لادئاني
مستشار المنتدى
- إنضم
- 16/12/18
- المشاركات
- 28,241
- التفاعلات
- 77,313
عندما تتحدّى حركاتٌ شعبيةٌ أنظمةً سلطوية، وتفشل قوّات الشرطة في قمعها، تصبح الجيوش خطّ الدفاع الاخير عن الستاتيكو. أحياناً، تلبّي الجيوش نداء الحكّام فتخسرُ الثورة لا محالة، بورما في العام 1988 والصين في العام 1989 نموذجاً. أحياناً أخرى، يتخلّى الجيش عن الحاكم فيسقط، الفيليبين في العام 1986 وأندونيسيا في العام 1999 نموذجاً. وأحياناً أخرى أيضا ينقسم الجيش على نفسه إذ يبقى جزءٌ منه في صفّ الموالاة، فيما ينحاز آخر إلى المعارضة في تمرينٍ أوّليٍ على حربٍ أهلية تأتي بعد ذلك بسرعة، هذا ما جرى في ليبيا واليمن 2011.
يعني ذلك أن مسار الحركات الشعبية يحدّده موقف الجيوش منها، وليس صدفة أن التحوّل الديموقراطي الوحيد المحققّ حتى الآن إثر الربيع العربي، قصدت به تونس، جرى على خلفية تمنّع الجيش التونسي، لا فقط عن نصرة نظام بن علي، بل أيضاً، عن تهديد بدايات التجربة الديموقراطية التونسية الوليدة، وإن كانت متعثرةً ومشوبةً بالاحتقان السياسي بين الإسلاميين وخصومهم.
من منظارٍ مقارن، هناك مسألةٌ جوهرية تستحقّ التفكير هي التالية. تشابهت الحركات العربية في كلّ شيء، وحتّى في شعار «الشعب يريد اسقاط النظام» الذي حملته كلّها. مع ذلك، أفضت الى نتائج مختلفة بشدّة:
تونس أنجزت تحوّلها الديموقراطي؛ في البحرين صمد الستاتيكو السلطوي؛ في مصر اهتزّ النظام ولم يقع، بل عاد بأسوأ مّما كان؛ أمّا سوريا واليمن وليبيا فغارقة في حروبٍ أهلية تطرح أسئلة جديّة حول قابليتها للحياة ككيانات موحّدة. دور الجيوش محوريٌ في كلّ ذلك؛ لو تصرفّت الجيوش العربية الأخرى كما الجيش التونسي لكان المشهد العربي اليوم مختلفاً جذرياً.
لذا لا بدّ من إعادة طرح مسألة العسكر في العالم العربي على بساط البحث. الحالة السورية مثيرةٌ للاهتمام بشكلٍ خاص على ضوء كلّ ما جرى ويجري في سوريا منذ العام 2011 حتى اليوم. وقد أتاح انشقاق عددٍ وازنٍ من الضّباط السنّة عن نظام الأسد خلال السنوات الماضية، فرصة الحصول على معلوماتٍ كانت سابقاً غير متاحة عن الجيش السوري.
هذه الدراسة نُشِرَت بالإنكليزية في «جورنال أوف استراتيجيك ستديز»، عدد أغسطس/آب 2015.