حركيــة دبابــات المعركـــة وتنامــي قــوة الخــرج

anwaralsharrad

باحث عسكري
مستشار المنتدى
إنضم
12/12/18
المشاركات
2,661
التفاعلات
18,086
حركيـــــة دبابـــــات المعركــــــة وتنامـــــي قـــــوة الخـــــرج

1629480678198.png

أغلب دبابات المعركة الحديثة اليوم مشغلة بمحركات الديزل diesel engines، على العكس تماماً من بدايات السلاح وتحديداً عند مشاركته المبكرة في معارك الحرب العالمية الأولى. على سبيل المثال، الدبابة الفرنسية Renault FT-17 كانت مجهزة بمحرك غازولين ذو أربع أسطوانات مع قوة خرج قصوى تبلغ 39 حصان فقط. الدبابة البريطانية الأولى Mark I التي شاركت بالحرب كانت تدار بمحرك غازولين من نوع ديملر Daimler بست أسطوانات مبرد بالماء، وصلت قوة خرجه القصوى إلى 105 حصان. ويجب ملاحظة أن تلك المحركات لم تكن مخصصة لحظة إنتاجها للدبابات، بل أن أغلبها كان مخصص لاستخدامات العربات التجارية الثقيلة أو الطائرات (مع ذلك، حتى محركات الجرارات الزراعية farm tractors لم تكن تمتلك القدرة الكافية لتسيير العربات المدرعة الثقيلة). بمرور الوقت، نمت وتقدمت كلتا مفاهيم القوة power والاعتمادية reliability في محركات الدبابات. وبعد الأربعينات، محركات الديزل المصممة خصيصاً للدبابات بدأت في الظهور. الدبابة السوفييتية T-34 على سبيل المثال كانت مجهزة بمحرك ديزل مبرد بالسائل يحمل التعيين B-2-34، مع قدرة خرج قصوى حتى 500 حصان. مقابل ذلك، الدبابة المتوسطة الأمريكية الرئيسة في الحرب العالمية الثانية M4 Sherman تبنت كلتا محركات الديزل والغازولين من الأصناف المختلفة. في المجمل، الدبابة كان لديها خمس مغايرات مختلفة من أنظمة الدفع مع قدرة خرج تراوحت ما بين 350 إلى 500 حصان.

1629480168149.png

عند تناول محركات الدبابات ونظم الدفع، يجب التفريق بين معدلات القوة الناتجة عن المحركات وقوة الخرج الفعلية لها. فهناك فارق كبير بين مفهومي القدرة الحصانية الإجمالية gross horsepower (القوة الناتجة عن المحرك بدون إضافات)، والقدرة الحصانية الصافية net horsepower (القوة المتاحة لناقل الحركة، بعد اقتطاع الطاقة المبددة بالتبريد، المولدات الكهربائية، وخسائر الطاقة الأخرى) وذلك ما يمكن ملاحظته على سبيل المثال في الدبابة الأمريكية M60 Patton. فبالنسبة لمحرك هذه الدبابة من نوع AV-1790-5، نجد أن نسخة المحرك العاملة بوقود الغازولين gasoline engine تطور 825 قدرة حصان إجمالية، بينما النسخة العاملة بوقود الديزل diesel engine تطور فقط 750 حصان. في مقابل ذلك، نجد أن نسخة الديزل تنتج 630 قدرة حصانية صافية مقارنة إلى محرك الغازولين الذي ينتج 625 قدرة حصانية صافية (أفضلية واضحة لمحركات الديزل على الغازولين في قدرة الخرج الصافية).

