لادئاني
مستشار المنتدى
- إنضم
- 16/12/18
- المشاركات
- 28,207
- التفاعلات
- 77,266
كيف ابتكر فنانون خدعا بصرية لتضليل الألمان في الحرب العالمية الثانية؟
==========================
- ماثيو ويلسون ....بي بي سي
25 فبراير/ شباط 2021
دبابة وهمية مصنوعة من المطاط في عام 1939 ...مصدر الصورة،ROGER VIOLLET VIA GETTY IMAGES
عندما نفكر في الفنانين الذين عملوا في أوقات الحروب، قد ترتسم في أذهاننا في المعتاد صور فناني الحرب الرسميين أو مروجي الدعاية.
لكن ماذا لو كان فنانون، مثل خبراء فك الشفرات من مركز فك الشفرات البريطاني السري في "متنزه بلتشلي"، ضمن هؤلاء الأبطال المنسيين في الحرب، وأدوا دورا حاسما في إنهاء الصراع؟
ففي حقبة "الحرب الشاملة" في القرن العشرين، لبى الجميع نداء الحرب، من رجال ونساء، وجنود ومدنيين، وأناس من مختلف المشارب، وكان لكل منهم دوره. لكن دور هؤلاء الفنانين والمؤرخين الفنيين وعلماء الآثار وغيرهم من المشتغلين بالفنون، في صراعات القرن لم يكشف الستار عن تفاصيله بعد.
وقد تعطينا قصة وحدتين عسكريتين من الحرب العالمية الثانية، سارتا على درب فنانين من الحرب العالمية الأولى، لمحة عن مدى أهمية الدور الذي قد يؤديه الفنانون في الحروب في العصر الحديث. فقد غيّر هؤلاء الفنانون ملامح ساحة المعارك لتستحيل فضاء للاستراتيجيات الإبداعية وتستحق عن جدارة اسم "مسرح الحرب".
ففي أوقات السلم، يتدرب جميع الفنانين على فن الخداع البصري، أي القدرة على إنتاج رسومات منظورية ومحاكاة تأثير انعكاس الضوء والظلال على الأشياء لخداع البصر. وقد تعود جذور الخداع البصري في الفن الغربي إلى الفنان الإغريقي زيوكس الذي يحكى أنه كان يرسم عنبا بإتقان شديد إلى درجة أن الطيور كانت تحسبه حقيقيا وتحاول أن تأكله. واتخذ الخداع البصري شكل حركة فنية في الستينيات من القرن العشرين تسمى مدرسة الفن البصري.
وبينما يؤدي الفنانون في المعتاد دورا محدودا في الحروب، فإن الجيوش منذ الحرب العالمية الأولى أدركت مزايا الاستفادة من مهارة الفنانين في توظيف الخدع البصرية.
ففي عصر المراقبة الجوية، لم يعد الانتصار في الحروب ممكنا من دون إخفاء الجنود والمعدات الحربية لتضليل الأعداء. وكان الفنانون والنحاتون الذين برعوا في توظيف الضوء والظلال والرسم المنظوري، يمتلكون المهارات التي تقتضيها هذه المهمة. واتخذت لأول مرة مهارات الفنانين سلاحا حربيا في الحرب العالمية الأولى.
جنود يصنعون شباك تمويه في بلدة باسو بفرنسا، 16 يونيو/حزيران 1918 ...مصدر الصورة،LT J W BROOKE/ IMPERIAL WAR MUSEUMS VIA GETTY IMAG
وكان سولومون جوزيف سولومون واحدا من أبرز ضباط التمويه البريطانيين في الحرب العالمية الأولى. وعمل سولومون عضوا في الأكاديمية الملكية للفنون وتتلمذ على يد الفنان الفرنسي الشهير ألكسندر كانابل. وعندما اندلعت الحرب، تنافس مع الفنانين بحماس لابتكار أفضل حيل التخفي العسكري، وأُرسِل إلى الجبهة الغربية.
