ملف الصحراء الشرقية الحدود الحقة المغربية ‬

أعلن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بصوت عال وواضح أن الصحراء الغربية مغربية.
كان حمقى بومديان هم من تسببوا في هذا الصراع من الصفر.

 
وسط مؤشرات على فتور مغربي فرنسي.. الرباط "تنتظر آخر خطوة"

خاص - واشنطن

02 سبتمبر 2022





تواترت الأنباء مؤخرا عن "برود" في العلاقات بين الممكلة المغربية وفرنسا، الدولتان المرتبطتان بعلاقات دبلوماسية وتاريخية متجذرة.


أغلب تلك التقارير، بنت رؤيتها على استمرار تشديد باريس لتدابيرها الخاصة بمنح التأشيرات للمغاربة، والتي قلصت بموجبها عدد المقبولين لدخول ترابها من مواطني المملكة إلى نسبة ملفتة.

حيث، أعلنت باريس قبل نحو سنة تخفيض نسبة قبولها لطلبات التأشيرات الواردة من تونس والجزائر والمغرب بسبب رفض هذه الدول التعاون معها لإعادة مواطنيهم الذين تريد فرنسا "طردهم" من ترابها.

لكنها عادت مؤخرا ووعدت الجزائر، خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، برفع عدد الطلبات المقبولة، خصوصاً الطلبة الراغبين في الدراسة، قبل أن تعلن إعادة العمل بالنسق الطبيعي في إصدار التأشيرات للمواطنين التونسيين كذلك، لكن ماذا عن المغرب؟..

وسائل إعلام مغربية نقلت عن الداخلية الفرنسية أن "المغاربة حصلوا سنة 2020 على نحو 98 ألف تأشيرة دخول إلى فرنسا، مقابل 346 ألفا سنة 2019، وحوالي 303 آلاف سنة 2018، و295 ألفا سنة 2017".

تونس شددت على أن الحياد خيار ثابت فيما يخص الصحراء الغربية

في الصدد قال المحلل السياسي المغربي، أشرف الطريبق إن عدد التأشيرات الفرنسية لصالح المغاربة، تقلص بشكل كبير، مشيرا إلى أن مواطنيه يعدون أكثر الطالبين لهذه التأشيرة، رغم أنه لا يرى أي علاقة بين منح التأشيرات وسبب التقليص الذي تحدثت عنه باريس والمتعلق بعدم تعاون المغرب والجزائر وتونس لتسهيل عودة مواطنيهم من فرنسا.

وقال: "نعم قرار التقليص أثر نوعا ما على اعتبار أنه أحادي تم اتخاذه من طرف فرنسا فقط".

من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدولي بجامعة عبد المالك السعدي، محمد العربان، أن العلاقات بين باريس والرباط، تقليدية واستراتيجية يحكمها التاريخ والمصالح المشتركة والتعاون المبني على الاحترام المتبادل والثقة التي راكمها المغرب مع الدول الأوربية وفرنسا بشكل خاص، مبعدا ملف التأشيرات جانبا، فقضية "الوحدة الترابية للمغرب" وفقه هي من يحدد علاقات المملكة مع الدول.

الموقف من قضية الصحراء​

افترضت قراءات لخطاب الملك المغربي، محمد السادس، الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الـ69 لـ "ثورة الملك والشعب"، الذي طالب فيه الدول التي تتبنى مواقف غير واضحة من قضية الصحراء الغربية توضيح مواقفها، (افترضت) أن يكون حديثه موجها لباريس.

الملك قال إن: "ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات".
فهل كان يقصد فرنسا؟ وهل يشكل هذا مؤشرا كافيا للحديث عن أزمة في العلاقات بينهما؟

في نظر الطريبق، لم يوجه الملك خطابه المتعلق بتوضيح الموقف من قضية الصحراء لفرنسا، بل لتونس لأن "المغرب كان يعلم بالتحركات لاستقبال البوليساريو، خلال قمة تيكاد".

يذكر أن الرباط اعتبرت أن استقبال ابراهيم غالي، زعيم البوليساريو، للمشاركة في القمة الإفريقية اليابانية (تيكاد) "عمل خطير وغير مسبوق يجرح بشدة مشاعر الشعب المغربي"
وردت تونس على استدعاء المغرب لسفيره في تونس للتشاور، باستدعاء ممثلها في الرباط هي الأخرى.