1629480467205.png

معدل القوة للوزن الذي تطوره دبابة المعركة يعتبر هو الآخر وبشكل مؤكد، العنصر الأكثر حرجاً لتوصيف قدرات الدبابة الحركية وقابليتها على التنقل بخفة. مؤشر القوة للوزن معبر عنه عادة كنسبة القوة بالحصان لكل وحدة وزن من العربة horse-power-per-unit، ويمكن إيجاده بتقسيم قوة الخرج الإجمالية المطورة من قبل المحرك على وزن العربة الإجمالي بالأطنان. هذا المعدل تطوراً كثير منذ ظهور الدبابة وتراوح لما بين 14 و16 حصان للطن لدبابات الحرب العالمية الثانية، ليرتفع إلى 23 و27 حصان للطن لدبابات المعركة التي بالخدمة الآن. على سبيل المثال، الدبابة الفرنسية Leclerc التي يبلغ إجمالي وزنها 54.5 طن وتمتلك محرك بقوة خرج 1500 حصان، تتحصل على معدل قوة للوزن يبلغ 27.5 حصان/طن. الدبابة الأمريكية M1A2 Abrams هي الأخرى يبلغ إجمالي وزنها 64.5 طن وتمتلك محرك بقوة خرج 1500 حصان، تتحصل على معدل قوة للوزن يبلغ 23.2 حصان/طن.
معدلات القوة للوزن المتصاعدة توفر تعجيل سريع rapid acceleration وسرعة أعلى ثابتة التي بدورها تترجم إلى خفة حركة وقابلية تنقل محسنة، مما يزيد تباعاً من قابلية بقاء دبابة المعركة tank survivability ويخفض من احتمالات استهدافها. على سبيل المثال، طبقا لمصادر الحرب العالمية الثانية والبيانات الفنية، الدبابة في ذلك الوقت مع معدل قوة للوزن يبلغ 1:15 يمكن أن تعجل من 0 إلى 16 كلم في الساعة خلال 5 إلى 6 ثوان، بينما وللمقارنة نجد أن دبابة معركة حديثة مع معدل قوة للوزن من 1:27 يمكن أن تصل لنفس السرعة خلال فقط 3 إلى 4 ثوان.


1629480325317.png

عموماً، ليس فقط عزم محرك وقوة خرجه، لكن حجمه ووزنه هي الأخرى عوامل حاسمه crucial factors تؤثر بالتأكيد في تصميم دبابة المعركة لأنها من بين العوامل الرئيسة التي تقرر حجم الدبابة النهائي. وعند مقارنة حجم ووزن أنظمة محركات مختلفة تعرضها الشركات المصنعة حول العالم اليوم، نجد أن الوزن الكلي للمحرك، نظام التبريد، المرشحات، قنوات إدخال الهواء، نظام نقل الحركة، خطوط الوقود، جميعها متفاوتة بين منظومة وأخرى. على سبيل المثال، المحرك توربيني turbine engine أخف وأصغر نسبياً من محرك الديزل لنفس معدل القوة، لكن محرك الديزل diesel engine يتطلب وقود أقل لمدى تشغيل معطى. وعند إضافة جميع أوزان مجموعة الطاقة في الدبابة، نجد أن النظام التوربيني في الدبابة Abrams على سبيل المثال، يزن أقل من مثيله الديزل في الدبابة Leopard 2، لكن حجم محرك الديزل في الدبابة الألمانية يعادل فقط 5.19 متر مكعب، مقارنة بحجم المحرك التوربيني في الدبابة الأمريكية والبالغ 5.48 متر مكعب. على أية حال، أغلب الاختلافات في جزئية الوزن والحجم لمنظومة الدفع بين الدبابة Abrams والدبابة Leopard 2 ترجع لمتطلبات حجم الوقود الذي يجب أن يحمل على متن الدبابة الأمريكية ومحركها الشره للوقود (مؤشر مهم آخر يجب عدم إغفاله يتحدث عن الزمن المتطلب لاستبدال محرك الدبابة replace engine في ساحة الميدان. لذا وعلى سبيل المثال، هو يستغرق فقط ما بين ساعة إلى ساعتي عمل لاستبدال محرك الدبابة Abrams سوية مع ناقل الحركة).

1629480210961.png
 
شكرا استاذ انور، مقالة أخرى من مقالاتكم التعريفية والايضاحية.
سؤالي استاذي الكريم، مع تزايد اهمية عامل الحماية وبالتالي تزايد الوزن، أصبح الضغط على المحركات ذات القدرة الأعلى لتوفير معدل قوة الخرج/الوزن مناسب.. وكنت قد قرأت انه كلما ازدادت قوة المحرك كلما قصر عمره الافتراضي فهل هذا صحيح؟
اما سؤالي الثاني، فهو بالنسبة لوحدة التغذية المستقلة بالطاقة APU (والتي أصبحت من التجهيزات القياسية للمدرعات) فهل تستطيع تحمل العبئ الملقى عليها مع تزايد الأنظمة الإلكترونية في الدبابات الحديثة (أنظمة الرؤية عبر الدرع كال ironvisio، وأنظمة الحماية الايجابية، أنظمة الاتصال وتبادل البيانات، أنظمة الرؤية الحرارية ونظام الرمي... الخ)، بدون أن يتعاظم حجمها وبالتالي يتعاظم استهلاكها للوقود؟ وهل يتمثل الحل بنظرك بتوجه بعض الشركات لتطوير أنظمة APU مقطورة؟
 
عودة
أعلى