من الغزو إلى الندم.. شهادة صادمة لضابط روسي بالصفوف الأمامية
كشف ضابط روسي شارك في الحرب على أوكرانيا لشبكة CNN الأميركية أن بعض الجنود الروس رفضوا المشاركة في الغزو، وغادروا معسكراتهم، لكنه لا يعرف ماذا حدث لهم بعد ذلك.
وقال إنه كان جزءًا من الحشد الهائل للقوات في غرب روسيا، الذي أثار مخاوف عالمية باحتمالية الهجوم على أوكرانيا. لكنه أكد أنه لم يفكر كثيرًا في الأمر، حتى في 22 فبراير قبل الهجوم بيومين، عندما طُلب منه وبقية كتيبته تسليم هواتفهم أثناء تمركزهم في كراسنودار، جنوب روسيا، دون أي تفسير.
في تلك الليلة أمضوا ساعات في رسم خطوط بيضاء على مركباتهم العسكرية. ثم طُلب منهم أن يغسلوها، ويكتبوا حرف " Z" عليها، على حد قوله.
وأضاف الضابط، التي امتنعت القناة الأميركية عن ذكر أي تفاصيل عنه حفاظا على حياته: "في اليوم التالي تم نقلنا إلى شبه جزيرة القرم. وبصراحة، اعتقدت أننا لن نذهب إلى أوكرانيا. لم أكن أعتقد أن الأمر سيحدث على الإطلاق".
عندما تجمعت وحدته في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014، شن الرئيس فلاديمير بوتين غزوه الإضافي لأوكرانيا في 24 فبراير.
لكن الضابط قال إنه ورفاقه لم يكونوا على علم، حيث لم يتم نقل أي أخبار إليهم، وفقدوا الاتصال بالعالم الخارجي بعد تسليم هواتفهم، بحسب ما روى الضابط للقناة.
في حالة "صدمة"
بعد يومين، أمروهم بدخول أوكرانيا. وقال الضابط "بعض الرجال رفضوا صراحة. كتبوا تقريرا وغادروا. لا أعرف ماذا حدث لهم. بقيت. لا أعرف لماذا. ذهبنا في اليوم التالي".
وأضاف: "لم يفهم الكثيرون سبب كل هذا وماذا نفعل هنا". وأكد أنه لا يعرف الهدف من المهمة؛ مشيرا إلى أن مزاعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن أوكرانيا كانت جزءًا من روسيا وتحتاج إلى "اجتثاث النازية" لم يتقبلها الجنود الذين طُلب منهم القتال.
وتابع: "لم نتأثر بالخطاب الروسي حول النازيين الأوكرانيين. لم يفهم الكثيرون سبب كل هذا وما نفعله هنا".
ولفت الضابط إلى أنه كان يأمل في التوصل إلى حل دبلوماسي، وشعر بالذنب بشأن غزو روسيا لأوكرانيا. لكنه أضاف أنه لم يكن ضليعا بالسياسة.
وتقدمت كتيبته باتجاه الشمال الغربي باتجاه خيرسون. وقال الضابط: "عندما رأينا السكان المحليين، توترنا. بعضهم أخفى الأسلحة تحت ملابسهم، وعندما اقتربوا، أطلقوا النار".
وأكد أنه شعر بالخزي والحرج بسبب وجوده على أرض الأوكرانيين. ولفت إلى أن الروس تعرضوا لهجوم عنيف، حيث استهدفتهم قذائف الهاون في اليوم الثاني أو الثالث من وجودهم في أوكرانيا.
وتابع: "في الأسبوع الأول أو نحو ذلك، كنت في حالة صدمة. لم أفكر في أي شيء. ذهبت إلى الفراش للتو أفكر: اليوم هو 1 مارس. غدًا سأستيقظ، سيكون 2 مارس - الشيء الرئيسي هو أن تعيش يومًا آخر.
وأكد الضابط لم يكن الجندي الوحيد في القوات الروسية الذي يشعر بالقلق أو المرتبك بشأن سبب إرسالهم لغزو أوكرانيا، رغم محاولات الكرملين برفع معنوياتهم بإخبارهم بدفع مكافآت القتال قريبا. وقال: "كنا قذرين ومتعبين. كان الناس من حولنا يموتون. لم أرغب في الشعور بأنني جزء منها، لكنني كنت جزءًا منها".
الاستقالة
وأردف الضابط قائلا إنه بعد أسبوعين، تم وضعه في مؤخرة القوات برفقة المعدات التي تحتاج إلى إصلاح. وهناك أصبح أكثر وعيًا بما يجري وكان لديه المزيد من الوقت والطاقة للتفكير.
وتابع: "كان لدينا جهاز استقبال راديو ويمكننا الاستماع إلى الأخبار. هكذا علمت أن المتاجر تغلق في روسيا والاقتصاد ينهار. شعرت بالذنب حيال ذلك. لكنني شعرت بالذنب أكثر لأننا أتينا إلى أوكرانيا".
وقال إن تصميمه أصبح أكثر صلابة لدرجة أنه لم يكن هناك سوى شيء واحد يمكنه القيام به. وأضاف: "في النهاية، جمعت قوتي وذهبت إلى القائد لتقديم استقالتي".
في البداية، رفض القائد، وقال له إنه من المستحيل رفض الخدمة. وتابع الضابط "أخبرني أنه يمكن أن تكون هناك قضية جنائية. هذا الرفض خيانة. لكني تمسكت بموقفي. أعطاني ورقة وقلمًا".
وتتفق رواية هذا الضابط مع التقارير الاستخباراتية الغربية بما في ذلك البنتاغون عن المعنويات المنخفضة للجنود الروس، ورفض بعضهم تنفيذ الأوامر.
وقالت فالنتينا ميلنيكوفا، السكرتيرة التنفيذية لاتحاد لجان أمهات الجنود في روسيا، إن العديد من الجنود والضباط قدموا استقالتهم. وأرجعت ذلك إلى الحالة النفسية التي شهر بها الجنود، بالإضافة إلى قناعتهم الأخلاقية.
وذكرت ميلنيكوفا لشبكة "سي إن إن" أن هناك "حالات كثيرة" لجنود رفضوا القتال في أوكرانيا، لكنها رفضت الإدلاء بتفاصيل.
وأكد ألكسي تابالوف، الناشط في مجال حقوق الإنسان ومدير منظمة تساعد المجندين الروس، أن جنديين استشاراه في تقديم استقالتهم. وقال إن "نحو 30 جنديا آخرين في نفس كتيبتهما رفضوا القتال".