عــمــر الـمـخــتــار

رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي
عضو قيادي
إنضم
14/5/19
المشاركات
5,688
التفاعلات
30,128
بسم الله الرحمن الرحيم
1444/1/4 - 2022/8/2

120522083234-pan-am-103.jpg


حادثة تفجير طائرة أميركية بأسكتلندا 1988، وقد اتهمت أميركا وبريطانيا ليبيا أيام القذافي بتدبيرها، مما أحدث أزمة بين الطرفين قادت لتسليم المتهميْن الليبييْن ومحاكمتهما، ثم التصالح على دفع تعويضات للضحايا.

1- الحادثة وسياقها

في الساعة 6:25 مساء بتوقيت غرينتش من يوم الأربعاء 21 ديسمبر/كانون الأول 1988 أقلعت طائرة الركاب المدنية الأميركية "بان ام" (N739 Pan Am) في رحلتها رقم "103 PA"، متجهة من مطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن إلى مطار كينيدي في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، وعلى متنها 259 راكبا وصل كثير منهم إلى هيثرو من مطار فرانكفورت بألمانيا. وفجأة وبعد نحو 35 دقيقة من إقلاعها -وتحديدا في الساعة 7:03 مساء- انفجرت الطائرة في الجو انفجارا مدويا، فسقطت وتناثرت أشلاؤها ونيرانها الحارقة على بلدة "لوكربي" الواقعة في مدينة دمفريز وغالواي الأسكتلندية غربي إنجلترا.

أحدث حطام الطائرة -الذي تناثر على مساحة قدرت بعدة أميال- حفرة بلغت مساحتها 560 مترا مكعبا، وقدّر وزن المواد التي تضررت نتيجة اصطدام أجنحة الطائرة بها بما يزيد على 1500 طن، وقد نتجت عن الانفجار كرة لهب هائلة أحرقت ودمرت 21 منزلا مجاورا، فقتلت 11 من سكانها وكانت حصيلة القتلى الإجمالية في الحادثة: 270 قتيلا أغلبهم أميركيون. وسرعان ما أصبحت كلمتا "بان ام 103″ و"لوكربي" تدوران على الألسنة وفي كل خبر بجميع أنحاء الأرض. ومع انفجار طائرة "بان ام 103" تفجرت قضايا وتكهنات وجدل وادعاءات وتهم ونظريات، وانطلقت تفاعلات الحدث إلى أبعد مما كان يتصوره الكثيرون.

ومما عقد أمر "حادثة لوكربي" أنها جاءت في سياق سلسلة طويلة من عمليات العنف والعنف المضاد تمتد بداياتها إلى منتصف الستينيات من القرن العشرين، وكان النظام الليبي آنذاك متهما بالتورط في بعضها. ففي أبريل/نيسان 1984 أطلِق الرصاص من داخل مبنى السفارة الليبية في لندن على مظاهرة لمعارضين ليبيين، مما أدى إلى مقتل شرطية إنجليزية اسمها إيفون فلتشر. وفي أبريل/نيسان 1986 تعرض ملهى ليلي يرتاده جنود أميركيون في برلين لتفجير قتل فيه عدد منهم. وفي الشهر نفسه قصفت الطائرات الحربية الأميركية مواقع حساسة في المدينتين الليبيتين طرابلس وبنغازي فقتلت العشرات من المدنيين الأبرياء. وفي يوليو/تموز 1988 أسقِطت الرحلة رقم 655 لطائرة ركاب إيرانية من نوع إيرباص فوق الخليج العربي بصاروخ من السفينة الحربية الأميركية "فينسين"، وكان على متنها 290 راكبا قتلوا جميعا، وحملت إيران فورا الولايات المتحدة المسؤولية عن الواقعة متعهدة بالانتقام السريع.


nintchdbpict0000011275321-1024x673.jpg

أثر حطام الطائرة على الأرض

2- من الفاعل؟

في أعقاب تفجير طائرة لوكربي أثيرت تساؤلات عمن يقف وراء هذه العملية تخطيطا وتنفيذا، وتنقلت أصابع الاتهام بين عدة جهات وفق منطق حسابات مصالح الأطراف المعنية بها وخاصة أميركا بوصفها الطرف الأقوى في القضية لكونها المتضرر الأكبر منها بشريا. وهكذا ألقيت المسؤولية أولا على منظمة فلسطينية ثم سوريا، لكنها ما لبثت أن انتقلت إلى إيران، ثم رست في الأخير على ليبيا تحت حكم معمر القذافي. وفي المحصلة يكشف معظم الكتابات التي تناولت الموضوع ورواياته عن وجود عدة تفسيرات أساسية وفرعية بشأن مرتكبي هذا الحادث، لكننا سنتوقف هنا عند تفسيرين منها يعدان الأكثر جدية وتداولا.

أ- إيران والانتقام:

يرى التفسير الأول -الذي أعلن رسميا ضمن تقرير صادر عن وكالات المخابرات البريطانية- أن العملية كانت مدفوعة برغبة إيران في الانتقام لحادث إطلاق سفينة حربية أميركية النار "خطأ" على طائرة مدنية تابعة للخطوط الإيرانية كانت تنقل الحجاج الإيرانيين إلى مكة المكرمة، وهي الحادثة التي أعقبتها تهديدات إيرانية -عبر راديو طهران– بصبغ السماوات الغربية بـ"لون الدم". ويذكر هذا التقرير أن السلطات الإيرانية رصدت مبلغ عشرة ملايين دولار أميركي لتمويل عملية التفجير، كما أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن اجتماعات مكثفة عُقدت قبيل التفجير بعدة أشهر في بيروت بين مسؤولين في الحكومة الإيرانية ومجموعات فلسطينية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة التي يتزعمها أحمد جبريل المقيم في سوريا.

ويتجاوز التقرير البريطاني حدود الإشارة إلى الفاعلين المحتملين ليوضح الرابط الذي جمع بين وزارة الداخلية الإيرانية وهذه المجموعة عبر نظام الحكم السوري الذي كان أكثر الأنظمة العربية قربا من النظام الإيراني. وأشار في هذا الإطار إلى أن دمشق كانت بلد منشأ للجبهة الشعبية/القيادة العامة. كما أكد أنه قبل وقوع حادث التفجير بقرابة شهرين أوقفت الشرطة الألمانية مجموعة عربية في مدينة فرانكفورت كان منها حافظ الدلقموني العضو البارز في الجبهة الشعبية.

