حصري الصين تحقق إنجازًا مرحليًّا جديدًا على مستوى الاتصالات الفضائية الكَمِّية

يوسف بن تاشفين

التحالف يجمعنا🏅🎖
كتاب المنتدى
إنضم
15/1/19
المشاركات
63,415
التفاعلات
180,350
نجح القمر الصناعي الصيني «ميسياس» في إجراء اتصال فائق التأمين بين محطتين أرضيتين يفصل بينهما أكثر من 1000 كيلومتر

الصين تحقق إنجازًا مرحليًّا جديدًا على مستوى الاتصالات الفضائية الكَمِّية

صورة مأخوذة في 26 نوفمبر 2016 تُظهر اتصالًا من قمر صناعي إلى الأرض تم إجراؤه بين القمر الصناعي الكمي «ميسياس» والمحطة الأرضية للاتصالات الكَمِّية الموجودة في شينجلونج، بمقاطعة خبي شمال الصين.

كان من الممكن اعتبار إطلاق القمر الصناعي الصيني «ميسياس» (Micius) مجرد إضافة فردية إلى مجموعة الأقمار الصناعية التي تدور بالفعل حول الأرض، والبالغ عددها 2700 قمر صناعي أو يزيد، ولكن يمكن القول بأن «ميسياس» -المخصص لدراسات علم المعلومات الكَمِّية فقط- يمثل ذروة التقدم الذي أحرزته الصين في سباق ناشئ بين القوى العظمى على صعيد أحدث الابتكارات في علم الفيزياء. وقد ساعد هذا القمر الصناعي، الذي ابتكره جيان-واي بان -عالِم الفيزياء بجامعة الصين للعلوم والتكنولوجيا- وزملاؤه على تحقيق عدة نتائج رائدة قرَّبَت مجال التشفير الكَمِّي –الذي اقتصر فيما سبق على استخدامات محدودة- إلى نطاق الاستخدامات العامة. قدم فريق بان في ورقة بحثية جديدة نُشرت في 15 يونيو بدورية Nature طريقةً آمنة لإرسال الإشارات الكَمِّية باستخدام «ميسياس»، وهو ما يُعد إنجازًا يقرب العالم -أو الصين على الأقل- من إنشاء شبكة اتصالات عالمية لا يمكن اختراقها.

في عام 2017، تمكَّن الفريق، بالتعاون مع مجموعة باحثين من النمسا، من استخدام القمر الصناعي في إجراء أول مؤتمر هاتفي افتراضي مُشفر كميًّا على مستوى العالم بين بكين وفيينا. ورغم كونه إنجازًا مرحليًّا عظيمًا، لم تكن هذه الطريقة محصنة تحصينًا منيعًا ضد الاختراق، بل إن «ميسياس» نفسه كان بمنزلة نقطة الضعف؛ إذ كان القمر الصناعي «يعرف» سلاسل الفوتونات -أو مفاتيح التشفير- الخاصة بكل موقع، وكذلك المفتاح المشترك لفك هذا التشفير. لذا لو استطاع أحد الجواسيس التنصت بعناية على نشاطه، بطريقة أو أخرى، لكان من الممكن المخاطرة بسلامة المؤتمر الهاتفي.

ومن أجل التغلب على هذه المشكلة، أكدت التجربة الجديدة التي أجراها بان وزملاؤه أن «ميسياس» لن «يعرف» أي شيء. تمثلت الحيلة التي لجأ إليها الفريق في تجنُّب استخدام القمر الصناعي كمرحِّل للاتصالات. وبدلًا من ذلك، لم يعتمد عليه الفريق إلا لنقل زوج من مفاتيح التشفير السرية بصورة متزامنة بين محطتين أرضيتين في الصين، يفصل بينهما أكثر من 1120 كيلومترًا، لتمكينهما من إجراء اتصال مباشر. وعن هذا يقول بان: "لسنا بحاجة إلى أن نثق بالقمر الصناعي. أي جهة قادرة على تصنيع قمر صناعي، حتى وإن كانت جهة معادية".

