الـبـرنـامـج الـنـووي الـلـيـبـي Libyan nuclear programme

عــمــر الـمـخــتــار

رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي
عضو قيادي
إنضم
14/5/19
المشاركات
5,688
التفاعلات
30,130
بسم الله الرحمن الرحيم
1444/6/2 - 2022/12/26

libya-weapons_wide-04f90b1dacc89a84fb74c824fa041568e5c60ae0.jpg

الرئيس الأميركي جورج بوش يعاين أجزاء من أجهزة الطرد المركزي الليبية التي جرى تسليمها

بدأت ليبيا برنامجها النووي في سبعينيات القرن الماضي، حيث عقدت اتفاقية تعاون مع الأرجنتين من أجل تشييد مفاعل نووي تجريبي، ففسخت الأخيرة العقد بضغط أميركي. ولم تنجح المساعي الليبية سنة 1976 لإقناع فرنسا ببيعها مفاعلا تجريبيا ومحطة نووية لإنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر‏. وفي أواسط سبعينيات القرن الماضي، وقعت ليبيا اتفاقا مع روسيا لإمداد ليبيا بمفاعل تجريبي، وبناء عدد من المعامل النووية في منطقة تاجوراء شرق طرابلس، وبلغت قيمة تلك الصفقة أربعمئة‏ مليون دولار‏. غير أن معظم تقنيات البرنامج النووي الليبي جاءت عن طريق السوق السوداء، حيث تم تركيب مفاعل أبحاث نووي بقدرة 10 ميغاواط قدمه الاتحاد السوفيتي في عام 1979 في مركز أبحاث في تاجوراء بالقرب من طرابلس، وكان يعمل به 750 متخصصًا وفنيًا ليبيًا. تم إرسال العديد من الطلاب إلى الخارج للدراسة، وكان هناك 200 طالب يدرسون في الولايات المتحدة حتى أوائل عام 1983، ثم حظرت الولايات المتحدة تدريب الليبيين في العلوم النووية.

بعد ذلك، خططت ليبيا لشراء محطة طاقة نووية من الاتحاد السوفيتي، ولكن بسبب عدم رضاها عن التكنولوجيا المعنية، تفاوضت مع شركة Belgonucleaire البلجيكية لتولي عقد الهندسة وتوريد المعدات اللازمة. بعد اعتراض الولايات المتحدة، وخوفًا من استخدام المعدات في تطوير الأسلحة النووية، قررت بلجيكا في عام 1984 رفض عقد ليبي بقيمة مليار دولار أمريكي. ثم بعد ذلك بوقت قصير، أكدت روسيا التزامها ببناء محطة نووية بقدرة 880 ميغاواط في منطقة سرت، وكان من المقرر أن تكلف الاتفاقية أكثر من 4 مليارات دولار أمريكي على أن تمتد فترة السداد على مدى 15 إلى 18 عامًا.

في أكتوبر الماضي، نشر موقع "تايمز أوف إسرائيل" تفاصيل اكتشاف تل أبيب للمشروع النووي الليبي عبر شهادة أدلى بها مؤخرًا رئيس الموساد السابق "أمنون صفرين" والذي أشار إلى أن خوف "معمر القذافي" من مصير مشابه لمصير "صدام حسين" جعله يتنازل عن مشروعه. وقال "صفرين" الذي بدأ مسيرته المهنية في الاستخبارات العسكرية ثم التحق بوكالة التجسس التابعة للموساد، أن الشخص الذي كان يقف وراء المشروع النووي الليبي هو "عبد القادر خان"، وهو عالم فيزياء باكستاني باع خبرته النووية لكل من يرغب، وأن دولتين على الأقل اشتريتا خدمات خان (أبو القنبلة النووية الباكستانية) هما إيران و ليبيا.


