معضلة الجو: استراتيجية مواجهة التفوق الجوي – الدفاع الجوي السلبي

عــمــر الـمـخــتــار

رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي
عضو قيادي
إنضم
14/5/19
المشاركات
5,688
التفاعلات
30,121
بسم الله الرحمن الرحيم
1441/6/6 - 2020/1/31

معضلة-الجو-2.png


تحدثنا في الجزء الأول عن تقييم القوة الجوية المعادية مرورًا بعوامل تأثير وفعالية القوات الجوية وانتهاءً بأهم عوامل قياسها، وفي هذا الجزء نكمل ما بدأناه ونتحدث عن الدفاع الجوي السلبي.



الباب الثاني: الدفاع الجوي السلبي

إجراءات الدفاع ضد الأخطار والتهديدات الجوية على مستوى العالم تتم على ثلاثة مستويات:

ــ المستوى الأول: التعامل عن طريق المقاتلات الاعتراضية.

ــ المستوى الثاني: التعامل عن طريق الأسلحة الأرض جو (صواريخ وأنظمة الدفاع الجوي).

ــ المستوى الثالث: التعامل بالإجراءات الخاصة بالدفاع السلبي.


الدول المعتمدة على المستوى الأول

أمريكا والدول الغربية والكيان الصهيوني تعتمد في خطة دفاعها الجوي على المستوى الأول بشكل رئيسي؛ لعدة أسباب، منها:

1. تقدم السلاح الجوي بشكل كبير، ووفرة عدد الطائرات المتفوقة.

2. وجود منظومة متكاملة من رادارات الرصد والإنذار المبكر، والرادارات الكاشفة للمدى؛ التي يبلغ مدى كشفها إلى حوالي 5000 كم، فنجد مثلًا أن أمريكا لديها نظام متكامل من هذه الرادارات تحمي أمريكا الشمالية كلها -بما فيها كندا-، ويقوم على قيادتها قيادة NORAD أو قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية في جبل شين في كلورادو، وتقوم المقاتلات بالدفاع ضد الأهداف الجوية المعادية بعيدًا جدًا عن أراضي الولايات المتحدة، وقامت امريكا ببناء نظام مشابه لذلك في أوروبا تحت مظلة الناتو، وتعمل على توسيع الناتو ومحاصرة الحدود الروسية بالرادارات والأنظمة المضادة للصواريخ تحت عنوان “حماية اوربا”.


الدول المعتمدة على المستوى الثاني

بينما روسيا والدول التي تتبنى العقيدة الشرقية -أو الدول الأقل تقدمًا- يتركز جهد الدفاع الجوي فيها عند المستوى الثاني بواسطة منظومات الدفاع الجوي الأرض جو.

لا يعني هذا أن هذه الدول تتبنى مستوى واحد، بل هناك خطة متكاملة تتضمن المستويات الثلاثة؛ فنجد الملاجئ المحصنة والمدفونة تحت الأرض أو في عمق الجبل؛ والتي تكون بها مراكز القيادة للدولة والجيش، ونجد منظومات دفاع جوي أرض جو لدى أمريكا، ولكن اتجاه الجهد الرئيس للدفاع يكون كما ذكرنا، وينعكس ذلك على طبيعة الإنفاق العسكري، والتقدم في التسليح، وتنوع السلاح حسب الاتجاه الذي تتبناه الدولة. فنجد تنوع كبير وتقدم في أسلحة الدفاع الجوي أرض جو لدى روسيا، وتقدم كبير للطائرات، وكل التكنولوجيا المتعلقة بها لدى أمريكا.

بما أن هذه الدراسة موجهة أساسًا -كما ذكر سابقًا- للحركات التحررية والدول الراغبة في الخروج من الهيمنة الاستعمارية للدول الكبرى، فسيتم التركيز هنا على الأساليب والإجراءات التي من الممكن للأطراف التي ذكرناها من تنفيذها، أو الحصول عليها، ولن نتعرض للأشياء التي يكون الحصول عليها أو تنفيذها صعب جدًا وغير واقعي.