MzY0NzMxMw.jpeg


كل مفتاح سريّ عبارة عن واحدة من سلسلتين من أزواج الفوتونات المتشابكة. تنص قوانين فيزياء الكم على أن أية محاولة للتجسس على هذا الإرسال ستترك حتمًا بصمة دالة على شبه الخطأ، بحيث يمكن أن ترصدها جهات الاستقبال في أيٍّ من المحطتين بكل سهولة.
هذه هي المرة الأولى التي تم فيها إثبات جدوى التقنية -التي تُسمى التعمية الكمية القائمة على التشابك- باستخدام قمر صناعي. (قامت تجربة عام 2017 بتعمية المفاتيح الكَمِّية أيضًا، لكنها لم تستخدم ظاهرة التشابك بالدرجة نفسها). وعن هذا تقول شوهينيي غوش، عالِمة فيزياء بجامعة ويلفريد لورييه بأونتاريو، والتي لم تشارك في الدراسة الجديدة: "عندما أُطلق القمر الصناعي، كان هذا إنجازًا مرحليًّا عظيمًا. إلا أن [الباحثين] لم يكن لديهم مستوى معدلات اكتشاف الخطأ اللازمة لاستخدام هذا التشابك بالفعل في التعمية".

يُعد معدل اكتشاف الخطأ ضروريًّا؛ لأن التمييز بين البصمة الدالة على الخطأ الحقيقي والبصمة الدالة على شبه الخطأ الناتجة عن التنصت هو أمرٌ بالغ الأهمية لضمان تأمين الاتصالات. وبالإضافة إلى ذلك، ربما يعني المعدل المرتفع أن مفاتيح التشفير التي تستقبلها المحطتان الأرضيتان يختلف بعضها عن بعض، وهو سيناريو من شأنه أن يجعل عملية تأمين الاتصالات ضربًا من المستحيل. وبهدف تحسين مستوى دقة منظومة الاتصالات الخاصة بهم، ركز العلماء على رفع كفاءة جمع الضوء في التلسكوبات المستخدمة في كلتا المحطتين الأرضيتين لرصد عمليات الإرسال التي أجراها القمر الصناعي «ميسياس»، من خلال تحديث أنظمة تصفية المعلومات والمكونات البصرية؛ لتحقيق معدل الخطأ المنخفض الضروري واللازم للتعمية الكمية.

وعلى الرغم من أن هذه هي المرة الأولى التي تُجرى فيها عملية تعمية كمية قائمة على التشابك بواسطة قمر صناعي، فإن ثمة تجارب أرضية ناجحة. في الاتصالات الكمية الأرضية، تمتص الألياف الضوئية -التي تربط بين المواقع- الفوتونات المُرسَلة، ويزداد معدل الامتصاص مع ازدياد المسافات. ثمة «عُقد موثوقة» على طول الألياف تفك شفرة المفاتيح وتعيد تشفيرها مرةً أخرى لكي تطيل مسافة نقل مفتاح التشفير. ولكن مثلما هو الحال بالنسبة لـ«ميسياس» في تجربة عام 2017، فإن هذه الوسائل الوسيطة لديها جميع المفاتيح الكَمِّية، وبالتالي فهي عُرضة للاختراق. وعلى الرغم من أن ثمة أجهزة تجريبية، تُسمى المكررات الكمية، تقدم مستوى أفضل من الحماية، فإن التقنية لم تتطور بعدُ بالدرجة الكافية لتصبح عملية. في المقابل، نظرًا إلى أن الإشارات الصادرة من الأقمار الصناعية تنتقل عبر الفضاء الفارغ أغلب الوقت، فإن فقد الفوتونات لا يشكل أهميةً كبيرة، مما يتيح تأمين عمليات الإرسال عبر مسافات شاسعة.

ولا يعني هذا الموقف أن المنظومة القائمة على القمر الصناعي أفضل في حد ذاتها من المنظومة الأرضية. يعلق بول فيات، عالِم الفيزياء بجامعة إلينوي في أوربانا- شامبين والذي لم يشارك في الدراسة أيضًا: "الأمر أشبه بعقد مقارنة بين طرفين مختلفين تمامًا، كأنْ تقارن التفاح بالبرتقال. يواجه القمر الصناعي عدة مشكلات. أولًا: لا توجد أقمار صناعية كثيرة [مخصصة للأبحاث الكَمِّية] تحلق في اللحظة الراهنة. ثانيًا: هذه الأقمار الصناعية لا تدور دومًا فوق التلسكوبات التي تريدها". والاعتماد على مرور القمر الصناعي مباشرةً فوق التلسكوبات يعني أن تأمين الاتصالات لا يحدث إلا في أوقات معينة من اليوم، وحتى في تلك الأوقات تتطلب التقنية في الوقت الحالي عوامل أخرى، مثل سماء صافية بدرجة معقولة، لضمان استقبال المحطة الأرضية لمفتاح التشفير.

