جيش الظل: المتعاونون الفلسطينيون مع الصهيونية 1917-1948

ذياب

التحالف يجمعنا
طاقم الإدارة
مشرف
إنضم
15/12/18
المشاركات
19,429
التفاعلات
63,407

بسم الله الرحمن الرحيم

لنقد الماضي بسلبياته و إيجابياته ,,,,,,,, للأجيال الطالعة و لتشكيل فهم ادق و اعمق للماضي

كتاب للباحث " الصهيوني هليل كوهين " و من هنا يجب على من يقرأ الكتاب ان يأخذه بحذر فمن الواضح اسلوب تشكيل الوعي بما يناسب الصهيونية
على طريقة دس السم بالعسل


1.jpeg



نحن الفلسطينيين بكل تأكيد لسنا مجتمعاً " طوباوياً " فبيننا ضعاف النفوس و العملاء لكن محتوى الكتاب سيصيب بالصدمة كل من يقرأه
فهو يتحدث عن " العملاء العرب " الذين عملوا مع الاحتلال و عصاباته و بينهم زعماء عشائر و مفتين و رجال دين و أئمة مساجد
لكن الواضح ان الهدف " الصهيوني " من نشر هذا الكتاب ليس " التأريخ " للتاريخ بل للذم بالشعب الفلسطيني و تحريف عدالة قضيته
و إظهاره بمظهر مجموعة من الرعاع الخونة

نعم كل الشعوب فيها خونة و متعاملين مع العدو فحذار التعميم على الشعب الفلسطيني و هو ما يهدف إليه الكاتب الصهيوني

تأليف: هليل كوهين
ترجمة: هالة العوري
بيسان للنشر والتوزيع. الطبعة الأولى 2015

" أيها العرب بيعوا كل شيء باستثناء الأرض, ولا تشتروا من اليهود إلا الأرض"
نجيب نصار \ صاحب جريدة الكرمل
"إن كل من يتساءل عن سبب ترجمة هذا الكتاب إلى العربية أقول له إن غض الطرف عن النقائض ليبقى الوضع المتقيح على حاله، دونما دراسة جادة معمقة لمعرفة الأسباب الموضوعية والاستراتيجية، سيجلب المآزق والهزائم المتتالية"