وابتكر سولومون شباك التمويه لإخفاء الخنادق، واستلهمت منها أساليب تمويه عديدة لاحقا. وشارك في مشروعات أخرى لتضليل الأعداء، منها "شجرة المراقبة"، وهو جذع شجرة زائف مجوف يوضع في أراض منزوعة السلاح بين الجيوش المتحاربة ليراقب منه أحد الجنود خنادق العدو. كما شارك الرسام والنحات ليون أندروود، الذي درس في الكلية الملكية للفنون قبل الحرب، في تصميم وتجميع هذه الأشجار.
وبرز أيضا فنان آخر في الحرب العالمية الأولى، وهو نورمان ويلكينسون، الذي كان مهتما قبل الحرب العالمية الأولى بالفن البحري ورسم لوحات فنية رائعة وكان أيضا يشارك في بعض الصحف، مثل صحيفة "لندن نيوز" برسومات توضيحية.
لكن الخدمة في القوات البحرية الملكية البريطانية أثناء الحرب فجرت طاقاته الفنية، وتفتق ذهنه عن أفكار لحماية السفن من قذائف الأعداء. وأدرك ويلكنسون أن البوارج لا يمكن إخفاؤها تماما في عرض البحار، وهذا قاده إلى فكرة "التمويه الخادع للبصر"، بعمل رسومات فنية مكونة من خطوط تجريدية ثلاثية الأبعاد، مصممة للتأثير على قدرة العدو على تقدير سرعة السفينة وموقعها.
ونفذت تجاربه في أربعة مراسم في الأكاديمية الملكية في لندن، حيث عمل مع فريق من الفنانين منهم إدوارد وادسويرث، الذي كان عضوا في الحركة الفنية الدرامية المعاصرة.
واستلهمت من أساليب التخفي والتمويه التي ابتكرها سولومون وأندروود وويلكنسون ووادسويرث عمليات لتضليل النازيين في الحرب العالمية الثانية. لكن الجيل الجديد من الفنانين تفوقوا على معلميهم من حيث المهارة وحجم المشروعات.
السفينة الحربية "إتش إم إس كيلدانغان" مغطاة برسومات تمويهية خادعة للبصر في عام 1918 ... مصدر الصورة،IMPERIAL WAR MUSEUMS VIA GETTY IMAGES
دبابة وهمية مصنوعة من المطاط في عام 1939 ...مصدر الصورة،ROGER VIOLLET VIA GETTY IMAGES
عندما نفكر في الفنانين الذين عملوا في أوقات الحروب، قد ترتسم في أذهاننا في المعتاد صور فناني الحرب الرسميين أو مروجي الدعاية.
لكن ماذا لو كان فنانون، مثل خبراء فك الشفرات من مركز فك الشفرات البريطاني السري في "متنزه بلتشلي"، ضمن هؤلاء الأبطال المنسيين في الحرب، وأدوا دورا حاسما في إنهاء الصراع؟
ففي حقبة "الحرب الشاملة" في القرن العشرين، لبى الجميع نداء الحرب، من رجال ونساء، وجنود ومدنيين، وأناس من مختلف المشارب، وكان لكل منهم دوره. لكن دور هؤلاء الفنانين والمؤرخين الفنيين وعلماء الآثار وغيرهم من المشتغلين بالفنون، في صراعات القرن لم يكشف الستار عن تفاصيله بعد.
وقد تعطينا قصة وحدتين عسكريتين من الحرب العالمية الثانية، سارتا على درب فنانين من الحرب العالمية الأولى، لمحة عن مدى أهمية الدور الذي قد يؤديه الفنانون في الحروب في العصر الحديث. فقد غيّر هؤلاء الفنانون ملامح ساحة المعارك لتستحيل فضاء للاستراتيجيات الإبداعية وتستحق عن جدارة اسم "مسرح الحرب".