يقول فيات: "أظن أنها ليست إستراتيجية جيدة أن تقول إنك تحاول تحديد أي تقنية من الاثنتين تريد شراءها"، ويضيف أنه، بدلًا من ذلك، ربما تكون أفضل طريقة لإحراز التقدم في هذا الصدد هي الاعتماد على نظام مختلط يستغل شبكات الألياف المحلية المتصلة بالأقمار الصناعية.

يقول بان إن المهمة الكبرى التالية لفريقه هي إطلاق قمر صناعي كمي وتشغيله في مدار أعلى، على ارتفاع 10 آلاف كيلومتر فوق سطح الأرض. يتوقع بان أن هذا المشروع قد ينطلق خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات. يستطيع القمر الصناعي، من على هذه الارتفاعات الكبيرة، تسهيل إجراء اتصالات على نحوٍ أكثر تكرارًا بين المحطات الأرضية التي تفصل بينها مسافات أكبر. (في المقابل، يدور «ميسياس» فوق الأرض على ارتفاع 500 كيلومتر فقط، مما يجعل قدرته على تغطية أي محطة أرضية تقتصر على مرتين فقط يوميًّا). يشير بان إلى أنه باستخدام قمر صناعي كمي عالي المدار، "يمكنك تعمية كمية على مدار اليوم بأكمله، وحينئذٍ يتاح لك وقت أكثر بكثير للاتصال". ويقدر بان أيضًا أن القمر الصناعي الجديد سيكون قادرًا على إجراء تعمية كمية قائمة على التشابك بين محطتين أرضيتين يفصل بينهما 10 آلاف كيلومتر، متجاوزًا بذلك المسافة الواردة في دراسة «ميسياس» الجديدة بمقدار عشرة أضعاف.

بينما تحرز الصين تقدمًا هائلًا في مسعاها نحو إجراء اتصالات كَمِّية لا يمكن اختراقها، فإن الدول الأخرى تتسابق للحاق بها؛ ففي عام 2018، شرعت ناسا في إنشاء المختبر الوطني لعلوم الفضاء الكميّ الذي من شأنه استخدام أشعة الليزر في محطة الفضاء الدولية لتأمين الاتصالات بين المحطات الأرضية. وفي أوروبا، وصل تحالف الإنترنت الكَمِّي -التابع للمشروع الكَمِّي الرئيسي الذي تُقدر تكلفته بمليار يورو- إلى مرحلة تكثيف التشغيل. وفي سياق منفصل، يحرز فريق مشترك بين المملكة المتحدة وسنغافورة تقدمًا سريعًا نحو إطلاق قمر صناعي للاتصالات الكَمِّية في العام المقبل. علاوةً على ذلك، تسعى اليابان والهند أيضًا إلى تحقيق مثل هذا الإنجاز.

إذًا، هل تفوز الصين في سباق إنشاء شبكة إنترنت كمي آمنة؟ يقول بان إنه من المبكر جدًّا أن نعرف إجابة هذا السؤال، ويختم حديثه معلِّقًا: "سنكون بحاجة إلى التوصل إلى نتائج ذات أهمية أكبر قبل أن يصبح الإنترنت الكمي أمرًا واقعيًّا".

عن
كارين كون
 
خبر مهم جداً و له تأثير على فرص الصراع الأمريكي الصيني
 
الصين تخطط لاختراق جديد في "الاتصالات الكمية"

الأناضول19-أكتوبر-2017

قال باحثون صينيون إنهم يخططون لتحقيق اختراق جديد في "الاتصالات الكمية"، بعد أن بدأ، في شتنبر الماضي، تشغيل أول خط في العالم للاتصالات الكمية، بطول 2000 كيلومتر بين مدينتي بكين وشانغهاي.

ويعتمد الاتصال الكمي على ظاهرة "التشابك الكمي"، التي تشكل أساساً للتكنولوجيات الكمية الحديثة، وتتم الاتصالات عبر بناء قناة اتصال على أساس خط الألياف البصرية العادي، وهي تتمتع بخاصية أمان شديدة الفعالية، حيث يستحيل التجسس عليها أو اعتراضها أو التشويش على المعلومات المنقولة.