وكان من بين المقبوض عليهم الأردني مروان خريسات الذي ضبط بحوزته "جهاز تسجيل" يماثل الجهاز الذي استخدم في زرع القنبلة على متن الطائرة المنكوبة، وهو ما استدل به بعد ذلك على احتمال قيام هذه المجموعة بمباشرة عملية تفجير الطائرة المشار إليها. ورغم أن تورط الجبهة الشعبية قد يعني تورط سوريا بشكل مباشر، فإن الإدارة الأميركية لم توجه لوما إلى دمشق. وفي أوائل 1997 ذكر مسؤول رفيع في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) لمجلة فوكاس (Focus) الألمانية أن الوكالة كانت على علم بأن الجبهة الشعبية تقف خلف انفجار لوكربي، وأكد أن الرئيس جورج بوش الأب لم يشأ توبيخ سوريا لأن هذا كان سيؤثر على رؤيته لإدارة عملية التسوية في الشرق الأوسط.


37126780-9077553-image-a-34_1608598193971.jpg

قيل إن المتفجرات وُضعت داخل مسجل كاسيت نوع توشيبا

وقد كشف فيلم وثائقي أنتجته شبكة الجزيرة وبثته يوم 11 مارس/آذار 2014 شهادات ووثائق -بينها برقيات للاستخبارات العسكرية الأميركية، وشهادات من محققين ومصادر أمنية شاركت في التحقيق المتعلق بالقضية- تشير إلى أن إيران كلفت الجبهة الشعبية بإسقاط طائرة لوكربي، ردا على إسقاط الأميركيين لطائرة حجاجها. وتفيد بأن القنبلة زرعت في الطائرة بمطار هيثرو في لندن.

ب- ليبيا والثأر المضاد:

أما ثاني التفسيرات فيربط حادثة لوكربي بليبيا وسياستها خلال الحرب الباردة، حيث كان نظام القذافي يسهم في إطارها بدعم الحركات الانفصالية الراديكالية في كل أنحاء العالم، بدءا من أوروبا حيث كان يموّل الجيش الجمهوري الإيرلندي بالمملكة المتحدة ومنظمة "إيتا" الانفصالية في إسبانيا، ومرورا بعموم أفريقيا، إضافة إلى المنظمات الفلسطينية المسلحة مثل جماعة أبو نضال. وكانت بداية سلسلة الأعمال الليبية الانتقامية في عام 1986، حيث قامت عناصر من المخابرات الليبية -حسب الاتهام الأميركي- بتفجير الملهى الليلي "لابل" (La Belle) في برلين مستهدفة اغتيال شخصية عسكرية أميركية رفيعة المستوى.

وقد بررت واشنطن بهذا التفجير قصفها العاصمة الليبية طرابلس، الأمر الذي "قد يكون" -حسب تقارير المخابراتية الغربية- الدافع وراء إقدام المخابرات الليبية على تفجير طائرة رحلة "بانام" رقم 103. وتشير تقارير الأجهزة الاستخبارية الغربية إلى أن الاستخبارات الليبية وثقت تعاونها مع جهاز المخابرات الألماني الشرقي (ستازي) الذي زودها بمعدات صناعة قنابل من نفس النوع الذي استخدم في تفجير طائرة بان أميركان فوق لوكربي، وأن هذه المعدات تم العثور على بعضها في غرب أفريقيا أواسط الثمانينيات.

وهكذا ارتبطت هذه الرواية الليبية المحتوى بـ"عميلين" لمخابرات نظام القذافي كانا يعملان مستترين في مطار فرانكفورت تحت مظلة إحدى شركات الطيران العربية، حيث قاما بزرع القنبلة في جهاز التسجيل المشار إليه، ثم مباشرة تهريبها إلى الرحلة رقم 103 لتستمر بعد ذلك القصة بصورتها الأبرز والأشهر كما عرفها العالم. وفي محاولة للربط بين التفسيرين السابقين، تناولت الصحافة الألمانية تصريحات لأحد الضباط السابقين في المخابرات الإيرانية أدلى بها لضابط تحقيقات في ألمانيا. وتفيد هذه التصريحات بأن طهران أمرت بتفجير طائرة "بانام" وأن أبو القاسم مصباحي -وهو أحد المؤسسين السابقين لوكالة المخابرات الإيرانية- أبلغ وزير الخارجية الإيراني آنذاك علي أكبر ولاياتي بضرورة التنسيق مع ليبيا والجماعات الفلسطينية من أجل ضرب إحدى الرحلات الجوية الأميركية.

3- تداعيات الحادثة

أسفرت التحريات الأميركية والبريطانية بشأن حادثة لوكربي عن اتهام ليبيا بتدبير العملية ووجهت التهمة رسميا إلى النظام الليبي أواخر 1990، بعد أن وجد المحققون شظايا قليلة من قنبلة لوحظ في إحداها وجود أثر ملتو قالوا إن تتبع مصدره قادهم إلى أجهزة المخابرات الليبية. اتهمت أميركا اثنين من مسؤولي الحكومة الليبية وطالبت طرابلس بتسليمهما للمحاكمة خارج ليبيا بعد أن أصدر قاضي التحقيق في أسكتلندا وهيئة المحلفين الأميركية أمرا بالقبض عليهما في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1991. والمسؤولان هما: الأمين خليفة فحيمة (موظف سابق في الخطوط الجوية الليبية، من مواليد عام 1956)، وعبد الباسط علي محمد المقرحي (موظف سابق في الخطوط الجوية الليبية اتهمه الادعاء الأسكتلندي بأنه كان يعمل في المخابرات الليبية. ولد 1952 وتوفي 2012). رفض العقيد القذافي بشدة تسليم المشتبه فيهما، واتهم أميركا وبريطانيا بالتواطؤ من أجل تقويض "الثورة الليبية العالمية" وتحجيم دور بلاده العالمي في تحرير الشعوب والقضاء على الرأسمالية.

وكان من نتائج ذلك الرفض أن حصلت الأمور التالية:

أ- العقوبات الدولية:

وفي يناير/كانون الثاني ومارس/آذار عام 1992 أصدر مجلس الأمن على التوالي القرارين 731 و748، مطالبا السلطات الليبية بخمسة أمور: اعتقال الشخصين المذكورين وتسليمهما للمحاكمة في أسكتلندا، وتحمل المسؤولية عن الحادثة، ودفع تعويضات لأهالي الضحايا، والتعاون في التحقيقات، والمساعدة في مكافحة الإرهاب. وهدد مجلس الأمن طرابلس بفرض حظر جوي عليها في حالة عدم امتثالها لمطالب الأمم المتحدة. بينما أصرت ليبيا -ممثلة في شخص العقيد القذافي- على أن المسألة سياسية وأن المستهدف هو النظام ورموزه.

