عشرون معنىً في 3 آيات من سورة التحريم

Nabil

التحالف يجمعنا
مستشار المنتدى
إنضم
4/5/19
المشاركات
10,847
التفاعلات
19,863

FE-R11eXwAMuwbL


عشرون معنىً في 3 آيات من سورة التحريم

عن تفسير ابن عاشور



بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
{ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ‎ (4) عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} [سورة التحريم]


ذكر ابن عاشور في تفسيره أن هذه الآيات اشتملت على (عشرين) معنىً؛ من عبر ومواعظ وأدب ومكارم وتنبيه وتحذير.

المعنى الأول:
في قوله تعالى: { بَعْضِ أَزْوَاجِهِ } هي حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. عدل عن ذكر اسمها ترفعا عن أن يكون القصد معرفة الأعيان، وإنما المراد العلم بمغزى القصة، وما فيها مما يجتنب مثله أو يقتدى به. وكذلك طيّ تعيين المنبأة بالحديث وهي عائشة رضي الله عنها.
وفي قوله تعالى: { بَعْضِ أَزْوَاجِهِ } ذُكرت حفصة بعنوان { أَزْوَاجِهِ } ؛ للإشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع سره في موضعه؛ لأن أولى الناس بمعرفة سر الرجل زوجه. وفي ذلك تعريضٌ بملامها على إفشاء سره؛ لأن واجب المرأة أن تحفظ سرّ زوجها إذا أمرها بحفظه، أو كان مثله مما يحب حفظه. [ ابن عاشور ]

المعنى الثاني :
التنبيه على حفظ السرّ؛ وقد قيل: السر أمانة، أي وإفشاؤه خيانة. وكلام الحكماء والشعراء في السر وحفظه أكثر من أن يحصى.

المعنى الثالث:
في قوله تعالى: { وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ } أطلعه عليه وهو مشتق من الظهور بمعنى التغلّب. استعير الإظهار إلى الإطلاع؛ لأن إطلاع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على السر كان غلبة له عليهما فالإظهار هنا من الظهور بمعنى الانتصار. وهذا تنبيهٌ إلى عناية الله برسوله صلى الله عليه وسلم وانتصاره له

المعنى الرابع:
إيقاف المخطئ على مخالفته: في قوله تعالى: { عَرَّفَ بَعْضَهُ } أي بعض ما أطلعه الله عليه. وإنما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ ليوقفها على مخالفتها واجبَ الأدب من حفظ سر زوجها.

المعنى الخامس:
في قوله تعالى: { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } إعراض الرسول صلى الله عليه وسلم عن تعريف زوجه ببعض الحديث الذي أفشته من كرم خلقه صلى الله عليه وسلم إذ يحصل المقصود بأن يعلم بعض ما أفشته فتوقن أن الله يغار عليه.
قال سفيان: ما زال التغافل من فعل الكرام
وقال الحسن: ما استقصى كريم قط.

المعنى السادس:
في قوله تعالى : { مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا } يدل على ثقتها بأن عائشة لا تفشي سرها فلا قبل للرسول صلى الله عليه وسلم بعلم ذلك إلا من عائشة أو من طريق الوحي وفيه تنبيه على أن مقتضى كتم سر الزوج أقوى من مقتضى إعلامها خليلتها فإن أواصر الزوجية أقوى من أواصر الخلة وواجب الإخلاص للرسول أعلى من فضيلة الإخلاص للخلائل

المعنى السابع: إيثار وصفي { الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } لما فيهما من التذكير بما يجب أن يعلمه الناس من إحاطة الله تعالى علما وخبرا بكل شيء. ففيه إيماء إلى أن الله علم دخيلة المخاطبة، وما قصدته من إفشاء السر وتعليمها بأن الله يطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على ما غاب وما أبطنته

المعنيان الثامن والتاسع:
في قوله تعالى : { إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وإن تظاهرا عليه فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ ... } إيماء إلى أن فيما فعلتاه انحرافا عن أدب المعاشرة الذي أمر الله به. أن عليهما أن تتوبا مما صنعتاه، ليقع بذلك صلاح ما فسد من قلوبهما.

