تأريخ تأسيس الجيش السوري منذ جيش الشرق الفرنسي

لادئاني

مستشار المنتدى
إنضم
16/12/18
المشاركات
27,935
التفاعلات
76,809

لمحة تاريخية عن القوات العثمانية في سورية


منيت الدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر بالعديد من المصائب والنكبات,وأخذت رقعتها الجغرافية تتقلص نتيجة للهزائم العسكرية على الجبهة الأوروبية,فبالإضافة إلى فقدان الدولة لكل من اليونان وبلغاريا وصربيا ورومانيا وجزيرة كريت
والجبل الأسود.

أسهمت المطامع الأوروبية في تمزيقها بصورة تدريجية, حيث استولتروسيا على ولاشيا ( ١٨٥٦ ) ومولدافيا ( ١٨٥٦ ) وبساربيا ( ١٨٧٨ ), واستحوذت( النمسا على البوسنة والهرسك ( ١٨٧٨ ), واحتلت بريطانيا جزيرة قبرص ( ١٨٧٨ومصر ( ١٨٨٢ ), بينما وقعت تونس في قبضة الاحتلال الفرنسي ( ١٨٨١ ), وخضعت( ليبيا للاستعمار الإيطالي 1912

وقد قامت العديد من المشاريع الإصلاحية لإيقاف مسيرة التردي وإنقاذ الدولةالعثمانية من الانهيار, وكان أبرز هذه المحاولات: الحركة الإصلاحية المعروفة باسم ( التنظيمات) والتي بلغت أوجها في إصدار أول دستور عثماني عام ١٨٧٦ .

ونظراً لتغلب السمة العسكرية داخل نظام الحكم العثماني فقد كان من الطبيعي أن يتوجه الإصلاح أول الأمر إلى الجيش, حيث كانت الهزائم المتكررة التي نزلت بالدولة العثمانية طوال القرن التاسع عشر الميلادي تتطلب الإسراع بإصلاح المؤسسة العسكرية التي دب فيها الفساد, وأصبح العصيان سمة بارزة للعديد من فرق الجيش.

وكان السلطان عبدالحميد الثاني الذي حكم ( 1876-1909) من أبرز المتحمسين لإصلاح الجيش; حيث شهد عهده إنشاء الكليات العسكرية ومدارس أركان الحرب التي كانيدرّس فيها خبراء فرنسيون وبروسيون. ولتخفيف العبء المالي على خزينة الدولةخفضت الخدمة العسكرية من خمس سنوات إلى سنتين فقط, كما سنت قوانين جديدة تمبموجبها تقسيم فرق الجيش على خمسة مراكز رئيسة يقوم على رأس كل منها مشير.

حيث تمركز الجيش الأول في العاصمة التي كانت كذلك مركزاً للجيش الخاص بالسلطان,وكان مركز جيش الرومللي في مناستر, ومركز جيش الأناضول في طوقات, بينما كان مركز جيش عربستان (البلاد العربية) في دمشق حيث أسست مدرسة عسكرية لتخريج الضباط.

ولكن هذه الإصلاحات, التي هدفت إلى إعادة تنظيم الجيش وانتفع منها نخبة من كبار الضباط والقادة العسكريين, لم تكن تشمل الأفراد من حيث التسلح والرواتب ومخصصات الإعاشة, فبالنسبة للجندي البسيط لم تكن هذه الإصلاحات تعني أكثر من إلزامه بزي عسكري موحد, وتدريبات جديدة على النمط الفرنسي والبروسي.

ولذلك فقد بقيت حالتهم سيئة للغاية, وفي كثير من الأحيان كانت جرايات الجنود وعلف الدواب تنقطع فيسدون العجز عن طريق السرقة والنهب من الفلاحين. ونظراً لهذاالوضع المتردي فقد كان أغلب المواطنين يتهربون من الجيش عن طريق الانتساب إلى الطرق الصوفية وشغل الوظائف الحكومية المعفاة من الخدمة العسكرية, بينما كانت الأسر المرموقة تدفع البدلات النقدية لأبنائها .

وبالإضافة إلى تدهور الوضع العسكري وفشل محاولات الإصلاح المتعددة كانتخزينة الدولة تعاني من الإفلاس وتراكم الديون, كما انتشرت نزعات التمرد التي كانتتغذيها الحركات القومية في الأقاليم الأوروبية والعربية على السواء. وقد ظن قادة الاتحادوالترقي بأنهم سيخرجون الدولة من أوحال التردي والهزيمة عن طريق الدخول في الحرب العظمى عام ١٩١٤ إلى صالح الألمان, فتوالت الهزائم وجاءت أبرز المفاجآت منالجبهة العربية التي انهارت بتحالف الأشراف مع القوات البريطانية بقيادة الجنرال أللنبي.

وكانت القيادة العسكرية في البلاد العربية تسمى قيادة الجيش الثامن ومركزهادمشق, ثم سميت بعد إعلان الدستور ( ١٩٠٨ ) قيادة الفيلق الرابع التي كان رئيسهابرتبة فريق, وكان يرأس القيادة في مراكز حلب وبيروت والقدس فريق أو أمير لواء وفي باقي مراكز الألوية ميرالاي.( ١)

ولما اندلعت الحرب العالمية الأولى ( ١٩١٤ ) استبدلت القيادة العثمانية بزكي باشا جمال باشا (الملقب بالسفاح) قائداً للجيش الرابع, وشملت دائرة نفوذه العسكرية ولايات أضنة وحلب والشام وبيروت وجبل لبنان والقدس والحجاز. فأعلن التعبئة العامة حيث يقدر الباحث التاريخي والسياسي السوري السابق محمد كرد علي بأن عدد الذين جندتهم الدولة العثمانية في الشام حوالي ربع مليون مجند, انتهوا إلى حالة مزرية حيث:

(( حارب ربعهم وهلك ربعهم واستخدم ربع في خدم خفيفة وهرب الربع الآخر. ولما غلبت الدولة العثمانية في الشام, وانهزم جيشها واستسلم أكثره ولم يتمكن من الثبات أمام قوى الحلفاء الجديدة فانحل الجيش بالطبيعة ))

وبحلول عام ١٩١٨ انهارت الدولة العثمانية, فانسحبت قواتها من أوروبا ومن سائرالبلاد العربية التي انضم كثير من أبنائها إلى الجيش العربي بزعامة الأمير فيصل بن الحسين.



الجيش العثماني الخامس في ولايات الشام وانتشاره


thumb.php


thumb.php


thumb.php



thumb.php


thumb.php


thumb.php


 
الجيش العربي الفيصلي
==========


بعد انسحاب العثمانيين من الشام شهد العهد الفيصلي ( 1918-1920)محاولة جديدة لإعادة تنظيم الجيش العربي فسنت الحكومة السورية قانوناً للتجنيد الإجباري وأدخلت تعديلات كبيرة في أوضاعه وأركان حربه, وفرضت ضرائب جديدة لتنفيذ هذه الإصلاحات.