فرضت الدول الغربية حصارا اقتصاديا وسياسيا خانقا على ليبيا تضمن حظر الطيران من وإلى ليبيا ومنع استيراد قطع غيار الطائرات، مما أدى إلى عزلتها عن أغلب دول العالم. وقد أدى الحصار إلى ارتفاع نسبة البطالة في البلاد -وفقا لبعض المصادر- إلى 24%، وأوقع خسائر اقتصادية قدرتها وزارة الخارجية الليبية بـ24 مليار دولار خلال 1992-1998، وإن خفف منها أن العقوبات الدولية استثنت النفط الذي يمثل أكثر من 90% من الصادرات الليبية، بسبب ضغوط الدول الأوروبية التي تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز الليبييْن. وبعد عشر سنوات من وقوع الحادثة، وافقت ليبيا في صيف 1998 على تسليم مواطنيْها فحيمة والمقرحي بوساطة من السعودية وجنوب أفريقيا مقابل تعليق العقوبات الدولية المفروضة عليها بما فيها الحظر الجوي. كما قيل إن التسليم كان من ثمنه أيضا تعهد الغربيين بعدم التعرض للنظام الحاكم أو رموزه وخاصة العقيد القذافي شخصيا.


37126816-9077553-image-a-37_1608598351995.jpg

اُتهم عبد الباسط علي المقرحي والأمين خليفة فهيمة بتنفيذ التفجير

سلم القذافي الرجليْن المطلوبيْن مشيدا بثقته الكاملة في الوسطاء وفي نزاهة القضاء الأسكتلندي، ومشترطا أن تجري المحاكمة في مكان محايد، علما بأن تسليم المواطنين للمحاكمة خارج البلاد تمنعه المادة (493) من قانون المرافعات الليبي. وهكذا وصل المتهمان المقرحي وفحيمة يوم 5 أبريل/نيسان 1999 إلى مكان المحاكمة في معسكر "كامب زايست" قرب مدينة أتريخت بهولندا، وأجريت محاكمتهما على مرأى ومسمع العالم وأمام عدسات التلفزيون مستغرقة حوالي عامين. وفي نفس الأيام أصدر مجلس الأمن قراره رقم (1192) بتعليق العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا.

ب- الحكم القضائي:

صدر الحكم النهائي في محاكمة الأمين فحيمة وعبد الباسط المقرحي يوم 31 يناير/كانون الثاني 2001 في 82 صفحة، بعد 12 عاما من التحقيق، وقراءة القضاة ملفات بلغ عدد صفحاتها عشرة آلاف، في حين استمرت المرافعات القانونية والجلسات 85 يوما، ومثل أمام منصة المحكمة 235 شاهدا. قضى منطوق الحكم بتبرئة فحيمة فأفرج عنه، وبالسجن المؤبد للمقرحي (مدة المؤبد في القوانين الأسكتلندية لا تتجاوز 20 سنة) باعتباره المسؤول عن تفجير الطائرة. ثم ثـبّـتت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحقه يوم 14 مارس/آذار 2002، فأودع زنزانة بنيت خصيصا له داخل سجن بارليني بمدينة غلاسكو في أسكتلندا. وقد اعتمدت المحكمة في إدانة المقرحي على شهادة الصناعي الألماني أدوين بوليير الذي ادعى أنه باع متفجرات لليبيين، وصاحب متجر في مالطا يدعى توني غوتشي زعم أن المقرحي اشترى ملابس من متجره 1988 رغم أنه لم يره إلا مرة واحدة، وقد جدت بقايا منها وسط حطام الطائرة في حقيبة المتفجرات.

ج- صفقة التصالح:

في يوم 15 أغسطس/آب 2003 -وهو العام الذي شهد تخلي طرابلس عن برنامجها النووي وتسليم معداته وبرامجه إلى واشنطن بضغوط منها- أعلن النظام الليبي مسؤوليته عن حادثة لوكربي وقبوله التعويض لضحاياه، وسلم رسالة رسميا بهذا الاعتراف إلى مجلس الأمن الدولي. وقد نصت صفقة تسوية ملف لوكربي على أن تدفع ليبيا لضحايا الطائرة تعويضات مالية بلغت 2.7 مليار دولار أميركي بمعدل عشرة ملايين دولار لكل منهم، على أن تقدَّم منها أربعة ملايين فورا لكل شخص، وبعد رفع العقوبات الأحادية الأميركية المفروضة عليها تدفع أربعة ملايين أخرى، وعندما يُلغى اسم ليبيا من "قائمة الإرهاب" الأميركية تدفع المليونين الباقيين. ويرى كثير من المراقبين -ومنهم منسق فريق الدفاع الليبي سابقا في قضية لوكربي إبراهيم الغويل- أن القيادة الليبية وقعت في فخ "الاعتراف" و"تحمل المسؤولية" دون أن تثبت عليها جناية أمام قضاء محايد. وكان الأوْلى بها القبول بالتعويض دون التصريح بالاعتراف.


090820-lockerbie-hmed2p.jpg

أثناء استقبال السيد عبدالباسط المقرحي أثناء خروجه من باب الطائرة - طرابلس - أغسطس 2009

لكن وزير الخارجية الليبي آنذاك عبد الرحمن شلقم قال -في حوار مع الجزيرة بثته يوم 18 أغسطس/آب 2003- إن السلطات الليبية تعتبر قرار دفع التعويضات "حكمة وشجاعة وخدمة للمصالح الوطنية لأنها شراء لرفع العقوبات الدولية عن البلاد بعد أن أضرت بها اقتصاديا ودبلوماسيا"، خاصة أنها تخسر سنويا بسببها ما يزيد على المبلغ الإجمالي للتعويضات. كما كان من النتائج اللاحقة لصفقة التعويضات، صفقة أخرى قال برلمانيون ونبلاء بريطانيون إن بلادهم أبرمتها مع نظام القذافي لحماية مصالح بريطانيا المتعلقة بالنفط الليبي.

وبموجب الصفقة الثانية أفرجت السلطات الأسكتلندية عن عبد الباسط المقرحي في 20 أغسطس/آب 2009 وسمحت له بالعودة إلى بلاده -حيث استقبل "استقبال الأبطال"- لأسباب إنسانية جراء إصابته بسرطان البروستاتا، بعد أن قدّر الأطباء أنه لن يعيش أكثر من ثلاثة أشهر، لكنه توفي بعد ثلاث سنوات من إطلاق سراحه في 20 مايو/أيار 2012. وإثر وفاة المقرحي -وهو المدان الوحيد في القضية- صرح قادة غربيون بأن موته لن يُنهي ما وصفوه بـ"مسعى تحقيق العدالة" لعائلات ضحايا الحادثة. فقد اعتبرت رئاسة الوزراء الأسكتلندية أن الوفاة "نهاية فصل" في القضية، لكنها لا تتيح "إقفال الملف".





aljazeera
bbc



 
وبموجب الصفقة الثانية أفرجت السلطات الأسكتلندية عن عبد الباسط المقرحي في 20 أغسطس/آب 2009 وسمحت له بالعودة إلى بلاده -حيث استقبل "استقبال الأبطال"

استقبل الزعيم الليبي معمر القذافي المتهم في قضية لوكربي، عبد الباسط المقرحي، بعد يوم من الإفراج عنه لأسباب إنسانية ووسط موجة من الانتقادات الغربية للاستقبال الرسمي والشعبي له. حدث ذلك بينما قال نجل الزعيم الليبي، سيف الإسلام القذافي، إن ملف المقرحي يرتبط بمصالح اقتصادية مع بريطانيا، وهو ما نفته لندن. من جهة أخرى، قال المقرحي إن لديه أدلة تؤكد براءته من التهم التي نسبها إليه القضاء الاسكتلندي.