وقالت في بيان ""خلافا لما ورد في البيان المغربي" فإن الاتحاد الإفريقي المشارك في تنظيم "تيكاد" هو من استدعى الجمهورية الصحراوية العضو فيه.

لكن العربان، الذي يرى أن المغرب يود فعلا أن توضح باريس موقفها من الصحراء بصفة نهائية لفت في حديث لموقع الحرة إلى أن باريس كانت دائما "الداعم الأول لوحدة التراب المغربي".

وتابع العربان معبرا عن ذلك بالقول "للتاريخ.. يجب أن نذكر بأن فرنسا هي أول دولة دعمت المخطط المغربي الخاص بالصحراء في مجلس الأمن" في إشارة إلى مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه الرباط لحل ملف الصحراء الغربية.

ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر حول الصحراء الغربية التي تسيطر المملكة المغربية على نحو 80 بالمئة من مساحتها وتقترح منحها حكما ذاتيا، في حين تطالب البوليساريو، بإجراء استفتاء لتقرير المصير.

كما لفت العربان إلى أن باريس دعمت المغرب خلال أزمة معبر الكركرات سنة 2020،
وفي 13 نوفمبر 2020، تم خرق وقف إطلاق النار كان ساريا بين المغرب والبوليساريو منذ 30 سنة في الصحراء الغربية وذلك إثر عملية عسكرية نفّذها الجيش المغربي في منطقة الكركرات العازلة في أقصى جنوب الإقليم الصحراوي لإعادة فتح الطريق نحو موريتانيا بعد أن أغلقه مطالبون بالاستقلال.

وردّت البوليساريو على التحرك المغربي بإعلانها انتهاء العمل بوقف إطلاق النار.
العربان علق على ذلك بالقول إنه كانت هناك "دائما مؤشرات على دعم فرنسا للمغرب" مشيرا إلى ضرورة أن تبادر بآخر خطوة في نظره، وهي التصريح بموقفها كما فعلت إسبانيا، ألمالنيا والولايات المتحدة، وفق تعبيره.

وبالعودة إلى مشكلة الصحراء، التي قرر المغرب أن يجعلها بوصلة لتحديد علاقاته مع الخارج، أشار العربان إن باريس تتحمل مسؤولية تاريخية بحكم علاقاتها المتجذرة مع المغرب بخصوص قضية الصحراء.

وقال: "فرنسا أولى بخطوة ترامب أو إسبانيا أو ألمانيا، لما يربطها بالملف، فهي تملك جميع المعلومات، ولها ارتباط وثيق بالقضية".

وفي أواخر عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، اعترفت واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء، تبعها تغير مفاجئ في موقف إسبانيا من المستعمرة السابقة، حيث رأت أن الحل يكمن في المقترح المغربي لحل النزاع والمتمثل في منح الشعب الصحراوي الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، بعد أن رافعت لعقود من أجل تنظيم استفتاء لتقرير المصير، بناء على توصيات سابقة للأمم المتحدة

قضية الإمام المغربي​

في سياق حديثه على قضية الإمام المغربي، حسن إكويوسن، الذي تريد السلطات الفرنسية ترحيله، ولم تسهل مهمتها القنصلية المغربية، وفق وسائل إعلام مغربية، قال العربان "لا يمكن أن نتفق على كل الجبهات والملفات".

وكانت قناة "BFM " الفرنسية كشفت أن القنصلية المغربية "علقت "التصريح القنصلي" الذي يسمح لها بإعادة الإمام إكويوسن إلى المغرب، وهو ما حمل بعض القراءات على التأكيد أن هناك أزمة غير معلنة بين فرنسا والمغرب.

لكن العربان قال إن الملفات الأمنية الخاصة بالأشخاص تحكمها اتفاقات دولية وقعها المغرب، وهو ينظر (المغرب) إلى كل حالة من منظور تلك الاتفاقات وعبر عن ذلك بالقول: "هذه القضية لها خصوصيتها، ويجب أن تعالج عن طريق القنوات الرسمية بعيدا عن وسائل الإعلام".

