أهلا ومرحبا بك أخي الفاضل.
للأسف لا أمتلك حاليا نسخ من كتاباتي وشروحاتي السابقة لكن سأحاول أن اسرد بعضها هنا مع بعض التحديثات الجديدة التي أضيفها عليها هنا.
باختصار شديد.. دورة حياة المجتمعات والحضارات تتشابه في سماتها العامة والدول والمجتمعات وحتى الحضارات نفسها تخضع لما أطلقت عليه أنا من قبل ( علم نفس الدول والحضارات)
وسوف أحاول طرح موضوع منفصل يشرح باختصار موضوع علم نفس الدول والحضارات لأهميته الشديدة بمجرد أن استطيع الوصول لبعض ارشيف موضوعاتي القديمة.
لكن الآن دعنا نركز قليلا في مصير الحضارة الغربية والأمريكية بوجه الخصوص.
أثناء إنهيار الإتحاد السوفيتي كان أعجب ما يدعو للدهشة والاستغراب هو حالة الإنهيار الناعم ولو بشكل نسبي التي مرت بها الأحداث في هذا الإنهيار.
الاتحاد السوفيتي كان يحتفظ بحالة التماسك الاجتماعي عبر ممارسة سياسة الحديد والنار وانتهاك كل المعايير والحقوق والحريات من أي نوع، كانت حياة الناس في الاتحاد السوفيتي تحت وطأة السيطرة الجسدية المباشرة وكانت الجموع تعاني بشدة من فرط تأثير السيطرة الجسدية ولذلك مع انهيار الاتحاد السوفيتي كانت أول مساعي الجماهير هي تحقيق السلامة الجسدية المباشرة ثم يعقبها البحث عن بقية منظومة البواعث والدوافع التقليدية وهذا باختصار شديد.
ولكن الوضع في الحضارة الغربية وبشكل خاص في الولايات المتحدة الأمريكية مختلف تماما بل الأصح أن نقول أن الوضع معكوس تماما.
الولايات المتحدة تمارس حفظ السيطرة على التماسك الاجتماعي من خلال منظومة متكاملة للسيطرة العقلية والذهنية ، بكلمات أبسط يمكننا أن نقول إن أمريكا تحافظ على بقاء تماسكها الإجتماعي من خلال منظومة دعاية بروباجندا صاخبة جدا.
تكاد تكون قسوة السيطرة العقلية التي تفرضها المنظومة الغربية الأمريكية على مواطنها أشد بكثير في قسوتها من سيطرة الاتحاد السوفيتي من خلال منظومة السيطرة الجسدية المباشرة.
لكن أسوأ أنواع السجون هو ذلك السجن الذي توضع فيه ولا تستطيع رؤيته أو لمسه أو حتى معرفة حدوده وملامحه.
السيطرة الجسدية القاسية جعلت السكان السوفيت يطلبون السلامة الجسدية المباشرة حتى لو ببعض التضحيات البسيطة على الأقل حتى يستقر الأمر بالمجتمعات المنبثقة عن تحلل وتفكك الاتحاد السوفيتي.
بالمقابل المجتمعات الغربية والأمريكي بشكل خاص جدا من بينها يمارس سيطرة عقلية شديدة القسوة، وعند تعرض المجتمع الأمريكي لحالة مشابهة أو قريبة من حالة الإنهيار التي مر بها الاتحاد السوفيتي سوف نجد المواطن الأمريكي يهتم بالبحث عن وتحقيق حلم السلامة العقلية بدلا من السلامة الجسدية التي كان يبحث عنها مواطن الاتحاد السوفيتي السابق.
البحث عن السلامة العقلية مسألة متناهية الخطورة لأنها لا حدود واضحة لما يمكن أن تؤكل إليه أو تذهب إلى فعله.
طلب السلامة العقلية سيكون متاحا لمواطن الولايات المتحدة بأي طريقة ممكنة حتى لو حساب السلامة الجسدية المباشرة نفسها.
هذا يعني أن المواطن الأمريكي قد يتحول بالمعنى الحرفي للكلمة إلى قنبلة موقوتة، وبشكل خاص الرجل الأبيض الذي كان في أعلى سلم السلامة الجسدية في أمريكا وأيضا في أعلى من يتم السيطرة عليهم من خلال السيطرة العقلية والذهنية.