FB_IMG_1641822270558.jpg

FB_IMG_1641822268428.jpg

الصورتان أعلاه تنتميان إلى مركز البحوث النووية بمنطقة تاجوراء - غرب العاصمة الليبية طرابلس

وقال "صفرين" في شهادته أنه جرى إخفاء الموقعين النوويين الرئيسيين في ليبيا في مدرسة ومزرعة ريفية، وفي مرحلة ما، وصلت المعلومات حول تورط عائلة "تينر" السويسرية إلى وكالة الاستخبارات المركزية، ما جعل أفرادها، بشكل فعال، عملاء مزدوجين يقدمون معلومات حول التقدم المحرز في المشروع النووي الليبي الذي يشرف عليه خان. وبحسب رئيس الموساد فإن إخفاء المشروع الليبي كانت تقف وراءه عائلة "تينر" السويسرية، التي زودت مواقع التخصيب بأجهزة الطرد المركزي وبمواد البناء باستخدام سندات شحن مزورة قدمت إلى السلطات السويسرية . وأضاف "كانت هذه هي المعلومات الاستخباراتية التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة وبريطانيا عندما اقتربتا من القذافي وهددتا بمهاجمة المنشآت ليقوم حينها القذافي بإجراء حسابات سريعة وأدرك أن مصيره سيكون مثل صدام حسين في العراق، و وافق على الكشف عن المشروع بأكمله والسماح لمفتشي الأمم المتحدة بتفكيكه". وبحسب التقارير فإن معمر القذافي أجرى محاولات فاشلة لصنع أسلحة نووية أو تدخل في اتفاقية شراء سلاح نووي من الدول النووية.

وفي مارس عام 2003 -قبل أيام من غزو العراق- اتصل مبعوثو القذافي الشخصيون بالرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش" والرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" و رئيس الوزراء البريطاني "توني بلير" وتحدثوا بشأن استعداد ليبيا لتفكيك برنامجها النووي بعد ذلك. وبتوجيه من القذافي، زود المسؤولون الليبيون الدبلوماسيين البريطانيين والروسيين والأمريكيين بوثائق و تفاصيل إضافيةً حول أنشطة ليبيا الكيميائية والحيوية والنووية، وحول الصواريخ الباليستية. و بحسب ما ورد فقد سمح القذافي للمسؤولين الروسيين و الأمريكيين و البريطانيين بزيارة 10 مواقع كانت سريةً، وعشرات المختبرات والمعامل العسكرية الليبية؛ للبحث عن أدلة على الأنشطة المتعلقة بدورة الوقود النووي والبرامج الكيميائية والصاروخية.

وفي 19 ديسمبر 2003، أصدر القذافي إعلانًا مفاجئًا أخبر فيه عن نيته لتفكيك برامج أسلحة الدمار الشامل الليبية، مقابل تحسين علاقتها بأمريكا و الغرب و عودتها إلى المجتمع الدولي. وفي مارس 2004، عرض البيت الأبيض لأول مرة أجزاء من برنامج ليبيا لتطوير أسلحة نووية، بما في ذلك أجزاء أجهزة الطرد المركزي التي جرى تسليمها لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش. ونقلت الأجزاء جوا من ليبيا إلى معمل أوك ريدج الواقع تحت حراسة مشددة في تنيسي أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي ضمن اتفاق لتخلص ليبيا من أسلحة الدمار الشامل. وسينقل البيت الأبيض صحفيين إلى معمل أوك ريدج Oak Ridge لإلقاء نظرة على بعض أجزاء الشحنة التي تبلغ زنتها 25 ألف كيلوغرام. وسيرافق وزير الطاقة الأميركي سبنسر إبراهام الصحفيين في زيارتهم.



file-20180508-34027-5s5ert.jpg

القذافي خلال استقباله رئيس الوزراء البريطاني توني بلير - "صفقة في الصحراء" 2004

وقال مسؤولون إن شحنة منفصلة من ليبيا تتضمن كل المعدات المعتقد أنها متبقية من برنامج ليبيا النووي، ستصل إلى ميناء غير معلن عنه بالساحل الشرقي الأميركي في وقت لاحق من من ذلك الشهر. وتتضمن الشحنة كل معدات المنشأة الليبية السابقة لتحويل اليورانيوم وكذلك الصواريخ الطويلة المدى ومنصات إطلاقها. ولمكافأة ليبيا على تعاونها خففت الإدارة الأميركية عقوباتها المفروضة على السفر إضافة إلى العقوبات الدبلوماسية، وسمحت أيضا لشركات نفط أميركية بالبدء في التفاوض من أجل العودة إلى ليبيا الغنية بالنفط. وذكرت مصادر من الكونغرس أن البيت الأبيض قد يخفف عقوبات أخرى خلال الشهور المقبلة من تاريخ تسليم الشحنات تلك.