 
بسم الله الرحمن الرحيم
1444/1/4 - 2022/8/2

مشاهدة المرفق 115422

حادثة تفجير طائرة أميركية بأسكتلندا 1988، وقد اتهمت أميركا وبريطانيا ليبيا أيام القذافي بتدبيرها، مما أحدث أزمة بين الطرفين قادت لتسليم المتهميْن الليبييْن ومحاكمتهما، ثم التصالح على دفع تعويضات للضحايا.

1- الحادثة وسياقها

في الساعة 6:25 مساء بتوقيت غرينتش من يوم الأربعاء 21 ديسمبر/كانون الأول 1988 أقلعت طائرة الركاب المدنية الأميركية "بان ام" (N739 Pan Am) في رحلتها رقم "103 PA"، متجهة من مطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن إلى مطار كينيدي في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، وعلى متنها 259 راكبا وصل كثير منهم إلى هيثرو من مطار فرانكفورت بألمانيا. وفجأة وبعد نحو 35 دقيقة من إقلاعها -وتحديدا في الساعة 7:03 مساء- انفجرت الطائرة في الجو انفجارا مدويا، فسقطت وتناثرت أشلاؤها ونيرانها الحارقة على بلدة "لوكربي" الواقعة في مدينة دمفريز وغالواي الأسكتلندية غربي إنجلترا.

أحدث حطام الطائرة -الذي تناثر على مساحة قدرت بعدة أميال- حفرة بلغت مساحتها 560 مترا مكعبا، وقدّر وزن المواد التي تضررت نتيجة اصطدام أجنحة الطائرة بها بما يزيد على 1500 طن، وقد نتجت عن الانفجار كرة لهب هائلة أحرقت ودمرت 21 منزلا مجاورا، فقتلت 11 من سكانها وكانت حصيلة القتلى الإجمالية في الحادثة: 270 قتيلا أغلبهم أميركيون. وسرعان ما أصبحت كلمتا "بان ام 103″ و"لوكربي" تدوران على الألسنة وفي كل خبر بجميع أنحاء الأرض. ومع انفجار طائرة "بان ام 103" تفجرت قضايا وتكهنات وجدل وادعاءات وتهم ونظريات، وانطلقت تفاعلات الحدث إلى أبعد مما كان يتصوره الكثيرون.

ومما عقد أمر "حادثة لوكربي" أنها جاءت في سياق سلسلة طويلة من عمليات العنف والعنف المضاد تمتد بداياتها إلى منتصف الستينيات من القرن العشرين، وكان النظام الليبي آنذاك متهما بالتورط في بعضها. ففي أبريل/نيسان 1984 أطلِق الرصاص من داخل مبنى السفارة الليبية في لندن على مظاهرة لمعارضين ليبيين، مما أدى إلى مقتل شرطية إنجليزية اسمها إيفون فلتشر. وفي أبريل/نيسان 1986 تعرض ملهى ليلي يرتاده جنود أميركيون في برلين لتفجير قتل فيه عدد منهم. وفي الشهر نفسه قصفت الطائرات الحربية الأميركية مواقع حساسة في المدينتين الليبيتين طرابلس وبنغازي فقتلت العشرات من المدنيين الأبرياء. وفي يوليو/تموز 1988 أسقِطت الرحلة رقم 655 لطائرة ركاب إيرانية من نوع إيرباص فوق الخليج العربي بصاروخ من السفينة الحربية الأميركية "فينسين"، وكان على متنها 290 راكبا قتلوا جميعا، وحملت إيران فورا الولايات المتحدة المسؤولية عن الواقعة متعهدة بالانتقام السريع.


مشاهدة المرفق 115423
أثر حطام الطائرة على الأرض

2- من الفاعل؟

في أعقاب تفجير طائرة لوكربي أثيرت تساؤلات عمن يقف وراء هذه العملية تخطيطا وتنفيذا، وتنقلت أصابع الاتهام بين عدة جهات وفق منطق حسابات مصالح الأطراف المعنية بها وخاصة أميركا بوصفها الطرف الأقوى في القضية لكونها المتضرر الأكبر منها بشريا. وهكذا ألقيت المسؤولية أولا على منظمة فلسطينية ثم سوريا، لكنها ما لبثت أن انتقلت إلى إيران، ثم رست في الأخير على ليبيا تحت حكم معمر القذافي. وفي المحصلة يكشف معظم الكتابات التي تناولت الموضوع ورواياته عن وجود عدة تفسيرات أساسية وفرعية بشأن مرتكبي هذا الحادث، لكننا سنتوقف هنا عند تفسيرين منها يعدان الأكثر جدية وتداولا.

أ- إيران والانتقام:

يرى التفسير الأول -الذي أعلن رسميا ضمن تقرير صادر عن وكالات المخابرات البريطانية- أن العملية كانت مدفوعة برغبة إيران في الانتقام لحادث إطلاق سفينة حربية أميركية النار "خطأ" على طائرة مدنية تابعة للخطوط الإيرانية كانت تنقل الحجاج الإيرانيين إلى مكة المكرمة، وهي الحادثة التي أعقبتها تهديدات إيرانية -عبر راديو طهران– بصبغ السماوات الغربية بـ"لون الدم". ويذكر هذا التقرير أن السلطات الإيرانية رصدت مبلغ عشرة ملايين دولار أميركي لتمويل عملية التفجير، كما أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن اجتماعات مكثفة عُقدت قبيل التفجير بعدة أشهر في بيروت بين مسؤولين في الحكومة الإيرانية ومجموعات فلسطينية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة التي يتزعمها أحمد جبريل المقيم في سوريا.

ويتجاوز التقرير البريطاني حدود الإشارة إلى الفاعلين المحتملين ليوضح الرابط الذي جمع بين وزارة الداخلية الإيرانية وهذه المجموعة عبر نظام الحكم السوري الذي كان أكثر الأنظمة العربية قربا من النظام الإيراني. وأشار في هذا الإطار إلى أن دمشق كانت بلد منشأ للجبهة الشعبية/القيادة العامة. كما أكد أنه قبل وقوع حادث التفجير بقرابة شهرين أوقفت الشرطة الألمانية مجموعة عربية في مدينة فرانكفورت كان منها حافظ الدلقموني العضو البارز في الجبهة الشعبية.