ولكن هذه السياسة لمتثبت نجاحاً بسبب النقص في الذخيرة والمعدات,
وتكشفت هذه الحقيقة المؤلمة عندما أحصي العتاد الحربي للجيش لدى تقدم قوات الجنرال غورو نحو دمشق 1920 فتبين (( بأنها لاتزيد عن ٢٧٠ فشكة (( طلقة رصاص)) لكل بندقية حرب وثمانين قنبلة لكل مدفع من المدافع السبعين, ولم يكن عدد القوات النظامية بالإضافة إلى المتطوعين من أهالي مدينة دمشق يزيد عن 2200 رجل في مواجهة تسعة آلاف جندي فرنسي تدعمهم المدفعية الثقيلة وتساندهم أربعة أسراب من الطائرات الحربية.))


ونتيجة لانعدام التكافؤ بين الفريقين فقد انتهت المعركة في أقل من ساعة, قتل فيهاعدد كبير من المحاربين منهم وزير الحربية يوسف العظمة, ودخل الجنرال غورو على أنقاض وادي ميسلون مدينة دمشق دخول الظافرين.لقد كانت هذه الهزيمة بمثابة الضربة القاصمة للجيش العربي الذي لم تقم له بعد ذلك قائمة.




دور الأمير فيصل في اضعاف الجيش العربي ومقاومة الفرنسيين
===============



ولا بد من القول بأن الملك فيصل بن الشريف حسين قد لعب دوراً بارزاً في إضعاف المقاومة ضد الفرنسيين, بسبب ميله نحو اتباع الأساليب الدبلوماسية ونبذ خيار المقاومةالعسكرية على الرغم مما كان يبديه الفرنسيون من عزم على احتلال المدينة بقوة السلاح.


لقد اختار فيصل تجاهل الحشود الفرنسية وأمر الجيش السوري بالتراجع عن استحكاماته في مجدل عنجر بالبقاع اللبناني , ومن ثم أمر بتسريح الجيش طبقاً لشروط الإنذار الذي أصدره الجنرال غورو, بل إنه أوفد أخاه الأمير زيد على رأس فرقة عسكرية لمقاومة الجنود الذين ثاروا احتجاجاً على هذا القرار وهاجموا مخازن السلاح لتوزيعها على الأهالي الذين شاركوهم في المطالبة بالدفاع عن أنفسهم أمام التقدم الفرنسي, فأوقعت قواتفيصل بهم أكثر من مائة قتيل وثلاثمائة جريح.


وقد اعترف فيصل بمسؤوليته عن هذه الكارثة في خطاب أرسله إلى رئيس الوزراءالبريطاني لويد جورج عام ١٩٢٠ , بقوله :


(( لقد وثقت بكلمة الجنرال غورو واعتمدت على وعده بألا يسمح للجيوش الفرنسية بالتقدم, فأخليت المراكز من الجند وسرحت قسماً كبيراً من الجيش وأجبت أنا الرجل الأعزل بأنني أرفض الحرب. وقد كنت أعرف أن موافقتي على الشروط الجديدة لابد أن تثير حرباً أهلية في دمشق فقد أعطيت الجنرال غورو عهداً صريحاً بأن أنفذ شروط ١٤ تموز بالحرف طالباً إليه لقاء ذلك إيقافالجيوش الفرنسية عن التقدم نحو دمشق فكان جوابه إطلاق النيرانعلى الجيوش النظامية والمتطوعين. على أنني بالرغم من هذا كله أصدرت الأمر إلى النظاميين الذين نجوا من القنابل بإلقاء السلاح فأبيدت فرقة من الجنود البواسل تحت قيادة البطل يوسف العظمةوهي في مكانها ))

وبهذه النهاية المؤلمة انهار الجيش العربي وابتدأت عملية تأليف الجيش المختلط منالسوريين والفرنسيين.
 

القوات المسلحة في عهد الاحتلال الفرنسي لسورية 1920-1946
====


كان من المتوجب على فرنسا بموجب صك الانتداب أن تعد جيشاً محلياً للدفاع عن الجمهورية السورية الحديثة عقب استقلالها, ولكن سلطة الانتداب الفرنسي عمدت إلى بناءمؤسسة عسكرية تدين لها بالولاء.


وقبل تحليل السياسة الفرنسية العسكرية لا بد من تفصيل تركيبة القوات المسلحة خلال فترة الانتداب الفرنسي والتي تم تقسيمها على النحو التالي:


١− جيش الشرق الفرنسي: تطلبت عملية إحكام السيطرة على سورية الاعتماد على جيش الشرق الذي بلغ تعداده ٧٠.٠٠٠ عام ١٩٢١ , وكان يتألف من المغاربة والفرنسيين والأفارقة. وبحلول عام ١٩٢٤ تم تخفيض هذه القوات إلى15000 فقط, حيث تم دعمها بالقوات الخاصة للشرق.

ويخلط الكثير من الكتاب المعاصرين بين جيش الشرق الذي يتكون من عناصر خارجية, وبين القوات الخاصة للشرق والتي تم تأليفها من العناصر المحلية, وأصبحت نواة الجيشين السوري واللبنانيفيما بعد.



2-القوات الخاصة للشرق: استخدمت السلطات الفرنسية القوات الخاصة للشرق كفرق أمن داخلية مهمتها حفظ النظام وقمعالثورات داخل المدن.

وقد كان تعدادها عندما تأسست عام ١٩٢٤ نحو 6500 مجند من المخطط لها أن تتكون من عشر كتائب من المشاة, وعشرين فصيل خيالة, وفصيلين أوثلاثة من المدفعية الثقيلة ووحدات تدعيم, ولذلك فقد استمرت القوات الخاصة في توسع حتى عام ١٩٣٥ عندما أصبح تعدادها ١٤.٠٠٠ , ثم أخذت تتناقص بعد ذلك حتى بلغ مجموعها ١٠.٠٠٠ جندي, وكانت القوات الخاصة تتألف من متطوعين من الأقليات الدينية والعرقية, إلا أن الفرنسيين حافظوا على جميع المناصب القيادية حتى( انتهاء فترة الانتداب.



3- القوات الإضافية : تم استحداث القوات , الإضافية لدعم القوات الخاصة للشرق في قمع الثورة السورية الكبرى التي اندلعت سنة ١٩٢٥

وقد غلب طابع الهمجية وسوء التنظيم على هذه الفرق الإضافية, مما اضطر السلطات الفرنسية لتسريح معظم أفرادها بعد استتباب الأمور عام ١٩٢٨ , وضمت الفرق المتبقية. منها إلى القوات الخاصة في مارس



4- قوات الدرك: تألفت قوات الدرك من ٣.٠٠٠ جندي, وكان أغلب ضباطها من السوريين ولكن ضابطاً فرنسياً برتبة مقدم ضم إليها كأركان حرب. وكانت تخضع هذه القوات لوزارة الداخلية, وشملت واجباتها حفظ الأمن في الريف وتنفيذ العقوبات القضائية والإشراف على احتكار التبغ وحراسة السجون.



5-جهاز الشرطة: يعتبر جهاز الشرطة قوة صغيرة مقارنة بالفرق الأخرى, وقدتغلب فيها العنصر الفرنسي. وبالإضافة إلى جهاز الاستخبارات الفعال كانت مهماتالشرطة تشمل كذلك العديد من المسؤوليات الإدارية ومكافحة الجريمة.