ففي أوقات السلم، يتدرب جميع الفنانين على فن الخداع البصري، أي القدرة على إنتاج رسومات منظورية ومحاكاة تأثير انعكاس الضوء والظلال على الأشياء لخداع البصر. وقد تعود جذور الخداع البصري في الفن الغربي إلى الفنان الإغريقي زيوكس الذي يحكى أنه كان يرسم عنبا بإتقان شديد إلى درجة أن الطيور كانت تحسبه حقيقيا وتحاول أن تأكله. واتخذ الخداع البصري شكل حركة فنية في الستينيات من القرن العشرين تسمى مدرسة الفن البصري.
وبينما يؤدي الفنانون في المعتاد دورا محدودا في الحروب، فإن الجيوش منذ الحرب العالمية الأولى أدركت مزايا الاستفادة من مهارة الفنانين في توظيف الخدع البصرية.
ففي عصر المراقبة الجوية، لم يعد الانتصار في الحروب ممكنا من دون إخفاء الجنود والمعدات الحربية لتضليل الأعداء. وكان الفنانون والنحاتون الذين برعوا في توظيف الضوء والظلال والرسم المنظوري، يمتلكون المهارات التي تقتضيها هذه المهمة. واتخذت لأول مرة مهارات الفنانين سلاحا حربيا في الحرب العالمية الأولى.
جنود يصنعون شباك تمويه في بلدة باسو بفرنسا، 16 يونيو/حزيران 1918 ...مصدر الصورة،LT J W BROOKE/ IMPERIAL WAR MUSEUMS VIA GETTY IMAG
وكان سولومون جوزيف سولومون واحدا من أبرز ضباط التمويه البريطانيين في الحرب العالمية الأولى. وعمل سولومون عضوا في الأكاديمية الملكية للفنون وتتلمذ على يد الفنان الفرنسي الشهير ألكسندر كانابل. وعندما اندلعت الحرب، تنافس مع الفنانين بحماس لابتكار أفضل حيل التخفي العسكري، وأُرسِل إلى الجبهة الغربية.
وابتكر سولومون شباك التمويه لإخفاء الخنادق، واستلهمت منها أساليب تمويه عديدة لاحقا. وشارك في مشروعات أخرى لتضليل الأعداء، منها "شجرة المراقبة"، وهو جذع شجرة زائف مجوف يوضع في أراض منزوعة السلاح بين الجيوش المتحاربة ليراقب منه أحد الجنود خنادق العدو. كما شارك الرسام والنحات ليون أندروود، الذي درس في الكلية الملكية للفنون قبل الحرب، في تصميم وتجميع هذه الأشجار.
وبرز أيضا فنان آخر في الحرب العالمية الأولى، وهو نورمان ويلكينسون، الذي كان مهتما قبل الحرب العالمية الأولى بالفن البحري ورسم لوحات فنية رائعة وكان أيضا يشارك في بعض الصحف، مثل صحيفة "لندن نيوز" برسومات توضيحية.
لكن الخدمة في القوات البحرية الملكية البريطانية أثناء الحرب فجرت طاقاته الفنية، وتفتق ذهنه عن أفكار لحماية السفن من قذائف الأعداء. وأدرك ويلكنسون أن البوارج لا يمكن إخفاؤها تماما في عرض البحار، وهذا قاده إلى فكرة "التمويه الخادع للبصر"، بعمل رسومات فنية مكونة من خطوط تجريدية ثلاثية الأبعاد، مصممة للتأثير على قدرة العدو على تقدير سرعة السفينة وموقعها.
ونفذت تجاربه في أربعة مراسم في الأكاديمية الملكية في لندن، حيث عمل مع فريق من الفنانين منهم إدوارد وادسويرث، الذي كان عضوا في الحركة الفنية الدرامية المعاصرة.
واستلهمت من أساليب التخفي والتمويه التي ابتكرها سولومون وأندروود وويلكنسون ووادسويرث عمليات لتضليل النازيين في الحرب العالمية الثانية. لكن الجيل الجديد من الفنانين تفوقوا على معلميهم من حيث المهارة وحجم المشروعات.
السفينة الحربية "إتش إم إس كيلدانغان" مغطاة برسومات تمويهية خادعة للبصر في عام 1918 ... مصدر الصورة،IMPERIAL WAR MUSEUMS VIA GETTY IMAGES