وجدير بالذكر أن لابد من أن يتمتع أعضاء وقادة هذه الحركات والدول بالهمة العالية، والإصرار، وعدم اليأس، واستعمال الذكاء والعلم والحلول المبتكرة؛ لكي يستطيعوا مجابهة القوى الأكبر منهم التي تتمتع بالسيطرة؛


(فالتغيير والثورة لا يتم سوى على أيدي أصحاب الأحلام البعيدة، والإرادة القوية).

مفهوم الدفاع الجوي السلبي يتمثل في الإجراءات والتدابير التي يتم اتخاذها؛ لتقليل الخسائر الناتجة من القصف الجوي، وتجنب الآثار المادية والمعنوية الناتجة عنه على قدر الإمكان. جميع دول العالم تتبنى مفهوم الحماية السلبي ضد الهجمات الجوية في إطار الخطة العامة للدفاع، ولكن كلما زاد تفوق الدولة العسكري، وصغر احتمال تعرضها للهجوم الجوي كلما انحصر مفهوم الحماية السلبية للأماكن الهامة فقط، وكلما ضعفت الدولة كلما زاد اعتمادها على مفهوم الدفاع الجوي السلبي.

تتكون إجراءات الدفاع الجوي السلبي من من 3 أركان رئيسية:


ــ الركن الأول: منظومة رصد، وإنذار ضد الأخطار الجوية

ــ الركن الثاني: منظومة القيادة، وتمرير الإنذار.

ــ الركن الثالث: منشآت الحماية.


يتم صياغة الخطة المناسبة للدفاع الجوي السلبي على حسب الظروف لكل ساحة أو دولة، وحسب الإمكانيات المتوافرة، ومن المفضل أن يكون هناك خطة خاصة موجهة للدفاع الجوي السلبي خاصة بالقطاع المدني، منفصلة عن الخطة الخاصة بالقطاعات العسكرية؛ فالواجب في ظروف العمل العسكري تحت السيادة الجوية المعادية -سواءً في المرحلة الأولى أو الثانية من حروب العصابات- أن تكون الإجراءات المضادة للطيران متخذة بشكل دائم.

منظومة الرصد والإنذار

وتتكون من الرادارات، ونقاط المراقبة الجوية، والجواسيس بالقرب من المطارات، والقواعد العسكرية المعادية.

1. نقاط المراقبة الجوية

Bangladesh Air Force ordered AESA RADAR Selex RAT-31DL.jpg


نقاط المراقبة الجوية موجودة في دول كثيرة خصوصًا ذات العقيدة الشرقية، والتي لا تغطي راداراتها جميع حدودها. وتتكون نقطة المراقبة الجوية من 5 أفراد لديهم جهاز لا سلكي، وأجهزة للرؤية الليلية والنهارية، ويقومون بالدوام على مدار ال24 ساعة؛ بحيث يكون هناك عدد 2 فرد مستيقظ فقط في أي وقت، ويرابطون في مكان المراقبة على الأقل من أسبوع إلى أسبوعين.

وتُختار النقطة الجوية في مكان مرتفع عن الأرض، ومشرف على منطقة كبيرة، ولا توجد عوائق بصرية أمامه في جميع الاتجاهات، وتقتصر مهمتهم على رصد أي حركة جوية، وإبلاغ القيادة عبر اللا سلكي فورًا بالوقت، والاتجاه بصورة أساسية، وأي معلومات أخرى كنوع الطائرة، أو السرعة التقريبية، أو الحمولة -على حسب ما يمكنهم رصده-.

تكون هذه النقاط موزعة ومرتبة؛ بحيث تغطي جميع الاتجاهات، والمساحة المطلوب حمايتها، وعلى مسافات تسمح بوجود وقت لتمرير الإنذار من القيادة إلى الجانب المدني والعسكري، وتعتني بالتمويه المحكم، وتعليمات الأمن، والسرية فيما يخص أماكنها ونطاق عملها؛ حتى لا يتم استهدافها من قبل العدو.

