قدرة أقسم الله بها ووردت في القرآن 12 مرة
نظرة واحدة إلى السماء في ليلة مظلمة مع غياب القمر تجعلنا نشاهد بدائع القناديل والنجوم المضيئة ويمكننا أن نرى أكثر من ألفي نجم في لحظة واحدة بالعين المجردة، هذه النجوم التي أقسم بها الله تعالى وورد ذكرها في القرآن 12 مرة، هي أجرام منتشرة في السماء الدنيا، كروية وشبه كروية. غازية ملتهبة، مضيئة بذاتها ومتماسكة بقوة الجاذبية، هائلة الكتلة، عظيمة الحجم وعالية الحرارة بدرجة مذهلة تشع الضوء بجميع موجاته•
وقد وردت لفظة النجم والنجوم بالعديد من المواضع في القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: «فلا أقسم بمواقع النجوم» سورة الواقعة الآية 75 ، و«وعلامات وبالنجم هم يهتدون» سورة النحل الآية 16. و«والنجم إذا هوى» سورة النجم الآية 1. و«وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب» سورة الطارق الآية3• و«وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر» سورة الانعام الآية 97• و«والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره» سورة الأعراف الآية 54. و«والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس» سورة الحج الآية 18. و«ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم» سورة الطور الآية 49 • و«وإذا النجوم انكدرت» سورة التكوير الآية 2• و«فإذا النجوم طمست» سورة المرسلات الآية 8•
مراحل حياة النجوم
ويقول الدكتور زغلول النجار -أستاذ علوم الأرض- إن النجوم تمر بمراحل من الميلاد والشباب والشيخوخة قبل أن تنفجر أو تتكدس فتطمس طمساً كاملا• وهي أفران كونية تتم في داخلها سلاسل من التفاعلات النووية التي تعرف باسم عملية الاندماج النووي•
ويضيف: نتعرف على صفات النجوم من خلال دراسة ضوئها الوارد إلينا فنعرف صفاتها الطبيعية والكيميائية ودرجة لمعانها وإضاءتها وحرارتها وحجمها وكتلتها وموقعها وسرعة دورانها حول محورها وفي مدارها ومستوى تفاعلاتها النووية•
وقد أمكن تصنيف النجوم على أساس من درجة حرارة مسطحها إلى نجوم حمراء وبرتقالية وصفراء وبيضاء وزرقاء تصل درجة حرارتها الى 30 ألف درجة وتصل كتلة بعض النجوم إلى مئة مرة قدر كتلة الشمس وتشع قدر إشعاعها ملايين المرات•
القسم القرآني
ويوضح النجار: على الرغم من هذه الصفات المذهلة للنجوم تركها القسم القرآني الكريم وركز على مواقعها فقال ربنا تبارك وتعالى: «فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم» سورة الواقعة الآية 75•
ومواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها النجوم في جريها عبر السماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة وبسرعات جريانها ودورانها وبالأبعاد الفاصلة بينها وبقوى الجاذبية، والمسافات بينها مذهلة للغاية لضخامة أبعادها، وحركات النجوم عديدة وخاطفة.
ويشير هذا القسم إلى سبق القرآن الكريم بالاشارة إلى إحدى حقائق الكون الباهرة بأن الانسان على الارض لا يستطيع أن يرى النجوم أبدا ولكنه يرى مواقعها التي مرت بها ثم غادرتها وعلى ذلك فالمواقع كلها نسبية وليست مطلقة.
ليس هذا فقط بل إن الدراسات الفلكية الحديثة أثبتت أن نجوما قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة، والضوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لايزال يتلألأ في ظلمة السماء كل ليلة من ليالي الأرض حتى الآن، فعلى عظم قدر النجوم التي كشف عنها العلم بأنها أفران عجيبة خلق الله فيها كل صور المادة والطاقة التي يتألف منها الكون، فلم يقسم الله بها وإنما أقسم بمواقعها لأننا لا نرى النجوم وإنما نرى هذه المواقع•
وأبعد نجوم مجرتنا يصلنا ضوؤه بعد ثمانين ألف سنة ضوئية من لحظة انبثاقه، بينما يصلنا ضوء بعض النجوم البعيدة بعد مليارات السنين، وهذه المسافات الشاسعة مستمرة في الزيادة•
النجم الثاقب
ويوضح الدكتور النجار: أقسم الله سبحانه وتعالى بالطارق النجم الثاقب وهو هائل السطوع شديد الضياء يثقب بعنفه أقطار السماوات ليصل إلى الارض رغم بعده الشديد عنها.
وبدأت قصة النجوم الثاقبة في ستينات القرن الماضي عندما اكتشف العلماء الفلكيون وجود منابع للطاقة تطلق كميات هائلة على شكل أشعة سينية.
وقد وضعت نظريات عديدة لتفسيرها لكن دون جدوى وهي عبارة عن نجوم تدور بسرعة فائقة ناجمة عن اصطدام مليارات النجوم، ويبقى النجم الثاقب بمرور السنين لغزا محيرا وأية كونية وظاهرة غريبة•
كما يقسم ربنا سبحانه وتعالى بالنجم إذا هوى، فيشير العلماء إلى أنها النيازك التي تبدو كنقطة ضوء تسير بسرعة وتصطدم بالغلاف الجوي أثناء سقوطها نحو الأرض بسرعة تقارب سبعين كيلو مترا في الثانية•
الخنس الجوار الكنس
وذكرت النجوم في القرآن الكريم بصفاتها لا بأسمائها في قول الله تعالى «فلا أقسم بالخنس، الجوار الكنس» سورة التكوير الآية 15 و 16 وهي المذنبات التي تهل على الأرض كل عدد معين من السنين وأشهرها المذنب «هالي» وسميت كذلك في القرآن الكريم لأنها تقوم بكنس صفحة الكون من الغبار والأتربة الكونية، وتومض وتنطفئ بسرعة لا يمكن للعين أن تلحظها•
ومن فوائد النجوم أن اهتدى بها الإنسان في أسفاره وتحديد اتجاهاته منذ القدم «وبالنجم هم يهتدون» - الآية 16 من سورة النحل، فهي علم يستدل به على الجهات والأوقات والأماكن وعلى جهة القبلة للصلاة، وهي زينة للسماء «ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين» - الآية 5 من سورة الملك•
المصدر: القاهرة