وذكرت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) اليوم الخميس، أن فريق الباحثين، الذي يقوده "بان جيان وي" من الأكاديمية الصينية للعلوم، يواصل أبحاثًا مستفيضة لتحسين عمليات النقل عبر خط الاتصالات الكمية، حتى لا يحدث أي ضغط عندما يزداد عدد المستخدمين.

وقال "شيوى وو"، من جامعة العلوم والتكنولوجيا الصينية، إنه نظرًا لضعف الألياف البصرية، فإن ثمة حاجة إلى محطات تقوية لتمديد مسافة الاتصالات الكمية.وأضاف أنه يوجد أكثر من 30 محطة تقوية، مع مسافة متوسطة تبلغ نحو 80 كيلومتراً فيما بينها على خط بكين- شانغهاي.

وأوضح أن فريق البحث يعمل على تمديد المسافة بين كل محطتين إلى 300 أو 500 كيلومتر، لتقليل عدد محطات التقوية، ومن ثم خفض التكلفة الإجمالية، مشددا على أن اختراقًا سيتحقق قريبا في هذا الصدد.

ونوه إلي أن الاتصالات الكمية، وبوصفها نوعًا جديدًا من الاتصالات، ربما تشهد عملية تشغيل الخط في هذه الاتصالات بعض المشاكل، وسيحاول الفريق حلها عبر المزيد من البحث.ويرتبط خط بكين- شانغهاي للاتصالات الكمية بأول قمر صناعي كمي في العالم، والذي أطلقته الصين في غشت 2016.

ويحمل القمر اسم "ميسيوس"، وهو فيلسوف وعالم صيني عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، ويعرف بأنه أول شخص أجرى تجارب بصرية.والصين دولة رائدة في نقل التشفير الكمي إلى مدار الأرض، باستخدام القمر الصناعي "ميسيوس"، التابع لمشروع التجارب الكمية في مقياس الفضاء (QUESS)، الذي بدأ العمل به منذ أكثر من عام.

ولا تسعى الصين وحدها إلى استخدام الاتصالات الكمية، إذ بدأ فريق بحث أمريكي، بالتعاون مع شركة "آي دي كوانتيك" للتنمية التكنولوجية، تركيب وصلة بطول 650 كيلومترًا بين المقرات الرئيسة للشركة في ولاية أوهايو ومكاتبها في واشنطن العاصمة.كما تخطط الشركة لإنشاء شبكة تربط المدن الرئيسة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يمكن أن تتجاوز 10 آلاف كيلومتر، لكنه لم يتم بعد تأمين التمويل اللازم لذلك.
 
لحظة فارقة في القرن الحادي والعشرين: القمر الصناعي الصيني موزي Quantum Satellite


مع إطلاق القمر الصناعي لعلوم الكم (Quantum Science Satellite)، الملقب بـ (موزي)، أخذت الصين زمام المبادرة في تنفيذ الاتصالات المشفرة الكم. وفي هذا المقال الأول من سلسلة مقالات حول برنامج الصين الطموح للفضاء، توضح خبيرة السياسة الفضائية (أؤكي سيتسوكو) أهمية هذا التطور.

: نحن الآن في عصر المواجهة بين الولايات المتحدة والصين. والفضاء الخارجي أصبح ساحة إضافية لهذه المواجهة، أليس كذلك؟

نعم. قبل ثلاث سنوات، وقع حدث يمكن وصفه باللحظة الفارقة في القرن الحادي والعشرين أو يمكن التعبير عنه مجازًا بـ ”لحظة سبوتنيك“

المحاور: كانت لحظة إطلاق سبوتنيك الحقيقية في عام 1957، عندما تغلب الاتحاد السوفيتي على الولايات المتحدة في السباق الفضائي بإطلاق أول قمر صناعي في العالم. حيث كان إطلاق القمر الصناعي السوفيتي الذي أطلق عليه (سبوتنيك 1)، بمثابة صدمة عارمة على جميع الأصعدة للأمريكيين، الذين افترضوا بسخرية أن السوفييت لا يمكنهم الفوز بالسباق. أنتي تقولين أن شيئًا مماثلاً قد حدث قبل ثلاث سنوات؟

أنا أشير إلى إطلاق الصين ”قمر العلوم الكمي“، أو QSS، في أغسطس/ آب 2016. حيث كان هذا القمر هو الأول من نوعه، والولايات المتحدة لازالت لم تواكب هذا الحدث بعد.