بناء على التبليغات من نقاط المراقبة الجوية تقوم القيادة بتحديد اتجاه التهديد الجوي، وتوقع أهدافه المحتملة، ونشر الإنذار للمناطق المهددة.


2. القيادة

command-centre.jpg


لا بد من وجود قيادة مختصة بتنظيم شئون الدفاع السلبي؛ لضمان تحقيق الفائدة المرجوة، مهامها:

ــ وضع خطة الدفاع المدني وتدريب المدنيين عليها.

ــ تلقي المعلومات من نقاط المراقبة الجوية والجواسيس في مناطق العدو وتقييمها.

ــ تمرير الإنذار في الوقت المناسب للمناطق المهددة.

ــ إنشاء نظام إنذار في المدن والمناطق المدنية يعتمد على صافرات الإنذار كأبسط حل متاح.


على حسب مساحة المنطقة المطلوب حمايتها والمسافة والاتجاه من مناطق العدو يتم توزيع القيادة وتقسيمها؛ بحيث يراعى الفاعلية في العمل، وضمان السرية، والسرعة في الأداء.

3. منشآت الحماية

الضلع الثالث في الدفاع السلبي هو: منشآت الحماية، ويتكون من:

منشآت مدنية


ــ ملاجئ حماية في كل مبنى في الدور تحت الأرضي.

ــ ملاجئ مجمعة في كل شارع أو حي، ويمكن تعاون سكان المنطقة في تكاليفها وإنشائها.

ــ محطات ومنشآت المترو وأنفاق السكك الحديدية، وهي يمكن تحويلها بسهولة إلى ملاجئ، وتتمتع بحماية كبيرة؛ حتى أن كوريا الشمالية حين بنت المترو لديها وضعته على عمق يصل أحيانًا إلى 80 م مما يجعلها مؤهلة كملاجئ نووية.


بالنسبة للجانب المدني لا بد من عمل خطة واضحة، وتعليمات بسيطة للمدنيين، والقيام بتدريبات عليها تحاكي حدوث هجوم حقيقي، وفي حالات التوتر الشديد توضع المؤن والمواد الغذائية في الملاجئ.

منشآت عسكرية


ــ الملاجئ داخل الجبال (طبيعية كالكهوف أو صناعية).

ــ الغرف المحصنة تحت الأرض على أعماق مناسبة.

ــ خنادق الحماية للمعدات، والأفراد.

ــ أنفاق الحركة الدفاعية والهجومية، وأنفاق التخزين.

ــ المنشآت، والمعدات الهيكلية التمويهية.

mining-tunnel-e1496328756543.jpg


بالنسبة للجانب العسكري لا بد من الاهتمام بجانب السرية، والأمن بشكل صارم فيما يخص أماكن القيادة، والاتصالات، ومخازن السلاح والذخيرة، والمعدات الهامة مع تغيير هذه الأماكن بشكل دوري، وتمويهها، ووجود أكثر من موقع بديل جاهز، وإذا أمكن الابتعاد عن مكان السكان المدنيين؛ تجنبًا للتجسس، ولتقليل الضرر على المدنيين يكون جيدًا، وإذا لم يمكن، يكون هناك اهتمام مضاعف بالأمن، وعمل أنفاق وخنادق للحركة، وسترها بشكل جيد، وأيضًا نشر العديد من المواقع، والمعدات الهيكلية الزائفة، ويفضل أيضًا عدم التمركز، والحركة المستمرة كلما أمكن، مع الالتزام بتعليمات التمويه والأمن.

