محدد ودورهم بتلك الثورات والترحيب الغربي لليسار الليبرالي بهم كان لدواعي كثيرة أهمها إعطاء فرصة لهم للصعود الى السلطة باللفكر والممارسات الغربية حتى يتم إنشاء نمط جديد لهذه الحركات أقل تطرفاً وإبتعاداً عن العنف لأن الغرب كان يعلم جيداً أنهم جزء أساسي من المعادلات السياسية في عالمنا العربي والإسلامي والتعامل معهم ببرغماتية ضروري لتمرير تلك الأهداف وأهداف أخرى تلبي مصالح الغرب مستقبلاً وهذا ما خيب أملهم في نهاية الأمر
......
والجزئية الأخيرة والمهمة إخواني في هذا المقال وهي التشديد على أن الثورات العربية هي نتاج الشعوب العربية بشكل خالص وما حدث من أحداث بها تلقفها الغرب لتشكيل سياساته على قواعد وإستراتيجيات سياسية معروفة كانت تحمل كثيراً منها سوء النوايا وتصب في مصلحة إسرائيل وترمي إلى إستغلال هذه الإنتفاضات لتشكيل كيانات أخرى ترعى غربياً كالتي موجودة في سوريا الآن بالنسبة للأكراد فضلاً عن تقسيمات أخرى كان ينوي الغرب إلى تكريسها مستقبلاً بما يخدم مصالحه وبالنتيجة الكلية فشلت هذه الثورات في أغلب مراكز إندلاعها بسبب التواطؤ الغربي الذي راجع نواياه مخافة إرتدادات عكسية على مصالحه وأيضاً بسبب قوى عربية رجعية دعمت الثورات المضادة التي تعد ردة طبيعية لكثير من الثورات عبر التاريخ وإلى جانب قوى أخرى كروسيا وإيران وإسرائيل رأوا بها خطراً على نفوذهم أو هيمنتهم أو مواطىء القدم الإستراتيجية بالنسبة لهم .
......
برهان شاهين
ولكن ما هو تعريف هذا المصطلح وما هي حيثياته التاريخية وكيف مارسته أمريكا عبر عقود طويلة في شتى أنحاء هذا العالم بعد الحرب العالمية الثانية
أما فجوة الإستقرار فهذا المصطلح الآخر الغير معروف لكثيرين وددت أن أضيفه هنا بهذا المقال لأنه يحمل نفس المعنى والأهداف أو بصورة أوضح فالمصطلحين هما عبارة عن وجهين لعملة واحدة ولكن الأول هو مصطلح إبتكره مايكل ليدين العضو البارز في معهد أمريكا إنتر برايز وأما الثاني فهو للعالم السياسي صاموئيل هانتنغتون
وإذا جئنا لنعرف هذين المصطلحين فهما يعنيان بأن تقوم هذه السياسة على تشكيل المجتمعات حسب إرادة الفاعلين وذلك بعد وصولها إلى قمة الخوف والصراع اللامتناهي أو بعد هدم وتدمير كل ما هو قائم !!!!
.......
طبعاً قد يتبادر للبعض عبر هذا التعريف المختصر تصور متطرف واحد لهذا المصطلح وهذا الأمر خاطىء لأنه يأخذ أشكال وتصورات متعددة يحددها اللاعبون بحيث تخدم مصالحهم ولا تعني بالضرورة فقط التدمير الكلي للمجتمعات بل بصورة أوضح يعني أحياناً الصراع الإيجابي الذي ينتج عنه دول تتبع نفس أهداف ورؤى الفاعلين وبدون الحاجة إلى تدميرها
.......
بينما في ناحية أخرى أمريكا والغرب مارسوا هذه السياسة في كل أنحاء العالم تقريباً ما بعد الحرب العالمية الثانية ومثال معروف على ما أقوله بما يعرف بالثورات الملونة والتي كان هذا المصطلح بدوره عبارة عن سياسة أخرى إندرجت تحت التعريف الأساسي للفوضى الخلاقة أو فجوة الإستقرار
........
وبالنسبة لنا هنا في الشرق الأوسط فإن هذا المصطلح أخذ أبعاد كثيرة وبجميع تجلياته المعقدة في السياسات الغربية
فكانت حرب العراق هي الشرارة الأولى لإنطلاق هذه السياسة وبسبب الصراعات التي أخذت أبعاداً طائفية ودينية وأيديولوجية وعرقية في منطقتنا ووجود أنظمة أصبحت تمثل عبئاً سلبياً على السياسات الأمريكية أصبح من الواجب أن يتم إعادة هيكلة المنطقة على أسس أخرى تخدم مصالح وأهداف الغرب بعيدة المدى عبر نشر المفاهيم والثقافة والآليات الغربية في الحكم ظناً من الغرب بأن ذلك سيجعل من المنطقة العربية والإسلامية واحة من الإستقرار والديموقراطية المفيدة لأمن الغرب ومصالحه
وكانت بعض الدوافع الأساسية لهذه السياسة هو تخفيف حدة التطرف الديني وإحتوائه والدفع بجهات أكثر إعتدالاً وإبرازها كقوى تقدمية تقبل الآخر وتندمج بالتحول المراد منه تعزيز مصالح الغرب بعيدة الأمد
وكانت تركيا بذلك الوقت بنظامها الديموقراطي وإقتصادها المزدهر أحد النماذج الأساسية التي روج لها كنموذج للحكم لعالمنا العربي والإسلامي وذلك قبل أن يعبر أوباما عن خيبة أمله من أردوغان كزعيم نموذجي للعالم الإسلامي
......
أما بالنسبة للإسلاميين والإخوان المسلمين بشكل محدد ودورهم بتلك الثورات والترحيب الغربي لليسار الليبرالي بهم كان لدواعي كثيرة أهمها إعطاء فرصة لهم للصعود الى السلطة باللفكر والممارسات الغربية حتى يتم إنشاء نمط جديد لهذه الحركات أقل تطرفاً وإبتعاداً عن العنف لأن الغرب كان يعلم جيداً أنهم جزء أساسي من المعادلات السياسية في عالمنا العربي والإسلامي والتعامل معهم ببرغماتية ضروري لتمرير تلك الأهداف وأهداف أخرى تلبي مصالح الغرب مستقبلاً وهذا ما خيب أملهم في نهاية الأمر
......
والجزئية الأخيرة والمهمة إخواني في هذا المقال وهي التشديد على أن الثورات العربية هي نتاج الشعوب العربية بشكل خالص وما حدث من أحداث بها تلقفها الغرب لتشكيل سياساته على قواعد وإستراتيجيات سياسية معروفة كانت تحمل كثيراً منها سوء النوايا وتصب في مصلحة إسرائيل وترمي إلى إستغلال هذه الإنتفاضات لتشكيل كيانات أخرى ترعى غربياً كالتي موجودة في سوريا الآن بالنسبة للأكراد فضلاً عن تقسيمات أخرى كان ينوي الغرب إلى تكريسها مستقبلاً بما يخدم مصالحه وبالنتيجة الكلية فشلت هذه الثورات في أغلب مراكز إندلاعها بسبب التواطؤ الغربي الذي راجع نواياه مخافة إرتدادات عكسية على مصالحه وأيضاً بسبب قوى عربية رجعية دعمت الثورات المضادة التي تعد ردة طبيعية لكثير من الثورات عبر التاريخ وإلى جانب قوى أخرى كروسيا وإيران وإسرائيل رأوا بها خطراً على نفوذهم أو هيمنتهم أو مواطىء القدم الإستراتيجية بالنسبة لهم .
......
برهان شاهين