قصة وفاة غامضة قادت لاكتشاف سلاح !!

anwaralsharrad

باحث عسكري
مستشار المنتدى
إنضم
12/12/18
المشاركات
2,661
التفاعلات
18,084
1627928474404.png

أحداث القصة بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية العام 1936 مع حالة وفاة غامضة mysterious death لفتاة شابة وجدت مقتولة في البيت، على ما يبدو من خلال شظية معدنية نافذة في منطقة الصدر، تسببت في حدوث نزيف حتى الموت. لم يكن هناك إشارة أو دلائل على وجود دخيل غريب للمنزل، أو دافع للانتحار. كان هناك دليلان متوافران فقط: الأول أن الضحية كانت قد فتحت باب فرن التدفئة heating furnace، والدليل الآخر أن الطلقة كانت جداً غير عادية، فقد كانت صغير الحجم بشكل مثير (بحجم رأس الدبوس pin's head تقريباً) ومصنوعة من النحاس بدلاً من الرصاص. الفيزيائي الأمريكي المشهور "روبرت وود" Robert Wood دعي إلى المساعدة في التحقيقات وتفسير مصدر الشظية القاتلة. روبرت ألمح إلى أن شظية النحاس جاءت على الأرجح من مفجر استخدم في التنقيب عن الفحم، حيث ترك المفجر بدون إيقاد داخل كومة الفحم الحجري، ومع حرارة الفرن العالية حدث التحفيز والانفجار. لكن السؤال الأهم كان في كيفية تشكل غلاف المفجر النحاسي الرقيق إلى قذيفة قاتلة بدلاً من تحوله إلى رذاذ من الجزيئات غير المؤذية harmless particles؟؟

1627928594876.png

المفجر القياسي كان عبارة عن اسطوانة مجوفة بقطر 5 ملم وطول 40 ملم، مملوءة بمادة متفجرة. لاحظ روبرت أن الرأس الطرفي لأسطوانة المفجر كان أشبه في هيأته إلى الكأس أو القدح السطحي غير العميق shallow cup، لذلك هو اعتقد بأن الشظية المستقرة في جسد الضحية كانت قَد شكلت بصورة مكورة نتيجة ضغط الانفجار المتطور. لاختبار نظريته، علق روبرت مفجر مشابه فوق جرة من الفخار مملوءة بخمسة غالونات من الماء. ومع إشعال المفجر، ضربت قذيفة صادرة عن المفجر جرة الماء بقوة وسرعة عالية جداً للحد الذي حطمتها معها (القذيفة التي تم استعادتها بعد ذلك من بقايا الجرة المحطمة، حملت نفس شكل الشظية النحاسية محل البحث). الانفجار ضغط طرف المفجر المقعر concave وحوله لما يشبه الكرة، وأطلقه بسرعة مقدرة بنحو ثلاثة مرات سرعة رصاصة البندقية، أو نحو 1800 م/ث. هكذا وبمحض الصدفة أكتشف روبرت وود تأثير السلاح الجديد الذي سيطلق عليه لاحقاً في الدوائر العسكرية اسم "المقذوف المشكل انفجارياً" أو اختصاراً EFP.
 
1627978573758.png

تأثير شحنات الخارق المشكل انفجارياً EFP درس بدايتاً واختبر من قبل الهنغاري "جوزيف ميزناي" Jozsef Misznay والألماني "هوبرت سكاردين" Hubert Schardin الذين أرادا أولياً تطوير لغم مضاد للدبابات أكثر فاعلية لقوات ألمانيا النازية. وفي العام 1943، استطاع العقيد ومهندس المتفجرات في القوات المسلحة الهنغارية جوزيف مزناي أن يثبت لمجموعة من الباحثين الألمان من مكتب تطوير الأسلحة التابع للجيش النازي (على رأسهم سكاردين) أنه عند استخدام البطانة المعدنية المناسبة، فإن قوة ضربه معتبرة وبالغة يمكن تحصيلها من مدى بعيد نسبياً مع رأس حربي بشحنة مشكلة. في الحقيقة العمل المشترك قاد لاكتشاف أن صفيحة معدنية مسطحة كبيرة الحجم نسبياً (عادة من النحاس أو الفولاذ) إذا ارتطمت بها موجة تفجير مسطحة flat detonation-wave (المادة المتفجرة تكون ملاصقة للصفيحة المعدنية) فإن ذلك سينتج عنه إطلاق بطانة سطحية مقعرة على هيئة مقذوف في السرعة المرتفعة جداً ولمسافة بضعة أمتار.