تجربة حرب الأنفاق التي بدأت في حرب فيتنام، وتم الاستفادة منها بعد ذلك في أماكن أخرى وضحت دور الأنفاق الكبير في الدفاع السلبي ضد العدو المتفوق صاحب السيادة الجوية على أرض المعركة، وأصبح حفر وتصميم هذه الأنفاق متاح، ولا يحتاج إلى متخصصين، وإن كان من السهل تواجد هؤلاء المتخصصين، ولكن المقصود أنها عملية سهلة تنفيذيًا، ويمكن تنفيذها حتى بالحفر اليدوي أو معدات الحفر البسيطة المتوافرة في كل مكان؛ لذا لا بد من أن تمثل الأنفاق بأنواعها ركن هام جدًا في خطة الدفاع السلبي لأي ساحة تواجه عدو متفوق.

لا بد أيضًا من الاهتمام بتجربة كوريا الشمالية، وتجربة سويسرا في إنشاء الملاجئ المحصنة داخل الجبال، وتحت الأرض؛ فلديهم خبرة، وتاريخ كبير في إنشاء وبناء مثل هذه المنشآت، والعديد الآن من الحصون السويسرية تحولت إلى متاحف يمكن زيارتها للعامة بعد خفض النفقات العسكرية.

التعامل مع الطائرات بدون طيار
jpeg.jpg


الطائرات بدون طيار مجهزة بكاميرات جد قوية، تستطيع استشعار الأفراد والمركبات من ارتفاع عدة كيلومترات. أغلب الطائرات بدون طيار مجهزة بالرؤية الليلة، و/أو كاميرات للرؤية بالأشعة التحت الحمراء المعروفة بمستشعرات للاستكشاف المتقدم بالأشعة التحت الحمراء؛ التي يمكن لها رؤية البصمة الحرارية للإنسان من بعيد -ليلًا أو نهارًا-.

طرق للتخفي من الطائرات بدون طيار

1. التمويه في النهار: اختبئ في ظلال البنايات أو الأشجار، استعمل الغابات الكثيفة كتمويه طبيعي، أو استعمل شبكات التمويه.

2. التمويه في الليل: اختبئ داخل البنايات أو تحت حماية الاشجار وأوراقها، لا تستعمل المصابيح أو أضواء المركبات حتى في المهمات الليلة.

3. التمويه الحراري: بطانيات الطوارئ -تُعرف أيضًا ببطانيات الفضاء- مصنوعة من المايلر (يمكن صناعتها عن طريق وضع طبقة من الصوف الحراري الذي يتواجد في الثلاجات، وأفران الميكروويف بين طبقتين من ورق الألمونيوم، ثم خياطتها كبطانة للأقمشة العسكرية، ويصنع منها بِدَل عسكرية للأفراد، أو أغطية تمويه للعربات والآلات والأسلحة)، يمكنها صد الأشعة تحت الحمراء.


ارتداء البطانيات الفضائية كمعطف في الليل سيخفي الطبعة الحرارية عن الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء. أيضًا في الصيف حيث الحرارة تكون بين 36 و40 درجة مئوية، كاميرات الأشعة تحت الحمراء لا يمكنها تمييز الجسم من محيطه.

4. انتظر الطقس السيء. الطائرات بدون طيار لا يمكنها العمل في أجواء الرياح الشديدة، الدخان، العواصف المطرية.

5. لا للاتصالات اللاسلكية. استعمال الهاتف المحمول، أو الاتصالات عبر نظام تحديد المواقع GPS سيكشف موقعك في الغالب.

6. نثر قطع زجاج عاكسة، أو مرايا على المركبات على الأسطح سيربك كاميرا الطائرة بدون طيار.

7. الفخاخ. استعمل الدمى في حجم الإنسان لمغالطة أنظمة التعرف لدى الطائرة بدون طيار.


اختراق الطائرات بدون طيار

67479805_10219445461864338_5708558320080519168_n.jpg


الطائرات بدون طيار متحكم بها عن بعد الطيار. العامل عليها يمكن أن يتواجد على بعد آلاف الكيلومترات في محطات التحكم الأرضية. رابط التحكم هو الأقمار الاصطناعية التي عن طريقها يتحكم الطيار بالطائرة. بالتشويش أو اعتراض الاتصال بين الأقمار والطائرة يمن للشخص تعطيل التحكم عن بعد. الاتصال يمكن أن يكون مشفر، ولكنه في الغالب ليس كذلك.