كما تم استبدال الأكاديمية العسكرية التي سبق تأسيسها في دمشق خلال العهدالفيصلي بكلية أخرى في مدينة حمص سنة ١٩٣٢ , وكان أغلب خريجيها من السنة والنصارى بينما كان تمثيل الأقليات الأخرى ضعيفاً بسبب تدنى المستوى العلمي لديهم.


ويمكن القول بأن القوات الخاصة للشرق كانت أكثر هذه الفرق أهمية لأنها كانتتتألف في غالبيتها من السوريين, وكانت السلطات الفرنسية تعتمد على هذه القواتلتكسب بها الشرعية وتحتكرها ورقة أساسية للتفاوض مع القوى الوطنية, في المراحل الأخيرة للاستقلال.



أما القوات التي جاءت بها فرنسا − والتي كانت تسمى جيش الشرق− فقد غادر معظمها بحلول ١٩٢٤ , وبقيت فرق قليلة استخدمت في مقاومة الثورة التي استمرت مابين ١٩٢٥ و ١٩٢٧ ,
وقد وقع الخلط لدى كثير من المؤرخين بين جيش الشرق والقوات الخاصة للشرق, بسبب تشابه الأسماء وتداخل المهام المتعلقة بحفظ الأمن وقمع حركاتالتمرد في أنحاء البلاد.

ولذلك فإن السطور القادمة ستركز على القوات المحلية بسبب الدور السياسي والعسكري الذي لعبته طوال فترة الانتداب.



تطور القوات الخاصة للشرق
==============


يعود تاريخ الجيش المحلي التابع لفرنسا إلى فترة سابقة لمرحلة الانتداب وتحديداً عام 1916 عندما كانت قيادة القوات الفرنسية المتمركزة في مصر تعمل على تشكيل الكتيبة(Détachement Françasis du Palestine et Syrie) الفرنسية لفلسطين وسورية (( كانت تسمى في بعض المصادر بالجيش السوري)) ضمن الحملة التي كانت تعد لها قوات الحلفاء لاحتلال البلاد العربية بعد طرد الجيوش العثمانية منها.


وكان الهدف من هذه الكتيبة إنشاء قوات محلية ينتمي أفرادها إلى المناطق التي ينوي الفرنسيون احتلالها فيما بعد بحيث يمكن الاعتماد عليهم في تثبيت الأمن وتوفير الشرعية المطلوبة للقوات الغازية الفرنسية
.


وفي مناورة سياسية بارعة استطاع الجنرال أللنبي, بدعم من جهاز الاستخبارات العسكرية البريطانية, أن يكسب تأييد الجيش العربي بقيادة الأشراف الذين تمردوا على الدولة العثمانية وأخذوا يحاربون جنباً إلى جنب مع الحلفاء لإخراج الجيوش التركية منبلاد الشام.


وفي المقابل لم يكن الفرنسيون يحظون بتعاطف العرب واحترامهم وذلك بسبب تحالفهم العقائدي مع الموارنة في لبنان ونشاطهم التجاري والتعليمي الذي كان يهدف إلى خدمة الأقليات المسيحية دون غيرها في المنطقة. كما أن الأطماع الفرنسية في سورية كانت تتعارض مع طموح الأشراف بتأسيس دولة عربية كبرى على أنقاض الإمبراطورية العثمانية.


وبينما نجح الإنجليز في كسب الحركة القومية العربية وتظاهروا بتأييدها المطلق كان الفرنسيون يبحثون عن بديل يضمن لهم السيطرة على الإقليم, وكان هذا البديل لفرنسة يتمثل في حلفائهم العقائديين من الأرمن الذين اشتركوا معهم في مشاعر الضغينة ضد الدولة العثمانية وضد الثورة العربية على حد سواء.

وكانت مذابح الأرمن وما تعرضوا له منالتشريد عقب تمردهم على الدولة العثمانية كفيلة بجعلهم ينتمون إلى طلائع الكتيبةالفرنسية لفلسطين وسورية, والانضواء تحت راية الفرنسيين للقضاء على الدولة العثمانية ووأد مشروع الدولة العربية التي لم تكن لتحقق لهم الكثير.


وفي نفس العام توصلت القيادة الفرنسية في مصر إلى اتفاق مع البطريرك الماروني في لبنان لتزويد القوات الفرنسية بالمتطوعين المحليين من المسيحيين الموارنة , وإرسالهم إلى قبرص عبر جزيرة أرواد السورية مقابل طرطوس حيث كان هناك مركز لتدريبهم وإعدادهم عسكرياً للانضمام إلى القوات الفرنسية المحاربة.


وبالتالي فإنه لم ينقض عام ١٩١٦ حتى تشكلت فرقة جديدة من المسيحيين الموارنة الذين تعود أصولهم إلى منطقة كسروان في وسط لبنان تم انتقاؤهم من قبل الكنيسة المارونية وبمباركتها, وكان الموارنة يكنون شعوراً مماثلاً بالضغينة تجاه الدولة العثمانية ومشروع الدولة العربية الكبرى التي كان يبشر بها فيصل بن الحسين.


وقد هبت الكنيسة المارونية لتأييد المشروع الفرنسي منذ مرحلة مبكرة نظراً لما كان يتمتع به الموارنة من اهتمام الفرنسيين وعطفهم.


وكان الجنود المسيحيين الموارنة على درجة عالية من التدريب والتسلح والانضباط, وكانوا كذلك يتمتعون بعلاقات ممتازة مع الضباط الفرنسيين بخلاف المقاتلين الأرمن الذين كانوا ينزعون إلى الفوضى والتمرد
, ونتيجة لهذا التضارب بين الفريقين فقد وقعت بينهم مواجهة عام ١٩١٧ مما أدى إلى فصل الفرقة المارونية عن الفرقة الأرمنية مع بقائهما تحت قيادة فرنسية موحدة .


وقد سجلت القوات الفرنسية لفلسطين وسورية أول إنجاز عسكري من خلال مشاركتها في حملة الجنرال أللنبي ضد القوات العثمانية في سبتمبر ١٩١٨
, وكان أداء هذه الكتيبة مرضياً للقيادة الفرنسية التي تمركزت بعد ذلك في بيروت وسيطرت على المنطقةالساحلية السورية واللبنانية بأسرها.


ولكن تكرر الاعتداءات من قبل الأرمن على المواطنين المحليين في لبنان أدى إلى إعادة تقسيم هذه القوات إلى فرقتين; فرقة محلية من المتطوعين اللبنانيين والسوريين قوامها ٦٩٨ رجلاً بقيت في لبنان, وفرقة أرمنية قوامها ٤١٢٤ رجلاً تمركزت في كلكيليا جنوب شرق تركيا, وبقيت هناك حتى سرحت بعد حركة تمرد قامت بها عام ١٩٢١ , ولم تنشأ بعد ذلك فرقة أرمنية أخرى.


لقد تميزت فترة نشوء القوات الفرنسية لفلسطين وسورية ( 1916-1920) بتغلب النزعة العقدية التي لم يكن من الممكن تجاهلها, فقد كانت عملية التجنيد محصورة في النصارى من الأرمن والموارنة الذين لم يجمعهم سوى الضغينة الكامنة في نفوسهم ضد السلطة العثمانية والأغلبية المسلمة في الأقاليم العربية على حد سواء.