وكان من بين المقبوض عليهم الأردني مروان خريسات الذي ضبط بحوزته "جهاز تسجيل" يماثل الجهاز الذي استخدم في زرع القنبلة على متن الطائرة المنكوبة، وهو ما استدل به بعد ذلك على احتمال قيام هذه المجموعة بمباشرة عملية تفجير الطائرة المشار إليها. ورغم أن تورط الجبهة الشعبية قد يعني تورط سوريا بشكل مباشر، فإن الإدارة الأميركية لم توجه لوما إلى دمشق. وفي أوائل 1997 ذكر مسؤول رفيع في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) لمجلة فوكاس (Focus) الألمانية أن الوكالة كانت على علم بأن الجبهة الشعبية تقف خلف انفجار لوكربي، وأكد أن الرئيس جورج بوش الأب لم يشأ توبيخ سوريا لأن هذا كان سيؤثر على رؤيته لإدارة عملية التسوية في الشرق الأوسط.


مشاهدة المرفق 115425
قيل إن المتفجرات وُضعت داخل مسجل كاسيت نوع توشيبا

وقد كشف فيلم وثائقي أنتجته شبكة الجزيرة وبثته يوم 11 مارس/آذار 2014 شهادات ووثائق -بينها برقيات للاستخبارات العسكرية الأميركية، وشهادات من محققين ومصادر أمنية شاركت في التحقيق المتعلق بالقضية- تشير إلى أن إيران كلفت الجبهة الشعبية بإسقاط طائرة لوكربي، ردا على إسقاط الأميركيين لطائرة حجاجها. وتفيد بأن القنبلة زرعت في الطائرة بمطار هيثرو في لندن.

ب- ليبيا والثأر المضاد:

أما ثاني التفسيرات فيربط حادثة لوكربي بليبيا وسياستها خلال الحرب الباردة، حيث كان نظام القذافي يسهم في إطارها بدعم الحركات الانفصالية الراديكالية في كل أنحاء العالم، بدءا من أوروبا حيث كان يموّل الجيش الجمهوري الإيرلندي بالمملكة المتحدة ومنظمة "إيتا" الانفصالية في إسبانيا، ومرورا بعموم أفريقيا، إضافة إلى المنظمات الفلسطينية المسلحة مثل جماعة أبو نضال. وكانت بداية سلسلة الأعمال الليبية الانتقامية في عام 1986، حيث قامت عناصر من المخابرات الليبية -حسب الاتهام الأميركي- بتفجير الملهى الليلي "لابل" (La Belle) في برلين مستهدفة اغتيال شخصية عسكرية أميركية رفيعة المستوى.

وقد بررت واشنطن بهذا التفجير قصفها العاصمة الليبية طرابلس، الأمر الذي "قد يكون" -حسب تقارير المخابراتية الغربية- الدافع وراء إقدام المخابرات الليبية على تفجير طائرة رحلة "بانام" رقم 103. وتشير تقارير الأجهزة الاستخبارية الغربية إلى أن الاستخبارات الليبية وثقت تعاونها مع جهاز المخابرات الألماني الشرقي (ستازي) الذي زودها بمعدات صناعة قنابل من نفس النوع الذي استخدم في تفجير طائرة بان أميركان فوق لوكربي، وأن هذه المعدات تم العثور على بعضها في غرب أفريقيا أواسط الثمانينيات.

وهكذا ارتبطت هذه الرواية الليبية المحتوى بـ"عميلين" لمخابرات نظام القذافي كانا يعملان مستترين في مطار فرانكفورت تحت مظلة إحدى شركات الطيران العربية، حيث قاما بزرع القنبلة في جهاز التسجيل المشار إليه، ثم مباشرة تهريبها إلى الرحلة رقم 103 لتستمر بعد ذلك القصة بصورتها الأبرز والأشهر كما عرفها العالم. وفي محاولة للربط بين التفسيرين السابقين، تناولت الصحافة الألمانية تصريحات لأحد الضباط السابقين في المخابرات الإيرانية أدلى بها لضابط تحقيقات في ألمانيا. وتفيد هذه التصريحات بأن طهران أمرت بتفجير طائرة "بانام" وأن أبو القاسم مصباحي -وهو أحد المؤسسين السابقين لوكالة المخابرات الإيرانية- أبلغ وزير الخارجية الإيراني آنذاك علي أكبر ولاياتي بضرورة التنسيق مع ليبيا والجماعات الفلسطينية من أجل ضرب إحدى الرحلات الجوية الأميركية.

3- تداعيات الحادثة

أسفرت التحريات الأميركية والبريطانية بشأن حادثة لوكربي عن اتهام ليبيا بتدبير العملية ووجهت التهمة رسميا إلى النظام الليبي أواخر 1990، بعد أن وجد المحققون شظايا قليلة من قنبلة لوحظ في إحداها وجود أثر ملتو قالوا إن تتبع مصدره قادهم إلى أجهزة المخابرات الليبية. اتهمت أميركا اثنين من مسؤولي الحكومة الليبية وطالبت طرابلس بتسليمهما للمحاكمة خارج ليبيا بعد أن أصدر قاضي التحقيق في أسكتلندا وهيئة المحلفين الأميركية أمرا بالقبض عليهما في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1991. والمسؤولان هما: الأمين خليفة فحيمة (موظف سابق في الخطوط الجوية الليبية، من مواليد عام 1956)، وعبد الباسط علي محمد المقرحي (موظف سابق في الخطوط الجوية الليبية اتهمه الادعاء الأسكتلندي بأنه كان يعمل في المخابرات الليبية. ولد 1952 وتوفي 2012). رفض العقيد القذافي بشدة تسليم المشتبه فيهما، واتهم أميركا وبريطانيا بالتواطؤ من أجل تقويض "الثورة الليبية العالمية" وتحجيم دور بلاده العالمي في تحرير الشعوب والقضاء على الرأسمالية.

وكان من نتائج ذلك الرفض أن حصلت الأمور التالية:

أ- العقوبات الدولية:

وفي يناير/كانون الثاني ومارس/آذار عام 1992 أصدر مجلس الأمن على التوالي القرارين 731 و748، مطالبا السلطات الليبية بخمسة أمور: اعتقال الشخصين المذكورين وتسليمهما للمحاكمة في أسكتلندا، وتحمل المسؤولية عن الحادثة، ودفع تعويضات لأهالي الضحايا، والتعاون في التحقيقات، والمساعدة في مكافحة الإرهاب. وهدد مجلس الأمن طرابلس بفرض حظر جوي عليها في حالة عدم امتثالها لمطالب الأمم المتحدة. بينما أصرت ليبيا -ممثلة في شخص العقيد القذافي- على أن المسألة سياسية وأن المستهدف هو النظام ورموزه.