1) الاعتراض: تقنية معقدة تستعمل برنامج “sky grabber” مع طبق الأقمار الصناعية، وموالف أو مطابق تلفاز؛ لاعتراض ترددات الطائرة بدون طيار. الاتصالات من وإلى الطائرة بدون طيار يمكن اعتراضها.
2) التداخل: بالبث على ترددات مختلفة، أو حزمة ترددات الرابط بين الطائرة والطيار يمكن قطعه.

3) خداع نظام تحديد المواقع: جهاز إرسال لنظام تحديد المواقع صغير، محمول يمكنه إرسال إشارات زائفة وتعطيل نظام ملاحة الطائرة بدون طيار. هذا يمكن استعماله -على سبيل المثال- لقيادة الطائرة؛ لتدمير ذاتي عبر صدمها بعائق مرتفع، أو حتى اختطافها والهبوط بها.


التمويه الآن ليس فقط التمويه التقليدي الخاص باللون والشكل للأفراد والمعدات، بل أصبح هناك أبعاد أخرى للتمويه هامة جدًا مثل التمويه اللاسلكي، والإشارات الصادرة عن القوات العسكرية؛ التي يمكن رصدها، وأيضًا الإجراءات المضادة للرصد بواسطة الرادارات أو الكاميرات الحرارية، وسوف نتناولها بشيء من التفصيل في البابين الثالث والخامس -بإذن الله-.



tipyan


 
مشاركة جدا رائعة أخي الكريم

خطط الدفاع السالب قمنا بتنفيذ الكثير منها طوال الفترة ما بين عام ١٩٩١ حتى عام ٢٠٠٣ لكن لسببين او ثلاثة أسباب لم نوفق فيها في النهاية

اولا : السبب الاول التفوق الساحق للجانب الأمريكي و قدراته المفتوحة للتطوير

ثانيا : إنعدام الدعم الحقيقي لوسائل الدفاع السلبي من قبل قيادة الدولة

ثالثا : وجود عقول متحجرة في مراكز القيادة و إتخاذ القرار حالت دون فتح المجال لأصحاب التخصص و الأفكار من إيجاد الحلول و إبتكار وسائل حديثة
 
مع تطور قوة الصواريخ و القنابل المخصصة للتدمير تحت الارض
اعتقد ان الدفاع الجوي السلبي فقد اهميته


تنجح في حروب العصابات و الحروب الجبلية
 
اولا اشكر الاخ @عــمــر الـمـخــتــار على هذا الموضوع المهم
ثانيا لو نبحث اكثر في الحروب السابقة التي استعملت فيها انظمة الدفاع الجوي كخط اول للدفاع
سنجد نسب النجاح او الفشل غير ثابتة و هي نسبية حسب قدرة الجيش الذي يستعمل هذا التكتيك

اذكر مثال الحرب الفيتنامية

هاته الحرب اثبتت نجاح الدفاع الجوي السلبي بالرغم من ان السوفييت انذاك في السنوات الاولى للحرب لم يقدمو معدات للفيتناميين لكن من بعد قدم السوفييت بعض المعدات المتمثلة في انظمة الدفاع الجوي اس 75 و بعض المقاتلات الاعتراضية الميغ 15 على حسب ما اتذكر ان لم تخني الذاكرة و بعض الخبراء السوفييت
لكن الفيتناميين عرفو انهم يخوضون حرب غير متكافئة و درسو قدرتهم و قدرات العدو و تمكنو من خلق تكتيكات و استراتيجيات جديدة مكنتهم من مجارات الولايات المتحدة الامريكية و مكنتهم ايضا من العبث بالمقاتلات الامريكية