من مقدمة المترجمة السيدة هالة العوري.
إذا كنا نتفق بأن الماضي يبدأ من اليوم, فالتاريخ, ببساطة, " كائن" مقيم بيننا, وهو, بلا ريب, ليس حكاية يراد منها التسلية, بل أن استحضار التاريخ, عبر أحداثه وشخصياته المؤثرة, كان ومازال أسلوباً فعّالاً في فهمنا للحاضر. وإذا كان التاريخ طريقنا نحو الماضي فهذا لا يعني بالضرورة أنه يتطابق معه, فالماضي حالة رخوة غير مستقرة وغير قابلة للاستعادة أو الاسترداد, ولكننا عبر دراسة التاريخ نستطيع تمثل هذا الماضي.
يمكن أن يكون ما سبق مدخلاً لاستعراض كتاب "جيش الظل: المتعاونون الفلسطينيون مع الصهيونية 1917-1948" الذي يتحدث عن تعاون الفلسطينيين مع الحركة الصهيونية, تعاونٌ يتساءل بشأنه الإسرائيلي بيني موريس من خلال ما يمكن أن نتعلّمه من هذا الكتاب. بكلام آخر, ماذا تمثّل "ظاهرة" تعاون الفلسطينيين مع الحركة الصهيونية؟ هل تعبّر عن فراغ بنيوي في قلب الشعور\ الحالة " الوطنية الفلسطينية"؟. وهل يسمح لنا مثل هذا الفراغ أو الغياب القول- و الكلام دائماً لبيني موريس- بأنه لم يكن يوجد [يقصد في تلك الفترة التي يعالجها الكتاب] شعب فلسطيني أو حركة وطنية فلسطينية, (أم كان هناك مثل هذه الحركة لكنها لم تحظَ بدعم جماهيري؟), وأن العديد من العرب في فلسطين، إن لم يكن معظمهم، يضعون المصالح الشخصية والعائلية والقبلية على حساب المصالح الوطنية. أو بعبارة أخرى، كانت "الوطنية\ القومية" للعديد من السكان العرب في فلسطين مجرد وعي غائر يقع في مكان ما تحت طبقات وعيهم الحالي, وثمة الكثير من الأحداث التاريخية لم يتم توثيقها في سردية موحدة أو حتى غير موثقة في أي كتاب من كتب التاريخ سواء التي تبع طرق السرد التاريخي الحكائي أو تلك الطرق الأخرى غير التقليدية.
فهناك الكثير من الأحداث التي مازالت مجهولة وتنتظر من يفرج عنها وينبشها من أعماق الذاكرة, ولعل كتاب كوهين يعبّر, بطريقة ما, عن هذه الحالة, فمن الحقائق المزعجة التي يواجهها المؤرخون "الوطنيون" تلك الحقائق التي يتسبب في وجودها الاحتلال, وهي ذات طبيعة مزدوجة في التعامل مع المحتل فهو من جهة عدو من الواجب محاربته, ومن جهة أخرى صاحب السلطة العليا وبالتالي لابد من المرور عبره للوصول إلى فرص العمل والتعليم والصحة .. إلخ وغيرها من متطلبات المعيش اليومي, وقد شكّل التعاون مع المحتل معضلة كبيرة للقوى الوطنية التي ترغب في مقاومة هذا المحتل, فثمة أعداد كبيرة من المواطنين ممن سوف يخدمون في مؤسسات الاحتلال وممن سوف يساعدونه في بناء الطرق والجسور والسكك الحديدية والمعامل والبيوت والمستوطنات وغيرها من البنى والهياكل التي ينفذها المحتل لتسهيل سيطرته على البلاد حتى أن البعض منهم قد يتطوع في شرطة وجيش الاحتلال أو يصبح جزء من شبكة عملائه السريين في ملاحق الثوار.
ولا يعدّ التعاون مع العدو أو المحتل مسألة تخص شعب دون غيره, فالأمثلة على هذا التعاون تكاد تكون مطلقة, مثل تعاون شعوب الدول الأوروبية التي احتلتها ألمانيا النازية إبان الحرب العالمية الثانية, ولكي لا نبتعد عن المنطقة, يمكن أن نطرح تعاون العرب مع البريطانيين والفرنسيين ضد العثمانيين في أعقاب الحرب العالمية الأولى, ومن الواضح خلال تلك الفترة أن شعوب المشرق العربي لم تكن ولاءاتها واحدة فمازال الكثير منهم ينظر للقبيلة أو العشيرة كمعيار انتماء أقوى ومنافس للانتماء الإقليمي, ولعل هذا ما يفسر عدم وجود تعريف صارم موحّد للواء الوطني أو القومي, مما أتاح للأفراد اتخاذ مواقف تضع في أغلب الحالات المصالح الشخصية والقبلية فوق المصالح "الوطنية", وبالتالي كان ثمة سهولة واضحة لديهم لدحض بعض التهم الموجّهة لهم مثل "خيانة القضية الوطنية", فهذا الأمر بالنسبة لهم في تلك الفترة كان أمر افتراضي, ولذلك يستنتج هليل أن الانتداب البريطاني على فلسطين لم يكن ينتهك أي "سيادة عربية" نظراً لعدم وجودها بالأساس, فالعرب كانوا مجتمعاً واحداً ولكن ليس مجتمع وطني أو قومي بالمعنى الأوروبي, ولذلك كان الأفراد يتحركون في فضاءات بعيدة عن تعريف الولاء والخيانة, لاسيما التعريف الذي تبناه آل الحسيني والذي قام الحسينيون, وفقاً لكوهين, بتوسيعه حتى أن إحدى الصحف المناهضة لهم كتبت في العام 1927 "لو أردنا أن نحصي عدد الخونة في البلاد وفقاً لما تراه بعض الصحف[ أي الصحف الموالية لعائلة الحسيني], لكان العدد يفوق نصف عدد سكان البلاد"
