لادئاني
مستشار المنتدى
- إنضم
- 16/12/18
- المشاركات
- 39,238
- التفاعلات
- 101,189
في مقالنا هذا قمنا بجمع 15 من أسوء الأزمنة والحقبات ليكون المرء فيها، وذلك وفقا للأحداث التي جرت فيها في ترتيب تنازلي من السيئ نحو الأسوء:
16. سنة 1576 حيث جرت أحداث «هيجان أنتويرب»، حدث دموي ومنفصل سيكون له تأثير على المدى الطويل على كامل التاريخ الأوروبي:

أحداث (أنتويرب).
في شهر تشرين الثاني \ نوفمبر من سنة 1576، انتفض الجنود الإسبان الذين كانوا متموقعين في بلدة (أنتويرب) البلجيكية. لقد كان هؤلاء الرجال بعيدين عن موطنهم يقاتلون ضد الهولنديين باسم الملك الإسباني، غير أن المشكلة كانت تكمن في أنهم لم يتلقوا أجورهم منذ عدة أشهر.
كان هؤلاء الجنود محبطين، لذا انتفضوا في حالة من الهيجان، ولمدة ثلاثة أيام متواصلة، عاثوا فساداً في هذه المدينة التاريخية، فقتلوا عددا كبيرا من مواطنيها. في مجمل الأحوال، يعتقد المؤرخون أن حوالي 7000 شخص لقوا حتفهم في تلك الأحداث: تم رمي الكثير منهم في القنوات المائية أو سقطوا بحدّ السيف ببساطة، غير أن هذه الحادثة التي عرفت باسم «هيجان أنتويرب» سيكون لها تأثير على نطاق أوسع.
قادت أحداث ذلك اليوم أوروبا نحو أزمة اقتصادية كبيرة، لقد توقفت (أنتويرب) عن كونها قوة اقتصادية عظيمة، مما سمح لـ(أمستردام) بالبروز على الساحة الأوروبية. أكثر من ذلك، أصبح الجنود الإسبان، ومنه الشعب الإسباني كله، ينظر إليهم على أنهم متوحشون لا يعرفون الرحمة.
كانت هذه الأسطورة ”السوداء“ لتدوم لقرون كاملة، مؤثرة بشكل كبير على التاريخ الإسباني ككل، سواء على الصعيد الداخلي أوالخارجي.
وفقا لـ(هارولد كوك)، بروفيسور التاريخ في جامعة (براون)، فإن سنة 1576 كانت بالفعل سنة مريعة ليعيش فيها المرء، ذلك أنها مثلت نقطة بداية ”الرابطة المقدسة“ في فرنسا الجارة لإسبانيا، وبتوحدهما تسببت فرنسا وإسبانيا في دخول القارة الأوروبية كلها في حقبة من الفقر، وانعدام الأمان، وانتشار العنف.
15. سنة 1783، وهلاك ملايين الناس بسبب المجاعة في مناطق واسعة في آسيا، وذلك كله بسبب ثوران بركان على بعد آلاف الكيلومترات:

هلك الملاييين تحت براثن المجاعة في الهند بعد ثوران بركان على بعد آلاف الكيلومترات.
في سنة 1783، ثارت منطقة (لاكي) البركانية في آيسلندا. قذفت البراكين بأطنان من الرماد البركاني وبعض الجزيئات البركانية الأخرى نحو الغلاف الجوي للأرض، خيمت تبعات ذلك على العالم كله، وكان للهند النصيب الأكبر من الضرر.
كانت الهند آنذاك تترنح من شتاء بارد بشكل غير طبيعي، وبسبب ثوران البراكين الآيسلندية، لم تشهد الأقسام الشمالية من الكرة الأرضية صيفاً حقيقيا في سنة 1783. مرت (ألاسكا) على سبيل المثال بأكثر شتاء بارد في تاريخها منذ 400 سنة، لحسن الحظ لم يكن يعيش هناك سوى عدد قليل من الناس، غير أن هذا الأمر لا يمكن قوله على الهند التي كانت تأوي أعدادا كبيرة من السكان، خاصة في مناطقها الشمالية.
تشير التقديرات إلى هلاك ما يقارب 11 مليون شخص في الهند جراء المجاعة بين سنتي 1783 و1784، فيما أصبح يعرف باسم «مجاعة كاليسا»، التي عانت فيها منطقة (ديلهي) من الضرر الأكبر.
ثم جاءت السنة الموالية لتكون أكثر سخونة من المعتاد، فقد كان وجود ذلك الكم الهائل من ثاني أكسيد الكبريت في الغلاف الجوي للأرض يعني أن الأمطار الموسمية الحيوية لم تأت أبدا تلك السنة، كما عنت درجات الحرارة العالية التي عاشتها منطقة شمال الهند جفاف البحيرات والأنهار، مما زاد الطين بلة.
استغرق الأمر سنتين طويلتين حتى عادت المياه لمجاريها، وعاد المناخ الهندي لطبيعته.
14. قد تبدو سنة 1848 كسنة محورية في التاريخ، لكنها سنة مليئة بالعنف والثورات والمجاعة:

خلال فصلي الصيف والخريف من سنة 1848، انتفضت الشعوب الأوروبية وأصبحت تلك السنة تعرف بـ«سنة الثورات»، مع تعالي الأصوات والحركات التي تنادي بالتغيير ضمن عدة بلدان، من أشهرها فرنسا، والولايات التي ستصبح لاحقا ألمانيا، والدنمارك، والنمسا، وهنغاريا.
في المجمل، تظهر السجلات التاريخية أن 50 أمّة مختلفة كانت بطريقة أو بأخرى تعيش حالة من عدم الاستقرار. قُتل مئات الآلاف من الأشخاص وتخضبت شوارع أشهر العواصم التاريخية في أوروبا بدمائهم، غير أنه ما إن كان الأمر يستحق فعلا العناء الذي كُلف في سبيله، يبقى محل جدل تاريخي مازال قائماً.
سقط الحكم الملكي في فرسنا بالتأكيد لمرة أخرى، فنالت الكثير من الطبقات الوسطى في أوروبا تمثيلا أوسع وأفضل لدى حكوماتها، غير أنه في الكثير من الأماكن حيث تشبثت الأنظمة القديمة بالسلطة، وكان كل ما قامت به هو بعض التنازلات البسيطة لا أكثر.
دون ذلك، كان تعالي موجة القومية الاجتياحية ليغلي على مرة عدة عقود لاحقة، وهو الأمر الذي رأى النور وأُطلق له العنان في نهاية المطاف في الحرب العالمية الأولى، فمن بين نتائج ثورات سنة 1848 هو ميلاد الكونفيدرالية الألمانية القوية.
كما مثلت سنة 1848 ذروة المجاعة الإيرلندية التي هلك بسببها مئات الآلاف، وهجر الملايين أوطانهم بدون رجعة.
13. أنهت سنة 2001 مرحلة من السلام النسبي والاستقرار، هذه السنة التي سيخلدها التاريخ، ليس فقط بالنسبة للأمريكيين، بل لشعوب العالم كله:

مثل سقوط حائط برلين في سنة 1989 ونهاية الاتحاد السوفييتي نهاية مرحلة من التوتر، وأدى إلى بزوع فجر مرحلة جديدة اتسمت بالسلام والاستقرار، وبسبب هذا توقع بعض
المؤرخين ”نهاية التاريخ“، ذلك أن معظم الصراعات الكبرى وتناحر الآيديولوجيات انتهت على ما يبدو.
انهار هذا السلام النسبي المعتبر ومعه حس التفاؤل الذي رافقه في الحادي عشر من سبتمبر 2001، حيث خلّفت الهجمات الإرهابية على برجي مركز التجارة العاملي في نيويورك والبنتاغون في واشنطن آلاف القتلى في كلتا المدينتين، وكان هذا الحدث بمثابة تأثير الفراشة الذي تسبب في اندلاع عدة حروب في منطقة الشرق الأوسط، كان أبرزها حرب أفغانستان إثر غزو الولايات المتحدة لها، ثم غزو العراق.
ما زالت الكثير من الحروب وحالات انعدام الاستقرار قائمة حتى اليوم في بعض مناطق الشرق الأوسط، والتي يمكن إرجاع سببها الأول إلى سنة 2001. كما تم لوم ”الحرب على الإرهاب“، التي شنتها الولايات المتحدة، على قمع الحريات المدنية في عدة بلدان حول العالم.