حيث صدق فعلا الرئيس السوفيتي الراحل بريجنيف عندما انتقد الرئيس المصري الراحل السادات المعدات الروسية
اجابه بريجنيف ان هاته المعدات حارب بها الفيتناميين و نجحو في اخراج الامريكان من اراضيهم بهاته المعدات علما و انها نسخ تصديرية اقل جودة من النسخ السوفيتية

القوات الفيتنامية تعتبر بمثابة كلية عسكرية متخصصة في استعمال الدفاع الجوي السلبي
حيث تمكنو انذاك من اختراع او ابتكار عدة تكتيكات جديدة مثل نصب انظمة دفاع وهمية مهمتها استنزاف الامريكان و الصواريخ الامريكية على اهداف وهمية و غيرها من التكتيكات
بالرغم من ان انظمة الدفاع الجوي الفيتنامية هي انظمة ثابتة لكن تمكنو من ابتكار طرق جديدة مثل تغير منصات الدفاع الجوي كل بعد ساعات معينة و ابعادها قدر المستطاع عن القصف و هذه التكتيكات نجحت فعلا بل وصل بهم الامر للاشتباك جويا مع الامريكان و حققو نجاحات
و اصلا تلك التجربة الفيتنامية اصبحت تجربة تدرس في الكليات العسكرية العالمية و غيرها
هنا في الحالة الفيتنامية نجحت انظمة الدفاع الجوي السلبي كثيرا

لكن في الحالة العراقية سنة 1990-1991 للاسف الشديد لم تنجح لعدة اسباب اختصرها كالاتي

اولا حرب غير متكافئة ما يقارب ال30 دولة ضد دولة واحدة ضف الى ذلك الفارق التقني و التكنولوجي الكبير بين العراق و قوات التحالف

ثانيا عدم تغيير مواقع الدفاع الجوي من ايام الحرب الايرانية العراقية و تركها ثابتة دون حراك بالرغم ان العراق كان يمتلك انظمة ثابتة و انظمة متحركة و لم افهم لماذا ترك العراقيين الانظمة المتحركة ثابة و رابظة في مواقعها دون الاستفادة من ميزة الحركة التي فيها كالكفادرات و الرولاند الفرنسية و غيرها

ثالثا الردارات العراقية كانت يوميا تعمل مما مكن الامريكيين من معرفة تردداتها في الايام الاخيرة قبل بدىء الحملة حيث من اليوم الاول للحملة كانت مهمة قوات التحالف الاولى هي ضرب تلك الرادارات و التشويش عليها و اسكاتها واختراقها و فعلا نجحو في ذلك بما انها اصبحت مكشوفة بعد اكتشاف تردداتها ضف الى ذلك مسح كلي لكل المناطق العراقية بالاقمار الاصطناعية اضافة الى ان العراقيين لم يحركو تلك الرادارات و تركها رابظة في مكانها

رابعا افتقار العراق لانظمة تشويش الكتورني و انظمة مقاومة للتشويش و ربما كان موجود لدى العراق مثل هاته المنظومات لكن الفارق التكنولوجي و التقني له دور و ربما لم يتم استخدامها بالشكل المطلوب او تم استخدامها لكن بتكتيكات قديمة

رابعا استعمال نفس التكتيكات القديمة دون تطوير لها او ابتكار طرق و تكتيكات جديدة و عدم التنسيق بين القوات الجوية و البرية حيث عندما انطلقت المقاتلات الاعتراضية العراقية كانت تطير دون معلومات و دون توجيه ارضي

ربما التكتيك الوحيد صراحة الذي نجح فيه العراقين هو استعمالهم لمنصات صواريخ سكود حيث استعمل العراقين تكتيك تغير موقع الاطلاق . حيث كانت منصات صواريخ سكود تطلق الصواريخ ثم يتم نقلها و تغير موقعها و اعادة شحنها بالصواريخ لدرجة ان قوات التحالف عجزت عن تدمير كل منصات صواريخ سكود و اقر شوارسكوف بذلك و اقر ايضا بان التهديد الوحيد هو منصات صواريخ سكود