يطرح الكاتب, الذي يصنف عادةً من بين المؤرخين الجدد في إسرائيل, قضية تعامل الفلسطينيين مع الصهيونية من خلال استعراضه لشخصيات بارزة كان لها كبير الأثر في تلك الفترة ولعبت دوراً كبيراً في مراحل معينة من تاريخ القضية الفلسطينية. وإذن الكاتب لا يستهدف متعاملين نكرات, بل رموزاً معروفة لفئات المجتمع الفلسطيني ويطرح دوافعهم المتباينة واستغلال قيادة الحركة الصهيونية لتلك الدوافع التي كانت تحاول اغتنام أي فرصة تقربها من هدفها الاستراتيجي- إقامة دولة يهودية في فلسطين. ويقرُّ كوهين بأهمية أرشيف اللجنة العربية العليا التي يعتمد على كثير من وثائقها, لكنه, ومن موقعه, تبقى الأولية لمصادره الصهيونية من تقارير ومراسلات وغيرها, مما ينفي عن جهده النظري قيمته كبحث سردي عن المجتمع الفلسطيني قبل قيام إسرائيل, ليتحول إلى مجرد مسح إحصائي لأسلوب الإدارة الصهيونية في تعاطيها اليومي مع "جيش المتعاونين" وهذا ما أدى به إلى الفشل في تقويم ما يؤكد وجود حالة تعاون نموذجية معيارية بين الفلسطينيين ناهيك عن البديل المزعوم, فضلاً عن عدم مناقشته للطابع الاستيطاني للمهاجرين اليهود إلى البلاد, ومن هنا ربما نظر إلى أولئك المتعاونين كحفنة من الانتهازيين وأصحاب الإيديولوجيات الانهزامية والخونة لتاريخهم. ولكن هذا لا يمنع من القول أن كوهين قام ببراعة برسم صورة دقيقة ومركبة فمن جهة هناك أعداد "يصفها بالكبيرة" من الفلسطينيين المستعدين لبيع أراضيهم لليهود وحتى إبلاغ السلطات عن الثوار, ومن جهة أخرى كان ثمة العديد منهم يحارب الصهاينة والبريطانيين وينادي بعدم جواز بيع الأراضي, بل ويسعى لإفشال أي عملية بيع أو تعاون مع اليهود. وفي هذا الصدد يزعم كوهين أن آل الحسيني مارسوا سياسات ضيقة شخصية على حساب القضية الوطنية لاسيما في العام الأخير من الثورة العربية الكبرى, ويعتبر أن رفضهم للكتاب الأبيض يعود لأن بريطانيا لم تضمن لهم موقعاً يؤهلهم لتولي حكم الدولة العربية المقترحة في إعلان بلفور, ومن الحسابات العائلية الأخرى التي يذكرها عن آل الحسيني قيام الشيخ طاهر الحسيني، ابن شقيق الحاج أمين الحسيني، بالاتصال بكل من حاييم مارغاليوت كالفاريسكى وإسحاق بن تسفي وهما من نشطاء الحركة الصهيونية يطلب منهم السعي لتأمين منصب مفتي القدس للحاج أمين, فيما بعد باع ابن طاهر زين الدين الحسيني الأرض لليهود.
و بالتوازي, إذا كان الأمر كذلك لبعض أفراد عائلة الحسيني, فإن ما كان يدفع أفراد الطبقات الوسطى والعليا الآخرين ليس الدافع الشخصي بالضرورة, بل التقويم الواقعي لتوازن القوى , فمن شأن التعاون مع المنظمات الصهيونية بالنسبة لهؤلاء أن يقوّي من الوضع الاقتصادي لعائلاتهم وعشائرهم, ويؤمن الارتباط بالأرض والبقاء عليها ولو بالحد الأدنى, أي أن التعاون مع "العدو" سوف يساهم أيضاً في بقاء تلك الفئات أحياء وعلى الأرض. وهو ما يسميه كوهين استراتيجية "قومية" بديلة وليس "تعاون". دون أن نغفل الدور البريطاني الكبير و الفعّال في توفير السبل المتاحة لتمكين المنظمات الصهيونية من شراء الأراضي من التجار و كبار الملّاك و كان الهدف واضحا بأن تجعل من المدن الفلسطينية الهام ذات أغلبية يهودية جنباً إلى جنب مع تكثيف الهجرة اليهودية إلى البلاد, وقد عمدت سلطات الانتداب إلى التلاعب بالحدود الإدارية لبعض المدن من خلال توسيع حدود بلدياتها مما يتيح لأكبر عدد ممكن من اليهود أن يكونوا في إطارها ( مثلما حدث مع حدود بلدية القدس) دون أن تأخذ في اعتبارها التقارير المختلفة حول المسائل المتعلقة بالهجرة وتسريب الأراضي لليهود , ومن الملاحظ أن ردة فعل العرب كانت قوية وعنيفة إزاء الهجرة أكثر منها إزاء عمليات بيع الأراضي لأن هذه الأخيرة كانت تتم ببطء وفي الخفاء في بعض الأحيان, علماً أن عمليات بيع الأرض ارتبط بالهجرة بصورة مباشرة إذ ترافق مع ازدياد الهجرة ارتفاع سعر الأراضي وهذا ما دفع البعض إلى التراخي بجشع أمام إغراءات المال, الأمر الذي دفع الصحف المحلية إلى مهاجمتهم بشراسة