 الصين أطلقت أول قمر صناعي تشفيري الكم في السادس عشر من أغسطس/ آب 2016. (الصورة مقدمة من شينوا/أفلو)

الصين أطلقت أول قمر صناعي تشفيري الكم في السادس عشر من أغسطس/ آب 2016. (الصورة مقدمة من شينوا/أفلو)

هل لقمر العلوم الكمي هذا الاسم؟

أُطلق عليه اسم (Mozi) (موزي)، أو (Micius) (ميسيوس)، تيمنًا باسم الفيلسوف الصيني القديم الذي كان من أنصار عدم التناحر والسعي إلى العمل الخيري في عصر (مدارس الفكر المائة - مجموعة من الفلسفات والمدارس التي ازدهرت في الصين القديمة أثناء الفترة الممتدة من القرن السادس حتى عام 221 ق م - ). وإذا وضعنا جانباً مسألة ما فكرت به السلطات في بكين عندما اختارت هذا الاسم، يمكننا تحديد هدفهم من وراء إطلاق مثل هذا القمر الصناعي الذي ينجلي في تجريتهم للتقنية التي ستكون بمثابة الأساس الأكثر أهمية للاتصالات في المستقبل. ويعني نجاح الصين في هذا المسعى أنها تفوقت على الولايات المتحدة في أحد المجالات الرائدة.
وبشكل أكثر تحديداً، يعمل القمر (موزي) كأداة لاختبار وتطوير التكنولوجيا الأساسية لجعل الاتصالات الكمومية ممكنة. فهو القمر الصناعي الوحيد الموجود حاليًا في الفضاء القادر على تبادل الرسائل المشفرة الكمومية مع محطات قاعدية على الأرض. وبهذا الإنجاز، تركت الصين أمريكا تقبع في المؤخرة.

وبالنسبة للولايات المتحدة، يمكن مقارنة ذلك بشكل جدي مع النجاح السوفيتي في السباق لإطلاق أول قمر صناعي. ولذا يبدو من المناسب أن نطلق على هذا الحدث لحظة سبوتنيك القرن الحادي والعشرين.

هل كانت هناك ردة فعل من قبل الولايات المتحدة تجاه هذا الأمر؟

لا، لقد التزمت الصمت. وبما أن إدراك أهمية وضع القمر (موزي) في المدار الفضائي يتطلب فهمًا للمفاهيم العلمية الصعبة، فلم يكن هناك شيء مثل الصدمة العارمة التي تلت إطلاق القمر سبوتنيك.

وفي حقيقة الأمر، اتخذت الصين زمام المبادرة في تطوير التكنولوجيا الأنسب لنقل المعلومات العسكرية والدبلوماسية السرية. وبالنسبة لي يبدو أن صمت واشنطن كان بليغًا.

هل هذه التكنولوجيا حقًا يمكنها حماية سرية الاتصالات؟
لو تم توصيل جميع أجهزة الكمبيوتر في العالم معًا لا يمكنها كسر الشفرة. فلا يوجد أي نوع من التنصت البدني يستطيع اختراقها. وفي حالة الاتصالات الكمومية، لا يلزم تشفير الرسالة بتطبيق تقنية التشفير؛ فوفقا لنظرية الكم، فإن استحالة اختراق الشفرة أمر متأصل في طبيعة وسيلة الاتصال.

ويقال إن المسافة تشكل عقبة أمام تبادل الإشارات. حيث كانت بعض الدول بما فيها اليابان تجرى محاولات لتبادل الرسائل الكمومية بين نقطتين متباعدتين قدر الإمكان. ولكن بعد ذلك أدهش الصينيون العالم بنجاحهم المفاجئ في الإرسال بين أحد الأقمار الصناعية والأرض. وعن طريق الدوران حول أقمار صناعية إضافية، يمكنهم الاقتراب من هدف إنشاء شبكة حوسبة كمية لا يمكن لأي طرف خارجي اختراقها.

ماهو القمر الصناعي المشفر الكمي

هو قمر صناعي مجهز بتقنية الاتصال الكمي المشفر. وتستخدم هذه التقنية طبيعة جزيئات الضوء لإنشاء نظام اتصالات متطور ينقل الرسائل التي لا يمكن لأي حاسوب فك تشفيرها ومن المستحيل نظريًا اختراقها. ويزعم الصينيون أن هذه التكنولوجيا يمكنها نظريًا توفير حل دائم لقضية أمن المعلومات. ومن المتوقع أن تُستخدم للأغراض العسكرية وغيرها في المستقبل.

