ذكرى مجزرة دير ياسين المنسية

يوسف بن تاشفين

التحالف يجمعنا🏅🎖
كتاب المنتدى
إنضم
15/1/19
المشاركات
63,411
التفاعلات
180,340
حلت يوم أمس الثلاثاء، الذكرى الـ 71 لمجزرة دير ياسين، التي نفذتها الجماعتان الصهيونيتان "إرغون" و"شتيرن" عام 1948، وأسفرت عن استشهاد 250 إلى 360 فلسطينيا.

في ذلك الوقت، ووفق شهادات الناجين، فإن الهجوم الإرهابي على قرية دير ياسين، الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، بدأ قرابة الساعة الثالثة فجرا، لكن الصهاينة في حينه تفاجأوا بنيران الأهالي التي لم تكن في الحسبان، وسقط من اليهود 4 قتلى، وما لا يقل عن 32 جريحا.

بعد ذلك طلبت العصابات المساعدة من قيادة "الهاغاناه" في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكّنوا من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على الأهالي دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.

واستعان الإرهابيون بدعم من قوات "البالماخ" في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، حيث قامت من جانبها بقصف دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمة العصابات المهاجمة.

وقد استمرت المجزرة الوحشية الصهيونية حتى ساعات الظهر، وقبل الانسحاب من القرية جمع الإرهابيون اليهود كل من بقي حيا من المواطنين العرب داخل القرية وأطلقت عليهم النيران لإعدامهم أمام الجدران.

ومنعت الجماعات اليهودية، في ذلك الوقت، المؤسسات الدولية، بما فيها الصليب الأحمر، من الوصول إلى موقع الجريمة للوقوف على ما حدث على أرض الواقع.

مناحيم بيغن، كان رئيسا لعصابة "الهاغاناه"، وبعد تأسيس دولة الاحتلال أصبح رئيسا للوزراء، وقد تفاخر بهذه المذبحة في كتاب له فقال: "كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي فأخذوا يفرون مذعورين.. فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض “إسرائيل” الحالية – فلسطين المحتلة عام 1948 لم يتبق سوى 165 ألفا".

وتابع قائلا: "لقد خلقنا الرعب بين العرب وجميع القرى في الجوار. وبضربة واحدة، غيرنا الوضع الاستراتيجي".

وكانت مجزرة دير ياسين عاملاً مؤثراً في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين أو البلدان العربية المجاورة، لما سببته من حالة رعب عند المدنيين، ولعلّها الشَّعرة التي قصمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948.

وفي صيف عام 1949، استوطنت مئات العائلات من المهاجرين اليهود قرب قرية دير ياسين، وأطلق على المستعمرة الجديدة اسم "جفعات شاؤول بت" تيمنا بمستعمرة "جفعات شاؤول" القديمة التي أنشئت عام 1906، ولا تزال القرية إلى يومنا هذا قائمة في معظمها، وضُمت إلى مستشفى الأمراض العقلية الذي أنشئ في موقع القرية، وتستعمل بعض المنازل التي تقع خارج حدود أراضي المستشفى، لأغراض سكنية أو تجارية، وثمة خارج السياج أشجار الخروب واللوز، أما مقبرة القرية القديمة، الواقعة شرق الموقع، فقد اكتسحتها أنقاض الطريق الدائرية التي شُقّت حول القرية، وما زالت شجرة سرو باسقة وحيدة قائمة وسط المقبرة حتى اليوم.
 
بعكس دول العالم الثالث ودكتاتورياتها العسكرية "الهمجية" المعادية للكاميرا والتوثيق، فإن الدول العصرية التي "تتشرف" إسرائيل بالانتساب إليها مغرمة بالصورة والتوثيق باعتباره وسيلة لصيانة حاضر وحفظ التاريخ ببياضه وسواده، ويتجلى ذلك في التعامل مع تاريخ الصراع الفلسطيني العربي- الإسرائيلي بفصوله ووقائعه المختلفة لا ينفك الأرشيف الإسرائيلي يشكل فيها مرجعا أساسيا للباحثين والمؤرخين، مقابل غياب شبه كامل لأرشيف فلسطيني وعربي.

فما زلنا نعتمد على هذا الأرشيف في قراءة وفهم ما حدث في حرب 73 وحرب 67 ونكبة 48 وغيرها من الأحداث الفاصلة في تاريخ الصراع، وأدهشنا المؤرخون الجدد عندما أتحفونا، بعد رفع الحظر الإسرائيلي عن وثائق عام 1948، بيوميات بن غوريون التي اعتمدوا عليها، وسجلت وقائع الأحداث يوما بيوم، ناهيك عن سجلات رابين ودفاتر غولدا ويغئال ألون وغيرهم، إضافة إلى محاضر جلسات وقرارات "الهاغاناه" والمنظمات الصهيونية الأخرى، بينما لم تصلنا أية محاضر ويوميات لمنظمات وقادة فلسطينيين من ذاك العصر، وهو أمر ينطبق على الدول العربية وحروبها المتتالية مع إسرائيل.

ويبدو أن الاختلاف يعود إلى كون إسرائيل تدرج نفسها ضمن منظومة تعتبر، بلسان مدير "أرشيف إسرائيل" د. يعكوف لزوبيك، منتخبي الجمهور والموظفين والجنود والدبلوماسيين والجواسيس يعملون باسم مواطني الدولة ولأجلهم، ولذلك من المهم كشف أعمالهم تلك أمام المواطنين لإبداء آرائهم فيها.

