عملية رافيف والاستخدام الإسرائيلي الأول للدبابات السوفييتية

anwaralsharrad

باحث عسكري
مستشار المنتدى
إنضم
12/12/18
المشاركات
2,661
التفاعلات
18,086
عملية رافيف والإستخدام الإسرائيلي الأول للدبابات السوفييتية

Untitled.png

مباشرة بعد حرب الأيام الستة six-day war (5 - 10 يونيو 1967)، مئات الدبابات العربية من أصل غربي وسوفيتي والتي هجرت من قبل أطقمها، تم الاستحواذ عليها وأسرها من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي في سيناء ومرتفعات الجولان والجبهة الأردنية. في المجمل، إسرائيل استحوذت خلال الحرب على نحو 820 دبابة عربية، منها 550 دبابة فقط تم أسرها من الجبهة المصرية في سيناء، ومن إجمالي العدد كان هناك 280 دبابة من نوع T-54/55 (مصادر أخرى تتحدث عن 373 دبابة، منها 291 دبابة T-54 و82 دبابة T-55). العدو بدأ بتجربة وتقييم هذه الدبابات تمهيداً للاستفادة من قدراتها ووضعها في خدمة وحدات الاحتياط. وتشير المصادر التاريخية إلى أن 200 دبابة T-54/55 كانت بحالة شغالة كاملة fully operational، في حين تفاوتت أضرار الدبابات الأخرى لكن أغلبها كان بالضرر البسيط minor damage. بعد الحرب مباشرة، تقرر وضع الدبابات السليمة في خدمة قوات الاحتياط الإسرائيلية، حيث شملت الدفعة الأولى عدد 130 دبابة، منها 81 من النوع T-54، وعدد 49 من نوع T-55.

Untitled3.png

وعلى الرغم من أن الدبابات المأسورة كانت في بادئ الأمر محتفظة بمدافعها الأصلية من عيار 100 ملم، إلا أنها عرضت لبرنامج ترقية جزئي لاستبدال بعض التجهيزات، مثل مجموعة الاتصال الراديوي السوفييتية VRC التي عوضت بأخرى قياسية مماثلة لتلك التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، واستبدال رشاشات الدبابات بأخرى أمريكية وأخذت الدبابات تسمية "تيران" Tiran والتي تعني "المستبد" tyrant في اللغة العبرية، وذلك في إشارة إلى الحكومة الشيوعية السوفيتية في تلك الأيام. الجيش الإسرائيلي حرص على استخدام دبابات T-54/55 أثناء حرب الاستنزاف war of attrition (1 يوليو 1967 - 7 أغسطس 1970) في عدة عمليات على طول قناة السويس. واحدة من أكثر العمليات جرأة وإثارة هي تلك التي حدثت بتاريخ 9 سبتمبر 1969 وحملت التعيين "رافيف" Raviv. العملية الإسرائيلية تضمنت هجوم برمائي عبر قناة السويس بثلاث دبابات T-54 عرفت بقدرتها على عبور عقبات المياه الضحلة، وعدد ست عربات نقل جنود برمائية BTR-50 طليت جميعها بألوان الجيش المصري وزودت بلوحات أرقام عربية.


1617877221486.png

الهدف من العميلة كان إيقاع الضرر خلف خطوط الدفاع المصرية وتحديداً في منشآته الرادارية. هذه القوة أنزلت في الليل من قبل سفينة إنزال برمائية، وفور نزولها جابت الطريق الساحلي الجنوبي واشتبكت مع قوة عسكرية مصرية في طريقها ودمرت العديد من العربات المدرعة المصرية كما أعطبت بعض منصات الرادار المصرية radar installations. العملية برمتها دامت تقريباً نصف يوم وبعدها القوة أعيدت بمعدة برمائية ورجعت لقاعدتها (شاركت القوة الجوية الإسرائيلية بالعملية ودمرت زورقي طوربيد مصريين، لكنها فقدت طائرة Skyhawk بالنيران المصرية). لقد كانت هذه المرة الأولى التي تشغل بها الأطقم الإسرائيلية دبابات سوفيتية تحت ظروف قتالية combat conditions. هذه التجربة خدمت الإسرائيليين كثيراً وساعدتهم في تعديل الدبابات السوفييتية وتطويرها لاحقاً ضمن برنامج ترقية شامل الذي طبق في منتصف السبعينات.