يقع الكتاب في تسعة فصول ومقدمة تبدأ باستعراض رومنسي على طريقة المستشرقين للقرى المحيطة بالقدس "عين يالو, الولجة, و بيت صفافا. والمالحة.. إلخ وعن هذه الأخيرة يذكر كيف استولت عليها الهاغاناه ليصل إلى ذكر الشيخ عبد الفتاح درويش أهم رجل في قرية المالحة, ولا يفوت الكاتب تذكيرنا أن الشيخ درويش كان يمتلك سيارة أمريكية وداراً تشبه القلعة بشهادة أهل قريته وأن العرب كانوا يصفونه بـ "الخائن" إبان ثورة 1936. من هذا الإطار يتم تهيئة القارئ لسماع العديد من هذه القصص عن شخصيات هامّة فضّلت التعاون مع الصهاينة وقدمت مصلحتها الشخصية على المصلحة الوطنية. ويبدأ بحثه, استناداً إلى العديد من الوثائق المتاحة سواء كانت عربية أم عبرية أم إنكليزية, عن أسس التعاون المتمثل في حصول الصهاينة على المعلومات التي يرغبون بمعرفتها والمعلومات الحيوية للصهاينة والبريطانيين وإخماد الثورة ودورهم في بث الفتنة والخلافات بين أبناء شعبهم والمساعدة في تحويل أكبر قدر ممكن من الأراضي إلى الصهاينة. كما يتحدث أيضاً عن حالة الانقسام التي كانت سائدة بين الفلسطينيين, لاسيما بين عائلتي الحسيني والنشاشيبي, ثم ينتقل لطرح سؤال جوهري يهدف من خلاله إلى تعريف من هو الخائن, ومن أجل أغراض بحثه يرى بأن الخائن شخص يقدّم مصالحه الشخصية أو العائلية أو السياسية على المصلحة الوطنية, ويصل إلى تعميم غير مبرهن يرى بأن هذا الخائن أيضاً هو من لم يقاطع اقتصاد الييشوف ومن لم يلتزم بالإضرابات العمالية وليتطرق بعد ذلك على أسلوب العرب في التعامل مع الخائن مثل النبذ الاجتماعي أو العقاب الجسدي أو الطرد من العمل, ويضيف إلى هؤلاء نوع من المتعاونين بسبب الضغوط الاقتصادية فبعضهم يتعاون مقابل المال وبعضهم مقابل الحصول على عمل والبعض الآخر من أجل تحقيق بعض المكاسب, ولا ينسى أن يضيف زعماء العشائر البدوية والقرى, الذين يهتمون بمصالح لقبيلة والقرية ويضيف فوق كل هؤلاء نموذج يراه الكاتب نوع من التعاون ويقصد به أولئك الذين ينظرون لليهود كجيران لا يجوز من الناحية الإنسانية محاربتهم, بالإضافة إلى القوميين الملتزمين الذين يعتقدون أن البقاء على الأرض أمر بالغ الأهمية، وأن العمل والتعاون مع الصهاينة هو الاستراتيجية التي ستمكنهم من ذلك، كما دُفع آخرون للتعاون مع الصهاينة أو مع البريطانيين بدافع الكراهية الشديدة للحاج أمين الحسيني.
يركز الكاتب في الفصل السادس على شخصية فخري النشاشيبي و على مجتمع الدروز و المسيحيين و دورهم الهامشي في ثورة 1936, ما سيوحي مستقبلا بقبولهم التعاون مع الصهاينة دون أي موانع, كما يخصص الفصل الثامن للحديث عن الحاج أمين الحسيني وتصاعد دوره, لاسيما بعد اغتيال فخري النشاشيبي. وحالة النهوض "القومي" الفلسطيني وتشكيل عصبة التحرير الوطني ونشاط الحزب الوطني وإنشاء صندوق الأمة والعمل على إيقاف تسرب الأراضي للوكالة اليهودية والمنظمات الصهيونية وملاحقة السماسرة الذين يتولون هذه المهمة. وفي الفصل الأخير يتحدث عن قيمة المعلومات التي حصلت عليها الحركة الصهيونية من هؤلاء المتعاونين وكيف استفادت منها الحركة في قيادة معركتها الأخيرة نحو قيام دولة إسرائيل, ولايفوته الحديث هنا عن تقصير العرب والجامعة العربية في نصرة القضية واتهامهم بالتواطؤ. وليس مفاجئاً أن تظهر عدة أسماء لشخصيات تمثل بالأساس زعامات الإقطاع الزراعي والتجاري (مثل عائلتي الحسيني والنشاشيبي) خلال فترة الانتداب البريطاني لنكتشف أنها كانت على صلات وثيقة بالحركة الصهيونية, رغم ما أشيع عنها من أدوار في قيادة العمل الوطني الفلسطيني آنذاك .