و الاسباب طويلة لا اريد ذكر كل التفاصل لكي لا اطيل الرد

الحرب الصربية سنة 1999 او الحملة ضد صربيا

هنا نرى ان الصرب تمكنو من ابتكار حيل جديدة و تكتيكات جديدة . ضف الى ذلك انهم استفادو من عاصفة الصحراء و اصبحت لهم دراية كاملة حول تكتيكات التحالف

العقيد زولتان داني اعتمد على عناصر بشرية استخباراتية تقدم المعلومات اول باول حول انواع المقاتلات و وقت انطلاقها و عددها و غيرها من المعلومات المهمة
ثانيا عدم استعمال جهاز الراديو للاتصال بل استعمل هواتف عادية مخيفة ان يكون راديو الاتصال مخترق من قوات التحاالف
ثالثا تقسيم ما لديه من جنود و منظومات و تحريكها كل مرة و تغير مواقعها و التناوب عليها
رابعا عدم تشغل الرادارات كثيرا و قد قام العقيد زولتان ايضا باستعمال منظومات وهمية و استنزف بها قوات التحالف كثيرا و لم يخسر جميع المنظومات التي لديه بل خسر عدد قليل و كل مرة يغير موقع المنظومات و تمكن بفضل هاته التكتيكات من المقاومة و احرز نجاحات ولو كانت طفيفة مثل اسقاط المقاتلة الشبح الاف 117 و بعض المقاتلات الاخرى من طراز اف 16

الى ان انتهت الحرب و قد نجح العقيد داني في الحفاظ على الكثير من المنظومات و الرادارات التي كانت بحوزته و خسر القليل فقط بالرغم من ان بقية القوات و الافرع الصربية خسرت الكثير لكن التي كانت تحت امرة العقيد زولتان داني قاومت قوات التحالف لاخر لحظة و نجحو في ذلك صراحة لانهم كانوا في حرب غير متكافئة و سلاح الجو الصربي تم تحييده و لم يستعمل


في الاخير نرى ان التكتيك الغربي ناجح و هذا لا جدال فيه ولو انه صراحة جرب ضد دول من دول العالم الثالث مثل فيتنام و العراق و صربيا و ليبيا
يبقى الحكم النهائي على هذا التكتيك اثناء تجريبه ضد دولة متقدمة و متطورة مثل الصين او روسيا

لكن عموما يعتبر التكتيك الغربي فعال و ناجح حيث نرى ان الغرب و على راسهم امريكا لا يهتمون كثيرا بمنظومات الدفاع الجوي المختصة مثلا في اعتراض المقاتلات
حيث يركزون على صناعة و تطوير المنظومات المختصة في اعتراض الصواريخ البالستية كثيرا
العقيدة الغربية يكون الخط الاول للدفاع هو بالمقاتلات الاعتراضية و غيرها و الخط الاخير للدفاع هو بصواريخ الدفاع الجوي
عكس العقيدة الشرقية التي تعتمد على صواريخ الدفاع الجوي كخط اول للدفاع و الخط الاخير بالمقاتلات

ساعمل قريبا ان شاء الله على فتح موضوع في قسم الدفاع الجوي
سيكون محتوى الموضوع هو نقاش عام حول التجارب السابقة و الحالية لانظمة الدفاع الجوي من حرب فيتنام الى حرب العراق الى حرب صربيا الى الحرب الليبية و اليمنية و السورية
و اتمنى من الاخوة الاعضاء التفاعل و اثراء الموضوع بكل معلومة او برنامج وثائقي او فيديو توثيقي او روابط لمواقع مختصة في تحليل و نقد انظمة الدفاع الجوي لكي نستفاد و يستفيد الزوار او الاعضاء الجديد
اسف على الاطالة في الرد
 
عودة
أعلى