وكانت هذه العمليةتتم بإشراف الكنيسة المارونية وبمباركتها
, حيث تحدث العديد من المؤرخين حول ظاهرة بعث الروح الصليبية في نفوس الضباط الفرنسيين الذين كانوا ينظرون إلى دخول البريطانيين, تؤازرهم سرية فرنسية, عاصمة بني أمية عام ١٩١٨ بأنه أول عودة للسيادة النصرانية في مدينة القديس بطرس .


وقد بلغت هذه النزعة الصليبية أوجها عندما احتلت القوات الفرنسية مدينة دمشق عام ١٩٢٠ ودخل الجنرال هنري غورو دمشق المدينة المقدسة في مواكب النصر ولم يتمالك نفسه عندما وقف على قبر صلاح الدين الأيوبي ليصرخ بأعلى صوته « ها نحن صلاح الدين »

ولم يكن الجنرال غورو وحده مسكوناً بهاجس انتصار الصليب على الهلال وانتهاك حرمة الأرض المقدسة بل شاركه عدد من المفوضين والضباط الذين أرسلتهم فرنسا لحكم بلاد الشام, وقد تحدثت عن هذهالظاهرة العديد من الصحف الفرنسية المعاصرة, ومن أبرزها صحيفة اللوموند التي انتقدت انبعاث « الروح الصليبية في القرن العشرين »


ونتيجة لهذه النزعة الصليبية فقد نظر السوريون إلى القوات المحلية التي جندتها فرنسا نظرة ريبة وحذر وعزفت الأغلبية عن المساهمة فيها طوال فترة الانتداب الفرنسي , في حين أسهمت السياسة الفرنسية غير المسؤولة في تعميق الهوة بين الأغلبية السنية والأقليات الدينية والعرقية بتمزيق الإقليم على أسس طائفية إلى خمس دويلات متناحرة, محدثة بذلك شرخاً اجتماعياً عميقاً على طول الساحل السوري.
 


القوات الخاصة للشرق خلال السنوات الأولى من الانتداب الفرنسي
=========================


شهدت السنوات الأولى من فترة الانتداب تغيراً ملحوظاً في السياسة الفرنسية تجاه سورية ولبنان, حيث توجب على الفرنسيين إقامة سلطة بديلة عن الحكم العثماني ومن ثم الفيصلي, وقد أدرك الجنرال غورو من خلال حركات المقاومة التي اندلعت في سائر أنحاء سورية بأن نزعته الصليبية وجيشه العقائدي على صورته القائمة لا يمكن أن يضمن السيطرة على هذه المنطقة التي تمثل عصب المصالح الفرنسية في الشرق.


فعمل غورو على إنشاء جهاز إدارة ذات صبغة مدنية في بيروت يرأسه المفوض السامي ويعاونه عدد من المندوبين والممثلين في كل من الدويلات الطائفية الوليدة. ولإحكام سلطة الانتداب دأب غورو على توسيع القوات المحلية ليضمن تمثيل فئات المجتمع الموالية والتي لا تشكل خطراً مباشراً على المصالح الفرنسية في المنطقة.


ولكن السياسة الفرنسية في إدارة القوات المسلحة لم تكن متجاوبة بأي حال مع تطلعات السوريين وآمالهم, فقد اعتمد غورو ( 1919 -1923) وبعده ويغان ( 1923- 1925) على العنصر الجبلي أي سكان الجبال من الأقليات الدينية والعرقية وتم تجنيد أعداد كبيرة من جبل النصيرية وجبل الدروز وجبل لبنان,

وأصبح غالبية المنتمين إلى القوات الخاصة من الفلاحين العلويين والدروز والموارنة بالإضافة إلى تشكيل فرق جديدة من الأقليات الإسماعيلية والأكرادوالشراكسة.


ويعزو المؤرخ البريطاني مالكولم ياب ظاهرة تجنيد الأقليات الطائفية في سورية إلى السياسة الفرنسية التي كانت متبعة في المغرب العربي, فقد جاء أغلب الضباط والموظفين الفرنسيين إلى سورية بعد أن تلقوا خبرتهم في شمال إفريقيا حيث كان اعتماد السلطات الفرنسية فيها على قبائل البربر لتشكيل الفرق العسكرية الموالية وقمع المشاعر الوطنية فيالمدن الرئيسة.

وكان أفراد هذه القبائل يتمتعون بمزايا عسكرية بالفطرة ويبغضونالسلطة المركزية ولديهم رغبة جامحة بالانفصال عنها وتكوين كياناتهم الخاصة.


فقد دأبت القوى الاستعمارية على ترسيخ حالة انعدام التوازن الطائفي والاجتماعي من خلال إقامة مؤسسات الحكم المدنية والعسكرية التي تدين للمستعمر بالولاء, ولذلك فقد هدفت سياسة التجنيد إلى تجنب المدن الرئيسة واستقطاب العناصر الأكثر بداوة في المناطق التي تعاني من التخلف العلمي والاقتصادي بحيث يصبح أبناؤها أكثر الفئات انتفاعاً من السلطة الاستعمارية, ولا يتأثرون في الوقت نفسه بالعواطف القومية المتأججةفي سائر أنحاء الأقاليم المستعمرة.


إن مشاعر التعاطف التي أظهرها الفرنسيون مع المطالب الانفصالية التي قدمها العلويون والنصارى والدروز شبيهة إلى حد ما بالتعاطف الذي أبداه الإنجليز مع القوميين العرب الذين أرادوا الانفصال عن الدولة العثمانية
, وفي حين أخلف الإنجليز وعدهم للأشراف وتملصوا من جميع الالتزامات التي تعهدوا بها أثناء الحرب العظمى (1914-1918) كانت السلطة الفرنسية البديلة في بلاد الشام أقدر على تحقيق مطالب أنصارها فأنشأت لهم دويلاتهم المستقلة وميزتهم في سياسة التجنيد والضرائب والخدمات العامة عن الأغلبية السنية.


وعندما شعر الفرنسيون باستتباب الأمور في سورية وتحقق هدوء نسبي في السنوات الأولى للانتداب; قاموا بتخفيض قوات جيش الشرق. بينما عمدت سلطة الاحتلال إلى إنشاء فرقة جديدة باسم: القوات الخاصة للشرقوكان قوامها من الأقليات الطائفية التي تخضع لقيادة فرنسية.


وقد أثبتت هذه الفرق الطائفية بأنها أقدر من القوات الفرنسية على إخماد الثورات وقمع المظاهرات الوطنية,وأثبتت في الوقت نفسه ولاء كاملاً لسلطة الانتداب, مما شجع الفرنسيين على استحداث عرفت باسم الفرق الإضافية − قوة عسكرية طارئة خلال سنوات الثورة (1925-1927) يتكون غالب أفرادها من الأكراد والشركس والاسماعيليين والدروز والعلويين .


جدول بعدد منتسبي القوات الاضافية من الطوائف


الطائفة ....1925 ....1930....1944

نصارى ... 1633 .....3291 ....6952

نصيريون....933.......2505.....5124

دروز .....45.........809......1958

اسماعيلي ....58.......207......352

شيعة .......3 .........38...... 788

========
========


وكان لهذه القوات سمعة سيئة بسبب جهل أفرادها والوحشية التي كانوا يعاملون بها أبناء المدن وما سجلته المصادر العديدة من تعديهم على المواطنين.

