- إنضم
- 15/1/19
- المشاركات
- 54,067
- التفاعلات
- 160,181

مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر، تصاعدت الأصوات المطالبة بوقف ما تسمى بالمشروعات القومية التي تنفذها الحكومة، والتي كلفت الدولة مليارات الدولارات خلال السنوات السبع الماضية، كما أعاد البعض إثارة تساؤلات بشأن جدوى هذه المشروعات من الأساس.
وطالب عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، بوقف المشروعات القومية الكبرى لفترة من الوقت ولحين تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، بحسب صحيفة الشروق.
وقال بكري خلال الجلسة العامة، الاثنين، أثناء مناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة بشأن فتح اعتماد إضافي بموازنة 2021-2022، بقيمة 6 مليارات جنيه (نحو 300 مليون دولار): "يجب مراعاة الأولويات وإعطاء حاجات الناس الأولوية، خاصة أن هناك حالة احتقان مجتمعي والطبقة المتوسطة تشعر بالمعاناة".
ووفقا لتقرير صادر عن رئاسة مجلس الوزراء في يوليو الماضي، بلغت تكلفة المشروعات القومية التي عملت عليها الدولة المصرية خلال السنوات السبع الماضية، نحو 6 تريليونات جنيه (320 مليار دولار)، وهي المشروعات التي تعتمد عليها الحكومة لإعلان "الجمهورية الجديدة"، بحسب صحيفة الوطن.
"أرهقت الاقتصاد"
وأكد أستاذ التمويل بجامعة القاهرة، الدكتور حسن الصادي، أن هذه لم تعد مطالبات بل توجه داخل الدولة لإعادة جدولة المشروعات القومية التي تعتمد على الدولار، لوقف استنزاف العملة الصعبة.وقال الصادي في حديثه لموقع "الحرة" إن هذه المشروعات "أرهقت الاقتصاد المصري والميزانية بشكل كبير"، مشيرا إلى أن الحكومة ركزت على المشروعات كثيفة رأس المال على حساب المشروعات كثيفة العمالة.
وأوضح أن المشروعات كثيفة العمالة هي التي تخدم الاقتصاد وتقلل حجم البطالة والتضخم وتزيد الأجور، مشيرا إلى أن المشروعات التي نفذتها الحكومة ليست إنتاجية ولا ينتظر منها عائدا وآثارها طويلة الأجل، ولا يمكن نقل ملكيتها للقطاع الخاص.
خلال السنوات السبع الماضية، نفذت الحكومة المصرية طرقا جديدة وكباري ونحو 11 محورا بلغ طولها نحو 5000 كيلو متر، بتكلفة بلغت حوالي 127 مليار جنية (7 مليار دولار)، وأنشأت عشرات المدن الجديدة في مختلف المحافظات.
كما نفذت الحكومة مشروعا لحفر قناة السويس الجديدة بتكلفة 4 مليارات دولار، وهو المشروع الذي تعرض لانتقادات من بعض المعارضين الذين قالوا إن "أهميته وعوائده لا تتناسب مع تكلفته".
بالإضافة إلى مشروعات أخرى مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية، ومشروع محطة الضبعة للطاقة النووية.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثار الجدل في 2018، عندما أعلن أن مصر لا تعتمد في المشروعات التي تنفذها على دراسات الجدوى، وقال: "لو كنا مشينا وفقًا لدراسات الجدوى لحل المسائل في مصر، أتصور أننا كنا سنحقق 25% فقط مما حققناه من مشروعات"، بحسب صحيفة الشروق.
"بداية مثلى"
لكن المحلل الاقتصادي، خالد الشافعي، يرى أن هذه المطالبات في "غير محلها"، مؤكدا أن جميع المشروعات القومية التي تنفذها الحكومة ضرورية لكل قطاعات الاقتصاد المصري سواء الزراعي أو الصناعي.وأوضح الشافعي في حديثه مع موقع "الحرة" أن هذه المشروعات لإصلاح البنية التحتية في البلاد من طرق وكباري وشبكة سكك حديدية، هي "بداية مثلى" لإصلاح الاقتصاد
وأكد أن هذه المشروعات تهيئ المناخ أمام الاستثمارات في مصر، وتحفز رجال الأعمال على إقامة مشروعات .
بدوره، يتفق الصادي مع ضرورة مشروعات البنية التحتية للاقتصاد المصري، لكنه شدد على أهمية ترشيد هذه المشروعات، وضرورة أن تتم بناء على خطة خمسية أو عشرية ترتب أولويات الاحتياجا، بما يتناسب مع قدرات الاقتصاد المصري.