Untitled2.png
 
شكراً استاذي الكريم

حياك الله أخي الكريم وفي الحقيقة الموضوع طويل وزاهر بالمعلومات (من مصادر إنكليزية وروسية وإسرائيلية) حول الممارسة الإسرائيلية مع الدبابات السوفييتية التي تم أسرها من العرب خلال عدد من الحروب، لكنني أعرض مقتطفات منه هنا !! عموما، أثناء حرب أكتوبر العام 1973، لواء مدرع إسرائيلي كامل جهز بالدبابات المرقاة جزئيا T-55 وشارك بعمليات القتال على الجبهة المصرية في سيناء، جنباً إلى جنب مع الدبابات الغربية Patton وCenturion التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي. الدبابات T-55 كانت في ذلك الوقت قد زودت بمدفع غربي من عيار 105 ملم، لكنها كانت لا تزال محتفظة بأغلب ميزات ومواصفات النموذج السوفييتي الأصلي. فبعد تركيب المدفع محلزن الجوف M68 على البرج وتقييمه (كان يمتلك ضغط سبطانة وسرعة فوهة وقوى ارتداد أعلى من نظيره السوفييتي)، تقرر الاستغناء نهائياً عن نظام المدفع الأصلي D-10T من عيار 100 ملم. ولكون الأنظمة الأصلية original systems أبقيت على حالها، فإن أي تعديلات على حلقة البرج أو مرتكز الدوران لم تنفذ، كما أن إعادة تخطيط برج ما كانت ضرورية، لذلك الدبابة كانت جاهزة لاختبارات إطلاق النار بعد شهور قليلة فقط بعد انطلاق المشروع.

Untitled.png

دبابات T-55 الإسرائيلية المرقاة شاركت في عمليات يوم 14 أكتوبر على جبهة سيناء وأظهرت نواحي قصور عديدة (الخسائر الإسرائيلية غير القابلة للاسترجاع في الحرب من T-54/55 بلغت سبع دبابات). لذا بعد الحرب، برنامج الترقية/التطوير upgrading program استكمل وتعديلات هامة جرى تضمينها استناداً لتجربة القتال المكتسبة في سيناء. لقد شهدت تلك الحرب اشتباكات الدرع الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، وبلغت خسائر الدبابات العربية لوحدها نحو 2.250 دبابة، منها 400 دبابة أدخلت في خدمة الجيش الإسرائيلي وكانت في وضعها التشغيلي الكامل، ومن ذلك العدد كان هناك 72 دبابة من نوع T-62.
 
حياك الله أخي الكريم وفي الحقيقة الموضوع طويل وزاهر بالمعلومات (من مصادر إنكليزية وروسية وإسرائيلية) حول الممارسة الإسرائيلية مع الدبابات السوفييتية التي تم أسرها من العرب خلال عدد من الحروب، لكنني أعرض مقتطفات منه هنا !! عموما، أثناء حرب أكتوبر العام 1973، لواء مدرع إسرائيلي كامل جهز بالدبابات المرقاة جزئيا T-55 وشارك بعمليات القتال على الجبهة المصرية في سيناء، جنباً إلى جنب مع الدبابات الغربية Patton وCenturion التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي. الدبابات T-55 كانت في ذلك الوقت قد زودت بمدفع غربي من عيار 105 ملم، لكنها كانت لا تزال محتفظة بأغلب ميزات ومواصفات النموذج السوفييتي الأصلي. فبعد تركيب المدفع محلزن الجوف M68 على البرج وتقييمه (كان يمتلك ضغط سبطانة وسرعة فوهة وقوى ارتداد أعلى من نظيره السوفييتي)، تقرر الاستغناء نهائياً عن نظام المدفع الأصلي D-10T من عيار 100 ملم. ولكون الأنظمة الأصلية original systems أبقيت على حالها، فإن أي تعديلات على حلقة البرج أو مرتكز الدوران لم تنفذ، كما أن إعادة تخطيط برج ما كانت ضرورية، لذلك الدبابة كانت جاهزة لاختبارات إطلاق النار بعد شهور قليلة فقط بعد انطلاق المشروع.