ويرى كوهين أن هذه الطبقة الأرستقراطية الفلسطينية كانت قد توصلت إلى شبه قناعة تتمثل في عدم قدرتها على هزيمة المشروع الصهيوني و بالتالي من الحكمة التعاون مع القائمين عليه, ويضع كوهين هذه الفرضية كأساس جوهري ساعد في إدراك العديد من ملّاك الأراضي الأثرياء (الغائبين في الحقيقة, ومعظمهم ليس من أبناء البلد) أهمية الأرض بالنسبة للمشروع الصهيوني, ناهيك عن أهميتها أيضاً للأهداف القومية العربية بوصفها شرطاً مسبقاً لإنجاز كلا المشروعين أو أي منهما, وهذا ما ساعد أولئك الملاك على استسهال عملية بيع الأراضي للوكالة اليهودية والمنظمات الصهيونية. (مع نهاية العام 1947 ،اشترت المنظمات الصهيونية و بعض الأفراد اليهود حوالي 7 % من مساحة فلسطين . وكان البائعين معظمهم من العرب, سواء من كبار الملّاك أم ملّاك الأرض الصغار, بالإضافة إلى بعض الأفراد الفلسطينيين الذين باعوا أرضهم لليهود, وليس دقيقاً ما يقوله كوهين من أن "آلاف الفلسطينيين باعوا الأراضي لليهود أثناء الانتداب". وقد ثبت أن هذا الكلام مبالغ فيه بدرجة واضحة وغير صحيح في العموم, على الرغم من أن هذه الأرض التي اشتراها اليهود هي التي ستكون في واقع الحال الركيزة التي جعلت من المتاح لمجتمع الييشوف من إنشاء شبكة شبه متصلة من المستوطنات كانت بمثابة نواة الدولة التي تأسست في العام 1948.)
ومع ذلك هذا لايعني أن الفلسطينيين كانوا ينظرون للأمور بمنظار واحد, فالغالبية العظمى منهم كانت تعتقد بأن فلسطين لهم ومن حقهم ويجب أن تكون دولة عربية أو جزء من دولة عربية ضمن محيطها الشامي, وبالتالي كان يرى هؤلاء بضرورة محاربة الحركة الصهيونية بالوسائل المتاحة كافة, وهم يقفون على نقيض من ينادون بالحكمة والتعقل والتعايش المشترك بين العرب والمستوطنين اليهود (باعتبار أنه لا يمكن هزيمة الييشوف!). ويؤكد أن عائلة الحسيني قامت خلال ذلك عقد الثلاثينيات بقتل لا يقل عن 1000 عربي فلسطيني منهم 500 خلال العام 1938 وحده, وفي العام 1939 كانت عائلة الحسيني تدفع 100 جنيه فلسطيني لكل من يقتل "خائنا مهماً" و25 جنيه للخائن الأقل أهمية و10 جنيهات لمن يقتل يهودياً , دفع هذا الأسلوب بعض العرب إلى الوقوف بجانب الطرف الآخر, أي الصهاينة, ومن معهم وهو ما يرى فيه كوهين من عدم رغبة الجميع في محاربة الصهيونية في العام 1948 فضلاً عن العديد من الهدن والاتفاقيات التي أبرمتها المنظمات الصهيونية والمستوطنات اليهودية من جهة والقرى والبلدات والعشائر العربية المتاخمة لها من جهة أخرى, بل أن قلّة قليلة منهم, في الواقع, حاربوا ضد الييشوف, ولعل هذا كان أحد أسباب هزيمتهم وخسارتهم الحرب والبلد, دون أن يضع في اعتباره أن فشل وتكلفة ثورة 1936- حيث سحق البريطانيون الحركة الوطنية الفلسطينية، وقتلوا الآلاف من نشطاءها، وقطّعوا أوصالها -قد ولّد شعوراً عاماً بالإحباط وخلق حالة يأس حتى جاءت اللحظة المصيرية في عامي 1947-1948. يطرح كوهين ملاحظة ذكية حين يقول بأن الصهاينة لا يفضلون الحديث عن تعاون العرب معهم لأن هذا سوف يقوض مزاعمهم من أن العرب يكنون عداء أصيلاً صلباً لليشوف, كما أن الفلسطينيون يحبذون بدورهم عدم الخوض في مثل هذا النوع من النقاش لحاجتهم الملحّة إلى كل ما من شأنه أن يعزز وحدتهم الوطنية لا أن يهدمها, ويرى أن التعاون الفلسطيني مع الصهاينة يمثل حالة فشل فلسطينية مثالية ساهمت لاحقاً في تقويض المجتمع الفلسطيني برمته في العام 1948 رغم أن هذه الفرضية بحاجة إلى مزيد من البحث لاحتوائها على عيوب جمّة على مستوى المفاهيم و المنهج, فنموذج المتعاونين الذي يطرحه كوهين لا يعبر في الحقيقة عن عموم الشرائح الفلسطينية رغم احتوائه على عناصر وفئات لا يستهان بها, غير أنه كان لهذه الفئات دور فعال أكثر من البقية في تسرب الأرض للمنظمات الصهيونية.
أعتقد, أن كتاب كوهين يكاد يكون رداً على الثورة العربية 1936- 1939, ربما لم يرتاح الكاتب لوجود مثل هذه ثورة أو لم يعجبه قدرة الفلسطيني على الانتظام في ثورة أو لأن مثل هذه الثورة في أسبابها تقوض جوهرياً "شرعية " الوجود اليهودي في البلاد, فكان الكتاب بمثابة رداً على الثورة حاول تقويضها أخلاقياً من خلال نفي دورها التحفيزي العمودي للمجتمع الفلسطيني, بل عمد إلى التركيز على "الدور القيادي" لعائلة الحسيني وأنصارهم ومساهمتهم في إنهاء الثورة وتبني سياسة الاغتيالات التي دفعت العديد, بسلوك عكسي, الارتماء في أحضان المنظمات الصهيونية و رجال الاستخبارات التابعين للهاغاناه, وبالأخص عائلة النشاشيبي الخصم الأول لهم, وما تلى ذلك من صراع داخلي في المجتمع الفلسطيني بعد انتهاء الثورة سنة 1939.
