ماهي البدعة

الملازم أبو عبيدة الجراح

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
كتاب المنتدى
إنضم
24/12/20
المشاركات
862
التفاعلات
4,674
السؤال:

في البداية هذه رسالة من المرسل ك ع ب من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية محافظة حضرموت يقول: ما هي البدعة؟ وما هي أقسامها؟ وهل تقسيمها إلى خمسة أقسام كما قسمها الشيخ العز بن عبد السلام صحيح؟ وماذا يقصده ابن عبد السلام بتقسيمه للبدعة؟ أفيدونا بذلك جزاكم الله خيراً.



الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. البدعة في اللغة العربية فعلة من البدع وهو اختراع الشيء على غير مثال سبق، ومنه قوله تعالى: ﴿بديع السماوات والأرض﴾ أي مبدعهما؛ لأنه سبحانه وتعالى خلقهما على غير مثال سبق. هذا معنى البدعة في اللغة العربية، أما البدعة في الشرع فإنها كل عقيدة أو قول أو عمل يتعبد به الإنسان لله عز وجل وليس مما جاء في شريعة الله سبحانه وتعالى. والبدعة الشرعية بجميع أقسامها، بل أقول: البدعة الشرعية ليس لها إلا قسم واحد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة». فكل بدعة في الشرع فإنها ضلالة لا تنقسم إلى أكثر من ذلك، وهذه البدعة التي هي ضلالة سواء كانت في العقيدة أم في القول أم في العمل هي مردودة على صاحبها غير مقبولة منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من حديث عائشة: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». إذن فالبدعة الشرعية لا تنقسم لا إلى خمسة أقسام ولا إلى أكثر ولا إلى أقل، إلا أنها قسم واحد بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أعلم الخلق بما يقول، وأنصح الخلق فيما يوجه إليه، وأفصح الخلق فيما ينطق به. وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم غني عن التعقيد، وليس فيه شيء من التعقيد، وهو بين واضح. وتقسيم البدعة عند بعض أهل العلم كالعز بن عبد السلام وغيره إنما قسموها بحسب البدعة اللغوية التي يمكن أن نسمي الشيء فيها بدعاً، وهو في الحقيقة من الشرع لدخوله في عمومات أخرى، وحينئذٍ فيكون بدعة من حيث اللغة وليس بدعة من حيث الشرع. وإني أقول للأخ السائل ولغيره: إن تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام أو أكثر أو أقل فهم منه بعض الناس فهماً سيئاً، حيث أدخلوا في دين الله ما ليس منه بحجة أن هذا من البدعة الحسنة، وحرفوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قالوا: إن معنى قوله كل بدعة ضلالة؛ أي: كل بدعة سيئة فهي ضلالة. وهذا لا شك أنه تعقيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستلزم نقصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيان؛ لأننا لو قلنا أن الحديث على تقدير كل بدعة سيئة ضلالة لم يكن للحديث فائدة إطلاقاً؛ لأن السيئة سيئة وضلالة سواء كانت بدعة أو غير بدعة، كالزنا مثلاً، معروف في الشرع أنه محرم، وتحريمه ليس ببدعة، ومع ذلك نقول: إنه من الضلال، وإنه من العدوان. فالذين يقدرون في الحديث كل بدعة سيئة ضلالة هؤلاء لا شك أنهم اعترضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنقصوا بيانه عليه الصلاة والسلام، ولا ريب أن الرسول عليه الصلاة والسلام أعظم الناس بياناً وأفصحهم مقالاً وأنصحهم قصداً وإرادة، وليس في كلامه عي، وليس في كلامه خفاء. أقول: إن هذا التقسيم الذي ذهب إليه العز بن عبد السلام وبعض أهل العلم أوجب إلى أن يُفهم فهماً سيئاً من بعض الناس الذين هم طفيليون على العلم، ومن أجل ذلك حرفوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإني أقول وأكرر: إن كل بدعة في دين الله فإنها ضلالة. ولا تنقسم البدعة الدينية إلى أقسام، بل كلها شر وضلالة. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في آخر الحديث فيما رواه النسائي: «وكل ضلالة في النار». فعلى المرء أن يكون متأدباً مع الله ورسوله، لا يقدم بين يدي الله ورسوله، ولا يدخل في دين الله ما ليس منه، ولا يشرع لنفسه ما لا يرضاه؛ لأن الله يقول: «رضيت لكم الإسلام ديناً». فكل ما قدر أن يتعبد به المرء لربه وليس مما شرع الله فإنه ليس من دين الله. وإنما أطلت على هذا الجواب لأنه مهم، ولأن كثيراً من الناس الذين يريدون الخير انغمسوا في هذا الشر -أعني شر البدع- ولم يستطيعوا أن يتخلصوا منه، ولكنهم لو رجعوا إلى أنفسهم وعلموا أن هذا -أعني سلوك البدع في دين الله- يتضمن محظوراً عظيماً في دين الله وهو أن يكون الدين ناقصاً؛ لأن هذه البدع معناها أنها تكميل لدين الله سبحانه وتعالى، والله تعالى يقول: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ ولا شك أنها نقص في دين الإنسان، وأنها لا تزيده من الله تعالى إلا بعداً، والله الموفق.



بشكل صوتي.




ونسال الله عز وجل الثبات والتوفيق.
 
عودة
أعلى