من جانبه، يرى الطريبق أن قضية الإمام "قضية معزولة جدا" تتعلق بمواطن مقيم في فرنسا وتجري عليه قوانين فرنسا "ولا علاقة للمغرب بذلك".

ولفت الطريبق إلى أن المغرب كان دائم التعاون مع الاتحاد الأوروبي فيما يخص ملف الهجرة والملف الأمني بشكل عام، "رغم تذبذب العلاقات من حين لآخر بينه وبعض الدول الأوروبية، إلا لأن "المغرب منخرط دائما في قضية الأمن في المنطقة" وفقه.

العلاقات مع الجزائر​

قادت أول زيارة خارج البلاد، ماكرون، بعد انتخابه لولاية ثانية، إلى الجزائر، ولعل هذه كانت إشارة أخرى استندت إليها المقاربات التي تقول بتململ العلاقات مع الرباط.

لكن العربان يرى بأن الوضع الحالي لسوق النفط والغاز هي من أملت على ماكرون هذه الخطوة.

"لعل الوضع الحالي الذي أفرزته الحرب الروسية على أوكرانيا، هي من أملت على ماكرون وجهته الأولى بعد إعادة انتخابه" يقول العربان قبل أن يستدرك "لكننا في المغرب لا نريد أن تحكمه هذه العلاقة وتفرض عليه موقفا من قضية وحدتنا الترابية".

ثم عاد ليقول إن "زيارة ماكرون للجزائر خلقت نوعا من العتب في المغرب حول توقيتها ومدتها".

يذكر أن ماكرون كشف أنه سيزور المغرب خلال الفترة المقبلة، لكن طريقة إعلانه لم ترُق لوسائل الإعلام المحلية.

حيث جاء إعلان ماكرون خلال حديث غير رسمي مع مهاجرين مغاربة سألوه عن زيارته للجزائر.

ماكرون قال عن زيارته للجزائر "كانت رائعة" قبل أن يردف مبتسما "سأزور المغرب نهاية أكتوبر".



ماكرون قال إن سيزور المغرب في أكتوبر
في هذا السياق، قال الطريبق إنه في حال عدم زيارة ماكرون للمغرب أو تبادل زيارات على أعلى مستوى بين البلدين فإن "العلاقة بين المغرب وفرنسا يمكن أن تزداد سوء وجفاء.
 

عاجل

“الفيزا” تنهي مهام القنصل العام الفرنسي بالمغرب​


Serge-Mucetti1.jpg


غادر القنصل العام الفرنسي “سيرج موسيتي” مدينة الدار البيضاء، بعد الجدل القائم حول رفض القنصلية لمئات طلبات المغاربة المتعلقة بطلب التأشيرة لدخول التراب الفرنسي، سواء للدراسة أو العمل أو العلاج.

وتم إنهاء مهام القنصل العام الفرنسي وإحالته على التقاعد، بعدما اشتغل دبلوماسيا تسع سنوات بالمملكة، منها ثلاث سنوات على رأس القنصلية العامة في الدار البيضاء.

وأعلن القنصل “سيرج موسيتي” عن انتهاء مهامه في رسالة وجهها إلى الفرنسيين المقيمين بالمملكة، وسيخلفه الدبلوماسي الفرنسي “كريستيان تيستو”، الذي كان قنصلا عاما في باكستان، وسفيرا لبلده في البحرين واليمن.

ويأتي تغيير القنصل الفرنسي في ظل الأزمة الصامتة بين المغرب وفرنسا، وفي ظل الإجراءات المعقدة التي تتعامل بها القنصليات الفرنسية مع طلبات المغاربة الراغبين في الحصول على “الفيزا”.

وقامت القنصليات الفرنسية بالمغرب بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة، حيث أصدرت 69.408 تأشيرة فقط في سنة 2021 مقارنة مع سنة 2019 التي منحت خلالها 342.262 تأشيرة، وفقا لتقرير صادر عن الهيئة العامة للأجانب في فرنسا.
 