برنامج فضائي رائد من حيث الجودة والكمية.

هل من يمكن قراءة مساعي وخطط بكين طويلة الأجل؟
آمل أن أوضح الصورة بشكل متفحص بخصوص توجهات الصين الخططية في مرحلة لاحقة من سلسلة المقالات هذه. وفي الوقت نفسه، يمكن القول أنه من حيث الجودة والكمية، فإن برنامج الفضاء الصيني لم يتفوق على اليابان فحسب، بل امتلك زمام الأمور وتخطى أمريكا في بعض المجالات، كما يتضح في حالة القمر موزي.

ماذا يعني الأمر للصين بأن تصبح رائدة من حيث الكمية؟
أحد المؤشرات الكمية التي يسهل فهمها هو عدد الأقمار الصناعية التي تم إطلاقها. فعلى أساس نصف سنوي، احتل الصينيون الصدارة لأول مرة في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى يونيو/ حزيران 2012. وبصورة سنوية تجاوزوا الولايات المتحدة ليحتلوا المركز الأول بثمانية وثلاثين عملية إطلاق في عام 2018، بينما حققت اليابان ست عمليات إطلاق فقط. وهذه فجوة كبيرة لا يمكن رأب صدعها.

ومن الناحية النوعية كذلك، يتفوق الصينيون في تحقيق أهدافهم الخاصة بل والتغلب عليها. حيث نشرت الصين تواريخ مستهدفة لتحقيق أهداف مختلفة في ورقاتها البيضاء حول الأنشطة الفضائية. وكما يمكننا أن نرى من خلال النتائج اللاحقة، لم يكن هناك أي تأخير في برنامجها، بل وفي حقيقة الأمر كان الصينيون يصلون إلى أبعد من مبتاغاهم. فالصين هي الدولة الوحيدة القادرة على القيام بذلك في برنامجها الفضائي. وبالنظر إلى متطلبات أنشطة تطوير الفضاء وما تحتاجه من تصميمات معقدة و متعددة التخصصات، فمن الطبيعي حدوث حالات قصور وتأخير. لكن الصين والصين وحدها هي الاستثناء. فعلى سبيل المثال، في ورقتها البيضاء الأولى حول الأنشطة الفضائية، والتي نُشرت في عام 2000، حدد الصينيون هدفهم بإرسال إنسان إلى الفضاء بحلول نهاية عام 2010؛ إلا أنهم أنجزوا المهمة في أكتوبر/ تشرين الأول 2003.

بناء محطات قاعدية حول العالم

لقد ذكرت التبادلات المشفرة الكمومية بين القمر الصناعي موزي والمحطات القاعدية على الأرض. هل هذه المحطات في الصين؟

في الواقع، أجرى العلماء في النمسا وإيطاليا تجارب اتصال ناجحة تمكنوا من خلالها الوصول إلى القمر موزي من بلدانهم. ومن أجل نقل الإشارات بين الأرض والقمر الصناعي في مدار عالي السرعة، من الضروري تشغيل قنوات متعددة تعمل في زوايا مختلفة ومن مواقع مختلفة على الأرض. ولتحقيق ذلك، كان على الصينيين إنشاء محطات قاعدية في أماكن مثل إفريقيا وأمريكا الجنوبية.

كيف تمكنت الصين من إنشاء هذه المحطات القاعدية المتعددة في قارات مختلفة؟

لقد حصلت على إذن للقيام بذلك في مقابل بناء وإطلاق وإدارة الأقمار الصناعية المتزامنة مع الأرض (geostationary satellites)، مثل أقمار الاستشعار عن بعد، لصالح بلدان أخرى. حيث أطلقت قمر صناعي لنيجيريا في عام 2011، ولبوليفيا في عام 2013، وللاوس في عام 2015، وللجزائر في عام 2017، وتتولى إدارتهم جميعًا. ومن المتوقع إضافة الكونغو إلى القائمة هذا العام.