يركز كوهين هنا على حفنة من الزعماء المحليين الذين تعاونوا مع الوكالة اليهودية ومع بعض المضاربين على الأراضي الذين استمروا في بيع الأراضي لليهود، على الرغم من الحظر القانوني . وبينما يقر كوهين بأن العديد من الفلسطينيين شاركوا في قتال عام 1948، فإنه يصور هزيمة الفلسطينيين في تلك الحرب على أنها استمرار للتعاون السابق، مع عدم رغبة الغالبية في حمل السلاح.
ورغم أنه لا يقرر, كما أسلفنا, من هو الخائن أو العميل أو المتعامل, بل يترك هذا الحكم الأخلاقي للقارئ ولكن بعد أن يشبعه بمعلومات تجعله محاصراً ومجبراً على تبني تلميحات كوهين تأسيساً على أن فعل الخيانة يتمتع ببنية اجتماعية يختلف تعريفها باختلاف ظروفها وأسباب نشأتها وما يخالطها من غموض في الولاء والسعي لتحقيق مكاسب اقتصادية ومادية من حلال محاباة العدو, دون أن نغفل دور المغامرة الفردية والغيرة الاجتماعية والتنافس السياسي والخلافات العائلية والثأر الشخصي أو العائلي, وفوق كل هذا الولاء القبلي الذي كان فوق الالتزام الوطني, ومن السهل أن يعيش أولئك المتعاونون حالة وهم تقنعهم بأن عملهم يخدم قضيتهم أو يساهم في حلها بطريقة ما.
رغم كل هذا, إلا أنّه لا يمكننا بسهولة قبول مزاعم كوهين هذه, فحتى ضمن المصادر الصهيونية ثمة هناك من يرى أن ظهور "القومية" الفلسطينية ربما يعود إلى وقت ما من منتصف القرن التاسع عشر, وأن الفلسطينيين كانوا في تلك الفترة "يعرفون" من هم وما يمثلون وما هو العالم لمحيط بهم.
وهكذا يلوي كوهين عنق الحقيقة باتجاه وجهة نظر عائلة النشاشيبي التي كانت ترى عدم جدوى مقاومة المشروع الصهيونية لأنه سينتصر لا محالة ولذلك كانوا مع مشروع التقسيم لأنهم "فهموا أنه لا يمكن للعرب هزيمة الصهاينة", ويتجلى المنحى الاستشراقي في حديثه عن النزاع بين عائلتي الحسيني والنشاشيبي بتصويره كنوع من "القصور السياسي" وعدم تمتعهم بـ "الروح الوطنية" كمفهوم حديث نسبياً طوّره بنديكت أندرسون في كتاب الجماعات المتخيلة, باعتبار أن هذه الروح هي التي تدفع المرء للتضحية بحياته في سبيل الأمة والوطن, ولذلك علينا أن نستنتج أسباب قول كوهين من أن ظهور مثل هذه "الروح القومية" عند الفلسطينيين بعد النكبة أمر مدعاة للسخرية, بمعنى أنهم مازالوا لم يصلوا لتلك المرتبة المؤهلة لهم ليكونوا شعباً له مكان في العالم المتحضر, وعلى عكس ذلك تماماً يقرر هليل أن الحركة الصهيونية كانت نسيج متماسك لا يعاني من أي انقسامات بل كانت كتلة جماعية واحدة موحدة ضمن خطوات وطرق محسوبة بدقة لا تترك مجال للخطأ أو للعواطف. لكن ما هو أهم من ذلك لا يظهر الانتداب البريطاني في الكتاب, وكأن فلسطين ساحة صراع مفتوح بين حركة صهيونية منظمة و"عشائر وعائلات" فلسطينية منقسمة ومتناحرة ومتعددة الرؤى والبرامج والمصالح, فلا يتطرق إلى الدور البريطاني في القضاء على ثورة 1936 وأساليب العقاب الجماعي التي اتبعتها سلطات الانتداب فضلاً عن الاعتقالات الجماعية وهي سياسات مكّنت في النهاية الحركة الصهيونية من الاقتراب أكثر فأكثر من مشروعها في فلسطين .
كان يمكن لكتاب كوهين أن يكون ذا معنى لو ابتعد عن حدود القومية الأوروبية التي تبنتها الصهيونية والتي استطاعت بموجبها "عبرنة" الأرض والعمل في فلسطين. ولو خرج كوهين من هذا القماط القومي لاستطاع أن ينظر لما حدث من زاوية أوسع, ولاستطاع أن يصل إلى نتائج أكثر موضوعية, لاسيما في نضال الفلسطينيين ضد آليات نزع الملكية, رغم المنافسة الطبقية والإثنية والطائفية, ولعل هذا ما دفع كوهين لعدم فهم جواب أحد المتعاونين عند سؤاله عن سبب أهمية بقائه في فلسطين: "من الصعب أن أخبرك، ولكن على أي حال قبور أجدادي هنا".