وقد تحدث القنصل البريطاني سمارت عن هذه الظاهرة, في خطاب وجهه إلى الخارجية البريطانية 23/2/1926 بقوله:

(( يشرفني أن أفيدكم بأن الفرنسيين قد جندوا حوالي ٢٠٠ إسماعيلي من السلمية شمال غربي حمص حيث يوجد تجمع إسماعيلي هناك. لقد جيء بهؤلاء الرجال إلى دمشق تحت قيادة أحد زعمائهم …إن صاحب العقل الرومانسي سيسر لاكتشاف ربط تاريخي بين الفرنجة والحشاشين أيام الحروب الصليبية ضد الإسلام. ولكنالمعنيين بالوضع السوري اليوم سينظرون إلى هذه المسألة بتخوف فقد جر الفرنسيون الأرمن واللبنانيين [الموارنة] والشركس والأكراد والإسماعيليين وجميع الأقليات للمواجهة ضد الإسلام العربي. ومن المتحقق أن العرب لن ينسوا هذه الحقبة المفجعة))



وقد بلغت السياسة الطائفية أوجها في الجيش خلال الفترة ١٩٢٤مثل العلويون والنصارى وحدهم ٤٦ بالمائة من مجموع القوات الإضافية.
وبسبب ما كانت تتمتع به هذه القوات من سمعة سيئة وسوء إدارة وتنظيم فقد سرح الكثير من فرقها وضمت البقية منها إلى القوات الخاصة في مارس ١٩٣٠ , حيث شهدت فترة الثلاثينيات تغيراً في سياسة التجنيد.


قائمة تحدد نسبة الطوائف في المجتمع وفي القوات الإضافية في سورية ولبنان خلال الفترة 1924-1928:


الطائفة ......في المجتمع .......في القوات الاضافية التابعة لفرنسة

السنة ......71.3 % .........51.7%

النصارى ....12.6% .........26.6%

العلويون .....10.7% ........19.5%

اسماعيلي ....1% .........1.3%

دروز..........3.1% ........0.7%

شيعة .........1.3%..........1 %

====
====

أغلب أبناء السنة في القوات الإضافية ينتمون إلى الأقليات العرقية كالأكراد والشركس.


فقد ذهب ستيفن لونغريغ وألبرت حوراني وفيليب خوري وعدد من الكتاب الذين أرخوا لهذه المرحلة إلى أن سلطة الانتداب الفرنسي قد عمدت إلى إنشاء جيش طائفي لضرب المقاومة السنية ضد الحكم الفرنسي, وذلك من خلال تجنيد الأقليات من الأرمن والموارنة (1916-1920) ومن ثم النصيريين والدروز والإسماعيليين والأكراد والشركس (1921-1928) استخدمتهم في قمع ثورات السنة ضد الحكم الفرنسي التي اندلعت في عموم سورية

وركز أصحاب هذا الطرح على إبراز العنصر العقدي في المواجهة بين المسلمين السنة والأقليات الدينية والطائفية من جهة, والدور الفرنسي في تأجيج الخلاف بين الفريقين من جهة أخرى.


وفي مراجعة لهذه النظرية السائدة حاول بوناكلي أن يثبت بأن السلطة الانتدابية لم تكن تسعى إلى توظيف العنصر العقدي بقدر ما كان اهتمامها منصباً نحو إحداث خلخلة في الصف الوطني المعارض لسلطة الانتداب الفرنسي ,( ١) وكانت سياستهم متباينة بحسب تغير الظروف وتباين الولاءات.


فخلال الحرب العالمية الأولى كان الجنرال أللنبي قد استحوذ على تأييد الجيوش العربية ولم يكن يسمح للفرنسيين بتجنيد أبناء السنة في صفوفالجيش السوري التابع لفرنسا, فاعتمد الفرنسيون على الأرمن والمورانة.


وفي غضون الفترة 1924-1927 لم يكن الفرنسيون قادرين على تجنيد أبناء السنة لانعدام المصداقية وفقدان الثقة بين الطرفين, ولكن عندما هدأت الأمور في المرحلة التي أعقبت القضاءعلى الثورة الكبرى شرعت سلطة الانتداب تجنِّد عدداً من أبناء العوائل السنية في المدن وكذلك أبناء السنة القادمين من الأرياف الذين يبحثون عن الرقي المادي والمكانة الاجتماعية.


ويدلل بوناكلي على ذلك بأن الفرنسيين على سبيل المثال قد اعتمدوا على النصيريين بصورة ملحوظة طوال فترة الانتداب, ولكنهم لم يمنحوهم أي مناصب عليا في المؤسسة العسكرية. فبالرغم من أن النصيريين كانوا يشكلون حوالي نصف فرق المشاة الثمانية في القوات الخاصة إلا أنهم لم يتمتعوا بأي تمثيل في فرق الخيالة أو قوات الدرك,وحتى في الفرق التي كانت لهم الأغلبية فيها فإنهم لم يستلموا أي مواقع قيادية.


ويلاحظ كذلك بأن الفرنسيين لم يجندوا أبناء القبائل النصيرية التي تمردت عليهم كعشيرة البشاغرة على سبيل المثال, بل كان التجنيد محصوراً في العشائر التي أظهرت الولاء للفرنسيين أو كانت محايدة على أقل تقدير.


وبناء على ذلك يقرر بوناكلي بأن الفرنسيين قد استخدموا العنصر الطائفي في الفرق العسكرية لضمان ولائها, ونظراً لأن النصارى كانوا أكثر الفئات التي يمكن الاعتماد عليها من ناحية الولاء والتأهيل العلمي فقد استحوذوا على الرتب العليا في الجيش,وشغلوا المناصب الإدارية والفنية, وقد انسجموا مع الفرنسيين بسبب تربيتهم الغربية والعلاقات التجارية والتعليمية التي كانت تربطهم مع فرنسا منذ عام 1860


وبينما كان الدروز والنصيريون يستحوذون على فرق المشاة في القوات الخاصةوالقوات الإضافية, كان تمثيل الأكراد والشركس عالياً في قوات الدرك.

أما في جهاز الشرطة فقد اعتمد الفرنسيون على النصارى الذين بلغت نسبتهم ٦٥ بالمائة, ثم جاءت نسبة الإسماعيليين في المرتبة الثانية, حيث كان تمثيلهم يقدر بحوالي ٠.١٧ رغم أنهم لم يكونوا يمثلون أكثر من ٠.٠٧ بالمائة من سكان الإقليم.


٣
 


وكانت أول خطوة اتخذها الفرنسيون على الصعيد العسكري هي تشكيل الجيش السوري من دمج القوات الخاصة للشرق مع القوات الاضافية لتشكيل نواة الجيشين السوري واللبناني فيما بعد.

 


تطور جيش الشرق الموالي لفرنسة خلال فترة الثلاثينيات
======================


نظراً لهيمنة العنصر الطائفي على القوات المسلحة واستبعاد العنصر السني خلال الفترة 1920 - 1929 فقد انضوى غالبية أبناء السنة القادرين على حمل السلاح تحت راية قادة الثورة السورية ضد فرنسة مثل إبراهيم هنانو وحسن الخراط وغيرهم من قادة الثورات التي اندلعت في دمشق وحلب وحماة وحمص وتلكلخ وحوران خلال الفترة 1921- ١٩٢٧ .