كما تضيف الصين منشآت جديدة للتوعية بأحوال الفضاء في أفريقيا وأمريكا اللاتينية. ويتم استخدام معدات (SSA) (بنية التخزين التسلسلى — بروتوكول نقل تسلسلي يستخدم لإرفاق محركات الأقراص بأجهزة الكمبيوتر الخادم —) لرصد موقع ومدارات الأجسام في الفضاء. وهذا مؤشر على أن الصينيين يعتزمون تحدي (شبكة SSA) التي وضعتها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
(ألفريد ثاير ماهان)، أحد المؤرخين الأمريكيين الذين كان لهم أكبر الأثر في أواخر القرن التاسع عشر حول الدور التاريخي للقوة البحرية، ذكر أن الدولة التي تسعى إلى السيطرة على القوة البحرية يجب أن تؤمّن إمكانية الوصول إلى الموانئ. (*٢) فعندما امتدت الإمبراطورية البريطانية إلى آسيا، سيطرت على الموانئ الرئيسية مثل كولومبو وسنغافورة وشنغهاي. أفلا يبدو ما تفعله الصين الآن بمثابة تكرار لما فعلته الإمبراطورية البريطانية في الماضي؟ فبكين تدرك تمامًا أنها لا تستطيع تحقيق التفوق الفضائي دون الوصول إلى المحطات القاعدية في جميع أنحاء العالم.

دعنا نفكر في نوع المنافسة التي ستحدث عندما تستكشف الدول ”الفضاء السحيق“، المريخ مثلًا وغيره من الأماكن الأخرى بخلاف القمر. ولنوضح الأمر ببساطة، سوف يريدون أن يكون لهم مطلق الحرية في استخدام الفضاء الشاسع ووضع معداتهم وأجهزتهم هناك. وإذا كانوا يسعون إلى إقامة مستوطنات بشرية دائمة، فسيتنافسون على اختيار أماكن تواجدهم والأنشطة التي سوف يقومون بتنفيذها.

قليل من الدول هي التي لديها رؤية بعيدة المدى لما ستؤول إليه هذه المنافسة. ويتعلق الأمر بالتنافس القائم بين الولايات المتحدة والصين، مع إمكانية دخول أوروبا إلى الساحة في صورة عمل جماعي على الرغم من أن قدراتها باهتة بالمقارنة مع سابقاتها. وبالنسبة لليابان فليس لديها نية البحث عن المركز الأول في عالم الفضاء، كما أنها ليست لديها القدرة على القيام بذلك. وإن أفضل ما يمكن لبلدنا فعله هو توفير القدرات التي نمتلكها للولايات المتحدة لتحقيق أفضل عائد ممكن واستخدام التعاون الفضائي كوسيلة لتعزيز التحالف بين اليابان والولايات المتحدة.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية في الثاني عشر من يوليو/ تموز 2019، والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: .رسم تصويري لأحد الأقمار الصناعية في المدار الفضائي. الصورة من ماليابي-كي/بيكستا)

.
02_525.jpg

آوكي سيتسوكو AOKI Setsuko

أستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة كيئو منذ شهر أبريل/ نيسان ۲٠١٦. تخرجت من كلية الحقوق في جامعة كيئو عام ١٩٨٣ ومن كلية الدراسات العليا في الحقوق عام ١٩٨٥. درست في معهد قوانين الجو والفضاء في كلية الحقوق بجامعة مكغيل (مونتريال، كندا) وحصلت على شهادة الدكتوراه في القانون المدني من جامعة مكغيل عام ١٩٩٣. وقامت سابقا بالتدريس في كلية العلوم الاجتماعية بأكاديمية الدفاع القومي اليابانية وفي كلية إدارة السياسات بجامعة كيئو. وهي متخصصة في القانون الدولي وقانون الفضاء.
أؤكي سيتسوكو أستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة كييو منذ أبريل/ نيسان 2016. وتخرجت من كلية الحقوق بجامعة كييو في عام 1983 وكلية الحقوق العليا في عام 1985. درست في معهد قانون الجو والفضاء بكلية الحقوق، جامعة ماكغيل (مونتريال بكندا) وحصلت على الدكتوراه في القانون المدني منها في عام 1993. درست سابقًا في كلية العلوم الاجتماعية بأكاديمية الدفاع الوطني في اليابان، وفي كلية إدارة السياسات بجامعة كييو. متخصصة في القانون الدولي وقانون الفضاء.
 
مخطط جديد لنقل الوقت الآمن كميا القائم على الأقمار الصناعية QSTT quantum-secure time transfer


anewschemefo.jpg

شكل يوضح الإعداد التجريبي للباحثين. الائتمان: Dai et al.