تفاصيل أقوى وثيقة تاريخية تؤكد مغربية الصحراء عرضت على الأمم المتحدة

الوثائق الملكية في مواجهة الأكاذيب الانفصالية​


mohamed-6-1.jpg

الملك محمد السادس في زيارة سابقة لمدينة العيون

يمكن لكثير من المغاربة أن يرددوا أن “الصحراء مغربية” وأن “المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها”، لكن قليلا منهم فقط من سيتسلحون بالوثائق التاريخية لتأكيد معطياتهم، وبخلاف دول أخرى مجاورة لنا، لها عقدة التاريخ(..)، فإن المغاربة بإمكانهم التباهي بالانتماء إلى دولة عريقة، لها وثائقها الخاصة للترافع عن كافة الملفات، ومن ذلك “الوثائق الملكية”.

من خلال الوثائق الملكية، تنفرد “الأسبوع” بنشر مقتطفات من الكتاب الذي وصل صداه إلى الأمم المتحدة، بعد تقديمه إلى المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، كريستوفر روس (قبل أن يقدم استقالته)، تحت عنوان “الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية”، بإشراف مديرة مديرية الوثائق الملكية، بهيجة سيمو.

إعداد : سعيد الريحاني​

الكتاب الذي قام بتقديمه والي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، خليل الدخيل إلى كريستوفر روس، في وقت سابق، باسم شيوخ وأعيان الأقاليم الجنوبية، جعل المبعوث الأممي يتفاعل بشكل غير مسبوق مع الحدث، وقد يكون إحدى الوثائق التي أثرت على طريقة تفكير الأمين العام الحالي، أنطونيو غوتيريس، في ملف الصحراء(..)، وبما أن الأعراف والتقاليد العريقة تمنع من الكشف عما جرى فيما بعد(..)، لكن الأكيد أن روس وهو أستاذ للغة العربية، قرأ صفحات كتاب غير مسبوق عن وثائق الصحراء، قبل أن يستقيل من مهمته كمبعوث أممي إلى الصحراء سنة 2019.​

إذا كنت مغربيا، عليك أن تعرف الصحراء المغربية في سياقها التاريخي، والسياق التاريخي يقول: ((الإخباريون الأوائل كانوا يطلقون على بلاد المغرب القديمة اسم طنجة، نسبة إلى حاضرة ملوكهم الأقدمين، وحسب رواية محمد بن يوسف الوراق القيرواني (973م)، صاحب أقدم المؤلفات في مسالك وممالك إفريقية، فإن بلاد طنجة تمتد من ساحل بحر سبتة شمالا إلى أول بلاد السودان جنوبا، كما تمتد من البحر الأخضر الذي هو المحيط الأطلسي غربا، إلى أحواز تاهرت شرقا، علما أن نفس الإخباري، قد قسم هذا المجال الواسع إلى كورتين (جهتين)، هما كورة طنجة وكورة السوس، التي تتفرع بدورها إلى قسمين، هما السوس الأدنى وعاصمته طنجة، ويقصد به عموم المناطق المغربية الواقعة شمال جبل الأطلس الكبير، والسوس الأقصى، ويعني ما وراء هذه السلسلة إلى تخوم السودان جنوبا)) (المصدر: كتاب “الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية”/ إشراف بهيجة سيمو).​

على كل مغربي، أو على الأقل الفئة التي تتولى الدفاع عن القضية، يجب أن يعرفوا قصة الصحراء المغربية من الفتوحات الإسلامية إلى عهد المرابطين، وعندها سيجدون أن ((وصول الإسلام إلى الصحراء المغربية، ارتبط بانتشاره في المغرب))، و((تقر النصوص التاريخية المعروفة في العصر الوسيط، أن وصول الإسلام إلى السوس الأقصى الذي تدخل ضمنه الصحراء المغربية، كان على يد عقبة بن نافع الفهري منذ ولايته الثانية على إفريقية، والمغرب (سنة 682 ميلادية)، وأنه حسب ابن خلدون: (1406 ميلادي)، قاتل مسوفة من أهل اللثام وراء السوس ووقف على البحر ثم عاد راجعا.. ويفهم مما أورده ابن خلدون، أن ما وراء السوس، هو الصحراء المغربية، التي كانت وقتئذ تقطن في جزء كبير منها، قبيلة مسوفة من قبائل صنهاجة الصحراء، وكان حبيب بن عبيدة بن عقبة بن نافع قد غزا بدوره المغرب من قبل عامل طنجة، إسماعيل بن عبيدة الله بن الحباب، فبلغ السوس الأقصى وأرض السودان وأصاب من مغانم الذهب والفضة والسبي كثيرا..)) (نفس المصدر).​