فرضت الدول الغربية حصارا اقتصاديا وسياسيا خانقا على ليبيا تضمن حظر الطيران من وإلى ليبيا ومنع استيراد قطع غيار الطائرات، مما أدى إلى عزلتها عن أغلب دول العالم. وقد أدى الحصار إلى ارتفاع نسبة البطالة في البلاد -وفقا لبعض المصادر- إلى 24%، وأوقع خسائر اقتصادية قدرتها وزارة الخارجية الليبية بـ24 مليار دولار خلال 1992-1998، وإن خفف منها أن العقوبات الدولية استثنت النفط الذي يمثل أكثر من 90% من الصادرات الليبية، بسبب ضغوط الدول الأوروبية التي تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز الليبييْن. وبعد عشر سنوات من وقوع الحادثة، وافقت ليبيا في صيف 1998 على تسليم مواطنيْها فحيمة والمقرحي بوساطة من السعودية وجنوب أفريقيا مقابل تعليق العقوبات الدولية المفروضة عليها بما فيها الحظر الجوي. كما قيل إن التسليم كان من ثمنه أيضا تعهد الغربيين بعدم التعرض للنظام الحاكم أو رموزه وخاصة العقيد القذافي شخصيا.


مشاهدة المرفق 115426
اُتهم عبد الباسط علي المقرحي والأمين خليفة فهيمة بتنفيذ التفجير

سلم القذافي الرجليْن المطلوبيْن مشيدا بثقته الكاملة في الوسطاء وفي نزاهة القضاء الأسكتلندي، ومشترطا أن تجري المحاكمة في مكان محايد، علما بأن تسليم المواطنين للمحاكمة خارج البلاد تمنعه المادة (493) من قانون المرافعات الليبي. وهكذا وصل المتهمان المقرحي وفحيمة يوم 5 أبريل/نيسان 1999 إلى مكان المحاكمة في معسكر "كامب زايست" قرب مدينة أتريخت بهولندا، وأجريت محاكمتهما على مرأى ومسمع العالم وأمام عدسات التلفزيون مستغرقة حوالي عامين. وفي نفس الأيام أصدر مجلس الأمن قراره رقم (1192) بتعليق العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا.

ب- الحكم القضائي:

صدر الحكم النهائي في محاكمة الأمين فحيمة وعبد الباسط المقرحي يوم 31 يناير/كانون الثاني 2001 في 82 صفحة، بعد 12 عاما من التحقيق، وقراءة القضاة ملفات بلغ عدد صفحاتها عشرة آلاف، في حين استمرت المرافعات القانونية والجلسات 85 يوما، ومثل أمام منصة المحكمة 235 شاهدا. قضى منطوق الحكم بتبرئة فحيمة فأفرج عنه، وبالسجن المؤبد للمقرحي (مدة المؤبد في القوانين الأسكتلندية لا تتجاوز 20 سنة) باعتباره المسؤول عن تفجير الطائرة. ثم ثـبّـتت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحقه يوم 14 مارس/آذار 2002، فأودع زنزانة بنيت خصيصا له داخل سجن بارليني بمدينة غلاسكو في أسكتلندا. وقد اعتمدت المحكمة في إدانة المقرحي على شهادة الصناعي الألماني أدوين بوليير الذي ادعى أنه باع متفجرات لليبيين، وصاحب متجر في مالطا يدعى توني غوتشي زعم أن المقرحي اشترى ملابس من متجره 1988 رغم أنه لم يره إلا مرة واحدة، وقد جدت بقايا منها وسط حطام الطائرة في حقيبة المتفجرات.

ج- صفقة التصالح:

في يوم 15 أغسطس/آب 2003 -وهو العام الذي شهد تخلي طرابلس عن برنامجها النووي وتسليم معداته وبرامجه إلى واشنطن بضغوط منها- أعلن النظام الليبي مسؤوليته عن حادثة لوكربي وقبوله التعويض لضحاياه، وسلم رسالة رسميا بهذا الاعتراف إلى مجلس الأمن الدولي. وقد نصت صفقة تسوية ملف لوكربي على أن تدفع ليبيا لضحايا الطائرة تعويضات مالية بلغت 2.7 مليار دولار أميركي بمعدل عشرة ملايين دولار لكل منهم، على أن تقدَّم منها أربعة ملايين فورا لكل شخص، وبعد رفع العقوبات الأحادية الأميركية المفروضة عليها تدفع أربعة ملايين أخرى، وعندما يُلغى اسم ليبيا من "قائمة الإرهاب" الأميركية تدفع المليونين الباقيين. ويرى كثير من المراقبين -ومنهم منسق فريق الدفاع الليبي سابقا في قضية لوكربي إبراهيم الغويل- أن القيادة الليبية وقعت في فخ "الاعتراف" و"تحمل المسؤولية" دون أن تثبت عليها جناية أمام قضاء محايد. وكان الأوْلى بها القبول بالتعويض دون التصريح بالاعتراف.


مشاهدة المرفق 115428
أثناء استقبال السيد عبدالباسط المقرحي أثناء خروجه من باب الطائرة - طرابلس - أغسطس 2009

لكن وزير الخارجية الليبي آنذاك عبد الرحمن شلقم قال -في حوار مع الجزيرة بثته يوم 18 أغسطس/آب 2003- إن السلطات الليبية تعتبر قرار دفع التعويضات "حكمة وشجاعة وخدمة للمصالح الوطنية لأنها شراء لرفع العقوبات الدولية عن البلاد بعد أن أضرت بها اقتصاديا ودبلوماسيا"، خاصة أنها تخسر سنويا بسببها ما يزيد على المبلغ الإجمالي للتعويضات. كما كان من النتائج اللاحقة لصفقة التعويضات، صفقة أخرى قال برلمانيون ونبلاء بريطانيون إن بلادهم أبرمتها مع نظام القذافي لحماية مصالح بريطانيا المتعلقة بالنفط الليبي.

وبموجب الصفقة الثانية أفرجت السلطات الأسكتلندية عن عبد الباسط المقرحي في 20 أغسطس/آب 2009 وسمحت له بالعودة إلى بلاده -حيث استقبل "استقبال الأبطال"- لأسباب إنسانية جراء إصابته بسرطان البروستاتا، بعد أن قدّر الأطباء أنه لن يعيش أكثر من ثلاثة أشهر، لكنه توفي بعد ثلاث سنوات من إطلاق سراحه في 20 مايو/أيار 2012. وإثر وفاة المقرحي -وهو المدان الوحيد في القضية- صرح قادة غربيون بأن موته لن يُنهي ما وصفوه بـ"مسعى تحقيق العدالة" لعائلات ضحايا الحادثة. فقد اعتبرت رئاسة الوزراء الأسكتلندية أن الوفاة "نهاية فصل" في القضية، لكنها لا تتيح "إقفال الملف".





aljazeera
bbc



موضوع رائع كالعاده استاد عمر
ياريت تسوي موضوع عن معارض الدفاع اليبي libdex
وما تم عرضه من اسلحه وصفقات
 
ياريت تسوي موضوع عن معارض الدفاع اليبي libdex
وما تم عرضه من اسلحه وصفقات

للأسف أستاذي العزيز لا معلومات لدي حول معرض libdex للدفاع والأمن الذي أُقيم في 2008 و 2010، ولا حتى عن معرض lavex للطيران الذي أُقيم في 2009؛ لعدم وجود تغطية إعلامية مناسبة في تلك الفترة سواء من الجانب الليبي أو من الإعلام والشركات الأجنبية -المحدودة- المشاركة في تلك المعارض.