ونتيجة لهذه الخلفية العدائية فقد كان أبناء السنة يعتبرون الانضمام إلى الفرق العسكرية التي شكلها الفرنسيون نوعاً من الخيانة. وانحصرت عضوية هذه الفرق في العناصر الطائفية المعادية للحكم الفيصلي, وكان يجمعهم كذلك عامل الحقد على العوائل الإقطاعية السنية التي هيمنت على العمل السياسي وملكية الأرض.


ولكن هذه السياسة تغيرت بصورة كبيرة خلال فترة الثلاثينيات. فقد ناءت خزينة السلطة المركزية الفرنسية بتكاليف الدويلات الطائفية المتعددة, وبدأت همة الفرنسيين تضعف إزاء الاستمرار في تكريس انفصال الساحل السوري وجبل الدروز عن المنطقة الداخلية,− وتزامن ذلك مع قيام المفوض السامي بونسو (1926 -1933) ومن بعده دومارتيل (1933-1938) بمحاولات لإبرام معاهدة مع الوطنيين وإقرار دستور للجمهورية وترتيب الأوضاع في سورية ولبنان على صيغة تحفظ المصالح الفرنسية بعد الانتداب

وكانت أول خطوة اتخذها الفرنسيون على الصعيد العسكري هي ضم الجيش السوري مع القوات الاضافية لتشكيل القوات الخاصة للشرق التي أصبحت نواة الجيشين السوري واللبناني فيما بعد.

وتزامن هذا الإجراء مع تسريح عدد كبير من القوات الإضافية سيئة السمعة, في حين أخذ يتزايد عدد المجندين من أبناء السنة بحيث تراوحت نسبة تمثيلهم بين 30 -50% خلال الفترة من 1930-1943 .​

وفي عام 1932 أسست الأكاديمية العسكرية في حمص والتي كان أكثر خريجيها من الضباط السنة والنصارى ومن ثم حافظت على نسب محددة من أبناء الطوائف.(

ويذكر الضابط النصيري محمد معروف بأن الفرنسيين كانوا يتخيرون طلاب الكلية العسكرية حسب الطائفة والمحافظة, وكانوا يراعون تمثيل جميع الطوائف والمحافظات فيها, فقد كانت الدورة التي سجل فيها سنة ١٩٣٩ , من أصغر الدورات, وشارك معه فيها: أنطوان خوري عن الموارنة في اللاذقية, فيليب صوايا عن الأرثوذكس في اللاذقية, محمد معروف وحسن مهنا عن العلويين في اللاذقية, شارل جان عن الكاثوليك في حماة, أنور تامر عن الإسماعيليين في حماة, وجيه حداد عن السنة في اللاذقية, كمال ماظ من دمشق, سهيل برازي عن السنة حماة, زهير الصلح من بيروت, وعن الدروز: مفيد غصن حلاوي من لبنان, خطار حمزة وعبد الكريم زهرالدين من دروز جبل الدروز, وكذلك بيرميان عن الأرمن ونظام الدين عن الشيعة وخالد جادا عن الشركس.



وقد أشار إلى هذا التغير في سياسة التجنيد الضابط السوري أحمد عبد الكريم في مذكراته, فذكر بأن الفرنسيين في المرحلة الأولى:

(( الفرنسيين بداية أخذوا يختارون الجنود وعدداً من ضباط الصف والضباط من بين أبناء الأقليات القومية في سورية كالأرمن والأكراد والشراكسة والآشوريين والأقليات الطائفية الأخرى, ثم عمدوا في مرحلة تالية إلى انتقاء بعض الأسر السنية الموالية لهم ليكونوا ضباطاً بصرف النظر عن توفر الشروط الثقافية فيهم. أما الكوادر الأساسية والمراكز الحساسة فكانت بين الضباط وضباط الصف الفرنسيين وكانت قيادات المواقعوالمناطق وضباط الأركان وضباط حرس البادية على الأخص معالفرنسيين... وفي أواخر الثلاثينيات عندما بدأت تظهر في الأفق دلائل اقتراب نشوب الحرب العالمية الثانية اضطرت فرنسا لتعزيزوحدات جيش الشرق ليسهم بالدفاع عن منطقة الشرق الأوسط فأنشأوا كلية حربية في حمص − وتخفيض شروط الانتساب للمواطنين السوريين واللبنانيين − الأمر الذي أفسح المجال لدخول العناصر الوطنية لهذه الكلية. وهكذا لم تنته الحرب حتى ضم جيش الشرق عشرات الضباط السوريين برتب مختلفة ولكن معظمهم كانوا من الضباط الأعوان ))


ولم تكن زيادة المجندين من أبناء السنة على حساب تناقص الطوائف الأخرى بل استمرت الزيادة المطّردة في تعداد الجيش بصورة عامة نتيجة لسباق التسلح الذي بدأته ألمانيا في النصف الثاني من الثلاثينيات, فقد حافظ النصيريون على التفوق العددي في القوات الخاصة ولكن انحصر دورهم في الخدمات الوضيعة بسبب تدني المستوى التعليمي لديهم. وتشير المصادر الى أن الفرقتين في القوات الخاصة كانت ضمن الفرق العلوية الخالصة التي سرحت بسبب تدني مستوى مجنديها فيما بعد.


لاحظ محمد معروف الضابط العلوي في مرحلة الأربعينات من القرن الماضي في مذكراته بأن أفراد السرية التي كانت تحت إمرته في البوكمال سنة ١٩٤٣ , كانوا جميعهم من العلويين وكانوا تحت إمرته, وقد تولى اختيارهم وتدريبهم بنفسه, ولم يكن الحال مختلفاً عندما عين آمراً على سرية في تلكلخ حيث كانت الغالبية العظمى من الجنود والرقباء في السرية من العلويين


ويلاحظ في هذه الفترة كذلك ارتفاع مستوى تمثيل النصارى بشكل ملحوظ, فقد زاد الأرمن خلال الفترة بنسبة ٣٠٠ بالمائة من 1930 الى 1944 ولكن اقتصر دورهم على الأعمال الخدمية والإدارية ولم تنشأ فرق أرمنية خلال تلك المرحلة على الإطلاق .
 


