سر تعويل الروس على حرب الشتاء والبعد الاستراتيجي للجمود الروسي الحالي

الصيد الثمين

التحالف يجمعنا
عضو مميز
إنضم
26/4/22
المشاركات
1,005
التفاعلات
2,269
سر تعويل الروس على حرب الشتاء والبعد الاستراتيجي للجمود الروسي الحالي

بعد استيلاء الروسي على جمهورية لوغانسك أو لوهانسك من إقليم الدونباس والذي شهد في أخر أسبوعين منه تسارع كبير بالعملية العسكرية الخاصة فيه، حيث ترك انطباع عام أن العملية في جمهورية دونيتسك سوف تكون أسرع كون أن أكثر مساحة هذا الجمهورية وقعت في القبضة الروسية ولأن مجمل القوات الروسية التي كانت تبذل مجهودها في الجمهوريتين أصبحوا مركزين جهودهم في الاستيلاء على ما تبقى من جمهورية دونيتسك.

إلا أن الأمر بدأ يأخذ أبعاد عكسية وبدأت العملية تدخل بالبطؤ التصاعدي حتى أخذت وضع الجمود تقريباً، وكادت أن تأخذ روسيا أوضاع دفاعية موازية للجبهة الأوكرانية، وتأخذ المعركة صورة الحرب الاستنزافية للجبهة الأوكرانية بالأسلحة المباعدة المدفعية والصاروخية التكتيكية، والحيوية بكافة أشكال القوى الجوية المأهولة الصوتية والفوق صوتية، وكذلك الدرونات القتالية والمروحيات الهجومية.

فما سر هذا التكتيك وما أبعاده الاستراتيجية؟

وللإجابة نقول إنه نظراً لتعاظم أعداد المدافعين الأوكران وتعاظم مناعة وتحصين مواقعهم الدفاعية وجعل الخط الدفاعي الثاني فيها أشد قوة وخفاء وقدرة تسليحية مع إمكانية كبيرة لدعم خط المواجهة الأول بأمان وبسرعة قياسية من خلال أنفاق خفية حصينة وسرية، وانطواء واختباء عدد كبير من مدافعيه في المنازل بين الأسر المدنية والقطاعات الصحية والتدريسية، وجعل خط الدفاع الثالث ذا طبيعة حيوية من الناحية سرعة الانتشار أو إعادة الانتشار مشكل من قوات مدرعة ومؤللة مكونه من خيرة النخب القتالية المدربة على أيدي الناتو بأفضل الأسلحة الغربية.

فإن هذا استدعى الحذر والحرص أكثر من طرف القوات المهاجمة الروسية المكشوفة بهذا الإجراء على عدم المغامرة أكثر بخاسر أكبر بالعتاد والموارد البشرية، دون نتائج مجابهة مأثورة عملية أو حسية مفيدة من ناحية الاستراتيجيات القتالية، وكذلك لتجنب رفع درجة الضرر في الأفراد المدنية.

واكتفى الروس بإرسال قوات متسللة ليلية استكشافية راجلة أو مؤللة إلى الخطوط الأمامية أو إرسال قوات انتشار حيوي صاعقة بواسطة حوامات نقل مسلحة مدعومة بحوامات هجومية يتم إخلائها مع الوحدات المتسللة بعد أداء مهامها الآنية، بوسائط مؤللة أرضية سريعة الحركة ومدرعة.

مهمة هذا القوات مجتمعة استطلاعية استكشافية من أجل دقة توجيه نيران سلاح المدفعية، وتحديد الأهداف مع الوسائط الجوية والفضائية، للنيران الجوية.

أما الهجمات الروسية فأصبحت بكتائب استطلاع بالقوة تكتيكية مدرعة وميكانيكية سريعة مهمتها معرفة نقاط القوة عند المدافعين وكشف الثغرات الدفاعية.

وزادت روسيا بالاعتماد على درونات الاستطلاع المسلحة الهجومية، لتصعيد هذا النمط من الحرب الاستنزافية.

كما أن هذه الاستراتيجية قللت من هيمنة قوة الكشف والتجسس والتحليلات العسكرية الغربية، لنوايا وخطط روسيا العسكرية، حيث منعت حتى أعلى القيادات الميدانية من معرفة الاستراتيجية القتالية الميدانية، وحصرت هذه الأسرار برؤوس الهرم في وزارة الدفاع ورئاسة أركان الحرب الروسية.

وربما يكون هذا التحول الشبه دفاعي لتشتت القوات المهاجمة الروسية في جبهات عدة في إقليم خاركييف شمال شرق أوكرانيا، وخيرسون، دون إدخال قوات روسية هجومية إضافية.

وربما يكون هذا الترتيب الجمودي الهادئ والمضلل على أكثر الجبهات، هدوء يسبق العاصفة، الذي يتوقعه الأمريكان في محيط كييف ربما بقوات اقتحام وإنزال جوية، مسبوقة بأكبر هجمات صاروخية روسية تكتيكية وجوالة، فائقة الدقة ذكية، ربما بمشاركة القوى الجوية الروسية، فإذا ما قطع الرأس سقط الجسد.

لما لا فقد نشرت روسيا سبعة قواعد جديدة عسكرية قتالية في القرم وعززت هناك قواعدها الجوية بالنفاثات الهجومية، واستقدمت 430 حوامة متعددة المهام وهجومية جديدة إلى نقاط تدخلها في المعارك الأوكرانية.

وربما كان الغرض من الابطاء الجبهوي، لإطالة الحرب بغية استنزاف أوكرانيا على كافة المستويات البنيوية، تمهيداً لهجوم الشتاء الذي له أبعاد خاصة عسكرية، إضافة لورقة الضغط بالغاز على الدول الأوربية، فالشتاء ربيع الحرب الروسية، لما فيها من امتيازات ميدانية خاصة للروس، ففي الشتاء كانت أول هزيمة جدية لنخبة النازية الألمانية الهتلرية.

فالآليات الروسية مصممة للبيئة الثلجية ذات التربة الصلبة الأرضية، وكذلك الأمر لأكثر القوات الروسية وخاصة النخبة السيبيرية والقوات المجوقلة الروسية، وفيها يسهل التمويه القتالي ضد وسائل الكشف البصرية والكهروبصرية ويصعب استخدام الليزر التوجيهي دون تشتت بالدقة التصويبية، وتخف به البصمات الحرارية، وربما أيضاً الرادارية، ويسهل بالشتاء المثلج تجاوز الحواجز والعوائق المائية التي تكون متجمدة والأهم تجاوز خطر تكتيك الاغراقات المائية، الذي عطل الهجوم العسكري السيبيري الكبير على العاصمة السياسية الأوكرانية من قبل.
 
عودة
أعلى