1627979675831.png

العلماء الألمان واظبوا وبشكل متقن على استكمال جهودهم البحثية في آليات عمل الشحنات المشكلة، عندما تولى "فرانز تومانيك" Franz Thomanek العام 1938 اكتشاف أهمية المبطن المعدني metallic liner للشحنات المشكلة ودوره في التأثير النهائي أو الطرفي على الهدف. وبحلول العام 1940، نجح المعهد البالستي للأكاديمية التقنية التابع للقوة الجوية الألمانية (أسس في برلين العام 1935 وكان يضم كبار العلماء الألمان في مجالات البحث التطبيقي والتقنيات العسكرية، واستمر وجوده حتى نهاية الحرب العالمية الثانية العام 1945) وتحت إشراف البروفيسور هوبرت سكاردين في عمل صور إشعاعية ومضية flash radiographs لعملية تشوه بطانة الشحنة المشكلة. هذه الدراسات ركزت على البطانات نصف الكروية hemispherical liners التي أظهرتها الصور الإشعاعية على هيئة سدادة مطولة elongated plug التي ستتقطع وتتقسم لاحقاً إلى عدد من الأجزاء. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أستأنف العمل الألماني على الشحنات المشكلة وذلك تحت رعاية وجهد سكاردين في منطقة القديس لويس في شمال شرق فرنسا (هو أيضاً كان مدير معهد البحث الفرنسي الألماني ISL). التركيز الرئيس في البحث انصب على كل من البطانات المخروطية وتشكيل المقذوف الناتج عن الشحنات ذات المخاريط المستوية.

1627979425300.png

في الخمسينات، بدأ فرانز تومانيك بتحري تصاميم الشحنات المشكلة. وفي العام 1962 عرض إحدى ابتكاراته وكانت عبارة عن لغم خارج طريق off-route mine، مستند في عمله على مبدأ شحنة مخروطية مستوية بقطر 200 ملم. هذا السلاح كان بإمكانه إصابة واختراق هيكل الدبابة من مدى 80-100 م. العمل اللاحق شمل إنتاج شحنات مخاريط مستوية مع قابلية اختراق صفيحة فولاذية حتى عمق 100 ملم على المدى القريب، وعمق 70 ملم في المدى البعيد. لقد لوحظ من خلال التجربة والتكرار لشحنات EFP مختلفة أن مخروط الزاوية الأكبر والأكثر اتساعاً وأشكال البطانات الأخرى مثل الطبقية dishes أو الصفيحيه plates، لا تتدفق على هيئة نفاث كما هو الحال مع الشحنات المشكلة التقليدية، لكنها بدلاً من ذلك تعطي مقذوف مشكل ومصاغ انفجارياً قادر على الانطلاق بسرعة عالية. ومع أن قابلية اختراقها للأهداف أقل بكثير من تلك المحصلة عن طريق النفاث، إلا أن قطر الثقب الناتج عن شحنات EFP سيكون أكبر اتساعاً من مثيله المتحصل بالشحنات المشكلة التقليدية، مع المزيد من عامل التشظية في الدرع الداخلي والضغط الإضافي over-pressure (شحنات EFP غير متأثرة نسبياً بقراميد دروع الجيل الأول التفاعلية المتفجرة، وتستطيع تجاوزها).


1627979596325.png
 

المرفقات

  • 1627979574449.png
    1627979574449.png
    82.3 KB · المشاهدات: 20
RPG واضحة جاء من يمين المدرعة

لو كان ار بي جي لكانت قوة الإنفجار اكبر كما أن الشحنة المتفجرة إرتطمت بتل التراب قبل وصولها للهمر ، لو كانت أر بي جي لإنفجرت في التلة أو إنحرفت عن الهمر
 
نعم هو كذلك ..

من وجهة نظر فنية بحتة، هناك اختلاف كبير بين انفجار لغم أرضي أو أداة تفجير مرتجلة عند جانب الطريق، وبين انفجاره مباشرة أسفل هيكل العربة. الدرع الجانبي للعربة سيتعامل مع تهديد الحالة الأولى عن طريق مقاومة موجة الانفجار وتفريق أغلب العصف بشكل جانبي إلى الفضاء المفتوح. في الحقيقة، صفيحة درع فولاذية رقيقة نسبياً ستكون هي الأخرى فعالة إلى حد ما إذا الانفجار حدث على مسافة مباعدة متوسطة من جانب العربة.

في المقابل، هجوم انفجاري أسفل بطن العربة سيكون موجهاً نحو الموضع الأكثر ضعفاً منها. وزن العربة سوف يقاوم عصف الانفجار، الذي بدوره سيستهلك معظم طاقته تقريباً خلال السطح المستوي والقابل للانثناء لقاع العربة. صفيحة الدرع في قاع العربة ستعمل القليل جداً لمواجهة العصف الشديد الذي سيدفع عمودياً باتجاه القاع لكسره وتحطيمه.

خلال حرب العراق 2003، المشكلة بالنسبة للقوات الأمريكية كانت مضاعفة وعميقة مع عربات Humvee وذلك لأن القاع كان قريب جداً من مركز الانفجار (طاقة الانفجار سوف تتفرق وتتشتت أكثر مع زيادة مسافة المباعدة والعكس صحيح). هكذا، أي فرد يقف أعلى العربة كما هو الحال مع الرامي في صندوقه المصفح، سوف يقذف بقوة إلى الخارج، وعلى الأرجح سيواجه احتمالات إصابته بكسور شديدة في قدميه. الأفراد في داخل العربة يمكن أن يواجهوا الموت وتحطم عربتهم بتأثير قوة التصعيد upward force.
 
عودة
أعلى