من جهة أخرى، وفي عام 2008، كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ليبيا أجرت اتصالات مع مهندس القنبلة الذرية الباكستانية عبد القدير خان منذ عام 1984 لامتلاك السلاح النووي، وجاء في تقرير وزعه المدير العام للوكالة محمد البرادعي لحكام الوكالة إن لقاء ضم خان مع مسؤول ليبي بارز في يناير/كانون الثاني 1984 تحدث فيه المهندس الباكستاني عن التقنيات اللازمة لامتلاك مواد نووية والموارد والقدرات الرئيسة وعرض على طرابلس بيعها تكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. وأوضح التقرير أن "المسؤول الليبي اعتبر أن المتطلبات العلمية والصناعية كانت تفوق آنذاك قدرات لبيبا على صعيد الموارد والقدرات التكنولوجية وتقرر بالتالي عدم متابعة المسألة". وتابع التقرير أن اتصالات على مستوى رفيع جرت مجددا بين خان وليبيا بين عامي 1989 و1991, حصلت طرابلس خلالها على معلومات عن أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول. وأضاف أن السلطات الليبية اعتبرت أن "المعلومات التي أعطاها خان لا تساوي الثمن الذي دفع", موضحا أنه لم يتم تسليم أي جهاز للطرد المركزي كاملا إلى ليبيا في إطار هذه الصفقة. وبحسب التقرير أيضا فإن طرابلس أعادت الاتصال بخان في عام 1995 للحصول على أجهزة طرد مركزي أكثر فعالية من الجيل الثاني.



libya-header.jpeg


في 20 سبتمبر 2017، وقع وزير الخارجية الليبي محمد الطاهر سياله على معاهدة حظر الأسلحة النووية في حفل رفيع المستوى في نيويورك. وقالت ليبيا في بيان للأمم المتحدة عقب التوقيع إن "المجتمع الدولي تحرك في الاتجاه الصحيح من خلال الاتفاق على معاهدة ملزمة قانونا لحظر الأسلحة النووية". في الواقع، لقد عززت ليبيا الانضمام العالمي إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، بما في ذلك من خلال الرعاية المشتركة والتصويت باستمرار لصالح قرار سنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 2018 الذي يدعو جميع الدول إلى التوقيع على المعاهدة أو التصديق عليها أو الانضمام إليها "في أقرب وقت ممكن". وقد شاركت ليبيا في مفاوضات معاهدة حظر الأسلحة النووية في الأمم المتحدة في نيويورك عام 2017، لكنها غابت عن التصويت على اعتمادها.

الأسلحة البيولوجية والكيميائية

يُعتقد أن برنامج الأسلحة البيولوجية الليبي ظل في مرحلة البحث والتطوير المبكرة، وكان العمل عليه بطيئًا؛ ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم كفاية القاعدة العلمية والتقنية. على الرغم من أن ليبيا قد تكون قادرة على إنتاج كميات صغيرة من العوامل القابلة للاستخدام، فمن غير المرجح أن تنتقل ليبيا من العمل المخبري إلى إنتاج كميات كبيرة عسكريًا حتى بعد عام 2000م. لقد شهدت ليبيا انتكاسات كبيرة في برنامج الأسلحة الكيميائية، وقد احتفظت بمخزون صغير من الأسلحة الكيميائية، ونجحت قبل 1990 بإنتاج ما يصل إلى 100 طن من غاز الأعصاب. وفي 6 يناير 2004، انضمت ليبيا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، لتعلن بذلك عن تدمير وتفكيك 24.7 طنًا متريًا من غاز الخردل، و 1390 طنًا متريًا من المواد الكيميائية لصنع غاز السارين، بالإضافة إلى 3563 ذخيرة كيميائية فارغة (قنابل جوية). لقد أشرفت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) على تدمير الأسلحة الكيميائية في ليبيا حتى فبراير 2011، وبحلول ذلك الوقت، كانت ليبيا قد دمرت ما بين 40-55% من المواد والغازات والذخائر ذات الصلة. وفي أغسطس 2016، تمت إخراج آخر دفعة من مكونات الأسلحة الكيميائية الليبية إلى ألمانيا لتدميره، وتم الانتهاء من تدمير سلائف الأسلحة الكيماوية الليبية في نوفمبر 2017.

