"اللبؤة الغاضبة" قتلت 40 جندياً فرنسياً

ابن المغرب البار

التحالف يجمعنا
صقور التحالف
إنضم
12/12/18
المشاركات
1,016
التفاعلات
2,966
لقبها "اللبؤة الغاضبة". مغربية نالت نصيبها من فظائع الاستعمار فقررت المواجهة. إليكم حكاية عدجو موح.
44456116_321200541944240_7323717922608573235_n.jpg
بقلم //ميلود القاح
يشهد تاريخ المقاومة المغربية ضد المستعمر الفرنسي على الدور البطولي الذي لعبته المرأة إلى جانب الرجل. فهي لم تكتفِ بتزويد المقاومين بالطعام وإسعاف الجرحى ونقل الرسائل، ولكن تعدَّت ذلك إلى حمل السلاح ومقارعة المحتل بكل شجاعة وحنكة، وذلك ما جعل بعضهن خالدات في الذاكرة الشعبية المغربية، مثل المجاهدة المغربية الأمازيغية عَدْجو موح التي أرعبت جنود الاحتلال الفرنسي. فمن هي هذه المجاهدة وماذا قدمت للمقاومة المغربية؟ جاء في كتاب "أوراق بوڭافر السرية" لميمون أم العيد، الذي يسلط فيه الضوء على جانب مهم من تاريخ المقاومة المسلحة المغربية لقبائل السفح الجنوبي للأطلس الكبير، أن عدجو مُوح ولدت حوالي 1905 بمنطقة صغرو* الجبلية حيث نشأت.وبعد زواجها هاجرت رفقة زوجها الحسن نايت بوح نحو منطقة بوڭافر* التي تبعد عن ورززات (جنوب المغرب) ب200كلم، استجابة لمُنَادٍ ينادي في الأسواق والمداشر أن هبّوا إلى محاربة الفرنسيين. اشتهرت عدجو بجمالها وباهتمامها بخدمة زوجها وولديها أحمد وخيرة وتقديم يد العون للمقاومين. يقول ميمون أم العيد للميادين الثقافيةإنها "كانت، كغيرها من نساء القبائل الأخرى، تخدم المقاومين، وتشجعهم على الذود عن الحِمى، سواء بواسطة الزغاريد أو ببعض الأذكار والأشعار المُلهبة للعزائم. وكانت - كغيرها من نساء المنطقة - تمسك جريد نبات يشبه النخيل (قصير وغير مُثمر) ينتشر بشعاب صغرو وتلطخه بالحناء ثم تلقي به على جلابيب الرجال الذين يتراجعون ويخافون من أزيز القذائف وفرقعات الطلقات، وكانت تصيح في الرجال بأن يبذلوا ما في وسعهم لمواجهة العدو".

857e0385-312f-45dd-b2cd-4c903b28fac7.jpg
لكن دور عدجو موح سيظهر بعد هجوم انتقامي أمر به الجنرال جورج كاترو (Georges Catroux) رداً على اقتناص أحد المقاومين جندياً فرنساً يلقب بالرجل الأحمر هو هنري دو بورنازيل (Henri De Bournazel)، الذي كان المجاهد عبد الكريم الخطابي- سابقاً - قد رصد مكافأة لمن يقتله. يذكر المؤرخون أن الجنرال كاترو فقد أعصابه بعد اغتيال دو بورنازيل، وأمر بالقصف العشوائي في 28 من فبراير/شباط 1933. يتابع ميمون أم العيد شهادته قائلاً: "في ذلك اليوم استشهد العديد من المجاهدين، وسقط عدد كبير من الضحايا، منهم الرجال والنساء والأطفال، وكان ضمنهم زوج عدجو موح، ويروي الذين عايشوا تلك الأحداث أن قذيفة مزقت أشلاءه أمام عينيها، فتحولت تلك المرأة الوديعة إلى لبؤة غاضبة انتزعت بندقية من ذراع أحد الشهداء، وانخرطت كالرجال في جبهات القتال. إلا أن الحادث الذي خلد اسمها وجعله يتردد على الألسن وجعل شهرتها تتجاوز الآفاق هو تمكنها من قتل أزيد من 40 عسكرياً من جيش الاحتلال دفعة واحدة؛ ذلك أن معرفتها الدقيقة بشعاب وقمم بوڭافر، جعلتها تختار لها مكاناً في قلعة منيعة وحين رأت، ذات صباح، فرقة مختلطة من الجنود الفرنسيين تتسلق شعاباً في اتجاه حصن جبلي يتحصّن فيه بعض المقاومين، أشارت إلى المقاومين بألا يُحرّكوا ساكناً حتى يصعد آخر جندي فرنسي. وبعد أن تيقنت من تقدم أزيد من مائتي عسكري من إحدى القمم، سارعت إلى دحرجة صخور كبيرة، أحدثت صوتاً كالهدير، وداست عدداً كبيراً منهم قدِّر بأربعين جندياً". لم يخف قادة الجيش الفرنسي صدمتهم واندهاشهم في شجاعة النساء المقاومات في معركة بوكافر بقيادة عدجو موح فقد وصفهن الضابط جورج كاترو (Georges Catroux) بأنهن "كن يتسللن بشجاعة خارقة إلى موارد المياه تحت نيران رشاشاتنا، ويسقط أغلبهن، لكن الباقيات يواصلن مهامهن البطولية، ويُحمِّسن المقاتلين بالزغاريد المدوية، كما يقمن بتوزيع الذخيرة والمؤونة ويأخذن مكان القتلى، وفي غياب الأسلحة يدحرجن على المهاجمين من قواتنا أحجاراً ضخمة تنشر الموت حتى قعر الوادي". اعتز أهل منطقة صَغْرو ببطلتهم التي كان الرجال يهتفون باسمها وبالدعاء لها، وكانت النساء يرفعن زغاريدهن، والشعراء يتغنون بشجاعتها وذكائها وبما فعلته بالمحتلين، كلما مرت أمامهم في الأسواق والمداشر. هكذا تحولت عدجو موح، بعد تلك الواقعة البطولية إلى أيقونة للمقاومة في منطقة صغرو وفي المغرب كله، وانضاف اسمها إلى لائحة النساء المقاومات اللواتي قدمن خدمات جليلة للمقاومة المغربية. إلا أن شهرتها بعد تلك الواقعة تجاوزت الآفاق وخلدت في الذاكرة الشعبية المغربية، وكثر البحث عن أخبارها وتفاصيل المعركة التي قادتها في جبل بوكافر. لم تُعمِّر عدجو موح طويلاً فقد وافتها المنية في شهر مارس/آذار من السنة نفسها التي عرفت معركة بوكافر، ودفنت في الجبل حيث استشهد زوجها بعد أن سطرت صفحة مجيدة من صفحات المقاومة المغربية ضد المستعمر الفرنسي.
 
عودة
أعلى