هل يمكن الحديث عن الصحراء المغرب دون العودة إلى التاريخ المشرق للمرابطين؟​

الجواب من الكتاب الذي سبق تقديمه لكريستوفر روس، والذي يحمل كثيرا من المعطيات في هذا الصدد، إذ تقول اللجنة التي أشرف على هذه الوثيقة، بقيادة بهيجة سيمو، وتضم كلا من الأساتذة حسن الفيكيكي وعبد اللطيف الشاذلي ومحمد حمام وعبد العزيز تيلاني: ((فقد عمل عبد الله بن ياسين الجزولي (الزعيم الروحي للمرابطين، استقدمه يحيى بن إبراهيم الكدالي)، على نشر المذهب المالكي وتوسيع النفوذ الصوفي المغربي إلى أقصى الحدود المغربية الجنوبية، والعمل في نفس الوقت، على تأمين المسالك التجارية، وليس أدل على ذلك من إقامة رباط عبد الله بن ياسين بمصب نهر السنغال.. ولا يخفى ما لهذه المعلمة التاريخية من أهمية لتأكيد مغربية الصحراء، وذلك بالنظر إلى ما تقوم به الربط والزوايا من وظائف دينية وتربوية، ناهيك عن مساهمتها في تحديد أماكن الاستقرار والمراقبة وتعبئة الناس للدفاع عن البلاد، ومن ثمة كانت تساهم بقوة وفعالية في إثبات السيادة المغربية على هذه الربوع.. وبعد انتظام أمر الصحراء، دخلت الدعوة الجديدة مرحلتها الثانية، حيث صار أمير المرابطين، يحيى بن عمر اللمتوني (1088)، قائدا للحرب، في حين صار عبد الله بن ياسين، الآمر الناهي والموجه الفعلي الحقيقي للمرابطين، الذين سرعان ما اشتهر أمرهم في بلاد الصحراء وبلاد القبلة وبلاد المصامدة وسائر بلاد المغرب، وأنه قام رجل بدكالة يدعو إلى الله وإلى الطريق المستقيم ويحكم بما أنزل الله، وأنه متواضع زهد في الدنيا، واشتهر كذلك ببلاد السودان.. وقد استجاب بن ياسين والمرابطون، بعد أن ذاع صيتهم في الإصلاح، لنداء سوس ودرعة وسجلماسة، وخرجوا في جيش عظيم من المرابطين، فبسطوا دعوتهم الجديدة على الصحراء كلها وتوجهوا نحو درعة وسجلماسة وبقية مناطق المغرب الشمالية..)) (نفس المصدر: كتاب “الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية”).​



كريستوفر روس أثناء توصله بكتاب «الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية»