لقد تبنت سلطة الانتداب سياسة تجنيد السنة لكسب المزيد من الشرعية في محاولتها وضع أسس الجمهورية الحديثة بصورة تكفل المصالح الفرنسية عقب الاستقلال,وكانت السلطات الفرنسية تجد في صفوف السنة من العوائل الأرستقراطية ومن أبناءالريف من يمكن أن يتعامل معها طمعاً في تحقيق المصالح الشخصية وتحسين مستوى الدخل, وكان هؤلاء يتبوأون المناصب العالية ويضعهم الفرنسيون في واجهة المؤسسةالعسكرية في مرحلة اتخاذ القرار,


ولذلك فإنه من الملاحظ بأن عدد أبناء السنة من خريجي الأكاديمية العسكرية كان يفوق أي طائفة أخرى. ولكن ولاء الضباط السنة لم يكن مضموناً بأي حال ولذلك فقد كان يتم التخلص منهم بصورة دورية,



وقد شهدت الفترة 1943 - 1944 بالتحديد تسريح أعداد كبيرة من السنة بسبب تمردهم على القيادة الفرنسية ورفضهم المساهمة في ضرب الثورة التي اندلعت عام ١٩٤٤


ويمكن تلخيص نظرية بوناكلي بأن سياسة القوات الخاصة للشرق لم تكن طائفية بالمعنى الصحيح وإنما كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى تجنيد العناصر الموالية لفرنسا والتي كانت تنحصر في الموارنة والأرمن قبل عام ١٩٢٠ , ثم توسعت لتشمل الأقليات الدينية والعرقية في العشرينيات, وفي المرحلة التالية تحول الاهتمام نحو جذب العناصرالسنية لتحقيق نوع من التوازن داخل القوات المسلحة.



ولكن هذه السياسة لم تكن تخل من المنغصات فقد اضطر الفرنسيون إلى:

1- تسريح جميع الفرق الأرمنية بعد تمردها عام 1921,

2- واضطرت بعد ذلك إلى استبعاد شق من الطرشان ( قبيلة )في دولة الدروز,

3- وإلى استبعاد قبيلة البشاغرة في الدولة العلوية بسبب تمردهم على الحكام الفرنسيين,

4- واضطرت كذلك إلى تطهير صفوف الجيش من العناصر السنية بشكل دوري وخاصة خلال السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.


وبالتالي فإن السياسة الطائفية في الجيش لم تكن في حقيقتها تحمل بعداً عقائدياً, بلكانت محاولة سياسية لترجيح موازين القوى تبعاً لتغير الظروف خلال فترة الانتداب.ولم تكن تهدف فرنسا من سياستها هذه إلى إنشاء جيش طائفي بل كانت تحاول أن تطبق السياسة التي انتهجتها في المغرب العربي عن طريق اجتذاب الأقليات الأكثر ولاء للمستعمر والتي تشترك في تميزها الديني والعرقي عن الأغلبية, وفي مطالبتها بالانفصال عن السلطة المركزية


ويمكن اختتام هذا الفصل بعنصر أخير أضافه دريسدل إلى سياسة التجنيد في القوات الخاصة للشرق, وهو الاهتمام الذي أبداه الفرنسيون في مستوى التسلح والاستعداد الطبيعي لدى أبناء الطوائف للقتال,


فقد صرح حاكم دولة العلويين الفرنسي دي لاروشيه, في معرض حديثه عن النصيريين:

(( سيكون العلويون مفيدين جداً بالنسبة لنا, ولا يمكننا الاستغناء عنهم, فجميعهم مسلحون ويمكنهم أن يشكلوا معارضة قويةضدنا, ولذلك فإنه من مصلحتنا أن نحظى بتعاطفهم, وأن نفضلهم على غيرهم ))


وفي تقرير آخر لأحد المسؤولين الفرنسيين; فإن سكان سورية ليسوا أهل حرب وقتال ولكن توجد استثناءات لهذه القاعدة,

فقد وصفت المصادر الفرنسية الدروز بأنهم « جبليون ميالون للقتال » :وبأنهم مقاتلون بالفطرة ومتعصبون بكل ما تحمله الكلمة من معنى ))

وفي معرض آخر تصف الوثائق الفرنسية النصيريين بأنهم ((همج وقطاع طرق ولكن حتى في عمليات النهب وقطع الطرق تجد فيهم صفات الرجولة وحسن التحكم بالنفس ))


وتعرضت المصادر للشراكسة كذلك بأنهم مقاتلون بالفطرة, مفترسون كالنسور ويتمتعون بموهبة فطرية للقتال ))

ووصفت الإسماعيليين الذين استخدموا بصورة ملحوظة في قمع المظاهرات الوطنية بدمشق بأنهم (( محاربون قساة ))

ويمكن القول بأن العنصر الجبلي من أبناء الأقليات قد استهوى الفرنسيين نظراً لماكان يتوفر فيهم من استعداد طبيعي للقتال بالإضافة إلى ميلهم للتمرد وكراهيتهم للسلطة المركزية,



فبادرت سلطة الانتداب بضمهم إلى مختلف الفرق العسكرية التي حافظت على هذه المزايا لدى انضمام أفرادها إلى الجيش السوري, ليشكلوا بعد ذلك نواة الحركات الانقلابية التي عصفت بالسلطة المركزية ورسخت حكم العسكر خلال الفترةالتي أعقبت الاستقلال.
 


ملخص فترة الانتداب الفرنسي ومابعدها:
===


نشأت الجمهورية السورية في ظل الانتداب الفرنسي, وتشكلت في الفترة نفسها نواة القوات المسلحة السورية, وشابت عملية التأسيس هذه إشكاليات كبيرة وتناقضا تحرص الفرنسيون على ترسيخها بين مؤسسات الحكم المدني والجيش.


فقد عمد الفرنسيون إلى تجزئة القطر السوري من خلال إنشاء دويلات مستقلة في سورية وتعميق الهوية الطائفية في تلك الدويلات, فأيقظت شعور أبناء الطوائف بالتميزعن سائر أبناء المجتمع وأظهرت التعاطف مع مطالبهم, وغذت فيهم روح الانفصال,وكانت فرنسا تهدف من خلال ذلك إلى تشكيل قوى محلية غير خاضعة لنفوذ السلطةالوطنية التي تمتعت بتمثل كبير في المدن السورية, ولتحقيق ذلك فقد قامت بإنشاء فرق القوات الخاصة للشرق وتنسيب أبناء الأقليات الطائفية فيها, وعملت في الوقت ذاته إلى إضعاف مؤسسات الحكم المدني إلى قدر يسمح لها بالاستمرار في ممارسة نفوذها وحماية مصالحها في المنطقة.


وعند جلاء القوات الأجنبية عن سورية سنة ١٩٤٦ استمرت حالة الانفصام بين الجيش السوري, وبين السلطة المركزية, مما أدى إلى وقوع سلسلة انقلابات عسكرية تولى فيها ضباط الجيش مقاليد الحكم, واستمر الصراع بين الحكم المدني والجيش لمدة ستة عشر عاماً, حتى وقع انقلاب حزب البعث الذي عمل على دمج المؤسسة العسكرية في كوادر الحزب لتأسيس جيش عقائدي. ولكن هذه السياسة لم تكن كفيلة بنزع فتيل أزمة العلاقة المتوترة بين المدنيين والعسكريين فتتابعت سلسلة انقلابات ومحاولات انقلابية طوال العقد السادس من القرن العشرين, حتى نجحت محاولة تأسيس نظام حكم أكثرثباتاً سنة ١٩٧٠ , ولكن تكلفة ترسيخ هذا النظام كانت باهظة, وتمثلت في تعزيز الإرث الفرنسي القائم على استخدام العناصر العسكرية−الطائفية لإخضاع مؤسسات الحكم المدني.