المعنى العاشر:
في قوله تعالى: { هُوَ مَوْلَاهُ } ضمير الفصل { هٌوَ } يفيد القصر أي: إن تظاهرتما متناصرتين عليه فإن الله هو ناصره لا أنتما، وبطل نصركما الذي هو واجبكما إذ أخللتما به وفي هذا تعريف بأن الله ناصر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لئلا يقع أحدٌ مِن بعدُ في التقصير من نصره.

المعنيان الحادي عشر والثاني عشر :
في عطف { وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ } تنويه بشأن رسول الوحي من الملائكة وشأن المؤمنين الصالحين. وتعريضٌ بأنهما تكونان (على تقدير حصول هذا الشرط { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } من غير الصالحين.

المعنى الثالث عشر:
في عطف جملة { وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ } على التي قبلها تعظيم هذا النصر بوفرة الناصرين وتنويه بمحبة أهل السماء للنبي صلى الله عليه وسلم وحسن ذكره بينهم. وفي الحديث:
( إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه ... ) الحديث

المعنيان الرابع عشر والخامس عشر :
جمعت الآيات بين التحذير من العقوبة الأخروية { إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ... } العقوبة الدنيوية (الطلاق) { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ } وفيه تذكير جميع أزواجه عليه الصلاة والسلام لتقلع المتلبسة، وتحذّر غيرها من مثل فعلها.

المعنى السادس عشر:
في قوله تعالى: { خَيْرًا مِّنكُنَّ } تذكير لهن بأنهن ما اكتسبن التفضيل على النساء إلا من فضل زوجهن عند الله في ذكر الأوصاف المفصلة بعد الوصف المجمل تنبيه على أن أصول التفضيل موجودة فيهن فيكون للاتي يتزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم فضل على بقية النساء بأنهن صرن أزواجا له.

المعنى السابع عشر:
في قوله تعالى { مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ } في هذا الوصف إشعار بأنهن مطيعات لله ورسوله ففيه تعريض لما وقع من تقصير إحداهن في ذلك.
{ تَائِبَاتٍ }: فيه تعريض بإعادة التحريض على التوبة

المعنى الثامن عشر:
في وصف الله تعالى الزوجات البديلات بأنهن { سَائِحَاتٍ } أي: مهاجرات، تنبيه على أنهن إن كنّ يمتَنن بالهجرة [ لفضل المهاجرات ]؛ فإن المهاجرات غيرهن كثير.

المعنى التاسع عشر:
في قوله تعالى : { ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا } وجه هذا التفصيل في الزوجات المقدرات؛ لأن كلتا الصفتين لها محاسنها عند الرجال؛ فما اعتزت واحدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بمزية؛ إلا وقد أنبأها الله بأن سيبدله خيرا منها في تلك المزية أيضا.

المعنى العشرون :
في قوله تعالى : { ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا } تقديم وصف ثيبات؛ لأن أكثر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجهن كن ثيبات إشارة إلى أن الملام الأشد موجه إلى حفصة قبل عائشة وكانت حفصة ممن تزوجهن ثيبات، وعائشة هي التي تزوجها بكرا وهذا التعريض أسلوب من أساليب التأديب كما قيل: "الحر تكفيه الإشارة"

انتهت الفوائد،
وأضيف بعض الفوائد من بداية السورة:
ـ في قوله تعالى :{ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ } عذر للنبي صلى الله عليه وسلم فيما فعله من أنه أراد خيرا ففيه أن جلب رضا الأزواج أهون على المعاشرة.
ـ فيه إشعار بأن مثل هذه المرضاة لا يعبأ بها؛ لأن الغيرة نشأت عن مجرد معاكسة بعضهن بعضا.

(تغريدات مثاني القرآن)​


 
عودة
أعلى