Chemical-Weapons-b.gif

خزانات تحوي مزاد كيميائية عند مدخل مستودع للذخيرة في مدينة ودان الليبية - نوفمبر 2011

خلال النصف الأول من سنة 2013، تم إكمال تدمير مخزون الخردل الكبريتي السائب المعبّأ في صهاريج منقولة، باستخدام نظرية التحليل المائي المترافق مع التحييد الكيميائي، ومرورا بتدمير الذخائر والقنابل الكيميائية المليئة بغاز الخردل مع مطلع سنة 2014، وذلك باستخدام تكنولوجيا التفجير الحراري. وقد أنجزت كافة تلك الأنشطة تحت إشراف مفتشو وخبراء المنظمة الدولية الذين تحقّقوا من سلامة إجراءات التدمير ومطابقتها لأحكام الاتفاقية. بحلول شهر مايو 2014، باتت الأراضي الليبية خالية تماما من أي وجود لأي شكل من أشكال تلك الأسلحة. وقد أعلن هذا الحدث رسميا في ليبيا وعلى نطاق دولي، وأكدته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

لم تكد ليبيا تطوي مرحلة إتلاف الأسلحة الكيميائية من الفئة (1)، حتى عكفت على التعامل مع السلائف، التي تندرج في جداول الاتفاقية كمواد مصنّفة ضمن الفئة (2)، باعتبارها مزدوجة الإستخدام ويتعيّن تدميرها لارتباطها بتصنيع بعض أصناف من الغازات الحربية السامّة. وقد أمكن في هذا الإطار قطع أشواط طويلة على صعيد إتلاف أنواع من هذه السلائف الكيميائية، غير أن الظروف المُحيطة ببرنامج التخلص من الكميات المتبقية من هذا المخزون؛ بدءاً بعدم توفّر التكنولوجيا المناسبة التي يُمكن أن يُستعان بها في تدمير ما تبقّى فيه من أنواع محّدة من المواد، ومرورا بالمحاذير التي تشكلها هذه المواد على السلامة العامة وعلى البيئة، إلى الأوضاع الأمنية الاستثنائية التي لازالت سائدة في البلاد.


Chemical-Weapons-b1.jpg

أثناء شحن المواد الكيميائية الليبية على متن باخرة دنماركية؛ بغرض التخلص منها - أغسطس 2016

بتاريخ 27 أغسطس 2016، تم بكل أمن وسلام، ووفقا للخطّة الموضوعة، عمليات تحميل شحنات السلائف الكيميائية المقدّرة بحوالي 500 طن، وترحيلها إلى خارج ليبيا على متن باخرة دنماركية تم تخصيصها لهذا الغرض، وذلك تحت إشراف الهيئة الوطنية وبحضور متخصّصين في الوقاية الكيميائية من الصنف المختص ومسؤولين أمنيين تم تكليفهم من قبل المجلس الرئاسي. وقد وصلت شحنات هذه السلائف إلى ميناء بريمن بألمانيا بتاريخ 6 سبتمبر، وجرى نقلها إلى مرفق التخلص بمدينة مونستير. وبذلك فقد أصبح من الجائز اعتبار هذا الترحيل تتويجا للبرنامج الشامل للتخلص من المخزون الكيميائي في ليبيا وبالتالي وصولا إلى نقطة النهاية في إغلاق الملف الآنف الذكر على نحو واف، وفي الأثناء فقد تسنّى لليبيا الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية.







aljazeera 1

aljazeera 2
aljazeera 2
almusallh
eanlibya
libyaobserver
nuke.fas.org
nti.org

opcw.org
.icanw.org


 
عودة
أعلى