هذا جزء فقط مما يشير إليه الكتاب سالف الذكر فيما يتعلق بالمرابطين، لكن.. ألا يمكن الحديث عن الصحراء المغربية في إطار الموحدين؟ الجواب من المؤلف الضخم والمكون من ثلاثة أجزاء، ويمكن اختصاره في هذه الجزئية: ((ازدادت الدولة المغربية متانة ورسوخا وقوة في عصر الموحدين، وذلك بإقامة مختلف النظم والمؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي شكلت الدعامة الرئيسية للدولة المركزية، وقد مكن ذلك من توسيع رقعة نفوذهم التي فاقت بكثير مجال سابقيهم المرابطين، حيث كان ملك الخليفة الموحدي يوسف بن عبد المومن (580هـ/1185م) مثلا من سويقة ابن مكتود قاصية بلاد إفريقية إلى أقصى بلاد نول من أرض السوس الأقصى إلى آخر بلاد القبلة، وملك بالأندلس من مدينة تطيلة قاصية بلاد شرق الأندلس، إلى مدينة شنترين من بلاد غرب الأندلس، يجبى إليه خراج ذلك كله دون مكس ولا جور.. وظلت سلطة الموحدين على الأقاليم الصحراوية متواصلة خلال عهد الخلفاء الذين أتوا بعد الخليفة يوسف بن عبد المومن، فظلت قبائل الصحراء المغربية، مثل بقية قبائل المغرب الأقصى وإفريقية، تستنفر للجهاد كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وهو ما حصل بالفعل لما قرر الخليفة يعقوب المنصور الموحدي (595 هجرية/ 1198 ميلادية) القيام بغزوة الأرك، سنة 1194 ميلادية، إذ كانت قبائل الصحراء المغربية من جملة القبائل التي تم استنفارها إلى جانب قبائل إفريقية والمغرب الأقصى، وبعد رجوع يعقوب المنصور ظافرا من تلك المعركة، استقر بمراكش، وأخذ البيعة لابنه محمد الناصر (1211 ميلادية)، فبايعه كافة الموحدين وبويع له في جميع أقطارهم وبلاد طاعتهم، وكانت طاعته قد عمت بلاد الأندلس بأسرها، والمغرب كله وإفريقية من طرابلس إلى بلاد نول من السوس الأقصى إلى الصحراء إلى بلاد القبلة، وما بين هذه البلاد من القرى والحصون والمعاقل والمدن والجبال والأودية وأهل العقد، من عرب وبربر كلهم كانوا مدينين طائعين لأمره منقادين لأحكامه، يجلبون له من خراجهم وزكاتهم وأعشارهم، ويخطبون له على منابرهم..) (نفس المصدر).​

يمكن الحديث عن الصحراء المغربية كذلك في عهد المرينيين، حيث ((حرص المرينيون على ترسيخ دعائم الحكم المركزي الموروث من عهد الموحدين، وبذلوا في سبيل ذلك مجهودات متواصلة لتشمل سلطتهم مجالات حكم الموحدين شرقا وغربا وجنوبا.. فعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتهم في المغربين الأوسط والأدنى، وفي الأندلس بسبب مناوشات بني زيان ومراوغات بني نصر، فإنهم حرصوا كل الحرص على أن تبقى الصحراء المغربية تابعة لهم لتأمين سلامة التجارة الصحراوية، مما اضطرهم إلى تنظيم بعض الحملات العسكرية إليها، كما فعل أمير المسلمين يعقوب بن عبد الحق المريني، حينما بعث ابنه الأمير يوسف، سنة 1284، إلى بلاد السوس برسم غزو العرب ومن بها من القبائل الخارجة، ففرت العرب أمامه إلى الصحراء، فتبعهم حتى بلغ الساقية الحمراء..)) (مقتطف من نفس المصدر).​

ولا يمكن الحديث عن الصحراء المغربية دون الحديث عنها في فترة الوطاسيين والسعديين، ((وقد أبان الوطاسيون عن ضعفهم بسقوط العديد من المراسي المغربية في قبضة الإيسبريين البرتغاليين، والإسبانيين، وكان ذلك عاملا كافيا لاستنهاض همم المغاربة للدفاع عن حوزة بلادهم، واسترجاع المدن والموانئ المغتصبة، فقامت الحركة الجهادية في كل مكان، لكن أكبرها انطلق من الجنوب وتحديدا من التخوم الصحراوية، بسوس ووادي درعة، بزعامة الشرفاء السعديين، الذين تمكنوا، في ظرف وجيز، من استرجاع العديد من تلك الموانئ بدءا بأكادير.. وبدخولهم إلى فاس سنة 1549 ميلادية، استوثق لهم أمر المغرب، ولإظهار الحضور المخزني السعدي بالأقاليم الصحراوية، اجتاز محمد الشيخ مؤسس الدولة السعدية، أراضي الساقية الحمراء وزمور الصحراء، حينما توجه إلى أدرار سنة 1543 ميلادية، وكانت حملته مؤلفة من عدد كبير من الرجال والجمال.. وحينما انتصر المغاربة في معركة وادي المخازن ضد البرتغاليين، والمعروفة أيضا بمعركة الملوك الثلاثة سنة 1578، ظهر المغرب بمظهر الدولة القوية التي بإمكانها أن تؤثر على مجريات الأمور داخليا وخارجيا، وهو ما أبان عنه السلطان أحمد المنصور الذهبي، في سياسته الداخلية والخارجية، بفتحه لإصلاحات عديدة في مجالات مختلفة.. وإذا كان لحملة أحمد المنصور الذهبي إلى السودان دلالة تاريخية، فإنها تكمن في عبورها للساقية الحمراء ووادي الذهب، وتعبئة قبائل الصحراء التي شكلت أهم عناصر جيشه الذي كان يتألف من عناصر صحراوية من عرب تكنة والعروسيين وأولاد أبي السباع وفرقة صغيرة من العبيد، أما الجيش الآخر، فيتكون من الأندلسيين والشراكة في الغالب..)) (نفس المصدر/ بتصرف لكثافة المعطيات).​