ختاماً إن الحفر في التاريخ الفلسطيني و تسوية طبقاته ليس بالأمر الهين ولا يعتمد على تصور رغبوي, بل يستدعي منا تأملاً من نوع آخر له طابع بحثي استقصائي تاريخي جدلي منفتح على رؤية تعددية لفترة الانتداب البريطاني وتشكل مجتمع الييشوف في فلسطين في تلك الفترة, وليس رؤية أحادية قائمة على خلفية استشراقية متمركزة إثنياً وعنصرية أوروبية غير خفية. ويبدو ذلك واضحاً من اختيار هليل لنماذجه من المتعاونين. في حين لا تلعب البدائل الاجتماعية\السياسية الأخرى (حزب الاستقلال مثلاً) سوى دور بسيط في سرديته التي يظهر فيها المفتي الحاج أمين الحسيني باعتباره اللاعب الأساسي ويركّز على دوره في إفشال مشروع التقسيم وبالتالي اندلاع حرب 1948 وخسارة فلسطين. وبعيداً عن العواطف التي لا تفيد في هذا الموضع, لا يكفي القول بأن مؤلف الكتاب ليس سوى صهيونياً يكتب بنفس استشراقي و يسعى لتزوير التاريخ والحقاق على الأرض, فالوقائع والتقارير تشير إلى قيام بعض الفلسطينيين ببيع أراضٍ للمنظمات الصهيونية وللأفراد اليهود, وينبغي لنا, من واقع وطني قبل كل شيء, الوقوف أمام النقاط التي يستعرضها الكتاب وعدم الانجرار العاطفي, كما هي العادة, والتعامل بطيش¸ فمن باع الأرض هم من فئات الشعب كافة, وجهاء من و زعماء سياسيين وسماسرة وتجار وعملاء وزعماء قبائل ومخاتير ومرتزقة وفلاحين ومسؤولي نقابات وغيرهم .. إلخ