دبابات T-55 الإسرائيلية المرقاة شاركت في عمليات يوم 14 أكتوبر على جبهة سيناء وأظهرت نواحي قصور عديدة (الخسائر الإسرائيلية غير القابلة للاسترجاع في الحرب من T-54/55 بلغت سبع دبابات). لذا بعد الحرب، برنامج الترقية/التطوير upgrading program استكمل وتعديلات هامة جرى تضمينها استناداً لتجربة القتال المكتسبة في سيناء. لقد شهدت تلك الحرب اشتباكات الدرع الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، وبلغت خسائر الدبابات العربية لوحدها نحو 2.250 دبابة، منها 400 دبابة أدخلت في خدمة الجيش الإسرائيلي وكانت في وضعها التشغيلي الكامل، ومن ذلك العدد كان هناك 72 دبابة من نوع T-62.
شوقتني لاعرف نوع الترقيات/ التطويرات الشاملة التي حدثت، وما هي أوجه القصور التي عانتها الدبابات نوع تيران المزودة بالمدفع م٦٨ من عيار ١٠٥ملم ؟
اتخيل ان احد أوجه القصور يتمثل في تدني زوايا الرمي العامودية مقارنة مع الدبابات الغربية الصهيونية، ولان العقيدة الغربية تفضل القتال من وضع البدن المخفي...
ووجه القصور الثاني اعتقد انه يتعلق بكمية الذخيرة المحمولة في الدبابة مقارنة مت مثيلاتها الغربية الصهيونية.
 
شوقتني لاعرف نوع الترقيات/ التطويرات الشاملة التي حدثت، وما هي أوجه القصور التي عانتها الدبابات نوع تيران المزودة بالمدفع م٦٨ من عيار ١٠٥ملم ؟
اتخيل ان احد أوجه القصور يتمثل في تدني زوايا الرمي العامودية مقارنة مع الدبابات الغربية الصهيونية، ولان العقيدة الغربية تفضل القتال من وضع البدن المخفي...
ووجه القصور الثاني اعتقد انه يتعلق بكمية الذخيرة المحمولة في الدبابة مقارنة مت مثيلاتها الغربية الصهيونية.

بعد حرب أكتوبر 1973، تعليمات صارمة فرضت من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية وتحدثت عن تنفيذ برنامج ترقية شامل للدبابات السوفييتية T-55 وT-62 وذلك بقصد الوصول للمعايير الإسرائيلية Israeli standards. بالنسبة للدبابة T-55، فقد جرى تزويدها بمحرك ديزل أمريكي جديد من نوع Detroit 8V-71T مع طاقة خرج تبلغ 609 حصان بدلاً من المحرك السوفييتي الأصلي الذي كان بقدرة خرج فقط 500 حصان. ناقل الحركة اليدوي الأصلي هو الآخر جرى استبداله بنوع جديد نصف آلي semiautomatic مع محول عزم تدوير، الذي ضمن بدوره طاقة خرج مثالية عند جميع التروس. هذا يسهل عملية تحويل الترس وبالتالي هو يخفض الإجهاد الجسدي على سائق الدبابة الأصلية.

مجموعة الطاقة الجديدة جعلت قيادة الدبابة أسهل بكثير وسمحت بالتعجيل من 27 ميل بالساعة خلال فقط 30 ثانية. جميع ملحقات المحرك استبدلت ومن بين ذلك منقيات الهواء air cleaners. المنقيات السوفييتية الأصلية التي استعملت مرشحات هواء جسيمية وحوض زيت، أثبتت انخفاض كفاءتها بشكل كلي تحت ظروف غبار الصحراء، وفرض عليها عملية تنظيف رئيسة كل 25 ساعة. في حين النظام الإسرائيلي الجديد كان أكثر فاعلية في التنظيف ويوفر ما مقداره 800 متر مكعب/ثانية من حجم الهواء، في نفس الوقت هو يحتاج فقط لهواء مضغوط compressed air للتنظيف كل 50 ساعة عمل.