لكن أتمنى في المستقبل القريب بعد الانتخابات الرئاسية إقامة معرض دولي للدفاع والطيران في العاصمة، أو على الأقل، يجب على المسؤولين العسكريين الليبيين عدم تفويت أي فرصة لزيارة المعارض الدفاعية في أي دولة؛ من أجل الاطلاع والتعرف على مختلف المنتجات والاستفادة من إمكانات الشركات العالمية في بناء الجيش الليبي بما يتناسب مع تقنيات هذا العصر، ودعم الإنتاج المحلي بأعلى نسبة ممكنة. وإن شاء الله تعدي الأمور على خير.
 

eremnews%2F2022-12%2F40983fec-d0b1-4481-b483-0e120e3d4bd9%2FUntitled_1.jpg


ــ في نوفمبر 2021، قال الدبيبة أنهم يريدون إعادة فتح قضية لوكربي لكي يعرفوا من الذي قام بها من الليبيين.

ــ وفي نفس الشهر من العام الفائت، قال وزير الخارجية السابق محمد سيالة، إن ليبيا سوّت مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قضية لوكربي بالكامل، وإن إغلاق القضية تم بعلم مجلس الأمن ومحاولة إحيائها يفتح على ليبيا "باب جهنم" للمطالبة بالتعويضات.

ــ في منتصف نوفمبر الماضي 2022، تم الإعلان عن اختفاء ضابط المخابرات الليبي السابق "أبو عجيلة مسعود المريمي".

ــ ثم بعدها بأيام، أعلنت وزارة العدل بحكومة الوحدة الوطنية أن ملف قضية "لوكربي" أقفل بالكامل سياسيا وقانونيا بموجب اتفاق بين ليبيا والولايات المتحدة ومرسوم سابق صدر عن الرئيس الأمريكي "جورج بوش" في 2008

ــ يوم أمس الأحد، أعلن القضاء الأسكتلندي أن المواطن الليبي أبوعجيلة محمد مسعود أصبح محتجزا في الولايات المتحدة الأمريكية.


 

احتجاز المواطن الليبي «أبوعجيلة مسعود» في الولايات المتحدة


أفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن ناطق باسم وزارة العدل الأميركية، بأن المواطن الليبي أبوعجيلة محمد مسعود والمتهم في قضية لوكربي موقوف في الولايات المتحدة الأمريكية وسيمثل أمام قاض في العاصمة واشنطن. هذا وأعلن القضاء الأسكتلندي، اليوم الأحد، أن المواطن الليبي أبوعجيلة محمد مسعود والذي اختفى في ظروف غامضة قبل أسابيع في العاصمة طرابلس، بات محتجزا في الولايات المتحدة، رغم إجماع كافة السلطات الليبية على رفض إعادة فتح ملف القضية، واعتباره ملف قد أغلق منذ سنوات، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الليبية “وال”.

ووجهت الولايات المتحدة الاتهام لأبو عجيلة محمد مسعود قبل عامين بقيامه بصنع القنبلة التي استخدمت في تفجير طائرة ركاب أميركية فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية عام 1988 وقالت النيابة العامة الاسكتلندية إن “أهالي ضحايا هجوم لوكربي علموا أن المشتبه به أبو عجيلة محمد مسعود محتجز في الولايات المتحدة”، وأن “المدعين العامين والشرطة الاسكتلندية، بالتنسيق مع حكومة المملكة المتحدة وزملائهم في الولايات المتحدة، سيواصلون التحقيق لتقديم من شاركوا مع المقرحي في القضية إلى القضاء”.

وكان مجلس النواب قد صوت على قرار ينص على رفض محاولات إعادة فتح ملف قضية لوكربي وعلى محاكمة كل من يتورط من الليبيين في إعادة فتح الملف بتهمة الخيانة العظمى. ونص القرار على ملاحقة المتورطين في القبض على المواطن بوعجيلة مسعود المريمي والتأكيد على بطلان كل ما يترتب على احتجازه من نتائج. من جانبه رفض المجلس الأعلى للدولة، إعادة فتح ملف قضية لوكيربي، مؤكدا أن ملف القضية قد أقفل بالكامل من الناحية السياسية والقانونية حسب نص الاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة وليبيا في 14 أغسطس العام 2008، وحض في ذات الوقت على توضيح ما وصفه بـ«حالة اختفاء» المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود.

وقال المجلس في بيان عقب الإعلان عن اختفاء أبوعجيلة مسعود المريمي، إن إعادة فتح ملف القضية يفتقر إلى أي مبررات سياسية أو قانونية، مؤكدا عدم التزامه بكل ما يترتب على هذه الإجراء من استحقاقات تجاه الدولة الليبية، داعيا مجلسي النواب والرئاسي والنائب العامإلى التضامن معه واتخاذ الإجراءات المناسبة لإنهاء ما وصفه بهذا العبث. بدورها قالت وزارة العدل بحكومة الوحدة الوطنية، تعقيبا على حادثة اختفاء المريمي إن ملف لوكربي قد “أقفل بالكامل من الناحية القانونية والسياسية ولا يمكن إثارته من جديد ولا يمكن العودة إليه” بنص الاتفاقية التي أبرمت بين الدولة الليبية والولايات المتحدة الأميركية في 14 أغسطس 2008 “، والذي جرى تعزيزه بموجب الأمر الرئاسي الموقع من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش رقم 13477 الصادر في 31 أكتوبر 2008 “.

من جانبه حذر مستشار الأمن القومي الليبي المستشار إبراهيم بوشناف، من إثارة قضية لوكربي مجددًا، داعيًا كل الوطنيين والكيانات السياسية إلى الاصطفاف لمنع ذلك بعيدًا عن الصراع السياسي، معتبرا أن قضية لوكربي إن أثيرت من جديد وأصبحت موضوعًا لتحقيق جنائي ستُدخل ليبيا في عقود من الاستباحة”. وأعلنت عائلة المريمي اختطافه منتصف نوفمبر الماضي من منزله في منطقة أبوسليم في العاصمة طرابلس من قبل مسلحين مجهولين.

وأثير اسم أبوعجيلة المريمي في قضية لوكربي في ديسمبر 2020 حين طالب النائب العام الأمريكي ويليام بار، بتسليمه بتهمة صنع القنبلة التي فجرت طائرة تابعة لشركة “بان أم” الأمريكية فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية عام 1988 والتي أدت إلى مصرع جميع من كانوا على متن الطائرة والذين قدر عددهم بـ259 شخصا، بالإضافة إلى 11 شخصا من سكان القرية. وبعد ذلك الحادث، انفجرت أزمة سياسية بين أمريكا وليبيا، إثر إصدار واشنطن ولندن أوامر، بالقبض على مواطنين ليبيين يشتبه في مسؤوليتهما عن تفجير الطائرة، وهما عبد الباسط المقرحي والأمين فحيمة، فيما رفضت السلطات الليبية آنذاك تسليمهما.