( الكتاب متوافر بصيغة PDF ) و يمكن تحميله من عدة مواقع فقط إطبع إسم الكتاب في المتصفح و حمله




 
ما اكثر العملاء المنافقين في عالمنا الاسلامي بينما اتصفح المنتديات العربية العسكرية لم اكد اصدق عيني كيف اصبح المسلم الفلسطيني عدو وارهابي والاسرائيلي الصهيوني بطل ومسالم عجيب والله عجيب شيء لم اتصوره ابدا ابدا ولكن من نعمة الله واقتراب نصره ان جعل هؤلاء المنافقين يوظهرون وجههم الحقيقية القبيحة علنية والله اصبح سهل علينا تميزهم .

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

 
ما اكثر العملاء المنافقين في عالمنا الاسلامي بينما اتصفح المنتديات العربية العسكرية لم اكد اصدق عيني كيف اصبح المسلم الفلسطيني عدو وارهابي والاسرائيلي الصهيوني بطل ومسالم عجيب والله عجيب شيء لم اتصوره ابدا ابدا ولكن من نعمة الله واقتراب نصره ان جعل هؤلاء المنافقين يوظهرون وجههم الحقيقية القبيحة علنية والله اصبح سهل علينا تميزهم .

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

 


تخبز بالافراح !
سبقتك بوضع الصورة و الخبر بموضوع الانتخابات الامريكية و فشل هذا العميل ( عليه من الله ما يستحقه ) في الفوز بمقعد في الكونغرس
 

تخبز بالافراح !
سبقتك بوضع الصورة و الخبر بموضوع الانتخابات الامريكية و فشل هذا العميل ( عليه من الله ما يستحقه ) في الفوز بمقعد في الكونغرس
هذا مكانه الصحيح وكل الخائنين مثله
 
عودة
أعلى