سيكون الرجل الأبيض هو الأكثر حاجة إلى تحقيق السلامة العقلية حتى لو بثمن باهظ، لأن السلامة العقلية مطلب بالغ الصعوبة في مجتمع يتمتع بمستوى لا مثيل له من البروباجندا والدعاية والهوليودية.
نمط انهيار المجتمع السوفيتي رافقه طلب السلامة الجسدية المباشرة، أما نمط مرض وانهيار المجتمع الغربي سيرافقه نمط طلب السلامة العقلية بأي ثمن كان.
هذا التفصيل السابق كتبته في عام 2010 ولكن بدون التفصيل في خصوصية بحث الرجل الأبيض عن السلامة العقلية.
وخلال الفترة من 2010 وإلى 2021 بفضل الله تعالى أثبتت معظم الأحداث أن هذا التحليل والتوقع والرؤية ثاقبة بشكل مذهل لم يكد يراها أو يتوقعها أحد.
ولكن الآن الأمور وصلت لمرحلة جديدة ومتناهية الخطورة، لأن الغرب والأمريكان بسبب تكبرهم وعنجهيتهم وغرورهم التقليدي ينكرون وجود أزمة بنيوية و وظيفية وهيكلية في النظام العالمي الحالي برمته.
الغرب يتجه نحو الأسوأ وربما العالم كله على حافة الهلاك، كل مواطني الكوكب كله تقريبا لا يوجد عندهم أي ثقة في أي بنية رسمية حكومية محلية أو إقليمية أو دولية
معظم هياكل البنية الرسمية والحكومية الغربية والأمريكية أصبحت غير محل ثقة لدى المواطن الغربي والأمريكي نفسهم فضلا عن بقية مواطني الدول الأخرى التي بطبيعتها لا تثق في الغرب ولا تثق في بنية النظام الغربي والعالمي والأمريكي.
1-مسألة طلب السلامة العقلية مع 2-مسألة العنصرية و3-حقوق الأقليات الملونة و 4-فقدان الثقة تماما في أي بنية رسمية حكومية أو دولية و5-عوامل التفاوت الطبقي المهولة بشكل غير طبيعي 6-احتفاظ نسبة لا تكاد تذكر من البشر بأكبر وأهم الثروات 7-عوامل تأسيس الاقتصاد العالمي ومطبوعات النقد العالمي على أساس وهمي للقيمة ما يشكل أكبر فقاعة هائلة في التاريخ قابلة لأكبر انهيار اقتصادي عرفه التاريخ 8-وجود حالة سيولة عالمية في تداول الاخبار والأحداث والمعلومات مما يوفر بيئة مثالية للتفاعلات متناهية السرعة
9-وجود احساس عميق بالظلم من كل الشعوب الأفريقية والأسيوية والشعوب الأصلية في الأمريكتين وأستراليا
10- ظهور وصعود حلف الشرق ومحاولات تدخله في مختلف الأحداث فضلا عن حالة للتنافس والصراع المباشر مع الغرب والأمريكان.
معظم هذه النقاط السابقة تشكل منظومة ضغوط هائلة تقع على كاهل المواطن الغربي والأمريكي بل وأيضا على الدولة والقيادة والمنظومة الغربية والأمريكية عامة.
لاحظ أن الأحداث القادمة ليست نوع واحد من الأحداث ولكنها عملية هجينة متداخلة ومركبة من معظم ما سبق والمواطن الغربي والأمريكي سيجد نفسه في منتصف ذلك كله.
وبكل صدق أقول أن الأسوأ من كل ما سبق هو إمكانية تعرض الحضارة الغربية لحالة تشابه الحالة النازية الهتلرية حين باتت الأجيال التالية تلعن أجيالها السابقة، ما يعني أننا قد لا نشهد نهاية الحضارة الغربية فحسب بل قد نشهد الأجيال القادمة من الغرب نفسه تعتبر الأجيال السابقة مثال على حالة من الشر المستطير كما يتعامل الغرب حاليا مع الهتلرية النازية باعتبارها أحد أوضح صور الشر المطلق.
وأكتفي بهذا القدر لهذا الوقت.
تحياتي للجميع.