 


مشروع الدويلات الطائفية التي أنشأته فرنسة في سورية:
============



اعتمدت فرنسا في سياستها الانتدابية على القول بأن بلاد الشام لم تكن تحت حكم الدولة العثمانية إقليماً موحداً بل كانت مجموعة من الولايات, وبالتالي فإن محاولة إنشاءسلطة مركزية من شأنها أن تزيد من التعقيدات المرتبطة بإدارة الإقليم. وبخلاف الأسس,التي قامت عليها دولة فيصل بن الحسين (1918-1920) فإن السلطة الفرنسية قد رأت بأن للأقليات الطائفية خصوصية لا يمكن تجاهلها, وبأن هذه الأقليات لا تشترك مع الأكثرية السنية في أصولها العرقية أو التاريخية أو انتمائها الديني.


وكان مستشارالمفوضية العليا: روبير دو كاي, أحد أبرز الداعين لهذه الفكرة, حيث جادل بأن بلدان الشرق لم تقم على الانتماء القومي بل قامت على أسس دينية بحتة, وأَضاف بأنه منذ سقوط الدولة الأموية لم تعد سورية تشكل وحدة سياسية متكاملة بل مجموعة من الأقاليم تضم العديد من الأديان والأعراق المتباينة, ورأى بأنه من المتعين على الأنظمةالسياسية أن تستوعب هذه الاختلافات وأن تعترف بها كأمر واقع, ومن ثم تقوم على( جمعها بصورة تدريجية في نظام فيدرالي تشرف على تأسيسه فرنسا.


وقد استخدم الفرنسيون هذه الفكرة كأداة لمواجهة الدعم الأمريكي للقوميين العرب في مطالبتهم بحق تقرير المصير, وكذلك لمواجهة الدعم البريطاني لفيصل بن الحسين; حيث لم تخل السياسة البريطانية من رفض مبطن للمطامع الفرنسية في المنطقة.


ونظراً لما يمكنأن يسببه الدعم الأمريكي − البريطاني للقوميين العرب في إضعاف النفوذ الفرنسي فإن دو كاي قد استبعد فكرة « الملكية الموحدة » لسورية واقترح « تجزئة فيدرالية » لسورية.


وظهر التخوف من عواقب هيمنة الفكرة القومية وما تلقاه من دعم بريطاني في كثيرمن المراسلات المتبادلة بين المسؤولين الفرنسيين في تلك الفترة, وقد عبر عنها بصورة واضحة رئيس الجمهورية الفرنسية ميليران في خطاب وجهه إلى المفوض السامي الجنرال ديغول بتاريخ ٦ أغسطس ١٩٢٠ , والذي قال فيه:

((بيد أنه تبين بسرعة أن خضوع سورية لسلطة مصطنعة تتمثل بملكية شريفية غريبة عن طموحات البلاد والانقسامات التقليدية
.« فيها لا يمكن أن يستمر إلا باستبعادنا
))



واقترح الرئيس الفرنسي الصورة البديلة للملكية القائمة على أساس القومية العربية بقوله:

((إن النظام الذي يستجيب بصورة أفضل لمصالح سورية ومصالحنا أيضاً هو سلسلة دول مستقلة جمهورية الشكل تتناسب معتنوع الأعراق والديانات والحضارات, وتتحد في فيدرالية تحتالسلطة العليا للمفوض السامي ممثل الدولة المنتدبة, وبذلك لا تكونالوحدة وحدة إدارية مركزية بل وحدة اقتصادية جمركية ومالية )))


وفي الوجهة المقابلة حاول العديد من الدبلوماسيين الفرنسيين إقناع الحكومة في باريس بضرورة مسايرة الأكثرية المسلمة, ودعوا إلى نبذ السياسة الفرنسية القائمة على تفضيل الموارنة والأقليات الطائفية, وقد تبنى القنصل الفرنسي السابق في بيروت (( كوجيه)) هذا الرأي مذكراً بأن القوميين العرب لا زالوا مسلمين بالرغم من عداوتهم للأتراك, كما أيده بذلك نائب القنصل الفرنسي في طرابلس الذي رأى ضرورة دعمالمسلمين في تنصيب خليفة لهم.


ولكن التيار الجارف في فرنسا كان ينظر إلى الدور الذيلعبته دولتهم في حماية المسيحيين وغيرهم من الأقليات منذ عام ١٨٦١ , ولم يكونوا
يرغبون في تغيير هذه السياسة التي ارتبطت بها مصالحهم التجارية والثقافية في تلك المنطقة.


وقد أظهر الساسة الفرنسيون تشنجاً إزاء الدور البريطاني في بلاد الشام, حيث كانت االصحف الفرنسية تتهم بريطانيا بالتدخل السافر والمستتر في الأوساط السورية حكومة وشعبا ))


والحقيقة هي أن الإنجليز كانوا يزاحمون النفوذ الفرنسي في سورية ليس عن طريق دعم الحكم الفيصلي فحسب وإنما عن طريق التودد للطوائف البروتستانتية ويتذرعون بحماية الأقلية الدرزية في لبنان بمقابلة حماية فرنسا حقوق الموارنة.



ففي عام1919أرسلت الحكومة الفرنسية مذكرة لبريطانيا حول التدهور الأمني في سوريةونسبت ذلك إلى الدعايات الخفية التي كانت تقوم بها الاستخبارات البريطانية لإضعافالنفوذ الفرنسي. وأمام الضغط الفرنسي تخلت الحكومة البريطانية عن أي نفوذ لها فيالمناطق الشمالية, وبدأت تسحب جيوشها بصورة تدريجية, كما أوعزت إلى الأمير فيصلأن يتفاوض مباشرة مع الفرنسيين, راضية منهم بالموافقة على ضم الموصل ضمن سلطة
بريطانيا الانتدابية في العراق وبتنازل الفرنسيين عن المنطقة الجنوبية التي تعهدالبريطانيون بجعلها وطناً قومياً لليهود.



لقد كان فيصل بن الحسين هو الخاسر الوحيد من هذه الصفقة, حيث خسر مملكته التي شيدها خلال سنتين واضطر لمغادرة سورية بتهديد السلاح,



وقد عبر فيصل عن مشاعر الإحباط في خطاب ألقاه في حديقة قصره بعد عودته من أوروبا عام ١٩٢٠بقوله:

(( تخلت بريطانيا العظمى عنا في آخر لحظة إرضاء لحليفتها فرنسا ذات المصالح الاقتصادية والثقافية في هذه البلاد, وتجنباً من إثارةالخلاف والمشادة بين حليفتين حاربتا جنباً إلى جنب حتى أحرزتا مع سائر حلفائهما النصر على عدو قوي كألمانيا … ولما لم تثن مدافعاتيواحتجاجاتي بريطانيا العظمى عن عزمها واتفاقها مع فرنسا بهذا الشأن غادرت لندن إلى باريس ))

لقد أوكلت بريطانيا حليفها فيصل إلى الحكومة الفرنسية التي لم تكن تعترف له بأيحق في سورية ولم تكن قد التزمت معه بأي اتفاق, وإمعاناً في فرض سياستها المخالفةلسياسة الإنجليز قامت على إخراجه بصورة مهينة بعد استيلاء قواتها على مدينة دمشق, وبدأت مع رحيل الأمير فيصل عن سورية مرحلة جديدة من التقسيم الطائفي
 
عودة
أعلى