ودفع ذلك الرفض مجلس الأمن، لتوقيع عقوبات اقتصادية على ليبيا في 15 أبريل1992، بينها حظر الطيران من ليبيا وإليها، مما اضطر ليبيا إلى التوصل لصفقة، تتضمن عقد محاكمة المطلوبين المقرحي وفحيمة في بلد ثالث وهو هولندا. وفي 31 يناير2001، أدانت المحكمة المنعقدة لفترة طويلة المقرحي استنادا على قرائن ظرفية وبرأت الأمين فحيمة، مما دفع بريطانيا وأمريكا إلى الدخول في مفاوضات مع ليبيا أسفرت عن الوصول إلى تسوية تدفع بموجبها الأخيرة تعويضات إلى أسر الضحايا. وفي أغسطس 2008، بدأت صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية بين ليبيا والولايات المتحدة بعد دفع ليبيا التعويضات، مما دفع الحكومة الأسكتلندية إلى الإفراج في 20 أغسطس 2009 عن الليبي عبد الباسط المقرحي لأسباب إنسانية كونه مريضا بالسرطان، قبل أن يتوفى في طرابلس في 20 مايو 2012.




eanlibya


 

الجزيرة نت حصلت على معلومات خاصة.. كيف قبض على ضابط المخابرات الليبي المتهم بتفجير لوكربي؟


...وذكر مصدران مطلعان، أحدهما حكومي والآخر أمني، للجزيرة نت أن إجراءات اعتقاله وتسليمه الأحد الماضي إلى الجانب الأميركي كانت بعلم النائب العام الليبي الصديق الصور وبإجراءات قانونية، صحيحة وسليمة، وبأيد وطنية ليبية دون تدخل خارجي أمني أو عسكري. بدوره، أعلن النائب العام الليبي الصديق الصور أن تسليم المتهم الليبي أبو عجيلة المريمي تم بدون إجراءات قضائية. وقال الصور في تصريحات تلفزيونية مقتضبة إن مكتبه تلقى شكوى من عائلة المتهم أبو عجيلة، للتحقيق في ملابسات تسليم عائلها إلى الولايات المتحدة، وذكر أن مكتبه باشر التحقيقات، وسيعلن النتائج في حينها، حسب قوله.

واعتُقل أبو عجيلة عام 2012 في طرابلس باعتباره من ضباط المخابرات في النظام السابق، وظل معتقلا في سجن عين زارة على خلفية تهم عدة منها التخطيط لقمع المتظاهرين عام 2011. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أطلق سراحه لدواعٍ صحية، ثم تواصل معه ضباط تابعون للواء المتقاعد خليفة حفتر، مما يسمى القيادة العامة في الرجمة بضواحي بنغازي، وطلبوا منه الالتحاق بهم، وبالفعل خطط أبو عجيلة لذلك وكان على وشك الهروب من طرابلس إلى بنغازي إلا أن اعتقاله حال بينه وبين ذلك.

وخلال التحقيقات التي أجراها ضباط تحقيق محترفون معه في السجن، كان أبو عجيلة مستسلما تماما للتحقيق وكان يدلي بكل سهولة وسلاسة بمعلومات عن الجرائم التي ارتكبها، وقال "كنا نقتل بدون شعور، حين تصدر إلينا الأوامر بالقتل والتفجير"، كما أكد أنه "يشعر بالندم" عما اقترفه من جرائم في حق الليبيين وغيرهم.

وكان النائب العام "الصديق الصور" أبلغ -في وقت سابق- الجانب الأميركي أن السلطات الليبية تتحفظ على "أحد العقول المدبرة لتفجير الطائرة"، حسب المصدرين. ويضيف المصدران أن الصديق الصور زود الجانب الأميركي بالتحقيقات كاملة ومفصلة، مما دعا الأميركيين إلى المطالبة بتسليمه بعد أن تأكد لهم تورطه في تفجير الطائرة لاستكمال التحقيقات الخاصة بالشق الجنائي في قضية التفجير، وهو شق لا يسقط بالتقادم، خلافا للشق السياسي الذي انتهى بتسوية سياسية ومالية بين نظام القذافي والإدارة الأميركية دون اتفاق على إغلاق ملف القضية في شقها الجنائي.

وأفاد المصدران المطلعان الجزيرة نت بتفاصيل عن تاريخ عمل أبو عجيلة، بالقول إنه في الأصل ضابط شرطة، انتدب في سبعينيات القرن الماضي للعمل في جهاز المخابرات، ولاحقا أصبح عبد الله السنوسي رئيسه المباشر. وخلال عمله في جهاز المخابرات أتقن أبو عجيلة صناعة المتفجرات والعبوات الناسفة، وكان يقود خلية مخابراتية تنفذ عمليات خاصة بأوامر مباشرة من السنوسي.

هذه الخلية كانت تتكون من 5 أفراد يقودهم أبو عجيلة خلال التخطيط للعمليات وتنفيذها، اثنان منهم هما عبد الباسط المقرحي والأمين فحيمة، أما الاثنان الآخران فرفض أبو عجيلة التصريح باسميهما. ومن ضمن الجرائم التي أكد أبو عجيلة مشاركته في ارتكابها جريمة تفجير الطائرة الأميركية، حيث أكد قيامه بتصنيع القنبلة اليدوية التي فجرتها. كما اعترف أبو عجيلة أنه كان في عام 1980 من أبرز قادة ما عرف بـ"عملية قفصة"، والتي كانت تهدف لسيطرة معارضين تونسيين للرئيس الراحل بورقيبة على مدينة قفصة التونسية بعد انطلاقهم من الأراضي الليبية عقب تلقيهم تدريبات وتسليحهم داخل معسكرات في ليبيا.

وكان أبو عجيلة ممن دربوا عناصر المعارضة التونسية وقادهم خلال العملية التي فشلت لاحقا، والتي قال عنها بورقيبة "إنها محاولة لزعزعة استقرار تونس"، وهنا يجب الإشارة إلى أن أبو عجيلة المريمي يحمل الجنسية التونسية إلى جانب جنسيته الليبية. وأدلى أبو عجيلة أيضا بمعلومات عن مشاركته في عمليات إرهابية أخرى نفذها نظام القذافي خارج ليبيا وداخلها، من ضمنها التخطيط لمحاولة اغتيال ملك السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز حينما كان أميرا في تسعينيات القرن الماضي خلال زيارة للأمير السعودي إلى المغرب.


aljazeera


 
عودة
أعلى