نظام الوقود القديم fuel system في الدبابات السوفييتية الذي يجمع مخزون الوقود بشكل خارجي وداخلي، جرى إلغاءه نتيجة عدم فاعليته وضعفه في المعركة. هو استبدل بأربعة خزانات وقود واقعة في أماكن مختلفة داخل الهيكل، التي البعض منها كان ثنائي الغرض وجمع وقود الديزل مع مخزون الذخيرة.

التحسينات على منظومة التسليح تضمنت نظام أحدث للسيطرة على النيران وجهاز استقرار أمريكي جديد stabilizer ليحل محل النظام الكهرو-الهيدروليكي electro-hydraulic المستعمل من قبل السوفييت. النظام القديم كان يعطي استقرار عمودي رائع (هيدروليكي)، لكن الاستقرار الأفقي الكهربائي كان سيئ جداً. جهاز الاستقرار الجديدة يوفر أداء متفوق في كلتا المحاور.

برنامج الترقية تضمن العناصر التالية أيضاً: أجهزة اتصال جديدة، تعديل مقعد القائد واستبدال مقعد المدفعي، فتحة السائق يمكن أن تفتح من الخارج، استبدال الرشاشة المحورية الأصلية من عيار 7.62 ملم بأخرى غربية من نفس العيار، استبدال الرشاشة DShKM المضادة للطائرات بأخرى من نوع Browning M2 عيار 12.7 ملم، إضافة نظام تكييف، هاتف مشاة أمريكي على مؤخرة الهيكل، إمالة مخرج العادم إلى الأعلى، أجهزة رؤية ليلية سلبية للقائد والمدفعي والسائق، نظام كاشف للنيران وإخمادها، سلة برج جديدة ومخزن خارجي شامل، تطوير محطة السائق بضمن ذلك استبدال أذرع توجيه المسار بترس إدارة steering wheel، وغير ذلك الكثير.
 
أما عن تجربة الجيش الإسرائيلي في تشغيل الدبابات وعربات القتال السوفييتية، فهي بلا شك تجربة مثيرة تستحق المعاينة والتأمل!! لقد أستخدم جيش الدفاع الإسرائيلي الدبابات السوفيتية في معاركه الصحراوية مع جيرانه العرب. خبرتهم القتالية مع عموم العربات السوفيتية تؤكد أن هذه المعدات صممت بشكل سيئ من وجهة نظر الهندسة البشرية human engineering (علم تطبيقي ينظم تصميم المكائن وطرق العمل مع الأخذ بالحسبان شروط الأمان، الراحة، والإنتاجية للمشغل البشري)، خصوصا أثناء العمليات في البيئات شديدة الحرارة.

فإحدى العوائق الرئيسة للتصميم السوفيتي الأصلي كان الإهمال الكلي للهندسة البشرية لأفراد الطاقم. لذا نجد أن السوفييت كانوا ينتقون الأفراد الأصغر حجماً من مجنديهم للخدمة في وحدات الدبابات tank units. لكن حتى هؤلاء ذوي البنية القصيرة لم يبدوا سعداء جداً للعمل في حدود أبراج دبابتهم المحشورة ومقصورات القيادة الضيقة. لقد واجه الجيش الإسرائيلي هذه المعضلة، حتى أن أفراده كانوا يتبنون كلمة روسية خاصة لوصف السائق هي "mujik" والتي عنت الفلاح أو القروي السوفيتي، لكنها استعملت من جانب الإسرائيليين للإشارة لشكل الجندي النحيف والقصير والقوي في آن واحد، الذي سيخدم كسائق على الدبابة.
 
عودة
أعلى