قدم باحثون في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين مؤخرًا بروتوكولًا جديدًا يعتمد على الأقمار الصناعية لنقل الوقت (QSTT) أو quantum-secure time transfer ، والذي يمكن أن يتيح اتصالات أكثر أمانًا بين الأقمار الصناعية المختلفة أو التقنيات الأخرى في الفضاء، بروتوكولهم ، المقدم في ورقة نشرت في Nature Physics ، مبني على توزيع كمومي ثنائي الاتجاه في الفضاء الحر ، وهي تقنية لتشفير الاتصالات بين الأجهزة المختلفة.

وقال فيهو زو ، أحد الباحثين الذين أجروا الدراسة ، لموقع Phys.org: "كانت فكرتنا الرئيسية هي تحقيق نقل الوقت الآمن من حيث الكم من أجل حل المشكلات الأمنية في النقل التكراري للوقت".

توزيع مفتاح الكم (QKD) أو Quantum key distribution هو تقنية لتحقيق اتصال آمن يستخدم بروتوكولات التشفير بناءً على قوانين ميكانيكا الكم. يمكن لبروتوكولات توزيع المفاتيح الكمومية إنشاء مفاتيح أمان سرية تستند إلى فيزياء الكم ، مما يتيح نقل البيانات بشكل أكثر أمانًا بين الأجهزة المختلفة من خلال اكتشاف المهاجمين الذين يحاولون اعتراض الاتصالات.

في دراستهم ، استخدم Xu وزملاؤه مبدأًا مشابهًا لاستغلال الإشارات الكمومية (أي الفوتونات المفردة) كناقلات لما يعرف باسم نقل الوقت، نقل الوقت هو في الأساس الفاصل الزمني الذي يتم فيه نقل البيانات من مكان أو جهاز إلى آخر.

وقال شو "بفضل نظرية الكم غير المستنسخة التي استخدمناها ، فإن أي محاولة لاعتراض الفوتون الواحد ستزعج حتما الحالة الكمية ، والتي يمكن التحقق منها عن طريق المعالجة اللاحقة". "هذا سمح لنا بالحصول على مخطط نقل الوقت الآمن كميا."


أظهر Xu وزملاؤه بروتوكول QSTT من خلال تطبيقه على القمر الصناعي الكم Micius،و يعد Micius ، الذي سمي باسم الفيلسوف الصيني القديم Micius Mozi ، أول قمر صناعي في العالم قادر على الاتصالات الكمية ، والذي تم إطلاقه في الفضاء على متن صاروخ Long March-2-D في أغسطس 2016.

"لقد قمنا بمزامنة زمنية من القمر الصناعي إلى الأرض باستخدام إشارات على مستوى الفوتون وحققنا معدل خطأ بتات كمية أقل من 1٪ ومعدل بيانات زمني 9 كيلو هرتز ودقة نقل الوقت 30 ps" Xu .

هذا الفريق من الباحثين هو أول من عرض QSTT القائم على الأقمار الصناعية باستخدام الفوتونات المفردة، ومن اللافت للنظر أن دقة الوقت التي حققها بروتوكولهم المقترح يمكن مقارنتها بتلك الخاصة بـ T2L2 ، وهي تقنية حديثة لتحقيق نقل الوقت الذي تم تطبيقه على القمر الصناعي Jason-2 ، والذي يعتمد على استخدام الليزر الكلاسيكي القوي نبضات.

يمكن للمخطط الجديد الذي قدمه Xu وزملاؤه أن يمهدوا الطريق في نهاية المطاف نحو اتصالات كمية أكثر أمانًا بين الأقمار الصناعية ومجموعة متنوعة من الأجهزة الأخرى، و من خلال إظهار جدوى تحقيق نقل الوقت عالي الدقة القائم على الأقمار الصناعية مع الفوتونات المفردة ، يفتح عملهم أيضًا إمكانيات جديدة مثيرة للاهتمام للبحث في المستقبل.

قال شو "إن عملنا يقدم منظورات جديدة لمجال الفيزياء لاستغلال التكنولوجيا الكمومية لتحقيق أمان أكبر ودقة أعلى لنقل تردد الوقت ، ومزامنة الساعة والشبكات الكمومية للساعات". "نخطط الآن لبناء شبكة كمومية على مستوى الأقمار الصناعية لاختبار الفيزياء الأساسية وتوفير تطبيقات عملية ، مثل توزيع المفاتيح السرية ، ومزامنة الساعات وما إلى ذلك."
 
عودة
أعلى