الملوك العلويون رسخوا تاريخ مغربية الصحراء كما كانت عليه في الماضي

قضية الصحراء المغربية ليست وليدة اليوم، ولا عزاء لمن لا تاريخ له(..)، فقد ظلت دائما مغربية وصولا إلى عهد الشرفاء العلويين: ((وقد زاد اهتمام السلاطين الأشراف العلويين، بالأقاليم الصحراوية، بعد توطيدهم لأركان الدولة المغربية من جديد، وذلك بتوحيد أراضيها شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، بعدما نال منها التمزق مداه، فكان لديهم حرص شديد على الحفاظ على المكتسبات التي حققها السعديون في السودان.. ولا غرو أن تتشبث الدولة العلوية الشريفة بالمجال الصحراوي المغربي، فهي أسرة شريفة تنتمي إلى الصحراء، وتحديدا إلى تافيلالت الواقعة في التخوم الشمالية الشرقية للصحراء المغربية، التي تربطها روابط عميقة، وليتأتى للعلويين الحفاظ على تلك الجهات، كان عليهم تأمين الطرق الصحراوية التي عبرها كان يتم التواصل مع بلاد السودان.. وفي سياق المحافظة على هذه المناطق، تفهم الحركات الموجهة من قبل مولاي الرشيد إلى السوس أو تزروالت وقاعدتها إليغ، التي دخلها سنة 1080هجرية/ 1670 ميلادية، والتي تعد بوابة الصحراء وملتقى المسالك التجارية الرابطة بين المغرب والسودان)) (نفس المصدر: “الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية”/ الجزء الأول).​

و((سيرا على نهج سلفه، قام السلطان مولاي إسماعيل (1672-1727 ميلادية) باسترجاع نفوذ المغرب على الصحراء كلها إلى حدود بلاد السودان، وذلك أثناء قيامه بحركة إلى المناطق الصحراوية سنة 1678 ميلادية، أي بعد مرور سبع سنوات فقط على توليه عرش أسلافه الميامين، وفي هذا الصدد، يقول الناصيري: إن مولاي إسماعيل استولى على صحراء السوس فبلغ أقا وطاطا وتيشيت وشنقيط وتخوم السودان، فقدمت عليه وفود العرب هنالك من أهل الساحل والقبلة ومن دليم وبربوش والمغافرة ومطاع وجرار، وغيرهم من قبائل معقل، وأدوا الطاعة، والطاعة هنا تفيد البيعة، مما يبين بجلاء تأكد الروابط التاريخية الشرعية العريقة الموجودة بين هذه الأقاليم الصحراوية وسلاطين المغرب، واستمراريتها طيلة العهد العلوي ..)) (نفس المصدر).​

هذا فقط جزء يسير من الجزء الأول من كتاب “الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية” الذي قامت بالإشراف عليه الباحثة بهيجة سيمو، والعمل كله يتكون من ثلاث مجلدات تتضمن وثائق تاريخية، ومراسلات السلاطين، والمندوبين والمكلفين بشؤون الصحراء، وهو بذلك أضخم عمل وصل إلى علم الأمم المتحدة، عن طريق مبعوثها كريستوفر روس.​

 
 
 
قبل وصول الفرنسيين

 
عودة
أعلى