وهو ما جعل المدير المذكور يشن نقدا لاذعا على مواصلة إخفاء وثائق وسجلات مضى عليها أكثر من 50 عاما بادعاء أنها تمس بأمن الدولة. وكشف في هذا السياق عن قيام إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب هنا وهناك، وعن تدخل الشاباك في جهاز التعليم العربي، وعن قمع العرب بصورة لا تليق بـ"دولة ديمقراطية"، مشيرا إلى أنه إذا كانت إسرائيل تقوم بأعمال غير مشروعة من قبل المحاكم الإسرائيلية والدولية، فمن حق مواطنيها معرفة ذلك ليقرروا إذا كانوا يوافقون على تلك الأعمال أم لا.

صحيفة "هآرتس" التي أيدت أقوال د. لزوبيك، أشارت إلى رفض إسرائيل الكشف عن صور لمذبحة دير ياسين التي مر عليها 71 عاما، وبروتوكولات تخص مذبحة كفر قاسم التي مر عليها ما يزيد عن الـ 61 عاما، كانت ا قد انضمت قبل سنوات إلى التماس قدمته مخرجة إسرائيلية طالبت بالكشف عن صور المذبحة.

في حينه، قرر قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية الذين أمعنوا النظر في صور مذبحة دير ياسين، رفض الالتماس الذي قدمته الفنانة الإسرائيلية، نيطع شوشاني، مخرجة فيلم "ولد في دير ياسين"، والذي طالبت فيه بتحرير هذه الصور المفروض عليها حظر نشر حتى اليوم. العليا سوغت رفضها بالادعاء أن نشر تلك الصور من شأنه أن يمس بعلاقات إسرائيل الدولية وبكرامة الأموات.

وكانت شوشاني التي حاولت عبثا العثور على صور من المذبحة دون جدوى، قد التقت في "أرشيف الهاغاناه" رجلا تسعينيا يدعى شراغا بيلد، كان يعمل في حينه في الخدمات الإعلامية التابعة للمنظمة، الرجل أخذها جانبا، وأسر لها بأنه أرسل مزودا بكاميرته بعد المذبحة مباشرة لتوثيق ما حدث في دير ياسين.

"الصورة الأولى التي شاهدتها لدى وصولي إلى دير ياسين كانت شجرة كبيرة جرى حرقها، بعد أن ربط إليها رجل عربي، لقد ربطوه إلى الشجرة وحرقوهما معا"، كما يقول شراغا، الذي يكشف أنه قام بتصوير عشرات القتلى الذين جرى تجميعهم في كسارة تقع إلى جانب القرية، وقام بتسليم الفيلم إلى المسؤولين عنه ومن يومها لم ير الصور.

ويورد الفيلم أيضا شهادة مكتوبة بخط يهودا فيدر، والمعروف باسم "غيورا"، وهو أحد أفراد عصابة "ليحي" الذين شاركوا في المذبحة يقول فيها: "قتلت مسلحا عربيا وفتاتين بجيل 16- 17 سنة قاما بمساعدته، أوقفتهما إلى جانب الحائط وأفرغت بهما باغتين رصاص من سلاح "تومي غن" الأوتوماتيكي".

قائد عصابة "ليحي" في القدس، يهوشوع زطلير، الذي ظهر في الفيلم قال: "كنا ندخل بيتا بيتا نضع فيه المتفجرات ونقوم بنسفه، وخلال بضع ساعات دمرنا نصف القرية". وعن حرق جثث الضحايا قال زوطلر: "كان هناك بعض الأخطاء التي قام بها رفاقنا والتي أغضبتني، حيث جمعوا جثث القتلى في كومة وأحرقوها، لم يكن ذلك سهلا!".

أما الوزير وعضو الكنيست السابق من ميرتس، يائير تسبان، ققال في شهادته التي وردت في الفيلم، إنه أرسل مع رفاقه في "الجدناع"، في حينه، لدفن جثث القتلى وإخفاء اثار الجريمة، خوفا من وصول الصليب الأحمر في أي لحظة.

وعن مشاهدته هناك يقول تسبان: "رأيت الكثير من الجثث، ولا أذكر أنني صادفت جثة واحدة لمقاتل، ما أذكره أنها كانت جثث نساء وشيوخ".

وأضاف تسبان في شهادته أنه رأى مواطنين تعرضوا لإطلاق نار في الظهر، نافيا ادعاء المشاركين في "العملية" بأن القتلى سقطوا خلال تبادل إطلاق النار بقوله إن وجود مسن وامرأة يجلسان في ركن غرفة والرصاص يخترق ظهريهما، لا يمكن أن يكون قد جرى في حمأة القتال.

إذا، لدى إسرائيل الكثير مما تخفيه من مجازر وجرائم حرب وتطهير عرقي، وهي جرائم لا يغسل دماءها الزمن، ولا تسقط بالتقادم، وهي لن تكون معنية بتحرير وثائق ربما تشكل أدلة دامغة ضدها وضد قادتها في محكمة الجنايات الدولية.
 
حتي لا ننسى إخواننا في فليسطين المحتلة
baed5bcd-aa16-4ff6-b145-b8c9adb8b733.jpg
 
لا احبذ تنزيل فيديوهات عن المجزرة ولا الصور إحتراما لموقف المنتدى ، يرجى الكتابة والتعليق فقط ، فبعض الصور مؤلمة جدا.
 
عودة
أعلى