وتساءل عن أهمية بناء 15 مدينة جديدة في مختلف المحافظات بالإضافة إلى العاصمة الإدارية في نفس الوقت؟، مؤكدا أن حجم المبيعات فيها "محدود".
كما تساءل عن مصير المشروعات التي قد يتم وقفها ومصير المليارات التي إنفاقها عليها؟
في المقابل قال الشافعي إن العاصمة الإدارية "لا تكلف أي أعباء على الموازنة العامة للدولة، وتوجد شركة استثمارية هي من تتحمل تكاليف الإنشاء".
وبحسب رويترز، فإنه بعد انسحاب شركة إماراتية من مشروع العاصمة الإدارية، الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات شرق القاهرة، بعد وقت قصير من الإعلان عنه في عام 2015، تحمل الجيش والحكومة عبء توفير 25 مليار دولار تكلفة المرحلة الأولى حتى الآن، تم ضخها من خارج الميزانية العامة للدولة.
ارتفاع التضخم
ويعاني الاقتصاد المصري من ارتفاع كبير في الأسعار ومعدلات التضخم، بسبب تبعات أزمة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا وما نجم عنها من ارتفاع الأسعار.وبحسب بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، قفز التضخم في مصر ليبلغ أعلى مستوياته في نحو ثلاث سنوات، كما أارتفع تضخم أسعار المستهلكين بالمدن المصرية إلى 13.1 في المئة على أساس سنوي في أبريل.
وتجاوزت قراءة التضخم، وهي بارتفاع عن 10.5 في المئة في مارس، متوسط توقعات 17 محللا استطلعت رويترز آراءهم بلغ 11.8 بالمئة.
وأكد الجهاز أن معدل التضخم السنوي لإجمالي البلاد سجل 14.9 في المئة في أبريل مقابل 4.4 في المئة لنفس الشهر من العام السابق. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 26 في المئة على أساس سنوي وأكثر من 7 في المئة على أساس شهري، بحسب بلومبيرغ.
من جهة أخرى، أصدرت شركة ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيف المالي والائتماني الأميركية الأحد، مؤشر مدراء المشتريات في مصر، الذي يعكس النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص غير المنتج للنفط في البلاد، وأظهر المؤشر ارتفاعا طفيفا ليصل إلى 46,9 نقطة في أبريل من 46,5 نقطة في الشهر السابق له.
وعلى الرغم من التحسن الطفيف إلا أن المؤشر لا يزال يعكس انكماشا في حجم أعمال القطاع الخاص غير المنتج للنفط طالما ظل المعدل أقل من 50 نقطة.
وأشارت الشركة الأميركية في تقريرها إلى أن "ضغوط التكلفة (على القطاع الخاص) نشأت إلى حد كبير نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام بسبب الحرب في أوكرانيا".
كما انخفض احتياطي النقد الأجنبي للبلاد بقيمة أربعة مليارات دولار إلى 37 مليار دولار تعد كافية لتغطية خمسة أشهر من الواردات السلعية، وأرجع البنك المركزي ذلك إلى "تغطية احتياجات السوق المصري من النقد الأجنبي وتغطية تخارج استثمارات الأجانب ولضمان استيراد سلع الاستراتيجية".
كذلك طلبت مصر دعما من صندوق النقد الدولي، ممثلا في قرض جديد لتخفيف تداعيات الحرب في أوكرانيا على اقتصاد البلد الذي تصل فيه نسبة الفقر إلى نحو 30 % من جملة تعداد السكان الذي يتجاوز 103 ملايين نسمة
وقال محمد أبو باشا من المجموعة المالية هيرميس لرويترز: "فاق التضخم التوقعات بسبب الارتفاع الكبير لأسعار المواد الغذائية في ظل انخفاض قيمة الجنيه وحرب أوكرانيا".
وأكد الشافعي أن العالم كله يشهد ارتفاع معدلات التضخم بسبب تداعيات أزمة كورونا وسلاسل التوريد، وارتفاع أسعار النفط والغاز بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، ومصر ليست بعيدة عن العالم.
ويرى الصادي أن التضخم في مصر ناجم أيضا عن ممارسات التجار ورفعهم أسعار السلع بلا داع، وطالب الدولة بالتدخل كجهة رقابية لوضع حد لارتفاع الأسعار